الحكيم يدعو لتجاوز الخلافات وحسم رئاسة برلمان العراق

انتقادات لسفر عدد كبير من النواب والوزراء للحج

رئيس «تيار الحكمة» العراقي عمار الحكيم يخطب في أنصاره يوم الاثنين ببغداد (إكس)
رئيس «تيار الحكمة» العراقي عمار الحكيم يخطب في أنصاره يوم الاثنين ببغداد (إكس)
TT

الحكيم يدعو لتجاوز الخلافات وحسم رئاسة برلمان العراق

رئيس «تيار الحكمة» العراقي عمار الحكيم يخطب في أنصاره يوم الاثنين ببغداد (إكس)
رئيس «تيار الحكمة» العراقي عمار الحكيم يخطب في أنصاره يوم الاثنين ببغداد (إكس)

دعا رئيس «تيار الحكمة» العراقي، عمار الحكيم، القوى السياسية بالبلاد إلى «تجاوز الخلافات السياسية» وحسم منصب رئاسة مجلس النواب (البرلمان)، وفق الآليات الدستورية و«الشراكة الوطنية دون تعطيل».

وقال الحكيم، خلال خطبة صلاة عيد الأضحى التي أقيمت في بغداد، الاثنين، إنه لا يجب أن «يكون هذا المنصب (رئاسة البرلمان) سبباً للصراع والخلاف بين أبناء المكون الواحد (في إشارة إلى المكون السني)». وأضاف: «قوتنا تكمن في وحدتنا، ولا وحدة من دون تنازل وإيثار».

ويسود توافق سياسي في العراق على تولي سُني لرئاسة البرلمان، لكن المنصب لا يزال شاغراً منذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بعدما أنهت «المحكمة الاتحادية» عضوية رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، ولم تتمكن المكونات والأحزاب السياسية من التوافق على اختيار خليفة له بعد.

وشدد الحكيم على «أهمية تجاوز الخلافات السياسية لتحقيق الاستقرار والازدهار في البلاد»، وعدّ أن «المرحلة الحالية تتطلب من الجميع التعاون والتكاتف لتحقيق المصلحة الوطنية العليا».

وظلت مسألة حسم رئاسة البرلمان العراقي كرة لهب تتقاذفها المكونات العراقية، وباتت مادة لخلافات على 3 مستويات: شيعية - شيعية، وسنية - سنية، وسنية - شيعية.

وبعدما أكد ضرورة حسم منصب رئاسة مجلس النواب «دون تأخير»، حذّر الحكيم من تبعات شغور المنصب لأكثر من 7 أشهر على العملية الديمقراطية، واستقرار الوضع السياسي في البلاد.

ورأى الحكيم أنه من المهم «الحفاظ على قواعد الاستقرار السياسي»، مشدداً على أن «الخلافات السياسية لا يجب أن تعيق تقديم المرشحين المناسبين لهذا المنصب الحيوي».

سفر النواب

في غضون ذلك، زادت حمى الانتقادات الشعبية، لسفر عدد كبير من أعضاء البرلمان والوزراء لأداء فريضة الحج، ما أسهم في اختلال النصاب اللازم لإجراء جلسة تصويت على رئاسة برلمان البلاد.

وتداول مستخدمون عراقيون لمواقع التواصل الاجتماعي، أرقاماً، لم يتم التأكد من صحتها، تشير إلى سفر نحو «88 نائباً (من إجمالي 329 نائباً)، و8 وزراء» وعدد كبير من المسؤولين وأقاربهم لأداء فريضة الحج.

ولم تؤكد أو تنفِ الجهات الرسمية العراقية الإفادات بشأن أعداد النواب والمسؤولين المسافرين. غير أن انتقادات عبّر عنها عراقيون عبر منصات مواقع التواصل بسبب ما قالوا إنه «تكرار سفر كبار المسؤولين للحج»، رغم اعتماد نظام القرعة لاختيار الفائزين بفرصة السفر.

وتركزت الانتقادات هذا العام على نواب البرلمان، خصوصاً بعد تمديد الفصل التشريعي الحالي لمدة شهر، بهدف حسم انتخاب رئيس جديد للبرلمان، والتصويت على جداول الموازنة، وبينما تم التصويت على الموازنة، فإن النواب لم يفلحوا في انتخاب رئيس جديد بينما سافر عدد كبير منهم إلى الحج.

وفي السياق ذاته، أكدت اللجنة القانونية للبرلمان أن هناك «أكثر من 100 قانون معطل» من ضمنها قوانين مهمة تم سحبها من قبل الحكومة لإجراء تعديلات عليها. وقال محمد عنوز عضو اللجنة القانونية بالبرلمان في تصريح صحافي، إن «من بين القوانين المعطلة قانون خدمة العلم، وقانون شركة النفط الوطنية، وقانون الخدمة المدنية الاتحادي، وقوانين أخرى».

وأوضح عنوز أن «القوانين المهمة الأخرى التي تعاني من التعطيل في مجلس النواب تتوقف لأسباب سياسية وفنية، من ضمنها قانون العفو العام وقانون المحكمة الاتحادية». وأعرب عن أمله في «إقرار هذه القوانين خلال الفصل التشريعي المقبل».


مقالات ذات صلة

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

المشرق العربي صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي (الاثنين) من بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية، ستتم مناقشة الموضوع في جلسة سرية.

حمزة مصطفى (بغداد )
المشرق العربي القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

تؤكد مصادر نيابية متطابقة قيام القضاء العراقي بإرسال كتب رسمية إلى البرلمان وجميع مؤسسات الدولة لملاحقة المتورطين بالتنصت والتسريبات الصوتية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)

استمرار الخلافات السياسية يحُول دون انعقاد البرلمان العراقي

رغم انتخاب رئيس جديد له بعد شغور المنصب لمدة سنة وتمديد الفصل التشريعي لمدة شهر، لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلساته.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:01

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».