واشنطن تطالب «حماس» بتجاوب «ميداني» مع قرار وقف الحرب في غزة

ترحيب سعودي وعربي وعالمي بدعم مجلس الأمن لخطة السلام الأميركية

طفلة فلسطينية تمشي وسط الدمار في خان يونس (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تمشي وسط الدمار في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تطالب «حماس» بتجاوب «ميداني» مع قرار وقف الحرب في غزة

طفلة فلسطينية تمشي وسط الدمار في خان يونس (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تمشي وسط الدمار في خان يونس (أ.ف.ب)

غداة إصدار مجلس الأمن القرار 2735 الذي ينادي بوقف الحرب المتواصلة منذ ثمانية أشهر وإطلاق الرهائن في غزة، توالت المواقف الدولية والعربية المرحبة بالجهود المتضافرة نحو التسوية. ورأى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن «علامة أمل» في ترحيب «حماس» بالقرار، لكنه آثر انتظار موقف القادة الميدانيين للحركة في القطاع، مؤكداً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقبل بالمقترحات الأميركية.

وكان القرار 2735 الذي أعدته الولايات المتحدة ووافق عليه مجلس الأمن الثلاثاء بغالبية 14 صوتاً وامتناع روسيا عن التصويت، بمثابة مصادقة على خطة ثلاثية المراحل، التي أعلنها الرئيس جو بايدن في نهاية مايو (أيار) الماضي بغية وقف الحرب في غزة وإطلاق الرهائن، وتوصيل المساعدات، وإعادة الإعمار في غزة. وحظي القرار بمواقف تأييد واسعة النطاق عربياً ودولياً، جاء أبرزها من المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، وكذلك من الاتحاد الأوروبي والصين، وسط تشكيك من روسيا بصدقية إسرائيل.

وتعليقاً على خطوة مجلس الأمن وبعد اجتماعاته مع المسؤولين الإسرائيليين، قال بلينكن إن التصويت «أوضح بأكبر قدر ممكن أن هذا ما يريده العالم»؛ دعماً للخطة الأميركية، موضحاً أن «أصوات الجميع موجودة، باستثناء صوت واحد، وهو صوت (حماس)».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مصرحاً بعد اجتماعه مع ذوي الرهائن الإسرائيليين في تل أبيب (أ.ف.ب)

شخص واحد

وفي جولته الثامنة في الشرق الأوسط منذ بدء الحرب على أثر هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سعى كبير الدبلوماسيين الأميركيين إلى التركيز على زعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار، قائلاً إن مصير خطة وقف إطلاق النار المدعومة من الولايات المتحدة «يعود في الواقع إلى شخص واحد في هذه المرحلة». وإذ نسب إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تأكيده التزام الخطة الأميركية، تساءل بلينكن عما إذا كان قائد «حماس» في غزة سيعمل بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني من خلال قبول الصفقة. ورأى أن الحركة «تعتني بشخص واحد»، في إشارة إلى السنوار: «في حين أن الأشخاص الذين يدّعي أنه يمثلهم، لا يزالون يعانون تبادل إطلاق النار من صنع يديه».

وأكد القيادي في «حماس» سامي أبو زهري لوكالة «رويترز» أن الحركة «قبلت قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار والانسحاب وتبادل الأسرى، وجاهزة للتفاوض حول التفاصيل».

ولاحظ الناطق باسم «حماس» جهاد طه أن إسرائيل «لم تقدم موافقة أو التزامات واضحة بالتنفيذ الذي يؤدي إلى وقف العدوان».

وكانت الحركة أفادت في بيانها الأولي بأنها «ترحب بما تضمنه قرار مجلس الأمن من تأكيد الوقف الدائم لإطلاق النار في غزة، والانسحاب الكامل، وتبادل الأسرى، وإعادة الإعمار، وعودة المهجرين إلى مناطقهم»، مع «رفض أي تغيير أو تقليص ديموغرافي في مساحة قطاع غزة، وإيصال المساعدات اللازمة لأهلنا في القطاع».

تبعث على الأمل

ووصف بلينكن هذا البيان بأنه «علامة تبعث على الأمل»، لكنه أضاف أن ما يهم «هو كلمة قيادة (حماس) في غزة»، أي السنوار.

وهو التقى أيضاً الزعماء الإسرائيليين الذين لم يؤيدوا الاقتراحات الأميركية التي وصفها الرئيس بايدن بأنها «عرض إسرائيلي»، علماً بأن المسؤولين الإسرائيليين لم يعلنوا أنهم سيلتزمون الاتفاق إذا قبلته «حماس». وكرر نتنياهو أنه لن يقبل أي اتفاق ينهي الحرب قبل تدمير قدرات «حماس» العسكرية وحكمها في القطاع، حتى مع تشكيك الخبراء حول إمكانية تحقيق هذه الأهداف.

وهو بذلك ردد ما أعلنته المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد فور تبني القرار، إذ قالت: «اليوم صوّتنا من أجل السلام... اليوم بعث هذا المجلس برسالة واضحة إلى (حماس): اقبلوا اتفاق وقف النار الموجود على الطاولة. وافقت إسرائيل على هذا الاتفاق ويمكن أن يتوقف القتال اليوم إذا فعلت (حماس) الشيء نفسه».

وإلى جانب وقف النار الفوري، تدعو المرحلة الأولى من الاتفاق المكون من ثلاث مراحل إلى إطلاق الرهائن المحتجزين في غزة مقابل إطلاق عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وعودة النازحين إلى منازلهم في كل أنحاء غزة، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من المناطق الآهلة بالسكان. وتنص المرحلة الثانية على وقف دائم لإطلاق النار بموافقة الطرفين. وتتألف المرحلة الثالثة من خطة إعادة إعمار متعددة السنوات لغزة، وإعادة رفات الرهائن المتوفين.

ترحيب سعودي وعربي ودولي

إلى ذلك، توالت ردود الفعل عربياً ودولياً المرحبة بالقرار 2735، وأعلنت وزارة الخارجية السعودية ترحيب المملكة بالقرار، داعية إلى إتمام صفقة لتبادل الرهائن والعودة للمفاوضات السياسية وصولاً إلى حلول مستدامة للأزمة في غزة «تنهي المعاناة الإنسانية في القطاع». وشدّدت في بيان على تأكيد المملكة على «أهمية التزام أطراف الأزمة كافة بإنهاء الحرب التي طال أمدها، مجددة دعمها التام للجهود الدولية كافة للوصول إلى وقف مستدام لإطلاق النار وحل القضية الفلسطينية؛ وفقا للقرارات الدولية، وبما يسهم في استقرار المنطقة، ويدعم تحقيق الأمن والسلم الدوليين».

وقالت وزارة الخارجية الكويتية في بيان إنها «إذ تؤكد على أن اعتماد هذا القرار يعد خطوة محورية مهمة نحو وقف العدوان الإسرائيلي الممنهج على قطاع غزة والمدنيين الفلسطينيين فيه، لتدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته من أجل ضمان تنفيذ بنوده».

وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الأردنية سفيان القضاة أن عمّان ترحب بقرار مجلس الأمن الذي «يدعم التوصل إلى اتفاقٍ للوقف الشامل لإطلاق النار، وصفقة للتبادل، وبما يضمن وصول المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة لكل أنحاء قطاع غزة»، مشيداً بـ«رفض القرار لمحاولات فرض تغيير ديموغرافي أو جغرافي في القطاع، وإعادته تأكيد الالتزام بحل الدولتين كونه سبيلاً لتحقيق السلام».

ورحّب الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، في بيان، باعتماد قرار وقف النار في غزة، قائلاً إنه «سيسهم في وقف الأزمة في قطاع غزة، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم».

ورحّبت منظمة التعاون الإسلامي بالقرار 2735 لوقف النار فوراً في غزة، عادّةً أنه «يُشكل خطوة مهمة نحو تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه وقف جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي منذ ثمانية شهور بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة». ودعت إلى «تضافر الجهود وتحمل الجميع مسؤولياتهم من أجل ضمان البدء في تنفيذه فوراً».

وأكد البرلمان العربي «دعمه ومساندته للشعب الفلسطيني حتى ينال حقوقه غير القابلة للتصرف، بما فيها تقرير المصير، وعودة اللاجئين، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس»، مُنَوّهاً بالجهود العربية والدولية الداعية إلى «الوقف الفوري والعاجل للعدوان على غزة وحرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين».

وكذلك رحّب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن المشترك جوزيف بوريل بالقرار الأممي، داعياً إلى «تنفيذه فوراً»، مع القرارات 2712 و2720 و2728. وجدد دعم الاتحاد الأوروبي «الكامل لخريطة الطريق الشاملة التي قدمها الرئيس بايدن».

وكان المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة فو كونغ أكد إصرار بلاده على «ضرورة الوقف الدائم لإطلاق النار الذي يطالب به المجتمع الدولي»، مشدداً على أن «كل قرارات مجلس الأمن ملزمة قانوناً، وأن القرار الصادر ملزم بالقدر نفسه».


مقالات ذات صلة

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس، إنَّ بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (دهوك)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)
رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)
TT

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)
رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس، إنَّ بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل.

وأكد حسين، في كلمة خلال «منتدى الجامعة الأميركية» بدهوك في إقليم كردستان، أنَّ «القوات المسلحة تلقّت أوامر من رئيس الحكومة بمنع أي هجمات تنطلق من الأراضي العراقية»، وشدد على أن بلاده «لا تريد الحرب، وتسعى لإبعاد خطرها»، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية.

من جهته، قال رئيس البرلمان محمود المشهداني، إنَّ «ما يحدث اليوم في منطقة الشرق الأوسط يمكن تسميته المجالَ الحيوي للنكبة الثانية».

بدوره، حثّ الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، الدول الكبرى على بذل «جهود جادة لحل هذه القضايا وإنهاء الحروب». ودعا رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، إلى «إبعاد العراق عن الحرب».