الوضع السياسي يعكس مخاطره على النظام المؤسساتي اللبناني

استمرار تدنّي التصنيف السيادي لا يطمئن الدائنين والمستثمرين

المصرف المركزي (رويترز)
المصرف المركزي (رويترز)
TT

الوضع السياسي يعكس مخاطره على النظام المؤسساتي اللبناني

المصرف المركزي (رويترز)
المصرف المركزي (رويترز)

يستمر تدفق التحذيرات الدولية في بعديها السيادي والاقتصادي، من مخاطر إرباكات الوضع السياسي القائمة في لبنان ومساهمته التلقائية في تعريض نظامه المؤسساتي للخطر، وبما يشمل إزالة مفاعيل الإيجابيات المحققة في إدارة الاستقرار النقدي وتوازن المالية العامة في التحضير للتفاوض مع دائني الدولة واستعادة التواصل مع الأسواق الاستثمارية والمالية حول العالم.

وفي الترجمة الاقتصادية الفورية لهذه المخاوف، لم تتردّد وكالة التقييم العالمية «موديز»، في تقرير محدث، بالإفصاح عن أنّها لا ترتقب أي تحسّن في تصنيف لبنان في المدى القريب، باعتبار أنّ البلاد لا تزال عالقة في مجموعة أزمات عميقة، في حين أنّ الدعم الخارجي مرتبط بتنفيذ الدولة خطوات إصلاحيّة، فضلاً عن تأثيرات تدهور سعر الصرف وما نتج عنه من ارتفاع في معدّلات التضخّم ما تسبب في حالة من عدم الاستقرار.

وأكدت أيضاً أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة مقابلة، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.

وبالمثل، لم يخرج لبنان من تصنيفه الضبابي ضمن فئة «الأسواق المنفردة» التي يعتمدها مصرف الاستثمار العالمي «مورغان ستانلي»، ما يؤثر تلقائياً على تفاقم مفاعيل العوائق الأساسية التي تتعلّق بحقوق المستثمرين الأجانب.

بالمقابل، برزت إشارة مطمئنة نسبياً، تكمن في توقّعات وكالة «موديز» بأن يوقف الاقتصاد اللبناني سلسلة انكماشاته في عام 2024 الحالي، بحيث يرتقب أن تسهم السياحة القويّة وتدفقات التحاويل بتحسين مستويات الاستهلاك. مع التنويه بأنّ البلاد لا تزال عالقة في أزمة اقتصاديّة وماليّة واجتماعيّة عميقة لا يبدو أنّ المؤسّسات قادرة على معالجتها.

ووفق تحديثات التصنيف الائتماني السيادي للديون الحكومية الصادرة عن وكالة التصنيف الدوليّة «موديز» بتاريخ 6 يونيو (حزيران) الحالي، استقر تصنيف لبنان السيادي عند « «Cالمتدنيّة، وعلى النظرة المستقبليّة المستقرّة.

ويعكس هذا التصنيف احتماليّة مرتفعة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة من قيمتها الاسمية. في حين فشلت الحكومة السابقة واللاحقة في تنفيذ خطة إعادة الهيكلة التي تم الإعلان عنها في شهر أبريل (نيسان) 2020، وبعد فترة وجيزة من تخلّف الدولة عن سداد سندات «اليوروبوندز» في شهر مارس (آذار).

وبالاستنتاج، فإن أي عمليّة إعادة هيكلة يجب أن تطول الحكومة ومصرف لبنان والقطاع المصرفي بالنظر إلى الروابط القوية بين هذه الأطراف الثلاثة. علماً بأن الحكومة السابقة أقدمت في ربيع عام 2020 على إشهار التعثر عن دفع شريحة من هذه الديون، ما انسحب على كامل الشرائح المتوزعة تباعاً حتى عام 2037، وبقيمة أصول تناهز 31 مليار دولار، يضاف إليها استحقاقات فوائد غير مسددة ترفع الإجمالي إلى نحو 40 مليار دولار.

ويستند التصنيف السيادي إلى قياسات منهجية تشمل 4 مستويات أساسية، حيث سجّل لبنان نتيجة «caa2» في معيار القوّة الاقتصاديّة نظراً للانكماش الاقتصادي الكبير، ونتيجة «ca» بالنسبة للقوّة المؤسّساتيّة ما يعكس ضعف مؤسّسات الدولة.

أمّا على صعيد القوّة الماليّة، فقد نال لبنان نتيجة «ca»، وهي نتيجة تعكس دين الدولة الكبير الذي قد يتسبب بخسائر كبيرة للدائنين في حال تعثّرت الدولة عن الدفع. كذلك حصل لبنان على نتيجة «ca» في معيار التعرُّض لمخاطر الأحداث، نظراً لمخاطر السيولة والتعرّض الخارجي اللذين لا يمكن معالجتهما من دون إعادة هيكلة شاملة للدين.

أما بخصوص العوائق الأساسيّة التي تتعلّق بحقوق المستثمرين الأجانب، والتشريعات المتّبَعة في السوق، التي رصدها بنك الاستثمار العالمي، فقد سلّط الضوء على الحظر المفروض من قبل السلطات اللبنانيّة على التحويلات العينيّة والعمليّات خارج البورصة، إضافة إلى غياب سوق القطع «الأوفشور» ووجود قيود على المعاملات بالعملات الأجنبيّة، حيث يحظر على المستثمرين الأجانب تملّك أرصدة بالليرة اللبنانيّة، كما يجب ربط المعاملات بالعملات الأجنبيّة بمعاملات أمنيّة.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

قتيل و18 جريحاً من الجيش اللبناني في قصف إسرائيلي على حاجز أمني

جنود من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)
جنود من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)
TT

قتيل و18 جريحاً من الجيش اللبناني في قصف إسرائيلي على حاجز أمني

جنود من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)
جنود من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)

أعلن الجيش اللبناني، الأحد، مقتل أحد عناصره وإصابة 18 آخرين في قصف مدفعي إسرائيلي استهدف حاجز العامرية الأمني على طريق الناقورة في جنوب البلاد.

وأضاف الجيش في بيان أن القصف ألحق أضراراً جسيمة بالمركز.

وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية أن النيران اندلعت في مخازن حاجز العامرية بعد استهدافه بقصف مدفعي إسرائيلي.

وفور تعرض مركز الجيش في منطقة العامرية لقصف، تحركت فرق من جمعية الرسالة للإسعاف الصحي - مركز البازورية التطوعي إلى المكان المستهدف، حيث عمل فريق على نقل إصابة إلى أحد مستشفيات المنطقة.

يأتى ذلك غداة تشديد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لنظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس على «أهمية ضمان سلامة وأمن القوات المسلحة اللبنانية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)».

كما أكد وزير الدفاع الأميركي التزام بلاده بالتوصل لحل دبلوماسي في لبنان يسمح للمدنيين الإسرائيليين واللبنانيين بالعودة بأمان إلى منازلهم.وقبل غارة اليوم وصل عدد القتلي في صفوف الجيش اللبنانيين الذين قتلوا خلال الحرب المتواصلة إلى 42 عنصراً، بينهم 18 قتلوا في مراكز عملهم و24 في منازلهم.

وتم تحييد الجيش اللبناني عن الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي على «حزب الله» منذ منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي بقرار سياسي، خصوصاً أن «حزب الله» كان هو من قرر تحويل جبهة الجنوب اللبناني لجبهة دعم وإسناد لغزة في الثامن أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقرّرت قيادة الجيش إعادة التموضع، بحيث نقلت عدداً من الجنود الذين كانوا يتمركزون في نقاط حدودية متقدمة إلى مواقع أخرى لتجنب أي احتكاك مباشر مع الجنود الإسرائيليين الذين يحاولون التقدم داخل الأراضي اللبنانية.