إقليم كردستان يحذّر من «هجرة» آلاف النازحين العراقيين

مسؤول حكومي لـ«الشرق الأوسط»: لا تراجع عن قرار إغلاق المخيمات في يوليو المقبل

مخيم «جمشكو» للنازحين في العراق استقبل كثيراً من الإيزيديين 3 أغسطس 2014 (غيتي)
مخيم «جمشكو» للنازحين في العراق استقبل كثيراً من الإيزيديين 3 أغسطس 2014 (غيتي)
TT

إقليم كردستان يحذّر من «هجرة» آلاف النازحين العراقيين

مخيم «جمشكو» للنازحين في العراق استقبل كثيراً من الإيزيديين 3 أغسطس 2014 (غيتي)
مخيم «جمشكو» للنازحين في العراق استقبل كثيراً من الإيزيديين 3 أغسطس 2014 (غيتي)

حذّر إقليم كردستان العراق، الخميس، من مخاطر هجرة النازحين إلى خارج البلاد في حال مضيّ الحكومة الاتحادية بتطبيق قرارها إخلاء جميع مخيمات النزوح بحلول 30 يوليو (تموز) المقبل.

ويأتي التحذير الكردي بعد نحو ثلاثة أسابيع من تحذير آخر أطلقته منظمة «هيومن رايتس ووتش» بشأن إمكانية «انتهاك حقوق النازحين من قضاء سنجار» في حال إصرار الحكومة الاتحادية على تنفيذ قرارها.

وقال وزير داخلية إقليم كردستان ريبر أحمد، في كلمة خلال مراسم افتتاح المركز الاستشاري للهجرة في مدينة أربيل، إن «إقليم كردستان أدى دوراً رئيسياً في المنطقة بالحد من الهجرة إلى البلدان الأخرى، وتعامل مع هذه القضية بوصفه بلداً مستضيفاً، والدليل على ذلك أنه حتى الآن يوجد نحو مليون لاجئ ونازح على أرضه، وقد بات ملاذاً لآلاف الأجانب».

وعبر الوزير أحمد عن قلقه من إصدار الحكومة الاتحادية قراراً بإخلاء المخيمات من «دون تهيئة أي أرضية مناسبة مسبقاً، ورأى أن ذلك «لا يخدم هذا الملف البتة، بل على العكس يقضي على آمال النازحين بالعودة، ويجعلهم يفكرون بالهجرة إلى دول أخرى».

وكان مجلس الوزراء أقرَّ مطلع أبريل (نيسان) الماضي، خطة لإخلاء مخيمات النزوح نهاية يوليو بشكل نهائي ووضع الآليات التي من شأنها دعم الاستقرار في مناطق العودة وتهيئة الأرضية المناسبة لعودتهم، لا سيما ما يتعلق بمنح العائدين مبلغ 4 ملايين دينار (نحو 2700 دولار)، وكذلك تطبيق القرار المتعلق بتخصيص 2 في المائة من تعيينات عقود التربية في المحافظة للعائدين.

غير أن بعض المنظمات الحقوقية، وخاصة «هيومن رايتس ووتش»، ترى أن ظروف العودة غير مناسبة في قضاء سنجار الذي يمثل نازحوه النسبة الكبرى؛ لأنها ما زالت غير آمنة، وتفتقر إلى الخدمات الاجتماعية اللازمة لضمان الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، لآلاف النازحين الذين قد يضطرون إلى العودة قريباً.

خيم «مام رشان» قرب مدينة دهوك في العراق (أ.ب)

إغلاق سارٍ المفعول

من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين علي عباس جهانكير «سريان مفعول القرار الحكومي القاضي بإخلاء المخيمات»، لكنه امتنع عن التعليق على تصريحات وزير داخلية إقليم كردستان.

وقال جهانكير لـ«الشرق الأوسط»، إن «وزارة الهجرة جهة تنفيذية وماضية في تطبيق قرار مجلس الوزراء المتعلق بإخلاء المخيمات، وقد عادت خلال الأيام القليلة الماضية نحو 2000 من أصل 30 ألف أسرة معظمها إيزيدي بمخيمات النزوح في إقليم كردستان».

ويتوقع متحدث الهجرة أن «تزداد وتيرة عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية مع حلول موسم عطلة المدارس الصيفية»، لكنه لا يستبعد «الانتهاء من ملف النازحين في سنجار بشكل كامل في القريب العاجل»، ومع ذلك، فإن القرار الحكومي منح «3 خيارات أساسية للنازح، تستند إلى المعايير الدولية بالنسبة لغلق مخيمات النازحين، وتتمثل في العودة لمناطق السكن الأصلية، أو المكوث في منطقة النزوح (وليس في المخيم)، والثالث الانتقال إلى منطقة ثالثة».

وكشف جهانكير عن وجود 23 مخيماً معظمها في إقليم كردستان، يشغلها حالياً نحو 28 ألف عائلة (أكثر من 130 ألف نسمة) معظمها من العوائل الإيزيدية في قضاء سنجار، والتي اضطرت إلى النزوح بعد سيطرة تنظيم «داعش» على القضاء في أغسطس (آب) 2014، قبل أن تتمكن القوات الحكومية من طرده وتحرير القضاء نهاية عام 2015.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوة عسكرية مشتركة بين «البيشمركة» والجيش العراقي (موقع باس الكردي)

تفجير يودي بضباط وجنود من الجيش العراقي و«قوات البيشمركة» الكردية

أعلنت وزارة «البيشمركة» في حكومة إقليم كردستان، مقتل عدد من الضباط وجرح جنود، جراء انفجار أكثر من عبوة مزروعة في المكان نفسه، محدثة انفجاراً سُمع لمسافات بعيدة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي بارزاني خلال مراسم حفل التخرج (الشرق الأوسط)

نيجرفان بارزاني: «البيشمركة» جزء رئيسي من منظومة الدفاع العراقية

جدد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، السبت، دعواته المتكررة لتوحيد صفوف قوات الأمن الكردية (البيشمركة) وعدها جزءاً مهماً من منظومة الدفاع العراقية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مركب سياحي في البصرة (أ.ف.ب)

بغداد ترفض طلباً كردياً بتأجيل التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها»

رفضت الحكومة المركزية في بغداد طلباً لحكومة إقليم كردستان بتأجيل إجراء التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها» إلى موعد لاحق.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني (إكس)

بارزاني يحدد 4 مبادئ لتشكيل حكومة كردستان

شدد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، على أربعة مبادئ أساسية لتشكيل حكومة إقليم كردستان، أبرزها توحيد الإدارات وقوات «البيشمركة».

فاضل النشمي (بغداد)

ماذا يعني إعلان «حزب الله» العودة للعمل السياسي تحت سقف «الطائف»؟

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
TT

ماذا يعني إعلان «حزب الله» العودة للعمل السياسي تحت سقف «الطائف»؟

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)

كان لافتاً أن يخرج أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أخيراً، للحديث عن مرحلة ما بعد وقف النار وانتهاء الحرب الإسرائيلية، ليعلن أن خطوات الحزب السياسيّة وشؤون الدولة ستكون «تحت سقف الطائف»، ويتحدث عن «مساهمة فعالة» لانتخاب رئيس للجمهورية، مع إشارة واضحة إلى ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، التي عدّها «الرصيد المتبقّي الذي نستطيع من خلاله أن نبني وطننا». وهذه الثلاثية هي عبارة ترد في البيان الوزاري للحكومات اللبنانية منذ أعوام، وفيها تشريع مبطن لعمل الحزب العسكري.

واختلفت قراءة مواقف الحزب تلك. ففيما عدَّ البعض أنه يمهّد من خلالها لتنازلات في المرحلة المقبلة مرتبطة بسلاحه، رأى آخرون أنها تنحصر بـ«المشروع السياسي»، إذ إن آخر ما قد يُقدم عليه «حزب الله» اليوم طالما الحرب مستمرة وفي أوجها الحديث عن سلاحه ومصيره.

ما الذي نص عليه «الطائف»؟

وقسّم «اتفاق الطائف»، الذي يُعرف بـ«وثيقة الوفاق الوطني اللبناني»، التي صادق عليها مجلس النواب في عام 1989، المراكز والمناصب على الطوائف، وحدد صلاحيات السلطات الأساسية. ونصّ على «حلّ جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم أسلحتها إلى الدولة اللبنانية»، لكنه في الوقت عينه أشار إلى «اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي، وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها».

ولطالما حاول «حزب الله» إبداء تمسكه بـ«اتفاق الطائف». وفي يوليو (تموز) 2023، أكد الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله أن «الحديث عن أن (حزب الله) يريد إلغاء (اتفاق الطائف) والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين هو كذب وتضليل مقصود».

المشروع السياسي

ووصف الكاتب والباحث السياسي قاسم قصير، المطلع عن كثب على شؤون «حزب الله»، موقف قاسم، بـ«المهم»، معتبراً أنه «يؤكد التزام الحزب بالاتفاق، وأنه لن يكون له مشروع سياسي داخلي مختلف». وشدد قاسم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أنه «ليس لهذا الموقف علاقة بالسلاح باعتبار أن (اتفاق الطائف) له علاقة بالمشروع السياسي».

مصلحة شيعية

من جهته، رأى عضو كتلة «تحالف التغيير» النائب ميشال دويهي أن «مفهوم (اتفاق الطائف) عند عدد كبير من القوى السياسية يتخطى (الطائف) والصلاحيات الدستورية. فنرى هذه القوى، وعلى رأسها (الثنائي الشيعي)، أي (حزب الله) وحركة «أمل»، تنتقي ما تريد من هذا الاتفاق وتطبقه»، متسائلاً: «ألم ينص الاتفاق على حل كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة وهو أمر لم يحصل؟».

وعدَّ دويهي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل السلوك السياسي والدستوري والقانوني لـ(الثنائي)، هو تعدّ على (الطائف)»، مضيفاً: «آخر ملامح خرق (الطائف) تولي الرئيس بري مفاوضات وقف النار بدلاً عن رئيس الجمهورية»، ولافتاً إلى أنه «بعد الحرب الكبيرة والمؤلمة لجميع اللبنانيين، نرى أنه لدينا فرصة لتطبيق (الطائف)، واستعادة الدولة وبناء المؤسسات، ونعتقد أن للطائفة الشيعية مصلحة وجودية وكيانية بالعودة إلى الدولة والمساهمة في بناء دولة قوية».

لا شيء مضمون

أما رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي بول مرقص، فعدَّ أن الشيخ قاسم، وبحديثه في هذا التوقيت عن «الطائف»، إنما «غمز باتجاه أن الحزب سيكون من الآن وصاعداً حزباً سياسياً يعمل وفق أطر اللعبة السياسية التي أرسى قواعدها (اتفاق الطائف) لا ميليشيا مسلحة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «قصد أيضاً أن الحزب لن يذهب باتجاه (العد)، أي اعتبار أن أكثرية طائفية معينة يمكنها أن تحتل مركز طائفة أخرى. لكن الأمرين أشار إليهما من باب الغمز، لا من باب الضمانة أو التأكيد، لأن لا شيء يمنع أن يستمر الحزب بحمل سلاحه طالما العبارة لم تأت واضحة وصريحة».

وأضاف مرقص: «(الطائف) نصّ على حل جميع الميليشيات إلا أنه أبقى على مفهوم المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية، لذلك يفسره (حزب الله) على النحو الذي يريده، بحيث يبقي على سلاحه تحت هذا الشعار، من هنا لا يمكن اعتبار عبارة (تحت سقف الطائف) عبارة ضامنة إنما تحتمل الكثير من الالتباس والتأويل».