لبنان يتحرك لاحتواء تداعيات تهديد نصر الله لقبرص

تحذيرات من انعكاساته على العلاقة بين البلدين... وإقفال السفارة في بيروت يوماً واحداً

وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب ونظيره القبرصي كونستانتينوس كومبوس (الوكالة الوطنية للإعلام)
وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب ونظيره القبرصي كونستانتينوس كومبوس (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

لبنان يتحرك لاحتواء تداعيات تهديد نصر الله لقبرص

وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب ونظيره القبرصي كونستانتينوس كومبوس (الوكالة الوطنية للإعلام)
وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب ونظيره القبرصي كونستانتينوس كومبوس (الوكالة الوطنية للإعلام)

سارع لبنان إلى محاولة تبديد الأجواء السلبية التي خلفتها تهديدات الأمين العام لت«حزب الله» حسن نصر الله لقبرص، عبر اتصالات أجريت مع الجانب القبرصي تولاها وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الذي أجرى اتصالات بنظيره في نيقوسيا كونستانتينوس كومبوس، ناقلاً عنه تشديده أن بلاده «ليست بوارد التورط في الحرب الدائرة في المنطقة».

وفي حين لم يعلن عن موقف مباشر من قِبل المسؤولين اللبنانيين حيال تهديدات نصر الله، قال مصدر رسمي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات القبرصية كانت «متفهمة»، مؤكداً أن لا تداعيات سلبية لما حصل على العلاقات الثنائية، بينما قالت الخارجية اللبنانية في بيان، إن بوحبيب أجرى اتصالاً بوزير الخارجية القبرصي وأعرب له عن تعويل لبنان الدائم على الدور الإيجابي الذي تلعبه قبرص في دعم الاستقرار في المنطقة.

من جهته، أكد الوزير القبرصي مضمون البيان الصادر عن رئيس جمهورية قبرص، الأربعاء، «من أن بلاده تأمل أن تكون جزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة»، مشدداً على «أن قبرص ليست بوارد التورط بأي شكل من الأشكال في الحرب الدائرة في المنطقة». وأكد الوزيران «على عمق علاقات الصداقة التي تربط البلدين وأهمية تعزيز التعاون الثنائي بينهما لما فيه مصلحة الشعبين».

وكان نصر الله قد حذّر قبرص بعدما تحدث عن معلومات تلقاها الحزب تفيد بأن إسرائيل التي تجري سنوياً مناورات في الجزيرة الصغيرة الواقعة في البحر الأبيض المتوسط والعضو في الاتحاد الأوروبي والقريبة جغرافياً من لبنان وإسرائيل، قد تستخدم المطارات والقواعد القبرصية لمهاجمة لبنان، في حال استهداف «حزب الله» للمطارات الإسرائيلية.

أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله خلال إلقائه كلمة في الاحتفال التأبيني للقيادي الذي اغتالته إسرائيلي طالب عبد الله مساء الأربعاء (رويترز)

وقال: «يجب أن تحذر الحكومة القبرصية أن فتح المطارات والقواعد القبرصية للعدو الإسرائيلي لاستهداف لبنان يعني أن الحكومة القبرصية أصبحت جزءاً من الحرب وستتعامل معها المقاومة على أنها جزء من الحرب».

ورد الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس على التهديدات، مؤكداً أن «جمهورية قبرص ليست متورطة بأي شكل من الأشكال في هذه الحرب». وشدد على أن قبرص «جزء من الحل وليست المشكلة»، مؤكداً أن بلاده لعبت دوراً «اعترف به العالم العربي والمجتمع الدولي بأسره» في فتح ممر بحري يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية من قبرص إلى غزة.

وجاءت مواقف نصر الله غداة إعلان الجيش الإسرائيلي «الموافقة» على خطط عملياتية لهجوم في لبنان، وتوعّد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، بالقضاء على حزب الله في حال اندلاع «حرب شاملة»، على وقع استمرار التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ أكثر من ثمانية أشهر.

إقفال السفارة القبرصية... يوماً واحداً

وهذا التهديد الذي ترافق مع تصعيد في لهجة نصر الله، لاقى رفضاً واسعاً في لبنان، حيث اتخذت السفارة القبرصية قراراً مفاجئاً بإقفال أبوابها من دون سابق إندار، ما اعتبره البعض ردة فعل على تهديد نصر الله، لتعود السفارة وتقول إنها «لن تستقبل أي طلبات تأشيرة أو تصديقات ليوم واحد فقط، في 20 يونيو (حزيران) 2024».

وفي الاتصال بين وزيري خارجية البلدين، أوضح الوزير القبرصي «أن قرار إقفال السفارة القبرصية أبوابها يوماً واحداً كان محدداً مسبقا لأسباب إدارية تتعلق بنظام التأشيرات، وهي ستعاود العمل كالمعتاد بدءاً من الغد».

خلفية تهديد نصر الله... وتداعياته

ويؤكد رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري- أنيجما» رياض قهوجي، أن مسألة التدريبات الإسرائيلية في قبرص ليست جديدة وبالتالي ما قاله نصر الله يأتي في سياق «التحذيرات الاستباقية» في غياب أي دليل اليوم يفيد بشن تل أبيب هجوماً على لبنان من قبرص. ويقول لـ«الشرق الأوسط» «يدّعي نصر الله أن إسرائيل تتحضر في حال نشوب حرب كبيرة وخرق (حزب الله) الدفاعات الإسرائيلية واستهداف القواعد الجوية الإسرائيلية، لشن غارات على لبنان من قواعد عسكرية في قبرص»، مضيفاً: «لكن حتى الآن ليس هناك أي دليل على ذلك، إضافة إلى أن التدريبات الإسرائيلية مع قبرص تحصل بشكل دائم وهي وليست جديدة»، معبّراً عن اعتقاده أن «تهديدات نصر الله هي تهديدات غير مباشرة للقواعد البريطانية الموجودة في قبرص والتي تقوم بقصف الحوثيين في اليمن».

من جهته، يعتبر مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر أن كلام نصر الله هو خطف للقرار اللبناني وتعدٍ على علاقات لبنان مع الدول، وهو يناقض موقف الدولة اللبنانية وتاريخ العلاقات الطويل مع قبرص. ويرى أن تأكيد وزير الخارجية على العلاقة مع قبرص غير كاف في غياب أي موقف واضح للدولة اللبنانية حيال ما حصل. ويقول لـ «الشرق الأوسط «قبرص استقبلت اللبنانيين خلال الحرب الأهلية من طلاب وعائلات ورجال أعمال وهي كانت النافذة إلى العالم بالنسبة اليهم، بحيث لجأوا إليها للاحتماء من الحرب وأخذت شركات لبنانية مقار لها في قبرص في ظل الأزمات التي يواجهها لبنان وكان آخرها الأزمة المصرفية». من هنا، يحذّر نادر من تداعيات هذا الموقف، لا سيما أن قبرص هي جزء من الاتحاد الأوروبي الذي قد يلجأ بدوره إلى اتخاذ خطوات في هذا الإطار.

رفض لبناني لتهديد نصر الله

وفي رد منه على كلام نصر الله، كتب رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط عبر منصة «إكس» مذكّراً بأن قبرص «كانت ملجأً للبنانيين على مدى عقود أيام المحن».

من جهته، وصف عضو كتلة حزب «القوات اللبنانية» غسان حاصباني تهديد نصر الله لقبرص بـ«الخطير جداً»، وقال: «بعدما كان سابقاً (حزب الله) هدّد دول الخليج الشقيقة وأدخل لبنان في عزلة ها هو اليوم يوسّع هذا التهديد ليشمل عبر قبرص تهديد الاتحاد الأوروبي لأنها عضو فيه.»

واعتبر رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل أن «خطاب نصر الله استكمال لمسلسل استخدام الجنوب وربطه بصراعات وغايات لا علاقة لها بلبنان»، وقال عضو كتلة «الكتائب»، النائب إلياس حنكش: «قبرص كانت الملجأ واستقبلت كل اللبنانيين، لكن نصر الله مصرّ ألا يترك لنا صاحباً والتهديد لأوروبا يضع لبنان في عزلة تامة».


مقالات ذات صلة

إسرائيل: دويّ صفارات الإنذار في القدس والضفة الغربية بعد قصف من لبنان

المشرق العربي جانب من عملية استهداف لمسيّرة في الشمال الإسرائيلي (إ.ب.أ)

إسرائيل: دويّ صفارات الإنذار في القدس والضفة الغربية بعد قصف من لبنان

أفادت تطبيقات التنبيه الإسرائيلية بأن صفارات الإنذار دوت في ضواحي القدس والضفة الغربية المحتلة اليوم السبت للتحذير من قصف من لبنان وفقا لما قاله الجيش الإسرائيل

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الصورة التي نشرها الجيش الإسرائيلي لسلسلة القيادة العسكرية لـ«حزب الله» بعد اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله play-circle 01:46

مَن «الناجي الوحيد» مِن القيادة العسكرية العليا لـ«حزب الله»؟

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أنه قام بتصفية قيادة «حزب الله» العسكرية، في ضربة غير مسبوقة للجماعة اللبنانية المدعومة من إيران.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي متظاهرون يحملون صور حسن نصر الله خلال وقفة احتجاجية في مدينة صيدا بجنوب لبنان بعد إعلان مقتله (أ.ف.ب)

أعيرة نارية في الهواء ونُواح وعدم تصديق في بيروت بعد مقتل نصر الله

أطلق مسلّحون أعيرة نارية في الهواء، وأمروا أصحاب المتاجر في أجزاء من بيروت بإغلاقها، وقال أنصار «حزب الله» إنهم في حالة من عدم التصديق بعد مقتل حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

«نصر الله» ليس الوحيد... آخرون قتلوا في القصف على الضاحية الجنوبية

مثلت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت زلزالاً داخل «حزب الله» اللبناني، خصوصاً بعد تأكيد الأنباء عن مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك (إ.ب.أ)

الرئيس الفلسطيني يعرب عن تعازيه بعد مقتل حسن نصر الله

قدّم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، السبت، تعازيه إلى «حزب الله» اللبناني، بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله في قصف إسرائيلي على بيروت.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

سوريا: اغتيال إسرائيل لنصر الله «عدوان دنيء»

الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله (أ.ف.ب)
الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله (أ.ف.ب)
TT

سوريا: اغتيال إسرائيل لنصر الله «عدوان دنيء»

الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله (أ.ف.ب)
الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله (أ.ف.ب)

اعتبرت الخارجية السورية، في بيان (السبت)، أن اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله «عدوان دنيء»، وذلك بعد ساعات من إعلان الحزب مقتله بغارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقالت الخارجية إن «الكيان الصهيوني يؤكد من خلال هذا العدوان الدنيء (مرة أخرى) على سمات الغدر والجبن والإرهاب التي نشأ عليها»، مشيرة إلى أن «الشعب السوري (...) لم ينسَ يوماً مواقف (نصر الله) الداعمة»، الذي يقاتل حزبه منذ عام 2013 بشكل علني إلى جانب القوات الحكومية.

وأكد «حزب الله»، في بيان (السبت) مقتل أمينه العام حسن نصر الله إثر غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، بعدما أعلنت إسرائيل اغتياله.

واغتالت إسرائيل عدداً من كبار قادة الحزب في سلسلة من الغارات الجوية.