كارثة بيئية تهدد اليمن مع الإعلان عن بدء غرق سفينتين

طاقم «توتور» يعود إلى الفلبين بعد هجوم الحوثيين

جانب من القوات الأميركية في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)
جانب من القوات الأميركية في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)
TT

كارثة بيئية تهدد اليمن مع الإعلان عن بدء غرق سفينتين

جانب من القوات الأميركية في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)
جانب من القوات الأميركية في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

تتخوف الحكومة اليمنية من كارثة بيئية جديدة مع إعلان الجيش الأميركي بدء غرق سفينتين تجاريتين في جنوب البحر الأحمر إثر تعرضهما للهجمات الحوثية، وهو ما سيضاف إلى كارثة السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة بكامل حمولتها من الأسمدة والوقود منذ مارس (آذار) الماضي دون التمكن من انتشالها.

وكان الجيش الأميركي قد أعلن عن بدء غرق السفينة التجارية اليونانية «توتور» التي استهدفها الحوثيون غرب ميناء الحديدة، ما أدى إلى تسرب المياه إلى غرفة المحركات، وتخلي طاقمها عنها، كما أعلن فشل إطفاء الحريق الذي شب في السفينة الأوكرانية «فيربينا»، ومغادرة طاقمها وتركها تغرق.

وأكد مسؤولان يمنيان يعملان في مجال البيئة لـ«الشرق الأوسط» أنه رغم إجازة عيد الأضحى، فإن السلطات تتابع تطورات الموقف، وطلبت معلومات مفصلة عن حمولة السفينة «توتور» لتقدير مستوى الخطر الذي سيلحق بالمنطقة بعد أن جرفتها مياه البحر بعد تسربها إلى غرفة المحركات.

وأقر المسؤولان بوجود صعوبات في دراسة موقع غرق السفينة؛ لأنها تقع في المنطقة المقابلة لميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، كما توجد صعوبة في إرسال فريق ميداني إلى المكان لتقييم الوضع على الطبيعة.

طاقم السفينة «توتور» عند عودته إلى الفلبين الاثنين 17 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

عودة طاقم السفينة «توتور»

وذكرت وكالة «رويترز» أن طاقم السفينة «توتور» الفلبيني أُعيد إلى بلاده من البحرين يوم الاثنين بعد أن تعرضت السفينة لهجوم من جماعة الحوثي اليمنية بالقرب من ميناء الحديدة الأسبوع الماضي. وأعلن الحوثيون المتحالفون مع إيران مسؤوليتهم عن هجوم صاروخي على ناقلة الفحم «توتور» المملوكة لجهة يونانية وترفع علم ليبيريا، بالقرب من الميناء اليمني في 12 يونيو.

وكانت السفينة تحمل طاقماً من 22 فلبينياً، ولا يزال أحدهم مفقوداً في غرفة المحرك التي غمرتها المياه. وقال ربان السفينة كريستيان دوماريك، في مؤتمر صحافي بمطار مانيلا، يوم الاثنين: «نحتاج أولاً إلى الراحة بسبب الصدمة... سوف نتعافى لبضعة أشهر قبل العودة» إلى البحر. وتعهدت الحكومة الفلبينية بتقديم الدعم المالي والنفسي لأفراد الطاقم العائدين.

وقال وزير العمال المهاجرين الفلبيني، هانز ليو كاكداك، إن الجهة المالكة للسفينة تعهدت بمواصلة البحث عن البحّار المفقود إلى جانب عملية إنقاذ لقطر السفينة التي جرفتها المياه في البحر الأحمر يوم الجمعة الماضي.

وكانت القوات البحرية التابعة للقيادة المركزية الأميركية قد ذكرت أنها أنقذت طاقم ناقلة البضائع السائبة «توتور»، موضحة أن البحارة التابعين لحاملة الطائرات «أيزنهاور» قاموا بنقل الطاقم جواً، فيما لا يزال بحار مدني مفقوداً. وتسبب الهجوم، الذي وقع بالقرب من ميناء الحديدة، في تسرب كمية كبيرة من المياه إلى داخل السفينة، وألحق أضراراً في غرفة المحرك مما جعلها غير قادرة على الإبحار. وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إنه تم إجلاء طاقم السفينة التي أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن مهاجمتها بزورق مسير وصواريخ.

سفينة ليبيرية تعرضت لهجوم حوثي سابق في خليج عدن أدى إلى مقتل 3 من بحارتها (أ.ب)

السفن الغارقة تضر المجرى الملاحي

وبشأن إعلان الجيش الأميركي إجلاء طاقم الناقلة «فيربينا» بعد تعرضها لهجوم من قبل الحوثيين، وفشل الطاقم في إخماد الحريق الذي نشب فيها وتهديدها بالغرق، ذكر مسؤولان يمنيان أن موقعها أقرب إلى الشواطئ الجيبوتية، لكن ذلك لا يعني عدم وجود أضرار على الجانب اليمني.

وأوضح المسؤولان اليمنيان أنه إلى جانب الضرر الكبير الذي سيلحق بالبيئة البحرية ومناطق تكاثر الأحياء البحرية، سيؤثر غرق هذه السفن في المجرى الملاحي على حركة الملاحة أو كابلات الإنترنت كما حدث في المرة السابقة مع غرق السفينة «روبيمار».

ويؤكد عبد الحكيم راجح وكيل وزارة المياه والبيئة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن غرق أي سفينة كان له تأثير، لكن الفرق في الأثر يتوقف على عاملين، الأول: نوع الحمولة وكميتها، فإذا كانت الحمولة مثل المواد الكيماوية والبترولية ومشتقاتها فسوف يكون الأثر البيئي عالياً. أما العامل الثاني، فهو موقع الحادث من حيث العمق والتيارات البحرية والتنوع الحيوي للموقع، وذلك إلى جانب عوامل أخرى، كما أنه في بعض الحالات يحدث تداخل بين كل هذه العوامل. وأضاف راجح: «عندما تكون حمولة السفينة قمحاً أو معلبات أو حتى سيارات وتغرق في أعماق كبيرة لا يهتم بها أحد، لكن يظل أثر الغرق موجوداً وإن كان محدوداً، على خلاف لو كانت حمولتها من الوقود والزيوت».

طاقم السفينة «فيربينا» بعد إجلائه إلى منطقة آمنة (الجيش الأميركي)

السفينة «فيربينا»

وفي إعلان آخر، ذكر الجيش الأميركي أن طاقم السفينة «فيربينا» التي اشتعلت فيها النيران بعد أن هاجمها الحوثيون بالصواريخ قرر التخلي عنها لعدم قدرته على إخماد الحرائق المندلعة بها، وأنه تم نقل الطاقم إلى منطقة آمنة، مؤكداً وجود فرقاطة إيرانية كانت على بعد 8 أميال من السفينة المحترقة، لكنها لم تستجب لنداء الاستغاثة.

يُشار إلى أن الجانب الحكومي اليمني لا يزال يسعى لإقناع الأمم المتحدة بالعدول عن توصيات فريق خبرائها بشأن التعامل مع السفينة «روبيمار» التي تحمل 44 طناً من الأسمدة الخطرة و22 طناً من الوقود، بعد أن اقترح الخبراء ترك السفينة حتى تتسرب حمولتها بالتدريج إلى قاع البحر، لأنه لا توجد آليات ومعدات لانتشالها. ويقول مسؤولون يمنيون إن تلك التوصيات لا تقدم ضمانات فعلية بعدم حدوث تلوث عند تسرب الحمولة، كما لا توجد ضمانات بأن يكون التسرب تدريجياً وغير ضار.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

«الاتحاد الوطني» يتحدث عن «توقعات متشائمة» بشأن حكومة كردستان

أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)
أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)
TT

«الاتحاد الوطني» يتحدث عن «توقعات متشائمة» بشأن حكومة كردستان

أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)
أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)

يُتوقع أن يدعو رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، خلال الأيام القليلة المقبلة، الكتل السياسية الفائزة إلى عقد أول جلسة للبرلمان بعد إعلان «مفوضية الانتخابات» المصادقة على نتائج انتخابات إقليم كردستان التي جرت في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وطبقاً للنظام الداخلي لبرلمان الإقليم، يتعيّن على رئيس الإقليم دعوة البرلمان المنتخب إلى عقد جلسته الأولى خلال 10 أيام من المصادقة على نتائج الانتخابات، وإذا لم يدعُ الرئيس إلى عقد الجلسة الأولى يحق للبرلمانيين عقدها في اليوم الحادي عشر للمصادقة على النتائج.

ويترأس العضو الأكبر سناً جلسات البرلمان قبل انتخاب الرئيس الدائم بعد تأدية القسم الدستوري.

وحصل «الحزب الديمقراطي» على 39 من أصل 100 مقعد في برلمان الإقليم بدورته السادسة، في حين حصل غريمه التقليدي «الاتحاد الوطني» على 23 مقعداً، كما حصل «الجيل الجديد» على 15 مقعداً، و«الاتحاد الإسلامي» على سبعة مقاعد، وأحزاب صغيرة على بقية المقاعد.

ومع أن الجلسة الأولى للبرلمان يُتوقع أن تنعقد بانسيابية وسهولة طبقاً للوائح والإجراءات القانونية، فإن معظم الترجيحات تتحدث عن «شتاء قاسٍ» ينتظر الإقليم بالنسبة إلى عملية الاتفاق على تشكيل الحكومة، بالنظر إلى الانقسامات القائمة بين قواه السياسية.

مسرور بارزاني يتحدث على هامش معرض تجاري في أربيل (حكومة إقليم كردستان)

ويتحدث حزب الاتحاد الوطني عن «تقديرات متشائمة» بشأن تشكيل الحكومة قد تمتد إلى نهاية العام المقبل.

ويتوقع القيادي في حزب الاتحاد، غياث السورجي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «تبقى قضية تشكيل الحكومة حتى موعد الانتخابات الاتحادية العامة نهاية عام 2025، وبعد ذلك يتم الاتفاق على مناقشة مسألة المناصب في الإقليم وفي بغداد بيننا وبين الحزب الديمقراطي».

وخلال السنوات الماضية غالباً ما تم الاتفاق بين الحزبين على أن يحصل حزب الاتحاد الوطني على منصب رئيس جمهورية العراق، في حين يحصل «الديمقراطي» على رئاسة الإقليم ورئاسة وزرائه.

وأضاف السورجي: «أتوقع تأخّر تشكيل الحكومة؛ لأن لدينا شروطاً من أجل المشاركة فيها. قادة (الديمقراطي) يقولون إن الجميع سيشارك وفق استحقاقه الانتخابي، وهذا لن نقبل به. نريد أن نشارك في حكومة لنا فيها دور حقيقي برسم السياسات. لن نشارك وفق مبدأ الاستحقاق، إنما وفق دور حقيقي».

ويؤكد أن «جميع الأحزاب الفائزة أعلنت رسمياً عدم المشاركة في الحكومة، وبعضها انسحب من البرلمان، والأمر سيبقى محصوراً بين الحزبين الديمقراطي والاتحاد في مسألة تشكيل الحكومة».

وكشف السورجي عن أن «(الديمقراطي) بدأ (الاثنين) زيارة الأحزاب الفائزة؛ للمناقشة حول تشكيل الحكومة، ونحن في (الاتحاد) شكّلنا لجنة، وسنتفاوض خلال الأيام المقبلة مع جميع الأحزاب».

وعن المناصب الحكومية التي يمكن أن يحصل عليها «الاتحاد الوطني» في حال مشاركته في الحكومة، قال السورجي: «حتى هذه اللحظة لم نناقش المناصب، لكننا نريد الحصول على أحد المنصبين؛ رئاسة الإقليم، أو رئاسة الوزراء، وبخلافه لن نتنازل عن شرطنا، وهناك شروط أخرى».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني خلال لقاء في بغداد (أرشيفية - رئاسة الوزراء)

بدوره، يقلّل كفاح محمود المستشار الإعلامي لزعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، من أهمية «التوقعات المتشائمة» التي يتحدث عنها حزب الاتحاد، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ومهما كانت الخلافات السياسية بين (الديمقراطي) و(الاتحاد)، فإن نهاية التنافس هي حكومة ائتلافية بينهما؛ لأن الواقع على الأرض مع الاستحقاقات الانتخابية سيرسم خريطة الحكومة القادمة حتى وإن تأخرت لعدة أشهر».

ويتوقع محمود، أن تركز الحكومة المقبلة على «قضية الخدمات والمشروعات الصناعية الزراعية، خصوصاً أن حكومة مسرور بارزاني الحالية أرست أسس بنية تحتية لصناعة الغذاء وملحقاته الأساسية التي تتعلق بالزراعة والمياه خصوصاً السدود ومشروعات البرك المائية التي تستثمر مياه الأمطار الغزيرة في كردستان، وما يتعلق ببعض الصناعات التحويلية التي تحتاج إلى حكومة تكنوقراط تلبي الحاجة الماسة للمواطن والإقليم».

ويرجح محمود أن «يحصل رئيس الوزراء الحالي (المنتهية ولايته) على ولاية جديدة في الحكومة المقبلة».

وأدلى عضو الحزب الديمقراطي عبد السلام برواري، بتصريحات إلى «شبكة رووداو» الإعلامية، الاثنين، قال فيها، إن «(الاتحاد الوطني) عادة ما يمارس هذه الأساليب ويرفع من سقف مطالبه، وفي النهاية نحن نعرف وهم يعرفون وكذلك الناس تعرف، أنه يجب أن تتشكل الحكومة بالاتفاق ما بين (الديمقراطي) و(الاتحاد الوطني)».

وأضاف أن «هذا هو الواقع، سواء كان مُرّاً أم حلواً، يعجبني أو لا يعجبك، هذا هو الواقع في إقليم كردستان... لا تتشكل حكومة دون البارتي (الديمقراطي) واليكتي (الاتحاد)».