أرملة أبو بكر البغدادي: حاولت الهروب منه... لكنني لم أستطع

زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي (أ.ب)
زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي (أ.ب)
TT

أرملة أبو بكر البغدادي: حاولت الهروب منه... لكنني لم أستطع

زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي (أ.ب)
زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي (أ.ب)

كشفت أرملة زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي عن بعض التفاصيل الخاصة بحياتها معه، مؤكدة أنها حاولت الهروب منه، لكنها لم تتمكن من ذلك.

وأجرت شبكة «بي بي سي» البريطانية مقابلة مع أم حذيفة، الزوجة الأولى للبغدادي، من داخل سجن عراقي تُحتجز فيه الآن في ظل التحقيق معها في جرائم تتعلق بالإرهاب.

وولدت أم حذيفة عام 1976 لعائلة عراقية محافظة، وتزوجت عام 1999 من إبراهيم عوض البدري، الذي عُرف فيما بعد بالاسم المستعار أبو بكر البغدادي.

ودرس البغدادي الشريعة في جامعة بغداد، وتقول أرملته إنه كان في ذلك الوقت «متديناً، لكنه لم يكن متطرفاً... محافظاً، لكنه منفتح العقل».

اعتقال البغدادي

في عام 2004، بعد عام من الغزو الأميركي للعراق، ألقت القوات الأميركية القبض على البغدادي واحتجزته في مركز اعتقال معسكر بوكا في الجنوب لمدة عام تقريباً، إلى جانب الكثير من الرجال الآخرين، الذين أصبحوا فيما بعد شخصيات بارزة في «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى.

وقالت أم حذيفة إنه «في السنوات التي تلت إطلاق سراحه، تغير البغدادي كثيراً. لقد أصبح سريع الغضب وتصيبه نوبات الغضب بشكل متكرر».

ويقول آخرون ممن يعرفون البغدادي إنه كان متورطاً مع تنظيم «القاعدة» قبل وجوده في بوكا، لكن بالنسبة لأم حذيفة، فقد كان سجنه بمثابة نقطة التحول التي أصبح بعدها متطرفاً بشكل متزايد.

وأضافت: «لقد بدأ يعاني مشاكل نفسية. وعندما سألته عن السبب، قال لي إنه «(تعرض لأشياء لن أستطيع فهمها)».

وقد أشارت إلى أنها تعتقد أنه «تعرض للتعذيب الجنسي أثناء احتجازه»، على الرغم من أنه لم يقل ذلك صراحةً.

وتقول إنها بدأت تتساءل عما إذا كان ينتمي إلى جماعة متشددة، مضيفة: «كنت أقوم بتفتيش ملابسه عندما يعود إلى المنزل، أو عندما يستحم، أو عندما ينام. بل كنت أقوم بتفتيش جسده بحثاً عن كدمات أو جروح... كنت في حيرة من أمري، لكنني لم أجد شيئاً».

ولفتت إلى أنها وزوجها وأبناءهما كانوا ينتقلون باستمرار من منزل إلى آخر، وكان لديهم هويات مزيفة، وقد تزوج زوجها من امرأة ثانية، لتطلب أم حذيفة الطلاق حينها، لكنه اشترط عليها أن تترك أطفالها معه ليوافق على طلبها، فاختارت أن تستمر في حياتها معه، حسب قولها.

جماعة «دولة العراق الإسلامية»

تقول أم حذيفة إنه مع سقوط العراق في حرب طائفية دامية استمرت من عام 2006 إلى عام 2008، لم يعد لديها أي شك في انضمام زوجها إلى الجماعات المتشددة.

وفي عام 2010 أصبح زعيم جماعة «دولة العراق الإسلامية» التي تشكلت في عام 2006 وكانت عبارة عن مظلة لعدد من الجماعات المسلحة.

أبو بكر البغدادي (أ.ف.ب)

وتقول أم حذيفة: «انتقلنا إلى ريف إدلب في سوريا في يناير (كانون الثاني) 2012، وفي ذلك الوقت بدأ يرتدي الزي الأفغاني، وأطلق لحيته، وكان دائماً يحمل مسدساً».

ومع تدهور الوضع الأمني ​​في شمال غرب سوريا خلال الحرب الأهلية في البلاد، انتقلوا شرقاً إلى مدينة الرقة، معقل تنظيم «داعش».

مشاهدة التلفزيون سراً

وأكدت أم حذيفة أنها منذ عام 2007 كانت معزولة عن العالم ولم يسمح لها بمشاهدة التلفزيون أو استخدام أي تكنولوجيا أخرى، مثل الهواتف الجوالة، لكن كان هناك جهاز تلفزيون في المنزل كانت تشاهده سراً، مشيرة إلى أن البغدادي كان يعتقد أنه لا يعمل.

وأضافت: «كنت أقوم بتشغيله عندما لا يكون في المنزل. وفي إحدى المرات أثناء وجودي في الرقة، قمت بتشغيله لأرى زوجي يخطب في جامع النوري الكبير في مدينة الموصل شمالي العراق، ويظهر لأول مرة على أنه «زعيم تنظيم (داعش)» وكان ذلك بعد أسابيع فقط من سيطرة مقاتليه على المنطقة.

وتقول أم حذيفة إنها صُدمت عندما علمت أن أبناءها كانوا معه في الموصل، حيث إنه كان قد أخبرها أنهم يتعلمون السباحة في نهر الفرات.

ضحية أم متهمة؟

وخلال المقابلة، حاولت أرملة البغدادي تصوير نفسها على أنها ضحية وأنها حاولت الهروب من زوجها، نافية تورطها في أي من الأنشطة الوحشية لتنظيم «داعش».

وتقول أم حذيفة إنها لم تتمكن من النظر إلى صور ضحايا التنظيم الذين كانوا يُذبحون ويُعذبون بشكل وحشي، واصفة الفظائع بأنها «صدمة كبيرة وغير إنسانية» وأن «إراقة الدماء ظلماً هو أمر فظيع».

إلا أن هذه المزاعم تتناقض بشكل صارخ مع الطريقة التي وُصفت بها أم حذيفة في الدعوى القضائية التي رفعتها نساء إيزيديات اختُطفن واغتُصبن من قِبل أعضاء تنظيم «داعش»، حيث تم اتهامها بالتواطؤ في «الاستعباد الجنسي» للفتيات والنساء المختطفات.

 ووصفت أم حذيفة كيف كان زوجها يتواصل مع قادة تنظيم «داعش» عبر جهاز الكومبيوتر المحمول الخاص به.

وتقول: «حاولت الدخول إلى الجهاز لمعرفة ما كان يحدث، لكنني كنت لا أعلم شيئاً في الأمور التكنولوجية وكان يطلب مني دائماً ادخال كلمة المرور ولم أكن أعرفها».

أما بالنسبة للقتال، فتقول عن زوجها إنه على حد علمها «لم يشارك في أي قتال أو معركة»، مضيفة أنه كان في الرقة عندما سيطر تنظيم «داعش» على الموصل.

وفي عام 2019، داهمت القوات الأميركية المكان الذي كان يختبئ فيه البغدادي مع بعض أفراد عائلته شمال غربي سوريا. وفجّر البغدادي سترة ناسفة عندما حوصر في نفق، قاتلاً نفسه وطفليه، بينما قتُلت اثنتان من زوجاته الأربع في تبادل لإطلاق النار.

وعلى الرغم من ذلك، لم تكن أم حذيفة هناك، فقد كانت تعيش في تركيا تحت اسم مستعار، حيث أُلقي القبض عليها في عام 2018. وقد أُعيدت إلى العراق في فبراير (شباط) من العام نفسه، حيث أودعت منذ ذلك الحين في السجن بينما تحقق السلطات في الدور الذي لعبته في أنشطة تنظيم «داعش».


مقالات ذات صلة

الشرطة الكندية تتهم عائدة من سوريا بارتكاب جرائم إرهابية

العالم النساء وأطفالهن في مخيم روج لعائلات «داعش» شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

الشرطة الكندية تتهم عائدة من سوريا بارتكاب جرائم إرهابية

قالت الشرطة الكندية إنها اتهمت امرأة عائدة من سوريا بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب بعد التحقيق في مزاعم بأنها ذهبت للانضمام إلى تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
شؤون إقليمية وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا أكد استمرار العمليات ضد تنظيم «داعش» حتى القضاء على آخر عناصره (من حسابه على «إكس»)

تركيا: القبض على 45 «داعشياً» بعمليات متزامنة في 16 ولاية

ألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية القبض على 45 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في عمليات متزامنة في 16 ولاية في أنحاء مختلفة من البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أرشيفية لعناصر تنظيم «داعش» في سوريا (المرصد السوري)

«داعش» يصعّد في سوريا ويتجنب الميليشيات الإيرانية

لفت تقرير للمرصد السوري إلى تجنب «داعش» مواجهة أو استهداف الميليشيات الإيرانية في سوريا، رغم تصعيد هجماته بشكل كبير جداً خلال النصف الأول من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مقاتل من تنظيم «داعش» يحمل سلاحاً مع علم التنظيم في أحد شوارع مدينة الموصل يوم 23 يونيو 2014 (رويترز)

8 قتلى على يد تنظيم «داعش» في وسط سوريا

قُتل 8 أشخاص بينهم راعيان للأغنام، في منطقة صحراوية في وسط سوريا على يد تنظيم «داعش»، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الخميس.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جزء من مجمع السفارة الأميركية في عوكر بلبنان (أ.ب)

لبنان: توجيه تهمة الانتماء إلى «داعش» لمطلق النار على السفارة الأميركية

وجّهت السلطات اللبنانية تهمة الانتماء إلى تنظيم «داعش» لرجل فتح النار على السفارة الأميركية في بيروت، وفق ما أفاد مصدر قضائي اليوم (الثلاثاء).

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تصعيد جنوب لبنان يسابق محادثات أممية في تل أبيب

TT

تصعيد جنوب لبنان يسابق محادثات أممية في تل أبيب

امرأة من جنوب لبنان تسير أمام آليات لـ«يونيفيل» في مدينة صور خلال تقديم رعاية صحية للنازحين من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
امرأة من جنوب لبنان تسير أمام آليات لـ«يونيفيل» في مدينة صور خلال تقديم رعاية صحية للنازحين من جنوب لبنان (إ.ب.أ)

يسابق التصعيد العسكري في جنوب لبنان المساعي الدبلوماسية التي تقوم بها الأمم المتحدة؛ لمعالجة البنود العالقة في القرار 1701، واستعادة التهدئة، وذلك مع ارتفاع عدد قتلى الحرب في لبنان إلى نحو 500 قتيل، وهو عدد يكاد يلامس نصف عدد القتلى المدنيين في حرب تموز (يوليو) 2006.

ووصلت إلى تل أبيب (الأحد) المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت، المعينة حديثاً، في زيارةٍ تستغرق 3 أيام.

وتأتي زيارة المنسقة الأممية إلى إسرائيل تمهيداً لجلسة المشاورات المقرر أن يعقدها مجلس الأمن حول تنفيذ القرار 1701 قبل نهاية الشهر الحالي.

وقالت الأمم المتحدة في بيان، «من المتوقّع أن تُركّز مناقشاتها مع المسؤولين الإسرائيليين على الحاجة لاستعادة الهدوء، وإفساح المجال لحلٍّ دبلوماسيٍّ يمكن من خلاله للمدنيين النازحين من الجانبين العودة إلى ديارهم، بالإضافة إلى معالجة البنود العالقة في القرار 1701».

وقالت إنه «منذ تولّي السيدة هينيس-بلاسخارت منصبها الشهر الماضي، تواصلت بشكل مكثّف مع القيادات اللبنانية والأطراف المعنية؛ لبحث سبل وقف التصعيد عبر الخط الأزرق».

جندي في قوة «يونيفيل» أمام مركز للنازحين في مدينة صور (إ.ب.أ)

زيادة مستوى التصعيد

وتأتي هذه الزيارة في ظل تصعيد متواصل على ضفتَي الحدود، بلغ مسافات أعمق على ضفتَي الحدود، كما وصلت ملاحقة إسرائيل لعناصر في «حزب الله» إلى البقاع في شرق لبنان، بغرض اغتيالهم. وبعد استهداف إسرائيل قيادياً في «حزب الله» قرب بعلبك في شرق لبنان، (السبت)، استهدف الطيران الإسرائيلي منزلاً في بلدة معروب الواقعة شمال شرقي مدينة صور، وتبعد 25 كيلومتراً على الأقل عن أقرب منطقة حدودية، في حين أعلن «حزب الله» قصف قاعدة تخزين ذخيرة قرب طبريا، التي قال الإعلام الإسرائيلي إنه أعمق قصف حتى الآن، ويناهز الـ60 كيلومتراً، فضلاً عن قصف قاعدة ميرون للمراقبة الجوية.

وتبنى «حزب الله» في بيان، قاعدة «نيمرا» (إحدى القواعد الرئيسية في المنطقة الشمالية)، في غرب طبريا، ‏بعشرات من صواريخ «الكاتيوشا»، كما قصف مقرّ وحدة المراقبة الجوية وإدارة العمليات الجوية في قاعدة «‏ميرون» في جبل الجرمق بعشرات من صواريخ «الكاتيوشا»، وذلك «في ردّ على ‏الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو في منطقة البقاع» بعد ظهر السبت.

وتقع قاعدة «نيمرا» قرب طبريا، وتعد واحدة من أبرز القواعد التي تتضمن مخازن للذخيرة في المنطقة الشمالية، وتُقصف للمرة الأولى منذ بدء الحرب. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الحزب «أطلق صواريخ على عمق 60 كيلومتراً من الخط الحدودي، وهو أبعد إطلاق حتى الآن منذ بداية الحرب». وأفادت وسائل إعلام إسرائيليّة لاحقاً بأن 10 فرق إطفاء و6 طائرات تعمل بمنطقة الجليل الأدنى لإخماد حرائق نتيجة صواريخ أُطلقت من لبنان.

إسرائيليون يحاولون إطفاء نيران اندلعت نتيجة صواريخ أطلقها «حزب الله» من جنوب لبنان (رويترز)

وقال الإطفاء الإسرائيلي إنه تعامل «مع أكثر من حريق في مناطق

مفتوحة بطبريا والجليل الأسفل جراء إطلاق صواريخ من لبنان»، في إشارة إلى قصف موازٍ استهدف التجهيزات ‏التجسسية في موقع الراهب في القطاع الغربي أيضاً. وتحدث مستشفى بوريا عن وصول «شاب من طبريا مصاب بجروح خطرة إثر سقوط صواريخ».

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن «إطلاق ما بين 20 و30 صاروخاً من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأسفل»، وأن «صافرات الإنذار دوت 27 مرة شمال البلاد بغضون ساعة».

كما قال «حزب الله»، في بيان منفصل، إنه «بعد رصدٍ ‏ومتابعة لحركة جنود العدو الإسرائيلي في موقع بركة ريشا، وعند وصولهم إلى الدشم المحددة في ‏نقطة المقتل، استهدفتهم المقاومة بالصواريخ الموجهة، ‏وأصابوها بشكلٍ مباشر، واندلعت النيران فيها، وأوقعت جنود العدو بين قتيلٍ وجريح».

وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أنه بعد إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان نحو الجليل الأسفل، «بدأ الجيش الإسرائيلي بشنّ سلسلة غارات في عمق جنوب لبنان على بعد 25 كيلومتراً من الحدود بين لبنان وإسرائيل، وذلك على المدى نفسه الذي أُطلقت إليه الصواريخ من لبنان للجليل الأسفل».

من جهته، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي استهداف مبنى عسكري أُطلقت منه صواريخ مضادة للدروع باتجاه منطقة شتولا بالجليل الأعلى. وأشار إلى «رصد إطلاق قذيفتيْن مضادتيْن للدروع من منطقة عيتا الشعب نحو منطقة شتولا الحدودية دون وقوع إصابات ليتم بعد وقت قصير رصد مكان الإطلاق ومهاجمة المبنى العسكري التابع لحزب الله، الذي أُطلقت من داخله القذائف نحو الأراضي الإسرائيلية».

ولفت بيان الجيش إلى أن «طائرات حربية أغارت على مبنى عسكري في منطقة معروب، بالإضافة إلى بنية إرهابية في الناقورة».

وبعد الظهر، خرق الطيران الحربي الإسرائيلي جدار الصوت في منطقة صيدا والزهراني على 4 مراحل، مما أحدث دوياً ضخماً.

نصف قتلى «حرب تموز»

وارتفع عدد القتلى على الضفة اللبنانية إلى نحو 500 قتيل. وأشار الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، إلى أنّ «الخسارة الكبرى في الحرب هي الخسارة البشريّة»، لافتاً إلى أنّ «الخسارة البشرية في حرب الجنوب تعادل نصف الخسارة البشرية (المدنية) في حرب تموز».

وأوضح شمس الدين أن «عدد المنازل المُدمّرة بشكل كامل في الجنوب بلغ 1880 منزلاً»، وتابع: «493 شخصاً هو عدد الخسارة البشرية في الجنوب حتى الآن».