الوضع الميداني في جنوب لبنان يتحرك على وقع المساعي لتبريد الجبهة

إيران تحذر إسرائيل من التورط بحرب تؤدي إلى «تدميرها الذاتي»

يصر «حزب الله» على الربط بين جبهتَي غزة وجنوب لبنان ويؤكد أنه مستعد لكل الاحتمالات (أرشيف «الشرق الأوسط»)
يصر «حزب الله» على الربط بين جبهتَي غزة وجنوب لبنان ويؤكد أنه مستعد لكل الاحتمالات (أرشيف «الشرق الأوسط»)
TT

الوضع الميداني في جنوب لبنان يتحرك على وقع المساعي لتبريد الجبهة

يصر «حزب الله» على الربط بين جبهتَي غزة وجنوب لبنان ويؤكد أنه مستعد لكل الاحتمالات (أرشيف «الشرق الأوسط»)
يصر «حزب الله» على الربط بين جبهتَي غزة وجنوب لبنان ويؤكد أنه مستعد لكل الاحتمالات (أرشيف «الشرق الأوسط»)

تشهد المواجهات المتواصلة بين «حزب الله» وإسرائيل مستويات من التصعيد، تتغير من يوم إلى آخر، في حين فشلت كل مساعي تبريد الجبهة في تحقيق النتائج المرجوة، في ظل تأكيد مسؤولي الحزب أنه «لا يمكن ‏لشيء أن يؤدي إلى إيقاف جبهة لبنان إلا وقف العدوان على غزة ‏بشروط المقاومة»، في حين كان لافتاً موقف إيراني أكد أن «حزب الله» هو «قادر على الدفاع عن نفسه في مواجهة إسرائيل».

وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة الجمعة إن «حزب الله» لديه القدرة على الدفاع عن نفسه وعن لبنان في مواجهة إسرائيل، محذرة من أن «الوقت ربما قد حان للتدمير الذاتي لذلك النظام غير الشرعي». وأضافت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في منشور على منصة «إكس»: «أي قرار متهور من النظام الإسرائيلي المحتل لإنقاذ نفسه يمكن أن يغرق المنطقة في حرب جديدة».

عمليات مكثفة لـ«حزب الله»

وبعد أكثر من 3 محاولات اغتيال حاولت إسرائيل تنفيذها الخميس بحق عناصر وقياديين في الحزب، نجحت واحدة منها فقط، كثف الحزب عملياته العسكرية الجمعة، معلناً أنه شنّ «هجوماً جوياً بسرب من ‏المسيّرات ‏الانقضاضية على موقع رأس الناقورة البحري، مستهدفاً أماكن تموضع واستقرار ضباط وجنود العدو، ‏ما أدى إلى وقوع إصابات وتدمير جزء من الموقع». ‏ وأفاد الحزب باستهداف موقعَي الرمثا والسماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية ‏المحتلة بالأسلحة الصاروخية، كما طالت عملياته موقع زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة. وفي وقت لاحق، أعلن الحزب أنه شن «هجوماً جوياً بمسيّرة انقضاضية استهدفت مربض مدفعية العدو الإسرائيلي ‏في الزاعورة... أصابت هدفها بدقة».

في المقابل، أغار الطيران الحربي الإسرائيلي بطائرة مسيّرة على بلدة الوزاني، وقام بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة باتجاه البلدة. كما استهدف القصف المدفعي المعادي منطقة هورا، بين دير ميماس وكفركلا، وأطراف بلدة الناقورة حيث تم استهداف منزل، ما أدى إلى اندلاع النيران بداخله، وفق «الوكالة الوطنية للإعلام».

قهوجي: الوضع سيبقى على حاله

ويرجح رئيس «مركز الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما»، رياض قهوجي، أن يبقى الوضع حالياً على جبهة جنوب لبنان على حاله، لافتاً إلى أن المبعوث الأميركي آموس هوكستين «حاول مرة جديدة أن يستكشف ما إذا كان هناك أي إمكانية لفصل مسار الحرب في غزة عن مسار العمليات في جنوب لبنان، فأتى الجواب واضحاً من (حزب الله) أن لا فصل بين المسارين، وأن وقف العمليات جنوباً مرتبط حصراً بوقف الحرب على القطاع».

وأضاف قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «حاول هوكستين أيضاً إقناع الحزب بأن يقنع بدوره (حماس) بالقبول بالمبادرة الأميركية، وكان جواب نصر الله أن الموضوع لدى السنوار. من هنا فإن العمليات ستبقى مستمرة، وإن كان هناك تراجع في التصعيد وكأن الطرفين يحاولان ضبط الإيقاع».

ويرى قهوجي أن «الطرف الإسرائيلي غير جاهز لخوض حرب موسعة في لبنان، لذلك سنبقى في ظل حرب نفسية من قبل الطرفين، من دون أن ينفي ذلك وجود ضغوط وتحركات داخل إسرائيل لتوسيع الجبهات».

«حزب الله»: مستعدون لكل الاحتمالات

وأعلن رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله»، الشيخ محمد يزبك، الجمعة، ولو بطريقة غير مباشرة، أن هوكستين طلب من «حزب الله» إقناع «حماس» بالقبول بالمبادرة الأميركية، وإلا أقدم الطرف الإسرائيلي على توسعة الحرب.

وقال يزبك: «يهدد الأميركي من مخاطر كبيرة لتوسعة الحرب لتصبح حرباً شاملة على لبنان، فيما المطلوب من (حزب الله) إقناع (حماس) بالمبادرة، في تهديد مبطن، فكان رد المقاومة الإسلامية بما رجع به الهدهد (طائرة مسيّرة للحزب)، وأن يد المقاومة تصل إلى كل المواقع التي شخّصها الهدهد وحددها».

وأضاف: «نحن لا نريد حرباً شاملة، ولكن لو أرادها العدو وفرضها فإننا له بالمرصاد، وسنجعله يدرك جيداً كيف ستكون عودته إلى العصر الحجري، لا كما يزعم بتهديده، وها هي المقاومة تطالعه كل يوم بما ينبغي، وعليه أن يفهم أبعاد المعادلة جيداً».

بدوره، قال نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ علي دعموش: «ما زلنا في لبنان وفلسطين واليمن والعراق في قلب المعركة ‏لمواجهة العدوان على غزة، وكل محاولات إيقاف هذه الجبهات ‏فشلت، وفشلت معها كل الاستهدافات والضغوط والتهديدات».

وشدد خلال خطبة الجمعة على أن «المقاومة في لبنان لا تخضع للتهويل ولا يمكن أن يثنيها عن ‏موقفها التهديد بحرب شاملة، وهي مستعدة لكل الاحتمالات، وهي ‏تملك القدرات والإمكانات والمعلومات الدقيقة والمجاهدين والبيئة ‏الحاضنة والشريفة»، مؤكداً أنَّ «القرار ‏بمواصلة إسناد غزّة غير قابل للنقاش ولا تراجع عنه، ولا يمكن ‏لشيء أن يؤدي إلى إيقاف جبهة لبنان إلا وقف العدوان على غزة ‏بشروط المقاومة».


مقالات ذات صلة

«عمل إرهابي»... «حماس» تنعى في بيان حسن نصر الله

المشرق العربي أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله (د.ب.أ)

«عمل إرهابي»... «حماس» تنعى في بيان حسن نصر الله

نعت حركة «حماس» اليوم (السبت) أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بعد تأكيد الحزب مقتله جراء ضربة جوية نفذها الجيش الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله خلال إلقائه كلمة في احتفال حزبي في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2015 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري غياب «هالة» نصر الله عن قيادة «حزب الله»: ضربة قوية وتأثير معنوي كبير

لن يكون قبل اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله كما بعده.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي صورة من مطار بيروت (أرشيفية- رويترز)

مطار بيروت تحت الرقابة الإسرائيلية

بات مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت عملياً تحت الرقابة الإسرائيلية، بعد تهديدات جدية باستهدافه في حال نزول طائرات إيرانية فيه.

بولا أسطيح (بيروت)
خاص هاشم صفي الدين في صورة أرشيفية مع القيادي في «حزب الله» إبراهيم عقيل الذي قتل بغارة إسرائيلية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

خاص صهر قاسم سليماني... من هو هاشم صفي الدين أبرز مرشح لخلافة نصر الله؟

هاشم صفي الدين الأوفر حظاً لخلافة ابن خالته وشبيهه، حسن نصر الله، على رأس «حزب الله»، أُعد لخلافته منذ 1994 بعد دراسته في قم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي ممثل كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن (الأمم المتحدة)

كوريا الجنوبية تصف التصعيد في المنطقة بـ«غير المسبوق»

قال ممثل كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك، إن الضربة في الضاحية الجنوبية لبيروت «أدت إلى تعميق مشاغلنا»، واصفا التصعيد في المنطقة بـ«غير المسبوق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

صدمة في شوارع دمشق بعد مقتل نصر الله: «القادم أعظم»

حسن نصر الله في خطابه المتلفز الذي حذر فيه قبرص من السماح لإسرائيل باستخدام مطاراتها (أ.ف.ب)
حسن نصر الله في خطابه المتلفز الذي حذر فيه قبرص من السماح لإسرائيل باستخدام مطاراتها (أ.ف.ب)
TT

صدمة في شوارع دمشق بعد مقتل نصر الله: «القادم أعظم»

حسن نصر الله في خطابه المتلفز الذي حذر فيه قبرص من السماح لإسرائيل باستخدام مطاراتها (أ.ف.ب)
حسن نصر الله في خطابه المتلفز الذي حذر فيه قبرص من السماح لإسرائيل باستخدام مطاراتها (أ.ف.ب)

عمت الصدمة شوارع دمشق بعد الإعلان عن مقتل أمين عام «حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله، بغارات إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية.

وبمجرد إعلان الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم، أنه قضى على نصر الله في غارة الأمس على الضاحية الجنوبية لبيروت، بات النبأ حديث المواطنين في الشوارع والأسواق. رجل في العقد الرابع من العمر أصيب بالصدمة وخيم الوجوم على وجهه بعد سماعه النبأ خلال انتظاره وصول دوره أمام مخبز يقع وسط دمشق، وقال: «ماذا يحصل؟ معقول استطاعوا الوصول إلى نصر الله؟»، في حين قال رجل آخر: «الله وكيلك بتعرف إسرائيل كل شي. الله يسترنا».

وفور شيوع الخبر، انشغلت الأغلبية العظمى من المصطفين أمام المخبز بمتابعة الأخبار عبر هواتفهم النقالة، بينما بدأت حركة المارة تخف في الشوارع الرئيسية والطرق الفرعية والأسواق، بسبب مسارعة الناس للعودة إلى منازلهم لمتابعة الأخبار وتطورات الأحداث.

صاحب «سوبرماركت» في منطقة الزاهرة جنوب دمشق، لم ينتبه لوجود عدة زبائن في محله بسبب انشغاله بمتابعة خبر مقتل نصر الله على هاتفه النقال، وقال عندما ألحّ عليه أحد الزبائن لبيعه ما يريد: «طول بالك. قتلوا نصر الله. القادم أعظم. الله يتلطف فينا».

ومع إعلان الجيش الإسرائيلي أنه قضى على نصر الله، انهمك الصحافيون العاملون في وسائل إعلام محلية ومراسلو وسائل الإعلام العربية والأجنبية بالاستفسار من بعضهم البعض حول صحة النبأ. وبينما حاول البعض تكذيب الخبر بالقول إن الحزب لم يعلن ذلك، رأى البعض أن إعلان إسرائيل لا يمكن أن يكون من فراغ، وأن «الإعلان الرسمي (من الحزب) سيأتي بعد إجراء الترتيبات اللازمة والتشاور مع الحلفاء».

وقبيل العصر، أعلن «حزب الله» في بيان نعي رسمي، مقتل أمينه العام، وأكد أن قيادته تتعهد بمواصلة «جهادها في مواجهة العدو، وإسناداً لغزة وفلسطين ودفاعاً عن لبنان وشعبه الصامد والشريف».

وأصدرت وزارة الخارجية والمغتربين بياناً أدانت فيه بـ«أشد العبارات، الجرائم المتواصلة للكيان الإرهابي الإسرائيلي واستهدافه لمربع سكني في ضاحية بيروت الجنوبية»، مؤكدة أن الإصرار على هذه الجرائم اللاإنسانية سيجر المنطقة برمتها نحو تصعيد خطير يصعب التنبؤ بنتائجه.

وقالت الوزارة في البيان الذي نشرته وكالة «سانا» الرسمية: «يستمر الكيان الإسرائيلي في حربه الوحشية على دول المنطقة، في فلسطين ولبنان وسوريا، حيث ارتكب مساء أمس جريمة جديدة بحق الإنسانية، باستهدافه لمربع سكني في الضاحية الجنوبية في العاصمة بيروت، ما أدى لتدمير عدد من الأبنية فوق رؤوس ساكنيها من المدنيين الأبرياء».

وأضافت: «تدين الجمهورية العربية السورية بأشد العبارات كل هذه الجرائم المتواصلة، وتجدد تأكيدها على أن إصرار الكيان الإرهابي الإسرائيلي على سفك الدماء وارتكاب جميع أنواع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يندى لها الجبين سيؤدي إلى جر المنطقة برمتها نحو تصعيد خطير يصعب التنبؤ بنتائجه».

وختمت الخارجية بيانها بالقول: «سوريا تستنكر صمت العالم أمام هول هذه الجرائم التي لم تشهد البشرية مثيلاً لها منذ عقود، وتؤكد مجدداً حق شعوب المنطقة بالدفاع عن نفسها في مواجهة هذا العدوان الإرهابي الإسرائيلي».