قمة البحر الميت: لزيادة المساعدات لغزة ودعم وقف إطلاق النار وقرار مجلس الأمن

الأردن يحذر من خطورة الوضع في الضفة الغربية... ومصر تحمل إسرائيل عواقب حربها التدميرية للقطاع

صورة للمنصة الرئيسية للمؤتمر (رويتر)
صورة للمنصة الرئيسية للمؤتمر (رويتر)
TT

قمة البحر الميت: لزيادة المساعدات لغزة ودعم وقف إطلاق النار وقرار مجلس الأمن

صورة للمنصة الرئيسية للمؤتمر (رويتر)
صورة للمنصة الرئيسية للمؤتمر (رويتر)

دعا القادة المشاركون في «قمة الاستجابة للأزمة الإنسانية في غزة» التي استضافها الأردن في منطقة البحر الميت، الثلاثاء، إلى تيسير دخول المساعدات بكميات أكبر إلى القطاع الذي دمرته الحرب، و«إرساء وقف فوري ودائم لإطلاق النار يحظى بالاحترام الكامل، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن وجميع المدنيين المحتجزين بشكل غير قانوني».

وشدّد البيان الختامي للمؤتمر على إنهاء العملية المستمرة في رفح، وتنفيذ التدابير المؤقتة التي أشارت إليها محكمة العدل الدولية، وضمان الاحترام الكامل للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والسماح وتسهيل وتمكين الوصول الفوري والآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية بالكمية والجودة المطلوبين، على نطاق واسع، إلى غزة وفي جميع أنحائها، وضمان الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة للفلسطينيين المهجرين في قطاع غزة، وتوفير الدعم اللازم والتمويل المستدام والشفاف وطويل الأجل لتمكين «الأونروا» من القيام بواجباتها حسب تكليفها الأممي، ومواصلة أنشطتها وخدماتها الأساسية والحيوية للشعب الفلسطيني في غزة، وجميع مناطق عملها، بما في ذلك من خلال أنشطة التعافي المبكر.

كما دعا البيان إلى «تكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، وإطلاق مسار ذي مصداقية لا رجعة فيه لتنفيذ حلّ الدولتين، يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة المتصلة جغرافياً والقابلة للحياة وذات السيادة، بما يتماشى مع المعايير المتفق عليها على خطوط (4 حزيران 1967)، لتعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في أمن وسلام، على أساس قرارات (الأمم المتحدة) ذات الصلة والاتفاقيات السابقة والقانون الدولي».

وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أكد مواصلة بلاده إرسال المساعدات إلى قطاع غزة عن طريق البر، رغم العوائق، ومواصلة عمليات الإنزال الجوي. وعدّ الملك عبد الله الثاني في كلمته بالجلسة الرئيسية في مؤتمر «الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة» أن بدء العملية العسكرية في رفح أدى إلى تفاقم الوضع المتردي، بعد تهجير ما يقارب المليون من سكان غزة قسراً مرة أخرى، وحرمانهم من الوصول إلى الغذاء والماء والمأوى والدواء»، مضيفاً: «حتى أولئك الذين نزحوا مراراً وتكراراً بحثاً عن الأمان، يتم استهدافهم، لا يوجد لهم مكان آمن».

ودعا عبد الله الثاني المجتمع الدولي إلى «التركيز المباشر على الحاجة إلى آلية قوية للتنسيق تشمل جميع الأطراف». وقال: «إن فضّ الاشتباك بشكل مؤثر وشامل بين الجهات الفاعلة على الأرض أمر أساسي لضمان قدرة وكالات الإغاثة على العمل والتنظيم وأداء واجباتها بأمان وبشكل كافٍ ومستدام».

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (د.ب.أ)

وأضاف أن «الممر البري هو الطريقة الأكثر فاعلية لتدفق المساعدات إلى غزة، وهناك حاجة ماسة للموارد الدولية للتركيز على ذلك بشكل عاجل. ويجب أن نكون مستعدين الآن لنشر عدد كافٍ من الشاحنات لتوصيل المساعدات بشكل يومي، وهناك حاجة إلى مئات الشاحنات داخل غزة، ومزيد من المساعدات لضمان تدفقها المستمر بشكل فاعل عبر الطرق البرية إلى غزة، ولا يمكننا أن ننتظر شهوراً لحشد هذه الموارد، فما لدينا اليوم هو ببساطة بعيد كل البعد عما نحتاجه».

وفيما حذّر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من أنه «دون تحرك من جانب جميع الحاضرين، فإن التوترات في الضفة الغربية يمكن أن تتفاقم إلى صراع أوسع، من شأنه أن يترك أثراً مدمراً على المنطقة»، لفت إلى أن «بلاده قامت بالفعل بإرسال المساعدات إلى الضفة الغربية منذ أشهر لدعم الفلسطينيين في هذه الظروف الصعبة».

وشارك في مؤتمر «الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة» أكثر من «90» دولة، بحضور زعماء دول ورؤساء حكومات، في تظاهرة قد تكون هي الكبرى تحت مظلة «الاستجابة الإنسانية العاجلة» لقطاع غزة الذي ما زال يتعرض لحرب تدمير وإبادة تشنّها إسرائيل.

وفيما تمثل منطقة البحر الميت النقطة الأقرب إلى فلسطين، وهي الضفة المقابلة لمنطقة أريحا، وبالقرب منها نقاط الجسور لحركة المسافرين بين البلدين، فإن المراقبين عدّوا أن التظاهرة الدولية التي شهدتها قاعة قصر المؤتمرات المطلة على الجانب الفلسطيني، تضع إسرائيل في وضع حرج، يفرض عليها نطاقاً واسعاً من العزلة، وضغطاً متزايداً عليها من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار، ووضع حدّ لحرب الإبادة التي يتعرض المدنيون في قطاع غزة.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (إ.ب.أ)

وإذ تزامنت ساعات عقد المؤتمر مع أصداء تبنى مجلس الأمن القرار رقم «2735» الذي يدعم التوصل إلى اتفاق للوقف الشامل لإطلاق النار، وصفقة للتبادل، بما يضمن وصول المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة لجميع أنحاء القطاع، ورفض القرار لمحاولات فرض تغيير ديموغرافي أو جغرافي في قطاع غزة، وإعادة التأكيد على الالتزام بحلّ الدولتين سبيلاً لتحقيق السلام، فإن الحشد الدولي الذي اجتمع في منطقة البحر الميت من شأنه تحقيق أهداف تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، وضمان تدفقها، وألا تخضع المسألة لأي مساومات سياسية يفرضها طرف من طرفي الصراع في الحرب المشتعلة.

ما سبق يحمل في طياته بحسب مراقبين «قطعاً للطريق على إسرائيل لدى محاولتها الاستمرار في حصار قطاع غزة، ووضع الضرورات الإنسانية لسكان القطاع على طاولة أي مفاوضات تبحث عنها إسرائيل، لحظة وقف الحرب، فالحاجة الماسة اليوم - بحسب المراقبين - هي ضمان مرور المساعدات المستدامة، وألا يتحول قطاع غزة لرقعة جغرافية يسكنها اليائسون، الذين من السهل دفعهم نحو التطرف إزاء مواجهتهم ظروف الفقر وغياب فرص العمل، والمدة التي قد تتطلبها إعادة إعمار البنى التحتية للقطاع، واستئناف تأمين الخدمات الصحية والتعليمية ومتطلبات إدامة الحياة للسكان».

الرئيس الفلسطيني في المؤتمر (رويترز)

في حسابات الأردن، إن استمرار الحرب على غزة، وتفاقم الأوضاع الكارثية التي يعيشها المدنيون، سيساهمان بشكل كبير في تفجير الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، التي وصفها العاهل الأردني بـ«المتردية»، بدلالات استشهاد وإصابة مئات الأطفال، واستمرار اعتداءات المستوطنين، وتوسيع المستوطنات، والعقوبات الاقتصادية، والقيود على الحركة، والانتهاكات في الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس. ومن هذه الزاوية، فإن الانعكاسات المباشرة ستشكل تهديداً مضاعفاً على الأمن الأردني.

خطابات ومواقف

في جلسة الافتتاح، تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تنبيه بلاده المبّكر «من خطورة الحرب على غزة وتداعيات العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح التي أدت إلى وضع يعوق التدفقات الإغاثية»، داعياً إلى تنفيذ 4 أولويات تمثل خطوات فعالة، «من تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأزمة في غزة، بما فيها قرار مجلس الأمن رقم 2735 الصادر بالأمس، وإلزام إسرائيل بإنهاء الحصار والتوقف عن استخدام سلاح التجويع وتوفير الدعم اللازم لوكالة الغوث، وتوفير الظروف اللازمة للعودة الفورية للنازحين الفلسطينيين في القطاع إلى مناطق سكناهم»، معتبراً أن الحلول العسكرية والأمنية لن تجلب إلا مزيداً من «الاضطراب إلى المنطقة»، ومؤكداً على «أهمية منح الشعب الفلسطيني حقه المشروع في إقامة دولة قابلة للحياة». مطالباً المجتمع الدولي بـ«إلزام إسرائيل بالتوقف عن استخدام الجوع كسلاح في غزة وإزالة العراقيل أمام إيصال المساعدات الإنسانية»، معتبراً أن إسرائيل «هي المسؤولة عما يعيشه قطاع غزة من أزمة إنسانية غير مسبوقة»، وأن الحرب هي «نتاج متعمد لحرب انتقامية تدميرية ضد القطاع».

كما تحدث في الجلسة الافتتاحية الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» أنطونيو غوتيريش، معتبراً «أن المجازر وأعمال القتل المرتكبة في غزة من حيث سرعتها وحجمها ووتيرتها لا تضاهي أي أعمال ارتكبت خلال السنوات التي قضيتها أميناً عاماً»، مشيراً إلى إجبار ما لا يقل عن 1.7 مليون شخص على النزوح لعدة مرات، وحاجة أكثر من 50 ألف طفل إلى العلاج من سوء التغذية الحاد.

الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» والعاهل الأردني (رويترز)

ونوّه غوتيريش إلى أن تدفق المساعدات الإنسانية انخفض بمقدار الثلثين، مؤكداً على ضرورة «وقف إطلاق النار والإفراج غير المشروط عن الرهائن»، ومرحباً بما وصفه «بمبادرة السلام» للرئيس بايدن، وفتح جميع الطرق المتاحة المؤدية إلى غزة، وتمكين المدنيين من البحث عن ملاجئ آمنة، وقال: «أدعو العالم إلى الوقوف صفاً واحداً من أجل حماية (الأونروا) في مواجهة هجمات شائنة لا هوادة فيها».

وفيما كشف أن مليون طفل فلسطيني في غزة يعانون من صدمات شديدة، كشف أيضاً عن تضرر نحو 60 في المائة من المباني في غزة وما لا يقل عن 80 في المائة من المرافق التجارية جراء القصف الإسرائيلي، وتحول مرافق المؤسسات التعليمية والصحية إلى أنقاض.

المؤتمر افتتح بـ3 مجموعات عمل مغلقة، الأولى ناقشت توفير المساعدات الإنسانية لغزة لتلبية حجم الاحتياجات، والثانية تجاوز التحديات التي تواجه توزيع المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في غزة، والثالثة ناقشت أولويات التعافي المبكر في القطاع. وكان من المتحدثين في الجلسات وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ووكيل الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، وفيليب لازاريني وكيل الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» والمفوض العام لوكالة «الأونروا».

ولخّص وكيل الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، مخرجات الجلسات المغلقة بإعلانه توفير 2.5 مليار دولار أميركي لتقديم المساعدات لشعب غزة في الفترة من أبريل (نيسان) حتى ديسمبر (كانون الأول) 2024، ما يساهم في توفير 930 مليون دولار للغذاء والتغذية، و400 مليون دولار للصحة والدواء، و700 مليون دولار للمأوى والصرف الصحي.

كما تحدث عن تقديرات أردنية مصرية بقيمة 300 مليون دولار أميركي شهرياً للسلع الأساسية لسكان غزة، وأن البلدين اقترحا تقديرات إضافية بقيمة 220 مليون دولار، و500 مليون دولار، على التوالي لتوفير القدرة المثلى على تدفق المساعدات من كل طريق، بما في ذلك التخزين والدعم اللوجستي والاحتياجات الأساسية الأخرى.

وزير الخارجية الأميركي في المؤتمر (أ.ب)

ووصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المؤتمر الدولي، متأخراً نحو ساعة، ليعلن في كلمة ألقاها عن حزمة مساعدات جديدة للأراضي الفلسطينية بمقدار 400 مليون دولار أميركي. وشدّد على أنه «في انتظار التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل و(حماس)، وليس هناك وقت نضيعه لمساعدة سكان غزة». وأعلن أن الولايات المتحدة ستقدم أكثر من 400 مليون دولار كمساعدات جديدة. من جهته، أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أن بلاده ستقدم 16 مليون يورو». وقال الرئيس الإندونيسي المنتخب، برابوو سوبيانتو، إن إندونيسيا «مستعدة لإرسال فرق طبية ومستشفى ميداني وسفينة مستشفى إلى غزة»، قائلاً إنها تستطيع إجلاء 1000 شخص ممن هم بحاجة إلى علاج طبي.

من جانبه، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس: «تبقى مسؤولية مجلس الأمن وأطراف المجتمع الدولي كافة كبيرة في الضغط على إسرائيل، من أجل فتح جميع المعابر البرية، وتسليمها للحكومة (الفلسطينية) الجديدة». وأضاف: «فوق كل ذلك وقبله، لا بد من مواصلة بذل الجهود لوقف إطلاق النار بشكل فوري ودائم، وانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، لفتح المجال لقيام دولة فلسطين واستلامها مهامها كاملة».


مقالات ذات صلة

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

المشرق العربي فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة) في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي طائرة مسيرة أطلقها «حزب الله» اللبناني في إحدى عملياته (لقطة من فيديو)

«حزب الله» يستهدف قوة إسرائيلية شمال ثكنة «يفتاح» بالمسيرات

أعلن «حزب الله» اللبناني أن عناصره استهدفوا قوة مدرعات إسرائيلية تمركزت مؤخرا شمال ثكنة «يفتاح» الإسرائيلية بالمسيرات الانقضاضية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة سبق أن وزعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

عاد «حزب الله» ليهدد باستهداف حقول الغاز في إسرائيل في حال قررت الأخيرة توسعة الحرب على لبنان، بعدما بلغت الضغوط والتهديدات من قبل الطرفين مراحل غير مسبوقة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

قبل أن ينهي رئيس الوزراء الإسرائيلي زيارته لواشنطن أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجيش أبلغ القيادة السياسية «باكتمال الاستعدادات لإجراء مناورة برية كبيرة».

يوسف دياب

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
TT

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

في مسعى جديد لإقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، وإنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة)، في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية». وأعد لـ«اجتماع روما الرباعي» خبراء ضمن زخم يتصاعد وحراك مكثف في مسار المفاوضات يشي بإمكانية أن يكون هناك جديد في مستقبل مفاوضات الهدنة.

ويتوقع الخبراء أن يكون اجتماع روما «إجرائياً» ويناقش «الخلافات» التي من بينها كيفية عودة النازحين وفتح معبر رفح الحدودي؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة الممتدة إلى 42 يوماً، من بين 3 مراحل تضمنها مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو (أيار) الماضي، لوقف إطلاق النار في غزة.

ويجتمع الأحد مسؤولون من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل في روما، في «إطار استمرار جهود الوسطاء للوصول لاتفاق هدنة بقطاع غزة»، حسب ما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن مصدر مصري وصفته بـ«رفيع المستوى». ويبحث الوفد الأمني المصري تطورات مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وفق المصدر ذاته، الذي أكد تمسك مصر بضرورة الوصول لصيغة تحمل 4 بنود؛ هي: «وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان حرية حركة المواطنين في القطاع، والانسحاب الكامل من منفذ رفح».

مشيعون يُصلّون على أشخاص قتلوا في غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

بلينكن والحراك المكثف

ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن «اجتماع روما» سيكون بمشاركة مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير الموساد، ديفيد بارنياع.

تلك التطورات تشي بـ«حراك مكثف» في طريق المفاوضات قد يؤدي إلى نتيجة، أو يعود إلى سلسلة جديدة من الجولات من دون الوصول لاتفاق، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وفق ما قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط».

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت، خلال اجتماع رابطة «آسيان» في فينتيان، إن واشنطن «تعمل يومياً بشكل حثيث» للوصول إلى اتفاق هدنة، بعد مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لواشنطن، تنفيذ الاتفاق في أقرب وقت ممكن ووقف الحرب، وذلك قبيل الإعلان عن عقد اجتماع بروما.

شكوك في النجاح

وإزاء توالي المواقف الأميركية الضاغطة بشكل أكبر، سواء من بايدن أو هاريس ثم اجتماع روما، يأمل الكثيرون أن يقود هذا الزخم الكبير، إلى اتفاق هدنة جديدة، شريطة أن تكون هناك رغبة إسرائيلية حقيقة في التوصل إلى اتفاق، وفق الخبير في العلاقات الدولية عمرو الشوبكي.

ولا يُتوقع أن يتضمن اجتماع روما «مفاوضات مفصلة حول الفجوات المتبقية، لكنه سيركز بشكل أساسي على الاستراتيجية للمضي قدمًا»، وفقاً لما نقله موقع «أكسيوس» عن مصدر مطلع. وقال المصدر «لم يكن المفاوضون الإسرائيليون متفائلين بأن الاجتماع في روما سيؤدي إلى انفراجة، وشككوا في أن ضغوط بايدن على نتنياهو قد أقنعته بتخفيف بعض مطالبه الصعبة الجديدة في الاقتراح الإسرائيلي المحدث»، في إشارة لما ذكره، الجمعة، مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان لـ«رويترز» عن سعي إسرائيل إلى «إدخال تعديلات قد تعقّد التوصل إلى اتفاق».

وكانت أهم التعديلات، وفق حديث المصادر الأربعة، بند يتمثل في «مطالبة إسرائيلية بفحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع، خشية أن يكون من بينهم مسلحون من حماس أو متعاطفون مع الحركة»، وهو ما ترفضه حماس. وبند آخر تمثل في «احتفاظ الجانب الإسرائيلي بالسيطرة على حدود غزة مع مصر»، وهو ما ترفضه القاهرة بوصفه «يتجاوز أي إطار لاتفاق نهائي ترضى به الأطراف».

فلسطينيون يجلسون بجوار مبنى دمره القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

الانسحاب الكامل من غزة

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصدر قيادي فلسطيني لم تسمه، السبت، أن «حماس» لا تزال على موقفها بضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، بما فيه ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، وعدم قبول أي صيغة جديدة لا تتضمن نصاً واضحاً على وقف إطلاق النار.

وإذا لم يتجاوز اجتماع روما عقبات الحكومة الإسرائيلية وشروطها الجديدة، فإن عملية تفاوض ستكون صعبة جداً، وفق تقدير رخا أحمد حسن، متوقعاً ألا يتجاوب نتنياهو مع الموقف المصري - الذي سيضع مطالب القاهرة الـ4 على الطاولة في اجتماع روما - أملاً في إطالة أمد التفاوض لما بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية، رغم أن إسرائيل حققت قدراً من أهدافها العسكرية، لكنها تريد المزيد على صعيد الجانب السياسي.

كما يتوقع أن يبحث اجتماع روما نقاط الخلاف في الاتفاق، مثل الانسحاب الإسرائيلي من داخل المدن، واستمرار إسرائيل في السيطرة على معبر رفح وتفتيش النازحين، ودور «حماس» بعد الحرب، بجانب نقاط فرعية مثل أعداد الأسرى.

نصب فلسطينيون خيماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من المعارك العنيفة في غزة (د.ب.أ)

ويعتقد عمرو الشوبكي أن «المطالب المصرية سوف تنفذ حال الوصول إلى اتفاق، كونها بعضا من كل، ودون ذلك سيماطل نتنياهو ويواصل كسب الوقت». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذه المرة الزخم كبير» نحو إقرار هدنة في غزة، وبالتالي فرصة إبرام اتفاق وتحقيق انفراجة قائمة، لكن «نتعامل معها بحذر» في ضوء تكرر تلك المؤشرات مع مسارات تفاوضية سابقة دون الوصول إلى صفقة جادة وحقيقية.