الأسواق السورية قبل عيد الأضحى بين غليان الأسعار والأحوال الجوية

أحد التجار: «صرنا نبحث عن زبون لنلتقط معه صورة سيلفي للذكرى»

 العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)
العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)
TT

الأسواق السورية قبل عيد الأضحى بين غليان الأسعار والأحوال الجوية

 العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)
العاصمة السورية دمشق (أرشيفية - رويترز)

يخيم الضجر على أسواق العاصمة السورية دمشق رغم اقتراب عيد الأضحى... وما بين ارتفاع درجة حرارة الطقس، والارتفاع القياسي بأسعار مستلزمات العيد، يراقب أصحاب المحلات التجارية من خلف بضائعهم المكدسة، حركة الناس البطيئة في الشارع: « أين العيد؟» يسأل أحد باعة سوق الحريقة التاريخي باستنكار، ويقول: «كنا في مثل هذه الأيام لا ننام... اليوم نغلق المحلات عند الثامنة مساء... صرنا نبحث عن زبون لنلتقط معه صورة سيلفي للذكرى».

تعززت حالة الجمود بإزالة البسطات من الشوارع ضمن حملة واسعة منذ بداية الشهر الحالي لإزالة التعديات على الأملاك العامة؛ بهدف «الحفاظ على جمالية المدينة من التشوهات التي تسببها البسطات»، تمهيداً لإطلاق «الساحات التفاعلية»، المخصصة لذوي قتلى وجرحى القوات الحكومية، وفق ما أعلنته مديرة دوائر الخدمات في محافظة دمشق ريما جورية، في تصريح لإذاعة «شام إف إم المحلية».

صاحب محل ألبسة في «شارع الطلياني»، ورغم تأييده لفكرة إزالة البسطات والتشوهات، فإنه انتقد بشدة توقيت إطلاق الحملة بالتزامن مع مواسم الصيف والأعراس وعيد الأضحى وقدوم المغتربين. وبحسب تعبيره: «الفكرة صح والتنفيذ تخبيص وقطع أرزاق»، لافتاً إلى أن الأسواق تنتظر مواسم الصيف لتعوض الجمود الذي تشهده في مواسم الشتاء، كما أن البسطات تحرك السوق؛ كون البضائع المفرودة في الشارع تجتذب العدد الأكبر من المتسوقين وتحرك السوق، مؤكداً أن إزالة البسطات وجهت «ضربة قاسية ليس للفقراء من أصحاب البسطات وحسب، بل للأسواق عموماً»، مضيفاً: «في العيد الماضي، كان الزبائن الذين يسألون عن الأسعار ولا يشترون، أضعاف الذين يشترون، في هذا الموسم لم يعد يدخل إلينا لا من يشتري ولا من يسأل».

«العيد هم ثقيل» تقول سيدة لبائع حلي تقليدية في سوق الحميدية، تجهز لبناتها ملابس مع إكسسوار لحضور حفل عرس. وخلال تقليبها طويلاً في الحلي بحثاً عن الأرخص، لم يملّ البائع من التأكيد لها أن أسعاره جملة، وهي أقل بـ50 في المائة عن أسواق الصالحية وشارع الحمرا، لتعود السيدة إلى الشكوى بأن «ملبوس كل بنت كلفها بقرة جحا»، وهو مصطلح يقال في الشام للدلالة إلى الثمن الباهظ.

صحيفة (تشرين) الرسمية وصفت ارتفاع أسعار مستلزمات العيد، من ألبسة وحلويات هذا الموسم، بـ«القياسية». وقالت إنها «أحد أهم الأسباب التي أدت إلى ضعف الحركة الشرائية وتأخرها رغم دخول فترة التحضير للعيد».

وبحسب الأرقام التي أوردتها الصحيفة، فإن أسعار الألبسة سجلت ارتفاعاً قياسياً وصل إلى نحو الـ100 في المائة، مقارنة بالعام الماضي، ونسبة ارتفاع أسعار الحلويات تراوحت ما بين 50 و70 في المائة في الوقت الذي تتدنى فيه القدرة الشرائية لدى الغالبية من السوريين، وتصل إلى حد العدم.

ويكلف لباس طفل (بنطلون وبلوز وحذاء) مليون ليرة بالحد الأدنى، بينما تبدأ أسعار الفساتين من 500 ألف ليرة لتصل إلى مليون، أما فساتين السهرة والمناسبات فتبدأ بمليون وتصل لملايين عدّة. أما الحلويات، فالأدنى جودة يبلغ سعر الكيلو منه 50 ألف ليرة، والوسط 500 ألف ليرة، والجيد مليون ليرة، علماً بأن سعر صرف الدولار الأميركي الواحد يعادل 14800 ليرة، ومعدل الرواتب الشهرية بين 20 و30 دولاراً.

وبمناسبة العيد، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوماً بتقديم منحة مالية قدرها (300) ألف ليرة سورية (20 $) للعاملين (المدنيين والعسكريين) في الدولة والمتقاعدين، تصرف قبل العيد ومعفاة من الرسوم والضرائب، وفي تصريح لصحيفة «الوطن» المحلية قال وزير المالية كنان ياغي، إن الكتلة الإجمالية للمنحة تبلغ نحو 900 مليار ليرة ستصرف من الخزينة العامة للدولة.

ويعتمد غالبية السوريين خلال الأعياد على الحوالات المالية التي تصلهم من أقاربهم المغتربين، لكنها في عيد الأضحى تذهب معظم مبالغ التحويلات لشراء الأضاحي، والتي ارتفعت أسعارها بنسبة 80 في المائة عن العام الماضي، وصار يتراوح سعر الأضحية بين 5 و10 ملايين ليرة سورية، مرشحة للزيادة مع اقتراب العيد، حيث وصل سعر كيلو غرام الخروف الواقف إلى أكثر من 90 ألف ليرة.

وما بين غليان الأسعار وغليان حرارة الطقس، يخرج السوريون إلى الأسواق للتنزه مساءً، ومراقبة مرور العيد في شوارعهم، عن بعد.


مقالات ذات صلة

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

أوروبا 
وزير الخارجية الإيطالي (إ.ب.أ)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

أعلن وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، أمس، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعلها أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا 
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث إلى الرئيس السوري في زيارة غير مجدولة (أ.ف.ب)

بوتين يلتقي الأسد في موسكو ويحذر من تصعيد في المنطقة

أعلن الكرملين، أمس (الخميس)، أن الرئيس فلاديمير بوتين أجرى جولة محادثات مساء الأربعاء مع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي وصل العاصمة الروسية.

رائد جبر (موسكو) «الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية أهالي الباب بريف حلب الشرقي احتجوا على دخول القوات الروسية مؤخراً إلى معبر أبو الزندين (إكس)

​تركيا تناقش مع روسيا عودة الدوريات المشتركة على طريق «إم 4»

كشفت تركيا عن مفاوضات مستمرة مع روسيا لإعادة تسيير الدوريات المشتركة على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) في إدلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي السائح الصيني هان مينجي (السويداء 24)

العثور على المواطن الصيني الذي اختفى في السويداء

كشفت مصادر إعلامية محلية أن المواطن الصيني المختفي كان محتجزاً لدى إحدى الجهات الأمنية السورية، وجرى تسليمه لسفارة بلاده ليتم ترحيله إلى الصين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

قبل أن ينهي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارته إلى واشنطن، وإعلانه أمام الكونغرس الأميركي أن حكومته عازمة على إنهاء التهديدات الأمنية التي يمثلها «حزب الله» على الجبهة الشمالية، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي أبلغ القيادة السياسية «باكتمال الاستعدادات لإجراء مناورة برية كبيرة، وهو يَعِد قبل هذه المناورة بتنفيذ عملية جوية قوية في لبنان».

ورغم اختلاف التفسيرات حول أبعاد هذه المناورة وتوقيتها، فإنها أجمعت على أن تل أبيب ماضية بخطط الهجوم الواسع على لبنان، ما لم يخضع «حزب الله» لشرط الانسحاب من منطقة جنوب الليطاني. وقدّم الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خليل الحلو، قراءته لهذه المناورة، مشيراً إلى أن «ثلاث وحدات عسكرية جديدة انتقلت في الأسابيع الماضية إلى الجبهة الشمالية ووُضعت بحال استنفار استعداداً لعملية عسكرية كبيرة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الوحدات «بحاجة إلى التدريب على العمل مع بعضها وتوزيع المهام على الجبهة». وقال: «عندما يعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيقوم بمناورة فيمكن أن تكون مجرّد تمرين، لكن يمكن أن تمهّد لهجوم عسكري يحمل عنصر المفاجأة ونصبح أمام عملية كبيرة على الأرض»، مذكراً بأنه «منذ انتهاء حرب تموز في عام 2006، وإسرائيل تستعدّ لحرب جديدة وطويلة مع (حزب الله)، لكن هذه الحرب تحتاج إلى اجتماع ثلاثة مقومات: الأول الاستعداد اللوجستي والثاني العسكري والأمني والثالث الاستعداد السياسي، وأكثر ما نخشاه أن تكون إسرائيل أنجزت الاستعداد السياسي بعد زيارة نتنياهو إلى واشنطن».

وسبق الإعلان عن هذه المناورة، زيارة قام بها قائد الجبهة الشمالية إلى الحدود مع لبنان، حيث ذكّر بأن الغارة على ميناء الحديدة في اليمن وتدميره، هي رسالة واضحة إلى إيران و«حزب الله» بأن سلاح الجو الإسرائيلي قادر على أن يطال كل الأهداف. ولفت العميد خليل الحلو إلى أن إسرائيل «عازمة على إبعاد (حزب الله) عن الحدود الشمالية بأي ثمن، بما في ذلك العمل العسكري الذي يضعه نتنياهو على الطاولة، والذي أكد عليه في كلمته أمام الكونغرس الأميركي»، لافتاً إلى أنه «رغم الاستعدادات للوحدات البرية، فإن سلاح الجو الإسرائيلي هو الذي يلعب دوراً حاسماً في الحرب».

الإعلان عن هذه المناورة، يأتي بعد أقلّ من شهرين على مناورة كبيرة وواسعة أجراها الجيش الإسرائيلي في 28 مايو (أيار) الماضي، لاختبار مدى استعداد قواته وأجهزته لنشوب حرب شاملة على الجبهة الشمالية للبلاد، وقالت هيئة البث الإسرائيلية حينها، إنّ المناورة «نُفذت بشكل مفاجئ؛ إذ إن الهدف منها تعزيز جاهزية الجيش الإسرائيلي، لمختلف السيناريوهات على الجبهة الشمالية مع لبنان».

ووضع مدير «معهد المشرق للدراسات الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، المناورة الجديدة في سياق «الضغط على لبنان، خصوصاً أنها تأتي بالتزامن مع زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة ولقاءاته مع كبار القادة في الإدارة الأميركية ولدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي». وأكد نادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «تل أبيب مصرّة على إزالة التهديد على الجبهة الشمالية سواء بالعمل الدبلوماسي أو بالخيار العسكري الذي استكملت الاستعدادات له، في حين يصرّ (حزب الله) على العودة إلى ما كان عليه الوضع في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ أي قبل عملية (طوفان الأقصى)، ويبدو أن الجيش الإسرائيلي ذاهب باتجاه تنفيذ تهديدات نتنياهو بخلاف ما يُحكى عن خلاف ما بين رئيس الحكومة والقيادة العسكرية».

ورغم الجهود التي بذلتها وتبذلها الإدارة الأميركية ودول القرار، لمنع فتح جبهات جديدة خصوصاً مع لبنان، يشدد الدكتور سامي نادر على أن إسرائيل «مصممة على تغيير قواعد الاشتباك، وما زاد من هذا الإصرار ما كشفه (حزب الله) في الأيام والأسابيع الأخيرة عن بناء قدرات جوية كبيرة تهدد أمن إسرائيل، وإن كانت هذه القدرات لا تقاس بما تمتلكه تلّ أبيب من سلاح نوعي وكمّي لا يقارن بما لدى الحزب وكل محور الممانعة».