إسرائيل تسعى لقطع خط إمداد أسلحة «حزب الله» من سوريا

الحزب يكثف إطلاق المسيّرات.. ويسقط «هرمز 900» بجنوب لبنان

سكان محليون يساعدون رجال الإطفاء في إخماد نيران اشتعلت في الجولان جراء صواريخ «حزب الله» (إ.ب.أ)
سكان محليون يساعدون رجال الإطفاء في إخماد نيران اشتعلت في الجولان جراء صواريخ «حزب الله» (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تسعى لقطع خط إمداد أسلحة «حزب الله» من سوريا

سكان محليون يساعدون رجال الإطفاء في إخماد نيران اشتعلت في الجولان جراء صواريخ «حزب الله» (إ.ب.أ)
سكان محليون يساعدون رجال الإطفاء في إخماد نيران اشتعلت في الجولان جراء صواريخ «حزب الله» (إ.ب.أ)

فعّل «حزب الله» حرب المسيّرات الهجومية ضد الجيش الإسرائيلي، واستأنف عمليات إطلاق النار باتجاه المسيّرات التي تحلق فوق الأراضي اللبنانية وأسقط واحدة أخرى، وسط مساعٍ إسرائيلية لمنع وصول إمدادات السلاح المتطور والصواريخ إليه، عبر الأراضي السورية.

وقال سبعة مسؤولين إقليميين ودبلوماسيين إن إسرائيل كثفت ضرباتها السرية في سوريا ضد مواقع الأسلحة وطرق الإمداد والقادة المرتبطين بإيران، قبل التهديد بشن هجوم واسع النطاق على «حزب الله». وقال ثلاثة من المصادر لـ«رويترز» إن غارة جوية وقعت في الثاني من يونيو (حزيران) وأدت إلى مقتل 18 شخصاً، بينهم مستشار بـ«الحرس الثوري» الإيراني، استهدفت موقعاً سرياً محصناً للأسلحة قرب حلب في شمال سوريا.

كما قال أربعة من المصادر إن غارة جوية أصابت في مايو (أيار) الماضي قافلة من الشاحنات كانت متجهةً إلى لبنان تحمل أجزاء صواريخ، وأدت غارة أخرى إلى مقتل عناصر من الحزب.

وقال المتحدثون، الذين لم يكشفوا عن هوياتهم، إن التحركات الإسرائيلية «تشير إلى استعدادات لحرب واسعة النطاق ضد (حزب الله) في لبنان، المتاخم لسوريا، التي يمكن أن تبدأ عندما تخفف إسرائيل حملتها في غزة». وقال مسؤول حكومي إسرائيلي: «تصريحات قادتنا كانت واضحة بأن التصعيد قد يكون وشيكاً في لبنان». وأضاف أن الحملة في سوريا «تهدف أيضاً إلى إضعاف (حزب الله)، وبالتالي ثنيه عن الحرب مع إسرائيل».

ونقلت «رويترز» عن ثلاثة مسؤولين سوريين قولهم إن بعض أجزاء الأسلحة، يتم تهريبها إلى سوريا، بينما يتم تجميع أجزاء أخرى هناك.

وقال المسؤول الحكومي الإسرائيلي إن الأهداف الإسرائيلية كانت عبارة عن «أسلحة متطورة مضادة للطائرات وصواريخ ثقيلة وأنظمة توجيه دقيقة للصواريخ».

الدخان يتصاعد جراء حرائق ناتجة عن قصف «حزب الله» لأهداف في الجولان (إ.ب.أ)

حرب المسيّرات

أطلق «حزب الله» أخيراً صواريخ دفاع جوي ضد مسيّرات وطائرات حربية إسرائيلية، واستطاع إسقاط مسيرتين في الأسبوعين الماضيين، كما أطلق صواريخ دفاع جوي يومي الخميس والأحد الماضيين ضد طائرات حربية إسرائيلية كانت تحلق على علو منخفض فوق الأراضي اللبنانية، وتخرق جدار الصوت في الجنوب. وفي المقابل، يكثف إطلاق المسيّرات المفخخة ضد أهداف إسرائيلية.

وفيما أفاد ناشطون وصحافيون محليون في الجنوب بإطلاق «حزب الله» صاروخاً ضد مسيّرة إسرائيلية أدى إلى إسقاطها فوق منطقة إقليم التفاح، وهي من نوع «هرمز 900» قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، إن الحزب «أطلق 6 صواريخ مضادة للدروع و6 طائرات مسيّرة انتحارية على أهداف للجيش» في الشمال.

وأعلن الحزب، الاثنين، أن مقاتليه «شنوا هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضية على مقر القيادة ‏المستحدث التابع للفرقة 146 شرق نهاريا (الذي انتقل من ‏منطقة جعتون بعد قصفه سابقاً)»، وأنهم استهدفوا «أماكن ‏تموضع واستقرار ضباط العدو وجنوده ما أدى إلى تدميرها واشتعال النيران فيها ‏وإيقاع أفراد العدو بين قتيل وجريح». كما أعلن عن استهداف موقع بياض بليدا «بمسيرة انقضاضية أصابت ‏هدفها بدقة». وأعلن أيضاً عن أن مقاتليه شنوا «هجوماً جوياً بسرب من المسيّرات الانقضاضية على مقر قيادي تابع لفرقة ‌(‏الجولان 210 شاعل) استهدف أماكن تموضع ضبّاط العدو وجنوده، وأوقع فيهم إصابات مؤكدة، كما تم تدمير ‏جزء ‏من المقر واشتعال النيران فيه».‏

وأكد الجيش الإسرائيلي سقوط مسيرتين مفخختين تسللتا من لبنان في منطقة الكابري (شرق نهاريا) ما أدى إلى حريق وأضرار في المكان، فيما قال إنه اعترض مسيرتين أخريين قبالة شواطئ نهاريا. وأشارت إذاعة الجيش إلى «اشتعال النيران في قاعدة عسكرية مستحدثة قرب نهاريا بعد انفجار طائرة بدون طيار».

وذكر الجيش الإسرائيلي أيضاً أنه رصد إطلاق قذائف مضادة للدروع من لبنان نحو «منارا» و«يرؤون» و«أفيفيم» و«مرغليوت» و«يفتاح»، كما رصد إصابة مبانٍ واندلاع حرائق. وقال إنه قصف بواسطة المدفعية بلدات عيتا الشعب وحانين وصالحاني.

وقال الحزب، في بيانات متتالية، إن مقاتليه استهدفوا مبنيين يتمركز فيهما جنود إسرائيليون في مستعمرة «المنارة»، ومبنى آخر في مستعمرة «يرؤون»، وإن العملية الأخيرة «جاءت في سياق الرد على اعتداءات العدو ‌‌‏على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، خصوصاً بلدتي حولا وشبعا». كما أعلن عن استهداف مبنى يستخدمه جنود إسرائيليون في مستعمرة «أفيفيم»، وتجهيزات تجسسية مستحدثة في ثكنة ‏«راميم»، وموقع الرادار في مزارع شبعا.


مقالات ذات صلة

إدانة لبنانية لاستهداف المدنيين... وواشنطن تسعى للجم التهديد الإسرائيلي

العالم العربي مجدل شمس تشيّع أطفالها الذين قضوا في قصف على ملعب كرة قدم في البلدة (متداولة)

إدانة لبنانية لاستهداف المدنيين... وواشنطن تسعى للجم التهديد الإسرائيلي

أجمعت الأطراف اللبنانية على إدانة استهداف مدنيين في بلدة مجدل شمس، كما نفى «حزب الله» علاقته بالحادث، بينما تكثفت الاتصالات الدولية لمنع الانزلاق إلى حرب موسعة.

محمد شقير (بيروت)
خاص جولة لصحافيين أقامها الجيش الإسرائيلي لنفق اكتشفه على حدود لبنان عام 2019 (غيتي) play-circle 07:33

خاص أنفاق الجبهة اللبنانية للدفاع والهجوم… وإطلاق الصواريخ

أعادت الحرب المستمرة منذ نحو 10 أشهر بين «حزب الله» وإسرائيل بحدود لبنان الجنوبية الإضاءة على أنفاق الحزب وهي أنفاق دفاعية وأخرى هجومية وأنفاق لتخبئة الصواريخ.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص أرشيفية لنفق أغلقته إسرائيل في 2019 على الحدود مع لبنان (إعلام إسرائيلي) play-circle 07:33

خاص «حزب الله» يستفيد من طبيعة الصخور اللبنانية لتسهيل حفر الأنفاق

يستفيد «حزب الله» من طبيعة الصخور في لبنان لحفر الأنفاق داخل الجبال والوديان، وذلك للاحتماء من سلاح الجو الإسرائيلي، ولشن هجمات من بقعات يُفترض أنها آمنة.

حنان مرهج (بيروت)
خاص جندي يتجول داخل نفق اكتشفه الجيش الإسرائيلي على حدود لبنان عام 2019 (إعلام إسرائيلي) play-circle 07:33

خاص أنفاق «حزب الله»... ملاذه الآمن لصدّ هجوم برّي إسرائيلي

جدّدت إسرائيل مخاوفها من شبكة الأنفاق التي يمتلكها «حزب الله» في جنوب لبنان، واحتفاظه بها كواحدة من أهم أوراقه الرابحة.

يوسف دياب (بيروت)
الولايات المتحدة​ زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر (أ.ف.ب)

زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ الأميركي: إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها

قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر، اليوم (الأحد)، إن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

دمشق تدين قصف «مجدل شمس» والرئاسة الروحية الدرزية تلمح للجهة الفاعلة

لافتات رفعها محتجو ساحة الكرامة بالسويداء اليوم تضامناً مع مجدل شمس المجاورة التي تربطهم بها علاقة قرابة ومصاهرة (السويداء 24)
لافتات رفعها محتجو ساحة الكرامة بالسويداء اليوم تضامناً مع مجدل شمس المجاورة التي تربطهم بها علاقة قرابة ومصاهرة (السويداء 24)
TT

دمشق تدين قصف «مجدل شمس» والرئاسة الروحية الدرزية تلمح للجهة الفاعلة

لافتات رفعها محتجو ساحة الكرامة بالسويداء اليوم تضامناً مع مجدل شمس المجاورة التي تربطهم بها علاقة قرابة ومصاهرة (السويداء 24)
لافتات رفعها محتجو ساحة الكرامة بالسويداء اليوم تضامناً مع مجدل شمس المجاورة التي تربطهم بها علاقة قرابة ومصاهرة (السويداء 24)

اتهمت دمشق إسرائيل بـ«اختلاق الذرائع لتوسيع دائرة عدوانها» وحمّلتها المسؤولية «كاملة» عن تصعيد «الوضع الخطير في المنطقة».

وجاء ذلك في بيان صدر، الأحد، عن وزارة الخارجية السورية، أدانت فيه قصف بلدة مجدل شمس السورية المحتلة ذات الغالبية الدرزية، وذلك بعد ساعات من إصدار الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في سوريا، بياناً حمل توقيع الشيخ حكمت الهجري - واحد من أبرز الزعامات الدينية في السويداء جنوب سوريا - المؤيدة للحراك المناهض للحكومة السورية.

الشيخ حكمت الهجري من الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في سوريا (صفحة الرئاسة الروحية)

وأدان البيان قصف قرية مجدل شمس، مطالباً الأوساط الأممية والدولية، بتأكيد «ملاحقة الجهة المجرمة»، لافتاً إلى «وضوح الرؤية للجهة الفاعلة لدى الجميع»، دون أن يسميها البيان صراحة.

وطلب البيان معاقبة الجهة الفاعلة عبر القانون الدولي، و«عدم قبول أي تبرير»؛ لأن «أبناءنا ليسوا مواقع تدريب، ولا مواقع تجريب، وليست سماؤنا ساحات حرب لأحد، ولا تحقيق غايات لأحد عبر دماء أبنائنا. ولا يمكن تصور خطأ بهذه البشاعة وهذه الصفات»، وفق ما جاء في البيان.

كما رفع المحتجون في السويداء، لدى تجمعهم اليومي في ساحة الاحتجاج وسط مدينة السويداء، لافتات تضامن مع أهالي مجدل شمس وإدانة للجريمة التي ارتكبت بحقهم. في حين تابعت وسائل الإعلام الرسمية ردود الفعل الصادرة عن «حزب الله» اللبناني، نافية قيامه برمي الصاروخ على ملعب رياضي في مجدل شمس، يوم السبت، مع متابعة لتشييع الضحايا؛ إذ تأخر صدور بيان رسمي سوري يدين القصف، حتى ظهر يوم الأحد.

وجاء في البيان الرسمي، أن الجمهورية العربية السورية، تؤكد أن «شعبنا في الجولان السوري المحتل، الذي رفض على مدى عقود من الاحتلال الإسرائيلي أن يتنازل عن هويته العربية السورية، لن تنطلي عليه أكاذيب الاحتلال واتهاماته الباطلة للمقاومة الوطنية اللبنانية بأنها هي التي قصفت مجدل شمس، وذلك لأن أهلنا في الجولان السوري كانوا وما زالوا، وسيبقون جزءاً أصيلاً من مقاومة المحتل ومقاومة سياساته العدوانية التي تستبيح الأرض والهوية».

السويداء متضامنة مع مجدل شمس (الراصد)

وعدّ البيان قصف مجدل شمس واتهام «حزب الله» اللبناني «محاولات لتصعيد الأوضاع في المنطقة»، وتوسيع دائرة العدوان الإسرائيلي عليها، متهماً إسرائيل بارتكاب جريمة بشعة في المدينة التي تقع في الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، «ثم قام بتحميل وزر جريمته للمقاومة الوطنية اللبنانية».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، عن مقتل 12 شخصاً، وإصابة أكثر من 30 آخرين بسقوط صاروخ في ملعب رياضي في قرية مجدل شمس، التي تقع في مرتفعات الجولان المحتل. واتهمت إسرائيل «حزب الله» بإطلاق الصاروخ، واعتبرته استهدافاً خطيراً للمدنيين الإسرائيليين منذ أكتوبر (تشرين الأول)، إلا أن «حزب الله» نفى نفياً قاطعاً مسؤوليته عن إطلاق الصاروخ. وسط مخاوف دولية من أن يؤدي التصعيد الأخير بعد ضربة مجدل شمس إلى إشعال حرب في المنطقة.

رسم كرتوني تضامناً مع مجدل شمس (الفنان السوري فادي الحلبي)

مجدل شمس

يقدر عدد سكان قرية مجدل شمس، الواقعة على مرتفعات الجولان السورية المحتل منذ عام 1967 جنوب غربي سوريا، بنحو 12000 نسمة، حسب إحصاءات عام 2022، ومعظمهم من الطائفة الدرزية، ويشكلون الكتلة الأكبر من الدروز الموجودين في الأراضي المحتلة، تليها قرى عين قينيا ومسعدة وبقعاثا.

وظلت قرى الجولان السورية المحتلة تدار من المحافظة العسكرية الإسرائيلية، حتى عام 1981، الذي شهد صدور قانون مرتفعات الجولان، القاضي بضم المنطقة تحت نظام المجالس المحلية الإسرائيلي، دون أن يحظى بقبول دولي رسمي.

نساء درزيات يبكين الأحد حول نعش أحد أقاربهن من ضحايا استهداف من لبنان على مجدل شمس في الجولان المحتلة من إسرائيل (إ.ف.ب)

ومع أن إسرائيل منحت لسكان تلك المناطق حق الحصول على الهوية الإسرائيلية، إلا أن الغالبية العظمى رفضتها، ولم تتجاوز نسبة المتقدمين للحصول عليها 20 في المائة حتى عام 2018.

وظلّ أكثر من 80 في المائة من السكان يحتفظون بالهوية السورية الذين تعرفهم إسرائيل رسمياً بـ«سكان مرتفعات الجولان» دون الاعتراف بهويتهم السورية، كما ظلّت الدولة السورية تعدهم مواطنين سوريين، والذين بدورهم حافظوا على علاقتهم بسوريا وأهلهم في الأراضي السورية، وتمتينها عبر علاقات المصاهرة؛ إذ تقام الأعراس رغم الأسلاك الشائكة التي تشطر العائلات إلى قسمين بين الأراضي المحتلة والأراضي غير المحتلة.