عيد الأضحى «دون فرحة» في ظل الحرب بقطاع غزة المحاصر

فلسطينيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في «المسجد العمري الكبير» بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في «المسجد العمري الكبير» بغزة (أ.ف.ب)
TT

عيد الأضحى «دون فرحة» في ظل الحرب بقطاع غزة المحاصر

فلسطينيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في «المسجد العمري الكبير» بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في «المسجد العمري الكبير» بغزة (أ.ف.ب)

أدى مئات الآلاف من سكان غزة صلاة العيد، صباح الأحد، محاطين بالمباني المدمرة، في مشهد يعكس آثار الحرب المستمرة منذ 8 أشهر بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية.

تقول ملكية سلمان آسفةً بعد ساعات من حلول العيد: «لا فرحة. لقد سُرقت منا». وتقع خيمة هذه السيدة تحت أشعة الشمس الحارقة في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

تقليدياً؛ يضحي سكان القطاع الفلسطيني الصغير بالأغنام في العيد، ويتصدقون باللحوم على المحتاجين، ويقدمون الهدايا والعيديات للأطفال. لكن هذا العام، لم تفرح قلوبهم بعد أكثر من 240 يوماً من القصف الإسرائيلي المتواصل والعمليات العسكرية التي أدت إلى نزوح 75 في المائة من سكان القطاع المهددين بالمجاعة، والذين يناهز عددهم 2.4 مليون نسمة؛ وفق الأمم المتحدة.

طفل فلسطيني يحمل سجادة صلاة صباح أول أيام عيد الأضحى في خان يونس (أ.ف.ب)

تضيف ملكية سلمان (57 عاماً)، التي نزحت مع عائلتها من مدينة رفح الواقعة على الطرف الجنوبي لقطاع غزة والتي أصبحت مركز القتال في الأسابيع الأخيرة: «آمل أن يضغط العالم لوقف الحرب؛ لأننا نموت بكل معنى الكلمة».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، صباح الأحد، عن «هدنة تكتيكية» يومية من الساعة الثامنة صباحاً حتى السابعة مساء «حتى إشعار آخر»، في المنطقة الممتدة من معبر كرم أبو سالم جنوب إسرائيل حتى طريق صلاح الدين، ومن ثم شمالاً.

وقال في بيان إنه تقررت «زيادة حجم المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة» بعد نقاشات مع الأمم المتحدة خصوصاً.

وأفاد صحافيو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد، بهدوء في شمال ووسط قطاع غزة، مع عدم تسجيل قصف وقتال. لكنهم قالوا إن مدينة رفح شهدت إطلاق نار وغارات.

من جانبه، أكد الجيش الإسرائيلي أنه «ليس هناك وقف للأعمال العدائية في جنوب قطاع غزة». وأتاح توقف إطلاق النار لحظة هدوء في هذا العيد الذي يحتفل به المسلمون في جميع أنحاء العالم.

فلسطينيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في «المسجد العمري الكبير» بغزة (أ.ف.ب)

وتجمع عدد كبير من المصلين في باحة «المسجد العمري» بمدينة غزة؛ المتضرر بشدة من القصف الإسرائيلي.

«غريب»

يقول هيثم الغورة (30 عاماً) من مدينة غزة: «منذ الصباح نشعر بهدوء مفاجئ، دون إطلاق نار أو قصف (...)، أمر غريب»، آملاً أن يكون ذلك بشيراً باقتراب وقف دائم لإطلاق النار.

يأتي ذلك فيما بدأت آمال التوصل إلى هدنة تتلاشى بسبب الشروط المتباعدة لإسرائيل وحركة «حماس»، منذ إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن في نهاية مايو (أيار) عن مقترح لوقف إطلاق النار.

في مدينة غزة، وقف صبي صغير، السبت، يبيع مزيلات العرق والعطور وغيرها من المنتجات، وأنقاض المباني في الخلفية، بينما كان بائعون آخرون يحمون أنفسهم من أشعة الشمس الحارقة بمظلات... أما الزبائن؛ فنادرون.

فلسطينيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في «المسجد العمري الكبير» بغزة (أ.ف.ب)

ويؤكد سكان القطاع أن توقف القتال لن يعيد أبداً ما فقدوه. في جباليا؛ حيث دارت معارك ضارية بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي «حماس»، تقول أم محمد القطري: «هذا العيد مختلف تماماً. لقد فقدنا كثيراً من الناس. هناك كثير من الدمار. ليست لدينا تلك الفرحة التي نحظى بها عادةً في كل عيد».

اندلعت الحرب في أعقاب هجوم غير مسبوق نفّذته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أسفر عن مقتل 1194 شخصاً؛ وفقاً لتعداد أجرته «وكالة الصحافة الفرنسية» بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية.

رداً على ذلك، شن الجيش الإسرائيلي هجوماً واسع النطاق في غزة خلف 37 ألفاً و337 قتيلاً، وفقاً لبيانات وزارة الصحة في غزة.

تقول هناء أبو جزر؛ البالغة 11 عاماً والنازحة من غزة إلى خان يونس: «نرى الاحتلال (الإسرائيلي) يقتل الأطفال والنساء والشيوخ»، مضيفة: «كيف يمكننا أن نحتفل؟».


مقالات ذات صلة

إردوغان: تركيا جاهزة للمساعدة في وقف إطلاق النار في غزة بكل الطرق

المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الأربعاء (الرئاسة التركية)

إردوغان: تركيا جاهزة للمساعدة في وقف إطلاق النار في غزة بكل الطرق

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استعداد بلاده للمساعدة بأي طريقة ممكنة للتوصل لوقف إطلاق نار دائم في غزة، كما عبَّر عن ترحيبها باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي خلال لقاء سابق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال قمة في القاهرة 27 ديسمبر 2023 (رويترز)

الرئيس المصري وملك الأردن يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم الأربعاء، ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ فلسطينيون يبكون أمام جثث أقاربهم الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بغزة قبل تشييع جنازتهم (د.ب.أ)

بايدن: أميركا تبذل جهداً آخر للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستبذل جهداً آخر مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل وآخرين للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (رويترز)

كاتس: إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة هو الهدف الأبرز بعد وقف النار بلبنان

قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن الهدف الأبرز لتل أبيب بعد وقف إطلاق النار في لبنان يتمثل بصفقة جديدة للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

لماذا يشكل الحفاظ على الهدنة بين إسرائيل و«حزب الله» تحدياً كبيراً لبايدن وترمب؟

بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)
بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

لماذا يشكل الحفاظ على الهدنة بين إسرائيل و«حزب الله» تحدياً كبيراً لبايدن وترمب؟

بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)
بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)

وصف موقع «أكسيوس» الأميركي وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني بالإنجاز الدبلوماسي صعب المنال، لكنه قال إن منع انهياره قد يكون أكثر صعوبة، في النهاية.

وأضاف أن الولايات المتحدة ستُكلّف بالحفاظ على الهدوء على طول واحدة من أكثر الحدود تقلباً في الشرق الأوسط، بين إسرائيل ولبنان، أثناء انتقال الرئاسة وفي خِضم أزمة إقليمية أوسع نطاقاً لم تنتهِ بعد.

وتطلّب الاتفاق شهوراً من المفاوضات المعقدة، والتي شارك فيها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب وفريقه الذين سيرثون الاتفاق في الأيام الأخيرة.

وإذا نجح، فإن الاتفاق سيُنهي عاماً من إراقة الدماء، ويسمح لمئات الآلاف من الأشخاص على جانبي الحدود بالعودة إلى ديارهم.

لكن الاتفاق يمنح الولايات المتحدة المهامّ الشاقة المتمثلة في مراقبة الانتهاكات، وربما كبح جماح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تعهّد، حتى قبل الانتهاء من الاتفاق، بالتخلي عنه إذا تجاوز «حزب الله» أحد الخطوط الحمراء الكثيرة.

ولفت الموقع إلى أنه بعد يوم واحد من إعلان مبادرة وقف إطلاق النار الأميركية الفرنسية في سبتمبر (أيلول) الماضي، فاجأت إسرائيل البيت الأبيض والعالم باغتيال زعيم «حزب الله» الراحل حسن نصر الله.

وبينما لم يذرف الرئيس الأميركي جو بايدن وكبار مستشاريه أي دموع على وفاة نصر الله، فإن قرار نتنياهو إبقاء بايدن دون علم خَلَق توترات، كما قال مسؤولون أميركيون لـ«أكسيوس».

لكن بحلول منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بدأ كبير مستشاري بايدن أموس هوكستين العمل مع كل من إسرائيل ولبنان لصياغة معايير اتفاق وقف إطلاق النار.

وفي 31 أكتوبر، قبل أيام قليلة من الانتخابات الأميركية، سافر هوكستين إلى إسرائيل، والتقى نتنياهو الذي قال له، وفقاً لمسؤول أميركي حضر الاجتماع: «أعتقد أن هناك فرصة».

وقال المسؤول الأميركي: «لقد رأينا في ذلك الوقت تغييراً في الموقف وتوافقاً في كل من إسرائيل ولبنان بشأن التوصل إلى وقف إطلاق النار».

وبعد خمسة أيام من الانتخابات، التقى رون ديرمر، المقرَّب من نتنياهو، ترمب في منتجعه مار إيه لاغو.

وقال مصدران مطّلعان على المحادثة إن ديرمر أخبر ترمب بمفاوضات لبنان أثناء سيرهما معاً في ملعب ترمب للغولف.

ولم يُبدِ ترمب أي اعتراضات، بل أشار إلى دعمه عمل نتنياهو مع بايدن للتوصل إلى اتفاق قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وناقش ديرمر اتفاق لبنان على مدار اليومين التاليين مع أموس هوكستين، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، وكبير مستشاري بايدن في الشرق الأوسط بريت ماكغورك.

وفي تلك المرحلة، رأى هوكستين «ضوءاً في نهاية النفق»، وقرر إطلاع فريق الأمن القومي لترمب على احتمال التوصل إلى اتفاق في غضون أيام، وفقاً لمسؤول أميركي.

وكانت إحدى نقاط الخلاف الكبيرة الأخيرة هي ما إذا كانت إسرائيل ستتمتع بالحق في الرد على انتهاكات «حزب الله».

ونصحت فرنسا القادة اللبنانيين بعدم قبول هذا البند؛ لأنه سيكون انتهاكاً لسيادة لبنان، وفقاً للمسؤول الأميركي، الذي قال، لـ«أكسيوس»: «لديه القدرة على إفشال الصفقة بأكملها».

وقال المسؤول إن وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن سحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جانباً، في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وأخبره بأن الموقف الفرنسي يُعرّض الصفقة للخطر. وفي هذا اللقاء القصير وافق ماكرون على أن تتوقف فرنسا عن توصيل هذه الرسالة إلى لبنان.

ونفى مسؤول فرنسي ذلك.

وابتداءً من يوم الخميس الماضي، كانت الصفقة مكتملة تقريباً، لكن بينما كان أموس هوكستين يلتقي نتنياهو، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال ضده.

وكان نتنياهو غاضباً، خاصة بعد أن قالت فرنسا إنها ستنفّذ مذكرة الاعتقال، وانشغل تماماً بمفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان.

واستغرق الأمر ثلاثة أيام أخرى، ووساطة بايدن بين نتنياهو وماكرون، وتهديداً من أموس هوكستين بالانسحاب قبل أن تعود المفاوضات إلى مسارها الصحيح.

وجرى التوصل إلى اتفاق، مساء الأحد، ووافق عليه مجلس الوزراء الإسرائيلي بعد 36 ساعة.

وفي يوم الاثنين، قدَّم هوكستين إحاطة ثانية لفريق ترمب، وأخبرهم بالالتزامات التي تعهدت بها الولايات المتحدة بوصفها جزءاً من الاتفاق - بشكل أساسي الإشراف على آلية المراقبة، وتوجيه قدرة إسرائيل على الاستجابة للانتهاكات.

وقال مسؤول أميركي: «اتفق فريق ترمب على أن هذا أمر جيد لإسرائيل ولبنان وللأمن القومي للولايات المتحدة، وأن القيام بذلك الآن وليس لاحقاً سينقذ الأرواح».

رجل يلوِّح بعَلم لبنان وهو يقف وسط أنقاض مبنى دمره القصف الإسرائيلي في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار (رويترز)

وادعى مسؤول انتقالي في إدارة ترمب أن «حزب الله» وافق على الصفقة بعد فوز ترمب، لأنه كان يعلم أن شروط الصفقة لن تصبح أكثر صرامة في عهد ترمب.

ويقول المسؤولون الأميركيون إن الخطوة التالية هي أن ينتقل الجيش اللبناني إلى جنوب لبنان، وهي المنطقة التي تفوّق فيها «حزب الله» تاريخياً، وضمان تحركه شمالاً، وإزالة أي أسلحة ثقيلة متبقية.

وفشل الجيش اللبناني في تنفيذ اتفاق مماثل بعد حرب 2006 بين إسرائيل و«حزب الله».

وزعم مسؤول أميركي أن الجيش اللبناني، هذه المرة، في وضع أقوى.

وبينما لن تكون هناك قوات أميركية على الأرض في جنوب لبنان، فإن الضباط العسكريين الأميركيين سيعملون من السفارة في بيروت، بالتنسيق مع المسؤولين الفرنسيين والإسرائيليين واللبنانيين والأمم المتحدة. وسوف يتلقون الشكاوى ويعالجون الانتهاكات.

والاتفاق يمنح إسرائيل ترخيصاً للرد على التهديدات الأمنية المباشرة من الأراضي اللبنانية، لكن المسؤولين الأميركيين يأملون أن يخفف نظام المراقبة من الحاجة إلى القيام بذلك.

وقال مسؤول أميركي: «نريد أن تكون لدينا رسائل فورية للتأكد من أنه كلما كان هناك انتهاك خطير، يجري التعامل معه على الفور، وإذا لم يجرِ التعامل معه وتطوَّر إلى تهديد مباشر، فسيتعيّن على إسرائيل معالجته».

وفي غضون ثمانية أسابيع، سيكون اتفاق هذه الهدنة الهشة على عاتق ترمب، وفقاً لـ«أكسيوس».