«معبر رفح»: هل تذيب أميركا «جليد الخلافات» بين مصر وإسرائيل؟

واشنطن أعلنت عن مساع لإعادة فتحه

معبر رفح (رويترز)
معبر رفح (رويترز)
TT

«معبر رفح»: هل تذيب أميركا «جليد الخلافات» بين مصر وإسرائيل؟

معبر رفح (رويترز)
معبر رفح (رويترز)

تجددت مساعٍ أميركية بين مصر وإسرائيل لإعادة فتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، بعد نحو 40 يوماً من السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني في مايو (أيار) الماضي، وسط توتر بين القاهرة وتل أبيب وأزمة إنسانية بالقطاع جراء استمرار غلق المعبر.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في مؤتمر صحافي الاثنين، إن «بلاده تعمل مع حكومتي مصر وإسرائيل على إعادة فتح المعبر»، تزامناً مع حرق الجيش الإسرائيلي تماماً صالة المغادرين وعدداً من مرافق الجانب الفلسطيني من المعبر.

ويعد معبر رفح شرياناً اقتصادياً وأمنياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يُسهل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وخروج المسافرين والمصابين منه.

ووفق دبلوماسي مصري سابق وخبير استراتيجي وعسكري تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن المساعي الأميركية قد تكلل باتفاق بين مصر وإسرائيل لإعادة فتح معبر رفح، «لكن ستأخذ مزيداً من الوقت، وستكون ضمن اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بغزة».

وسيطر الجيش الإسرائيلي على معبر رفح، منذ السابع من مايو الماضي، ومنذ ذلك الوقت، علقت القاهرة التنسيق مع تل أبيب بشأنه وتطالب بالانسحاب، تنفيذاً لاتفاقية المعابر الموقعة في عام 2005، والتي تنص على أن تكون السلطة الفلسطينية هي التي تدير المعبر برقابة أوروبية.

وفي 2 يونيو (حزيران) الحالي، أكد مصدر رفيع المستوى لـ«القاهرة الإخبارية»، انتهاء اجتماع مصري - إسرائيلي - أميركي بالقاهرة بشأن الأزمة نفسها، وسط تمسك مصر بموقفها الثابت نحو ضرورة الانسحاب الإسرائيلي، حتى يتم استئناف تشغيله مرة أخرى، وأكدت «مسؤولية إسرائيل الكاملة عن عدم دخول مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية لقطاع غزة».

وبحسب تقرير صادر في 14 يونيو الحالي عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلّة، فهناك «جزء كبير» من السكان في جميع أنحاء غزة يعاني من «الجوع الكارثي»، جراء «نقص الوقود والقيود المفروضة على الوصول التي يعرقل بشدة إيصال المساعدات المنقذة للحياة».

نجاح مشروط

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق رخا أحمد حسن، في حديث مع «الشرق الأوسط»، يرى أن «المساعي الأميركية ستبقى مستمرة، لكن للأسف إسرائيل ردت بحرق صالة المغادرين، وهذا دليل عدم تعاون وإصرار على البقاء بالمعبر».

ويعتقد أن «واشنطن لكي تكون جادة في تلك المساعي عليها أن تمارس ضغوطاً جادة على تل أبيب، أو سيبقى الوضع كما هو عليه».

ويفسر حرق تل أبيب لمرافق بالمعبر بأنه «خطوة مستقبلية خوفاً من ذلك الضغط الأميركي والاضطرار للانسحاب أو الاستمرار في سياسة الإبادة التي تتبعها ضد كل شيء».

ورأى المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيان، عملية الحرق «جريمة جديدة يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين من خلال الإمعان بحصارهم، ومنع المرضى والجرحى من آخر أمل بالسفر، وتلقي العلاج في الخارج».

وبشأن إمكانية الوصول لحلول وسط في أزمة المعبر، يرى الدبلوماسي المصري السابق أن مصر لا تفرض شروطاً، هي تعيد الأمور لأصلها، والالتزام بالاتفاقات التي تنص على عودة السلطة الفلسطينية لإدارة الجانب الفلسطيني من المعبر.

عودة الشيء لأصله

الخبير العسكري الاستراتيجي، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق بأكاديمية ناصر العسكرية، اللواء محمد الغباري، في حديث مع «الشرق الأوسط»، يرى أن تحقيق واشنطن انفراجة في ملف المعبر سيكون ضمن اتفاق شامل مرتبط بإنهاء الحرب في غزة، وليس بشكل منفصل.

ويرى أن «موقف مصر مرتبط بعودة الشيء لأصله؛ أي عودة السلطة الفلسطينية لإدارة المعبر، بوصفها حلاً متفقاً مع الاتفاقات».

ويرجح أن «إسرائيل ستواصل العراقيل»، مؤكداً أن «واشنطن بعدم الضغط الحقيقي عليها تسمح بمزيد من الوقت لتستهلكه تل أبيب في تحقيق أهدافها من الحرب».

وحرق الجيش الإسرائيلي لمرافق في المعبر، بحسب اللواء الغباري، يأتي في سياق التعطيل الذي تريده تل أبيب ووضع العقبات أمام أي مساع جادة.

ويستدرك: «لكن الملفات كلها مرتبطة ببعضها البعض، وعندما يأتي الحل النهائي لأزمة غزة ستكون أزمة المعبر على الطاولة وسنشهد انفراجة بها».


مقالات ذات صلة

هل استهدفت إسرائيل إقصاء الوسطاء عن مفاوضات «هدنة غزة»؟

تحليل إخباري فلسطينيون يبكون على جثة أحد ضحايا القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

هل استهدفت إسرائيل إقصاء الوسطاء عن مفاوضات «هدنة غزة»؟

مساعٍ وجولات كثيرة قادها الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة، لإنهاء أطول حرب شهدها قطاع غزة، أسفرت عن هدنة نهاية نوفمبر 2023 استمرت أسبوعاً واحداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس أركان الجيش المصري يتفقد منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية ومعبر رفح البري (المتحدث العسكري)

رسائل مصرية حادة لإسرائيل تنذر بمزيد من التصعيد

بعثت مصر بـ«رسائل حادة» إلى إسرائيل رداً على تصعيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتمسكه بالبقاء في محور «فيلادلفيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي نتنياهو أمام خريطة قطاع غزة ويخبر المشاهدين بأن إسرائيل يجب أن تحتفظ بالسيطرة على «محور فيلادلفيا» (أ.ف.ب)

مصر تُصعّد ضد إسرائيل وتحمّلها عواقب «تأزيم الموقف»

أدت تصريحات جديدة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بشأن البقاء في محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، إلى رد من القاهرة شمل تحذيراً من تداعيات «التعنت المستمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري رجل يحمل جثة فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: «مقترح أخير» للوسطاء على أمل تقليل الفجوات

تحرّكات جديدة من الوسطاء لإحداث حلحلة بملف مفاوضات هدنة غزة، مع حديث أميركي عن استعداد واشنطن لتقديم «مقترح نهائي» لإبرام صفقة تبادل أسرى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي رد فعل فلسطينية خلال جنازة قتلى سقطوا في غارات إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: «تفاصيل دقيقة» تهدد مفاوضات القاهرة

جهود مكثفة للوسطاء لتجاوز نقاط الخلاف المتبقية والوصول إلى هدنة تنهي الحرب في قطاع غزة، وسط حديث أميركي عن انتقال المناقشات لمرحلة «التفاصيل الدقيقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«نصر الله» ليس الوحيد... آخرون قتلوا في القصف على الضاحية الجنوبية

دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

«نصر الله» ليس الوحيد... آخرون قتلوا في القصف على الضاحية الجنوبية

دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

مثلت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قلب الضاحية الجنوبية لبيروت زلزالاً داخل «حزب الله» اللبناني، خصوصاً بعد تأكيد الأنباء عن مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله بها، إلا أن نصر الله لم يكن القتيل الوحيد في تلك الضربة.

قال هرتسي هاليفي، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، في بيان، إن قواته نفذت، الجمعة، ضربة استهدفت مقراً قيادياً لـ«حزب الله» تحت الأرض في بيروت؛ ما أدى إلى مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله، وعدد من كبار القياديين بالتنظيم.

علي كركي

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، السبت، أن مِن بين مَن قضوا في الغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت؛ القيادي في «حزب الله» علي كركي، الذي وصفه بأنه قائد جبهة الجنوب في الحزب.

ونجا كركي من قصف إسرائيلي استهدفه، الاثنين، في الضاحية الجنوبية لبيروت. وقال مصدر أمني لبناني، إن ضربة إسرائيلية، مساء الاثنين، على الضاحية الجنوبية لبيروت استهدفت القيادي الكبير في «حزب الله» اللبناني، علي كركي، قائد الجبهة الجنوبية.

إنفوغراف... استهدافات إسرائيلية لقادة «حزب الله» (الشرق الأوسط)

وأكّد مصدر مقرّب من الحزب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الغارة «استهدفت قائد جبهة الجنوب حالياً في (حزب الله) علي كركي، الذي يُعدّ الرجل الثالث عسكرياً في الحزب، بعد القياديَين فؤاد شكر وإبراهيم عقيل»، اللذَين قُتلا بضربات مماثلة.

من جهته، أعلن «حزب الله»، الاثنين، أن القيادي علي كركي الذي قال مصدر مقرب من الحزب إنه استهدف بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت «بخير»، وانتقل إلى «مكان آمن».

وقال الحزب في بيان بعد ساعات من الغارة، إن «الأخ العزيز المجاهد القائد الحاج علي كركي بخير»، مضيفاً أنه «انتقل إلى مكان آمن».

عباس نيلفروشان

وأكدت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» مقتل نائب قائد عمليات «الحرس الثوري»، الجنرال عباس نيلفروشان، في القصف الذي أسفر عن مقتل أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وكانت صحيفة «كيهان»، المقربة من مكتب المرشد الإيراني، قد نقلت عن مصادر «غير رسمية» أن نيلفروشان قضى في غارة جوية إسرائيلية على معقل «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وسارعت وكالة «دانشجو» التابعة لقوات «الباسيج الطلابي» إلى نشر بروفايل موجز عن حياة القيادي، الذي كشفت عن دوره في سوريا ولبنان، ليكون خليفة الجنرال محمد رضا زاهدي، الذي قضى في ضربة جوية استهدفت القنصلية الإيرانية، مطلع أبريل (نيسان).

وشغل نيلفروشان (58 عاماً) منصب نائب عمليات القوات البرية في «الحرس الثوري»، وعُيّن نائباً لقائد عمليات تلك القوات، خلفاً لزاهدي في عام 2019، بعدما كان نائباً له.

وينحدر كلاهما من مدينة أصفهان وسط البلاد. ويتولى نيلفروشان منصب نائب غرفة العمليات المشتركة في «الحرس الثوري»، وهذه المرة الأولى التي تكشف وسائل إعلام عن انتقاله إلى لبنان للإشراف على قوات «الحرس الثوري».

زينب نصر الله

أعلنت القناة «12» الإسرائيلية، أمس، أن زينب ابنة حسن نصر الله الأمين العام لـ«حزب الله» قتلت في الغارة التي استهدفت مقراً قيادياً تحت الأرض في ضاحية بيروت الجنوبية. إلا أنه لم يصدر أي تأكيد أو نفي لتلك الأنباء من «حزب الله» أو مصادر لبنانية رسمية.

ويقع المقر المستهدف تحت عدة بنايات في قلب الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، ولم يعرف على الفور عدد القتلى والجرحى جراء قصف هذه البنايات بخلاف الذين قضوا في مقر القيادة تحت الأرض.

وذكر وزير الصحة اللبناني، في مؤتمر صحافي، السبت، أن حصيلة القتلى والجرحى في الاستهدافات الإسرائيلية للمناطق المختلفة في لبنان، منذ الجمعة، بلغت 11 قتيلاً، و108 جرحى. ولم يوضح كم منهم سقط في الضربة التي استهدفت الضاحية الجنوبية.

ومنذ الاثنين، كثّفت إسرائيل وتيرة ضرباتها على «حزب الله» بمناطق مختلفة في لبنان، ما استدعى ردوداً من الحزب، في تصعيد غير مسبوق منذ بدء تبادل إطلاق النار بين الطرفين غداة اندلاع الحرب بقطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.