ما التحديات التي يواجهها «حزب الله» بعد 8 أشهر من القتال؟

أبرزها الاغتيالات وعدم تكافؤ القوة النارية وخطر توسعة الحرب

مشيعون يحملون نعشَي عنصرين من «حزب الله» خلال جنازتهما في قرية عيتا الشعب بجنوب لبنان بعد اغتيالهما بمسيّرة إسرائيلية (أ.ب)
مشيعون يحملون نعشَي عنصرين من «حزب الله» خلال جنازتهما في قرية عيتا الشعب بجنوب لبنان بعد اغتيالهما بمسيّرة إسرائيلية (أ.ب)
TT

ما التحديات التي يواجهها «حزب الله» بعد 8 أشهر من القتال؟

مشيعون يحملون نعشَي عنصرين من «حزب الله» خلال جنازتهما في قرية عيتا الشعب بجنوب لبنان بعد اغتيالهما بمسيّرة إسرائيلية (أ.ب)
مشيعون يحملون نعشَي عنصرين من «حزب الله» خلال جنازتهما في قرية عيتا الشعب بجنوب لبنان بعد اغتيالهما بمسيّرة إسرائيلية (أ.ب)

تتفاقم التحديات التي يواجهها «حزب الله» بعد 8 أشهر من القتال على طول الجبهة الجنوبية إسناداً لغزة.

ومن المرجح أن «الحزب»، الذي قرر وحيداً فتح جبهة جنوب لبنان، كان يعتقد أن حرب إسناد غزة قد تستمر أياماً أو أسابيع، لكن تبين له أنه إسناد مفتوح تحول مع مرور الوقت إلى عملية استنزاف له لا أحد يعلم كم ستستمر، وما إذا كانت ستتحول إلى حرب موسعة ومدمرة تشمل كل مناطق نفوذه في لبنان.

ولعل أبرز التحديات التي يواجهها «الحزب»، وفق خبراء، هو الحد من عمليات الاغتيال المتواصلة لقيادييه وعناصره، وكذلك الاستمرار في القتال من دون أن ينجر إلى حرب موسعة تريدها إسرائيل.

مواطنون يتفقدون منازلهم في بلدة وادي جيلو بجنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي أدى إلى احتراقها (أ.ف.ب)

ويعدّ الناشط السياسي المعارض لـ«حزب الله» علي الأمين أن «التحدي الأبرز الذي يواجهه (حزب الله) في ما سماها (حرب المشاغلة والإسناد)، هو أن تتدحرج المواجهة إلى حرب شاملة لا يريدها، باعتبار أن مثل هذه الحرب ستؤدي إلى تغيير كبير لا يمكن تقديره أو توقع تداعياته»، عادّاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الانكشاف الأمني تحدٍّ أساسي آخر يواجهه، خصوصاً أن وقائع المواجهة الجارية كشفت عن قدرة إسرائيلية غير مسبوقة على قتل عدد كبير من كوادر الحزب الأمنية والعسكرية والتقنية، بشكل يظهر حجماً من الانكشاف الأمني له لم يكن متوقعاً».

ويضيف الأمين أن «التحدي الثالث، وهو سياسي ومعنوي، يتمثل في إعادة ترميم الثقة التي تصدعت في نفوس مؤيديه، لا سيما الذين اطمأنوا إلى أنه قادر على لجم أي عدوان إسرائيلي على القرى والبلدات الحدودية التي تعرضت لتدمير هائل خلال الأشهر الماضية، وهو ما جعل كثيرين يعيدون النظر والتفكير ملياً بعد الحرب في ما إذا كانوا سيعمدون إلى القيام باستثمارات جديدة في البناء أو المشاريع الاستثمارية، فضلاً عن الاستقرار مجدداً في الجنوب باندفاع كما كانت الحال بعد عام 2000 وحرب عام 2006».

وحدة مدفعية إسرائيلية تطلق النار باتجاه هدف في لبنان (إ.ب.أ)

أما الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية، العميد المتقاعد خليل الحلو، فيعتقد أن «الصعوبة الأبرز التي يواجهها (الحزب) في هذه الحرب هي عمليات الاغتيال التي لا تتوقف، والاستهداف المتواصل لمواقعه ومراكزه في الجنوب، مما يحول المواجهة إلى حالة استنزاف متواصلة من دون توقف، وإن كان قد أسقط 4 مسيّرات».

ويشير الحلو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «تحد آخر؛ ألا هو عدم تكافؤ القوة النارية، باعتبار أن القوة النارية الإسرائيلية أكبر بكثير، وتحديداً لجهة نوعية القذائف التي تطلق وَزِنتها، والقنابل التي تلقيها الطائرات، إضافة إلى أن (الحزب) لا يمتلك مدفعية توازي مدفعية الإسرائيليين، الذين يمتلكون أيضاً مسيّرات دقيقة في مقابل امتلاك الحزب مسيّرات انتحارية، يمكن اعتبارها نقطة قوة، لكن من دون أن يتضح ما إذا كانت تنجح في ضرب أهدافها أم لا».

قصف إسرائيلي على بلدة كفر كلا الحدودية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

أما رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، فيرى أن «التحدي الكبير الذي يواجهه (حزب الله) هو التهديد الإسرائيلي باجتياح لبنان وتوسيع الجبهات. فالمؤكد أن (الحزب) لن يكون البادئ بهذه الحرب، لكن الجانب الإسرائيلي لا يزال يفضل هذا السيناريو، وهو إن حصل فسيؤدي إلى دمار كبير وضحايا كثيرين، وسيتم تحميل (حزب الله) مسؤولية هذه الخسائر داخلياً».

ويشير جابر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «حرب الاستنزاف» بوصفها التحدي الأبرز، قائلاً: «صحيح أن الجانب الإسرائيلي يُستنزف وهو مأزوم أكثر من الجانب اللبناني، لكن الاستنزاف يطال (الحزب) أيضاً، وعلى المستويات كافة»، مضيفاً أنه «رغم كل التحديات، فإن (الحزب) لا يستطيع على الإطلاق أن يوقف الحرب اليوم؛ لأنه سيظهر بموقع المهزوم، ولذلك، فإن الحرب ستستمر وتتوسع في الأشهر المقبلة، لكنها ستبقى تحت سقف معين؛ لأن الحرب الموسعة ستؤدي إلى تورط إيران وأميركا، وهما لا تريدانها».


مقالات ذات صلة

جعجع: «محور الممانعة» يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها

المشرق العربي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)

جعجع: «محور الممانعة» يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها

أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن «اليوم التالي للحرب يجب أن يكون يوماً لإعادة النظر في كلّ شيء ما عدا حدود لبنان ووحدته».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)

وفاة سجين في «رومية» تحيي قضية «الموقوفين الإسلاميين»

عادت قضية «الموقوفين الإسلاميين» إلى الواجهة مع وفاة سجين السبت جرّاء أزمة قلبية والتأخر في تقديم الإسعافات له ما دفع برفاقه إلى التحرّك داخل سجن رومية المركزي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)

غالانت: سنواصل ضرب «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال

جدّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تأكيده على مواصلة المواجهات مع «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال إلى منازلهم.

«الشرق الأوسط»
تحليل إخباري سفراء «اللجنة الخماسية» خلال اجتماع لهم بسفارة قطر في بيروت (السفارة القطرية)

تحليل إخباري تبادل الشروط يبقى تفصيلاً أمام توافر النيات لانتخاب رئيس للبنان

يتجدد الرهان في لبنان على إمكانية إخراج الوضع السياسي من مرحلة تقطيع الوقت بانتخاب رئيس للجمهورية وظهور بوادر تشير إلى اعتزام «اللجنة الخماسية» استئناف جهودها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي النازحون السوريون في لبنان تحوّلوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)

معظم القوى اللبنانية لا تمانع حواراً مع النظام السوري لإعادة النازحين

عاد ملف النازحين السوريين في لبنان إلى الموائد السياسية اللبنانية.

بولا أسطيح (بيروت)

جعجع: «محور الممانعة» يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)
TT

جعجع: «محور الممانعة» يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)

أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن «اليوم التالي للحرب (في غزة وجنوب لبنان) يجب أن يكون يوماً لإعادة النظر في كلّ شيء، ما عدا حدود لبنان ووحدته»، داعياً إلى عقد طاولة حوار وطنيّة بعد انتخاب رئيس للجمهورية تحت عنوان «أيّ لبنان نريد؟».

جاءت مواقف جعجع في كلمة له في احتفال تحت عنوان «الغد لنا» في «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية»، حيث هاجم «حزب الله» وحلفاءه، قائلاً: «لا يُحاوِلنّ أحد أن يستغلّ القضيّة الفلسطينية لتقوِية مصالحه وتعزيزِها داخل لبنان والإقليم»، معتبراً أن «محور الممانعة يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها، وهي فُرضت على اللبنانيين ويجب أن تتوقّف».

وفيما عدَّ أن «اليوم التالي للحرب يجب أن يكون يوماً لإعادة النظر في كلّ شيء ما عدا حدود لبنان ووحدته»، شدد على أن «الحرب القائمة لا يريدها اللبنانيون، ولم يكن للحكومة رأي فيها. وعلى من تورط في هذه الحرب أن تكون له شجاعة الخروج منها، وهذا يتطلب الالتزام بالقرار 1701 ونشر الجيش اللبناني في الجنوب وحصر قرار السلم والحرب بيد الدولة وحدها. أما إذا أصر (حزب الله) على الاستمرار في الحرب فعليه أن يتحمل وحده العواقب أمام الله والوطن والشعب والتاريخ».

ودعا جعجع الحكومة إلى إيقاف الحرب، قائلاً: «نطلب من الحكومة اللبنانية دعوة (حزب الله) إلى وقف الحرب».

الطريق إلى الرئاسة

وفي الأزمة الرئاسية، انتقد جعجع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري قائلاً: «يجب على رئيس البرلمان أن يفكّر ويتصرّف من موقعه الدستوري المسؤول كرئيس لمجلسِ النواب وليس من موقعه السياسي كطرفٍ وحليف لحزب لديه حسابات أبعد من رئاسة الجمهوريّة وأبعد من لبنان»، مؤكداً «أن الطريق إلى قصر بعبدا لا يمرّ في حارة حريك (الضاحية الجنوبية لبيروت)، والدخول إليه لا يكون من بوابة عين التينة (مقر رئيس البرلمان) ووفق شروطها وحوارها المفتعل، بل يمرّ فقط في ساحة النجمة (البرلمان) ومن خلال صندوق الاقتراع».

وجدد جعجع دعوة المعارضة إلى عقد جلسة انتخاب مفتوحة لانتخاب رئيس، وقال: «انتخاب رئيس الجمهورية يجب أن يكون الخطوة الأولى حالياً، وألا يكون موضع مساومة، وعلى برّي أن يدعو، وكما نصّ الدستور، إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية حتى التوصّل إلى انتخاب الرئيس».

وتحدث عمن يتكلمون بلغة الأرقام معتبراً أنهم «يقولون علناً أنهم يريدون تغيير الدستور لأن الدستور لا يتكلم لا بلغة العد ولا الأعداد، وإذا كان البعض يريد تغييره لا مانع لنا فلننتخب رئيساً أولاً وندعو بعدها إلى طاولة حوار».

وفيما عدَّ «أننا نعيش في واقع اصطناعي قائم على سيطرة مفترضة من قبل محور الممانعة»، أكد أن «أحداً لن يقبل بأن يعود الوضع في لبنان إلى ما كان عليه قبل الحرب، وأن تستمرّ الدولة في فقدان قرارها وتفكّكها».

وتوجّه جعجع «لمن يقول لنا أصبحتم قليلي العدد» بالقول: «قليلو العدد كثيرو الفعل والإنتاجِ والخدمة العامة والدستور اللبناني غير مبني إطلاقاً على العدّ والأرقام».