تتواصل الاتهامات في إسرائيل بأن جهة ما كانت على علم مسبق بالهجوم الكبير الذي شنته حركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي. وبعد أيام من الإعلان عن وثيقة تؤكد علم الجيش واستخباراته بالهجوم وتفاصيله، كشف تقرير جديد، عن أن مجندات المراقبة في قاعدة «ناحل عوز» التابعة للجيش الإسرائيلي، لاحظن قبل 4 أيام من الهجوم، أعضاء من قوات النخبة التابعة لـ«حماس» يشاركون في تدريب كبير على طول حدود غزة.
وجاء في التقرير الذي بثته هيئة البث الإسرائيلية «كان»، أن المجندات شاهدن تدريبات عسكرية «غير مألوفة إلى حد كبير» تحاكي إطلاق صواريخ في وقت واحد واقتحام دبابات إسرائيلية من قِبل 170 مقاتلاً من «حماس».
وعلى الرغم من نطاق التدريب وطبيعته غير المألوفة، رفض القادة التحذير باعتباره مجرد تدريب آخر.
وبعد أيام قليلة، داهم مقاتلو «حماس» قاعدة «ناحل عوز»، واختطفوا مجموعة من جنديات المراقبة المتمركزات هناك.
وركزت وسائل إعلام إسرائيلية على التقرير الجديد، وذكرت صحيفة «هآرتس» أن جندية إسرائيلية كانت مكلفة المراقبة في موقع ناحال عوز الاستيطاني على حدود غزة في الثالث من أكتوبر الماضي، أفادت بأن الحركة أجرت تدريباً غير عادي قرب السياج الحدودي، وأبلغت قادتها أن عناصر من «حماس» أجروا تدريباً مكثفاً غير عادي نحو التاسعة صباحاً في ذلك اليوم، إلا أن مسؤولي الأمن رأوا أنها مجرد «دورة تدريبية أخرى».
واعتبرت «هآرتس» أن التدريب الذي خضع له مسلحون من حركة «حماس» كان بمثابة بروفة عملية لهجومهم في السابع من أكتوبر 2023.
وبحسب «هآرتس»، فإن 15 مراقباً عسكرياً في قاعدة ناحال عوز العسكرية قُتلوا في الساعات الأولى من الهجوم.
وكانت «هآرتس» في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، بعد شهر من هجوم «حماس» المفاجئ، نشرت تقريراً يستند إلى مقابلات مع عدد من جنديات المراقبة اللاتي قلن إن رؤساءهن الذكور رفضوا مراراً التحذيرات من أن الحركة تستعد لهجوم واسع النطاق.
ونقلت «جيروزاليم بوست» من جهتها تفاصيل التقرير الجديد، وركزت على الإهمال من قِبل قادة الجيش على الرغم من التدريب غير العادي.
وقال موقع «تايمز أوف إسرائيل» إن التقرير هو الأحدث في قائمة متزايدة من التقارير التي كشفت عن كيف حصل الجيش الإسرائيلي على تحذيرات مسبقة بشأن الهجوم الذي خططت له «حماس» ثم تجاهلها إلى حد كبير.
ورداً على تقرير «كان»، قال الجيش الإسرائيلي إنه «يحقق في أحداث السابع من أكتوبر وما سبقها. وتهدف التحقيقات إلى التعلم واستخلاص العبر لاستمرار القتال. التحقيقات جارية حالياً، وعند اكتمالها سيتم تقديم نتائجها بشفافية للجمهور».
ويعزز التقرير الجديد تقارير سابقة عالج بعضها بانتقاد شديد معاملة الجيش لجنود المراقبة، الذين يشكل الإناث الغالبية العظمى منهم.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نشرت هيئة البث وثيقة تم وضعها قبل أقل من ثلاثة أسابيع من السابع من أكتوبر حذرت من أن «حماس» تتدرب على اقتحام واسع النطاق لإسرائيل، حيث تعتزم اختطاف رهائن بأعداد كبيرة.
وتؤكد الوثيقة الاستخبارية التي وضعتها فرقة غزة الإسرائيلية أن الجيش وأجهزة الاستخبارات كانا على علم بخطة «حماس» قبل ثلاثة أسابيع من هجوم السابع من أكتوبر.
وتشرح الوثيقة التي وضعتها وحدة 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات في الجيش في التاسع عشر من أيلول (سبتمبر) من العام 2023، أي قبل 3 أسابيع من الهجوم وكانت بعنوان «تدريب الهجوم بالتفصيل من البداية إلى النهاية»، بالتفصيل هجوماً محتملاً لـ«حماس» على مستوطنات الغلاف والقواعد العسكرية، وتناولت خطة «حماس» لاختطاف ما بين 200 و250 إسرائيلياً، بما في ذلك تفصيلات لعملية احتجاز المخطوفين وكيفية التصرف في الحالات القصوى.
وقالت مصادر أمنية إسرائيلية للقناة إن الوثيقة كانت معروفة لدى قيادة فرقة غزة ولدى قيادة الاستخبارات، لكن السلطات المختصة في الجيش تجاهلتها تماماً.
ووصف معد الوثيقة بالتفصيل سلسلة التدريبات التي كانت تنفذها وحدات النخبة التابعة لـ«حماس» والتي تدربت فيها على مداهمة المواقع العسكرية والكيبوتسات وكيفية اختطاف الجنود والمدنيين، وحتى تعليمات حول كيفية احتجاز وحراسة المختطفين أثناء وجودهم داخل قطاع غزة، وتسليم الجنود الأسرى إلى قادة السرايا.
وموضوع مجندات المراقبة عولج قبل ذلك، إضافة إلى تقارير متعددة تناولت وضع وثائق قبل أوقات مختلفة تتضمن خطة مفصلة لتنفيذ هجوم غير مسبوق ضد إسرائيل يشبه بهجوم 7 أكتوبر، وإجراء هيئة الأركان فحصاً في قواعد فرقة غزة قبل 72 ساعة من هجوم «حماس».
ويوجد جدل كبير في إسرائيل منذ السابع من أكتوبر حول المسؤولية عن «الفشل الاستخباري الكبير».
ويجري الجيش تحقيقاً لم تُنشر نتائجه حتى الآن.
وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن الصورة بدأت تتضح شيئاً فشيئاً حول ما حدث في اليومين الأولين من القتال في مستوطنات الغلاف، مع التحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي في أحداث 7 من أكتوبر.
وأظهرت التحقيقات في تسريب جديد حالات عديدة من أخطاء النيران الصديقة التي أدت إلى وفيات مأساوية، ومجموعات من جنود الجيش الإسرائيلي الذين كانوا مترددين للغاية في مواجهة مقاتلي «حماس» (بينما اندفع آخرون للقتال دون استدعائهم رسمياً)، وأوامر ببقاء بعض مجموعات الجنود في الصف الثاني الاحتياطي في مواقعهم عندما كان ينبغي عليهم التوجه إلى الجبهة؛ وهو ما عكس مشكلة في توجيه القوات والاستخبارات فيما يخص اقتحام المستوطنات، وعدم معرفة كيفية التعامل مع المسائل المعقدة في ساحة المعركة والتي ظهرت في صعوبة التوصل إلى قرارات ونتائج في وقت معقول فيما يتعلق ببعض الأحداث مثل التي حدثت في بئيري، حيث تم احتجاز الرهائن داخل أحد المنازل لساعات، من بين أمور أخرى.
وينتظر خلال الصيف الحالي أن يكشف الجيش نتائج تحقيقاته على مراحل، بما في ذلك الهجوم في بئيري الذي تخلله أوامر عليا بقصف منزل تواجد به رهائن، والتحذيرات المحددة قبل الهجوم.