لقاء هوكستين - بري: الامتناع عن استخدام المسيرات والقنابل الفوسفورية

عودة الوضع إلى ما قبل الحرب وضمان عودة نازحي الطرفين إلى قراهم

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مستقبلاً الوسيط الأميركي آموس هوكستين (رئاسة البرلمان اللبناني)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مستقبلاً الوسيط الأميركي آموس هوكستين (رئاسة البرلمان اللبناني)
TT

لقاء هوكستين - بري: الامتناع عن استخدام المسيرات والقنابل الفوسفورية

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مستقبلاً الوسيط الأميركي آموس هوكستين (رئاسة البرلمان اللبناني)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مستقبلاً الوسيط الأميركي آموس هوكستين (رئاسة البرلمان اللبناني)

كشفت مصادر سياسية مواكبة للأجواء التي سادت المفاوضات التي جرت أخيراً بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بالإنابة عن «حزب الله»، والوسيط الأميركي أموس هوكستين، أن خفض منسوب التوتر بين الحزب وإسرائيل، على امتداد الجبهة الجنوبية بين «حزب الله» وإسرائيل، تصدَّر جدول أعمال اجتماعهما، لقطع الطريق على تفلُّت المواجهة العسكرية وتدحرجها نحو حرب واسعة.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن هوكستين وبري تداولا في مجموعة من الأفكار، أبرزها الالتزام بقواعد الاشتباك التي كانت سائدة قبل انخراط الحزب في مساندته لحركة «حماس»، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أي إلى ما كانت عليه في السابع منه.

وقالت المصادر السياسية إن مجرد العودة إلى ما كان عليه الوضع في السابع من أكتوبر الماضي ستؤدي، من وجهة نظر هوكستين، إلى عودة النازحين على جانبَي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن جميع الأفكار التي تداول فيها هوكستين مع بري بقيت تحت سقف ضرورة التقيُّد بقواعد الاشتباك، وقالت إن من بين هذه الأفكار امتناع الحزب وإسرائيل عن استخدام كل أنواع المسيرات، وعدم تبادل القصف في العمق، مع أن بري أكد له أن إسرائيل هي المعتدية، ولم توقف خروقها للأجواء اللبنانية براً وبحراً وجواً، وتستمر في احتلالها عدداً من المواقع في النقاط المتداخلة بين البلدين التي تخضع للسيادة اللبنانية، إضافة إلى احتلالها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ورفضها تطبيق القرار «1701» الذي يلتزم به لبنان ويصر على تنفيذه.

وأكدت المصادر أنه جرى التداول بامتناع الطرفين عن تبادل القصف في العمق، ووقف إسرائيل استخدام القنابل الفوسفورية التي أدَّت إلى حرق المزروعات والأشجار المثمرة، وتحديداً في القرى والبلدات الواقعة على الخطوط الأمامية، مضيفة أن مجرد الالتزام بهذه الأفكار سيؤدي حكماً إلى ضبط إيقاع المواجهة العسكرية من جهة، وقطع الطريق على تدحرج الوضع نحو توسعة الحرب جراء تورط أي طرف في سوء تقدير لمجريات المواجهة من جهة ثانية، رغم أن الحزب، نقلاً عن قول بري لهوكستين، يمارس أقصى درجات ضبط النفس ولا يريد توسعة الحرب، لكنه يستعد لها إذا ما جنحت إسرائيل لتوسعتها.

ونقلت المصادر عن هوكستين أن هناك ضرورة لخفض التوتر ومنعه من التفلت ريثما يتم التوصل لوقف النار في غزة، الذي يُفترض أن يتزامن مع تهدئة الوضع في الجنوب، وهذا يتطلب منذ الآن تهيئة الأجواء للوصول إلى اتفاق مسبق بين لبنان وإسرائيل، على أن يبدأ تنفيذه فور سريان مفعول الهدنة في غزة.

وأكدت أن هوكستين جدد رفض الولايات المتحدة الأميركية توسعة الحرب وتوفير الغطاء السياسي لإسرائيل لئلا تتمدد الحرب إلى الإقليم بدخول إيران طرفاً في المواجهة.

وأوضحت المصادر أن كل ما أُشيع عن فشل المفاوضات لا أساس له من الصحة، وأن للحديث صلة بينهما، وأن هوكستين على تواصل مع بري، ويُفترض أن يحيطه علماً بنتائج اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في زيارته الثانية لتل أبيب التي توجه إليها آتياً من بيروت فور انتهاء اجتماعاته التي عقدها، وشملت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، وقائد الجيش العماد جوزف عون، ومدير المخابرات العميد طوني قهوجي، إضافة إلى بري بتفويض من «حزب الله»؛ كونه المعني بتهدئة الوضع على جبهة الجنوب.

وقالت إن بري سيبني على الشيء مقتضاه، بالتشاور مع الحزب، في ضوء رد نتنياهو على الأفكار التي طرحها عليه هوكستين لخفض منسوب التوتر، مع أن الأخير جدد نصحه، بحسب المصادر نفسها، بمعاودة التفاوض بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق مسبق يبدو أنه سيبقى متوقفاً على ما سيؤول إليه الوضع في غزة، وإن كان لمح إلى أن إسرائيل ما زالت في حاجة إلى فترة زمنية ما بين 3 و4 أسابيع للسيطرة على رفح.


مقالات ذات صلة

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

الخليج رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي طفل يقف بالقرب من المراتب بينما يحزم النازحون أمتعتهم للعودة إلى قراهم بجنوب لبنان في ملجأ بصيدا (رويترز) play-circle 00:52

بري: نطوي مرحلة تاريخية كانت الأخطر على لبنان

قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إن الحرب مع إسرائيل مثّلت «مرحلة تاريخية كانت الأخطر» التي يمر بها لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

تحركات مصرية مكثفة سياسية وإنسانية لدعم لبنان في إطار علاقات توصف من الجانبين بـ«التاريخية» وسط اتصالات ومشاورات وزيارات لم تنقطع منذ بدء الحرب مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ليلة رعب دامية عاشتها بيروت قبل وقف إطلاق النار

لبنانيون خرجوا من منازلهم ليلاً بعد تحذيرات إسرائيلية بقصف بيروت قبل وقف إطلاق النار (رويترز)
لبنانيون خرجوا من منازلهم ليلاً بعد تحذيرات إسرائيلية بقصف بيروت قبل وقف إطلاق النار (رويترز)
TT

ليلة رعب دامية عاشتها بيروت قبل وقف إطلاق النار

لبنانيون خرجوا من منازلهم ليلاً بعد تحذيرات إسرائيلية بقصف بيروت قبل وقف إطلاق النار (رويترز)
لبنانيون خرجوا من منازلهم ليلاً بعد تحذيرات إسرائيلية بقصف بيروت قبل وقف إطلاق النار (رويترز)

ليلة دامية عاشتها العاصمة اللبنانية بيروت، أمس، وكل سكانها أو مَن نزحوا إليها، قبل ساعات قليلة من إعلان وقف إطلاق النار؛ إذ تعرضت مناطق كثيرة، مثل بربور، والخندق الغميق، والحمرا، ومارالياس، للاستهداف الإسرائيلي، وكان لمنطقة النويري الحصة الأكبر من الاستهدافات المتكررة طوال مدة العدوان.

تروي زينب، من سكان النويري، لـ«الشرق الأوسط» كيف عاشت رعباً شديداً طوال ليلة أمس، بداية حين تم استهداف أحد المباني في منطقة النويري قرب مجمع خاتم الأنبياء، في فترة بعد الظهر، ومن ثمّ في الليل حين اشتد القصف على بيروت.

وتقول: «كنت في زيارة لإحدى صديقاتي، تعمل في متجر يقع في الشارع الموازي لمجمع خاتم الأنبياء، حين حدثت الغارة الأولى، فسقطت وشعرت بذرات الزجاج وهي تسقط على رأسي، عشت خوفاً لا يمكن وصفه، أو حتّى نسيانه في وقت قريب، لكن الحمد لله أننا ما زلنا على قيد الحياة».

تسكن زينب، على بُعد مبنيين من المبنى الذي تمّ استهدافه وفيه أحد فروع مؤسسة «القرض الحسن».

تقول زينب إنها لم تغادر منزلها، وفضلت البقاء فيه، متسائلة: «إلى أين نذهب؟ كل بيروت كانت تحت مرمى الاستهداف الإسرائيلي ليلة البارحة، وكلنا غير آمنين، لم يكن لنا حول ولا قوة».

في الفترة ما بين التحذير الإسرائيلي وتنفيذ الغارة هناك، عاش الناس لحظات صعبة للغاية ممزوجة بين الخوف والحيرة والعجز. تصف زينب مشهد الشارع: «أطفال ونساء يهرعون، ولا أحد يعلم الوجهة. صوت الرصاص التحذيري الذي أطلقه أبناء المنطقة عمّ المكان، نحن في شارع شعبي والزحمة طاغية. شاهدت مجموعة شبان يخرجون سيدة عجوز مقعدة، كانت تخبرهم أنه لا يوجد مكان تذهب إليه، قلت في نفسي، ما هذا الذل الذي نعيشه».

سيدة تتفقد منزلها وتحتمي بشمسية في حي مدمر بعد تنفيذ وقف إطلاق النار (رويترز)

«كأنها النكبة» تقول السيدة مختصرة ما عاشته ليل أمس، في وقت هرع سكان راس بيروت، ومنطقة الحمرا، باتجاه الجامعة الأميركية بوصفها «ملاذاً آمناً»، ولن يستهدفها القصف الإسرائيلي. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن السكان المحيطين بمبنى الجامعة حاولوا الاحتماء داخل حرمها لكنه سمح فقط للموظفين وعائلاتهم، وطلاب مقيمين، وأجانب، بالدخول وقضاء الليلة داخل أسوارها، فيما بقي كثيرون مرابطين عند أسوارها الخارجية طلباً للحماية.

اليوم، تبدو معالم الحرب واضحة على بيروت وأحيائها. أبنية متضررة، شاهدة على همجية العدوان المتكرر. شبان من أبناء المنطقة، يعملون على إزالة الردم والتنظيف. غالبية المتاجر مقفلة، باستثناء القليل الذي لم يتضرر، مثل المتجر الذي يبيع خطوط الهاتف، وإحدى الصيدليات، ومطعم فتح أبوابه أمام الناس لشراء الطعام.

في الشارع نفسه، متجر لبيع العطور يقول أحد العاملين فيه لـ«الشرق الأوسط»: «لم نقفل اليوم أبوابنا، بسبب إعلان وقف الحرب، لكننا في الأصل، اعتدنا أن تستهدفنا إسرائيل، وفي اليوم التالي نعيد فتح أبوابنا أمام الزبائن، فلا خيار ثان أمامنا، هذا مصدر رزقنا».

في منطقة البسطا الفوقا القريبة من وسط بيروت، يسكن رجل سبعيني جاء يتفقد المكان. يروي لـ«الشرق الأوسط» كيف كان وقع الضربات عليهم بالأمس وقبل أيام أيضاً.

ويقول: «هذا متوقع من عدو مثل إسرائيل، وهذا ما اختبرناه في حروبنا السابقة، المهم أنه تمّ وقف إطلاق النار، وفور إعلانه تماماً، غادرت الناس إلى قراها حتّى الحدودية منها».

وعلى مدخل الخندق الغميق تبدو آثار الاستهداف واضحة. وتقول رمزية، إحدى سكان المنطقة النازحين من الضاحية الجنوبية لبيروت: «كانت ليلة الأمس استثنائية في الرعب الذي أحدثته، ربما ليس لها مثيل طوال مدة العدوان، ضربات مكثفة وقوية في بيروت، لكن الخوف الأكبر شعرت به حين حصلت هذه الضربة تحديداً».

وتضيف: «لم أتمكن من النوم حتى الساعة السادسة صباحاً، لكن ما كان يعزينا أن هناك اتفاقاً ما سيحصل، وبأن وقف إطلاق النار بات قريباً، لذا عشنا مشاعر مزدوجة، بين الفرح باقتراب عودتنا، والحزن على كل هذا الدمار والقتل، والخوف لأن لا ثقة بإسرائيل، فربما تعود وتستهدفنا، تحت أيّ ذريعة».