لودريان في مهمة استطلاعية بحثاً عن حلول لانتخاب رئيس للبنان

بطلب من ماكرون تحضيراً للقائه ببايدن

الموفد الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان (رويترز)
الموفد الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان (رويترز)
TT

لودريان في مهمة استطلاعية بحثاً عن حلول لانتخاب رئيس للبنان

الموفد الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان (رويترز)
الموفد الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان (رويترز)

يقف الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في زيارته السادسة للبنان التي بدأها، الثلاثاء، أمام مشهد سياسي - أمني مشتعل في الجنوب اللبناني مع تصاعد وتيرة المواجهة العسكرية بين «حزب الله» وإسرائيل على نحو يُنذر بتوسعة الحرب في ضوء التهديدات التي تطلقها تل أبيب من حين إلى آخر، رغم الضغوط التي تستهدفها لمنعها من توسعتها.

فزيارة لودريان للبنان تختلف عن سابقاتها، وتأتي بتكليف من الرئيس إيمانويل ماكرون، مع أنه يدرك جيداً أن الظروف السياسية الداخلية ليست ناضجة حتى الساعة لإخراج انتخاب رئيس للجمهورية من التأزّم نظراً لارتباط انتخابه بإصرار «حزب الله» على وحدة الساحات، ورفضه الفصل بين جبهتي غزة والجنوب، مشترطاً وقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية بوصفه ممراً إلزامياً لتهدئة الوضع في الجنوب الذي لم يعد محكوماً بقواعد الاشتباك، كون المواجهة العسكرية تخرج عن السيطرة لتطول مناطق في العمقين اللبناني والإسرائيلي، كما أن انتخاب الرئيس لن يكون في متناول اليد حتى الساعة، وبات معلقاً، كما يقول مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط»، على تسوية النزاعات في المنطقة، وهذا ما أكده أيضاً مرشح محور الممانعة لرئاسة الجمهورية رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، مضيفاً أن «حزب الله» يدعم هذا التوجه الذي يتيح لإيران أن تحجز لنفسها مقعداً فيها، خصوصاً أن ترحيل انتخابه يوفّر لها الفرصة لإعادة تكوين السلطة، وترتيب أوراقها التفاوضية بعد مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان إثر تحطم المروحية التي كانت تقلهما.

ويؤكد المصدر الدبلوماسي الغربي أن ماكرون أوفد ممثله الشخصي إلى لبنان على مسؤوليته الشخصية، بخلاف ما أُسدي له من نصائح بضرورة التريث في إيفاده على خلفية أن المواقف المحلية ما زالت على حالها، ولم يطرأ عليها أي تبدّل يمكن الرهان عليه لإعادة تحريك الملف الرئاسي، ويقول إنه لا علاقة لزيارته بسفراء اللجنة «الخماسية» الذين بادروا إلى رسم خريطة الطريق لوقف المراوحة التي يتخبط فيها انتخاب الرئيس، وهم ينتظرون تجاوب الكتل النيابية معها الذي يتطلب منهم الموافقة لإعادة خلط الأوراق على نحو يسمح بإيصال رئيس توافقي إلى الرئاسة.

ويلفت المصدر نفسه، إلى أن إيفاد ماكرون للودريان إلى لبنان وعلى مسؤوليته هذه المرة، لا يعني وجود خلاف بين باريس وسفراء «الخماسية»، بقدر ما أن إيفاده يأتي في سياق التحضير للقمة التي تُعقد بين الرئيسين الفرنسي والأميركي في السادس من يوليو (حزيران) المقبل، التي سيُدرج ملف انتخاب رئيس الجمهورية بنداً أساسياً على جدول أعمالها.

ويكشف أن مهمة لودريان تكمن في إعداده مقاربة تفصيلية وواقعية تتعلق بالأسباب التي ما زالت تعطل انتخاب الرئيس في ضوء ردود الفعل النيابية على البيان الصادر عن سفراء «الخماسية»، التي جاءت متباينة بين محور الممانعة وقوى المعارضة حول مبدأ الحوار الذي يقترحه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والتشاور الذي تدعو له المعارضة.

ولم يستبعد المصدر أن يكرر لودريان أسئلته التي طرحها سابقاً على الكتل النيابية عما لديها من أفكار تكون بمثابة مقترحات وحلول لإخراج انتخاب الرئيس من دوامة التعطيل.

ويؤكد المصدر الدبلوماسي أن الخلاف بين محور الممانعة والمعارضة في هذا الخصوص لم يكن السبب المؤدي لتمديد الشغور في رئاسة الجمهورية، ويقول إنه ما هو إلا ذريعة لحجب الأنظار عن امتناع «حزب الله» عن البحث في انتخاب الرئيس ما لم يجرِ التوصل لوقف النار على الجبهة الغزاوية وجنوحه، في الوقت نفسه، نحو تهيئة الظروف لإيران بما يسمح لها بالانخراط في التسوية في حال تقررت إعادة الاعتبار لها. ويرى أن التقرير الذي سيرفعه لودريان إلى ماكرون حول ما يمكن القيام به لوضع انتخاب الرئيس على نار حامية سيكون حاضراً في القمة التي سيعقدها مع نظيره الأميركي جو بايدن، ليكون في وسعهما تقويم الوضع لعلهما يتوصلان إلى ما يفتح الباب أمام إحداث خرق في الملف الرئاسي يشكل رافعة لـ«الخماسية» تستعين بها لوقف التمديد للشغور الرئاسي الذي يمكن أن يستمر إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية.

ويلفت المصدر نفسه إلى أن السفيرة الأميركية ليزا جونسون كانت قد استبقت لودريان في المهمة التي أوكلها إليها ماكرون، وأجرت اتصالات توّجتها باجتماعها برئيس المجلس النيابي نبيه بري، لتغادر لاحقاً إلى واشنطن لحضور اللقاء السنوي لسفراء الولايات المتحدة لدى الخارج المخصص للبحث في الأوضاع في المحيط والمنطقة، وتحديداً تلك الساخنة ومنها لبنان.

ويقول إن التقرير الذي أعدته حول واقع الحال في لبنان لن يكون في متناول السفراء فحسب، وإنما ستوضع نسخة منه بتصرف بايدن لمناقشته مع ماكرون من جهة، ومقارنته بالتقرير الذي أعده لودريان، لعلهما يتوصلان إلى قواسم مشتركة تتعلق بتضافر الجهود بالتنسيق مع بقية الدول الأعضاء في «الخماسية» لإنقاذ الاستحقاق الرئاسي من التأزّم بوصفه مدخلاً لإعادة تكوين السلطة التي يُفترض أن تنم عن رغبة لبنان الرسمي، فعلاً لا قولاً، بتطبيق القرار 1701 لمنع إسرائيل من توسعة الحرب.

وعليه، فإن زيارة لودريان هذه المرة ما هي إلا جولة استطلاعية، كما يقول مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط»، ليس لتأكيد الحضور الفرنسي في الجهود الرامية لإنقاذ لبنان، وإنما لإتاحة الفرصة أمام باريس لتحجز مقعداً لها في التسوية في حال أن المعطيات تبدّلت بما يسمح بانتشال البلد من قعر الهاوية التي أوصلته إليها الطبقة السياسية، وأولها المنظومة الحاكمة التي لم تحسن إدارته لوقف تدحرجه نحو الانهيار.

لذلك فإن لودريان يأمل من جولته هذه استخلاص الأفكار التي سيناقشها ماكرون مع بايدن لعلهما يتمكنان من إنقاذ لبنان قبل فوات الأوان، وتدحرجه نحو المجهول!


مقالات ذات صلة

تواصل غربي مع «حزب الله» لا يشمل أميركا وبريطانيا

المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يسيرون حاملين أعلام الحزب خلال تجمع ببيروت في 31 مايو 2019 (رويترز)

تواصل غربي مع «حزب الله» لا يشمل أميركا وبريطانيا

عكس لقاءان عقدهما نائب مدير المخابرات الألمانية، أولي ديال، مع نائب الأمين العام لـ«حزب الله»، في بيروت، انفتاحاً سياسياً وأمنياً غربياً على الحزب.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي جزء من مجمع السفارة الأميركية في عوكر بلبنان (أ.ب)

لبنان: توجيه تهمة الانتماء إلى «داعش» لمطلق النار على السفارة الأميركية

وجّهت السلطات اللبنانية تهمة الانتماء إلى تنظيم «داعش» لرجل فتح النار على السفارة الأميركية في بيروت، وفق ما أفاد مصدر قضائي اليوم (الثلاثاء).

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد نتيجة مقذوفات أطلقت من جنوب لبنان قرب الحدود الإسرائيلية - اللبنانية (إ.ب.أ)

بعد مقتل مدني بضربة... «حزب الله» يُطلق صواريخ على شمال إسرائيل

أعلن «حزب الله» اللبناني اليوم (الثلاثاء) إطلاق عشرات الصواريخ على شمال إسرائيل «رداً» على مقتل لبناني في غارة جوية إسرائيلية على قرية حدودية جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي توقيع مذكرة التعاون بين «مركز الملك سلمان» و«الهيئة العليا للإغاثة» ويبدو في الصورة السفير بخاري والرئيس ميقاتي (الشرق الأوسط)

إطلاق 28 مشروعاً ممولة سعودياً في لبنان

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» و«الهيئة العليا للإغاثة» في لبنان مذكرة تعاون مشترك لتنفيذ 28 مشروعاً في المناطقِ اللبنانيةِ مولتها المملكة

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شاطئ مدينة صور وتبدو في الخلفية جبال حدودية مع إسرائيل تتعرض لقصف إسرائيلي متكرر (أ.ف.ب) play-circle 01:27

الحرب تقوّض النشاط السياحي في جنوب لبنان... وصور استثناء

لا تمنع الحرب رواد شاطئ صور من الاستمتاع ببحر المدينة وشمسها، رغم أن القصف لا يبعد أكثر من 10 كيلومترات عنه، بينما تخلو المنتجعات جنوبه من أي حركة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مقتل 16 فلسطينياً على الأقل في قصف إسرائيلي لمدرسة في غزة

مصاب فلسطيني في مستشفى ناصر الطبي جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
مصاب فلسطيني في مستشفى ناصر الطبي جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مقتل 16 فلسطينياً على الأقل في قصف إسرائيلي لمدرسة في غزة

مصاب فلسطيني في مستشفى ناصر الطبي جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
مصاب فلسطيني في مستشفى ناصر الطبي جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

واصل الجيش الإسرائيلي، السبت، توجيه ضربات دامية في قطاع غزة، استهدفت إحداها، وفق «حماس»، مدرسة تؤوي نازحين قتل منهم 16.

وبينما تدخل الحرب في قطاع غزة شهرها العاشر، الأحد، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة «حماس» أن 16 شخصاً قتلوا في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في مخيم النصيرات وسط القطاع المدمر.

وكانت «وكالة الأنباء الفلسطينية» (وفا) قد قالت، في وقت سابق اليوم السبت، إن 13 شخصاً على الأقل قُتلوا في قصف إسرائيلي لمدرسة تؤوي نازحين فلسطينيين في مدينة النصيرات وسط قطاع غزة.

وذكرت الوكالة، نقلاً عن مصادر محلية، أن طائرات إسرائيلية «قصفت مدرسة الجاعوني التي تؤوي نازحين في النصيرات، ما أدى لاستشهاد 13 مواطناً بعضهم أشلاء، وإصابة العشرات، معظمهم من النساء والأطفال»، وفقاً لوكالة «رويترز».

مجزرة

ونددت وزارة الصحة في غزة بـ«مجزرة بشعة»، السبت، في قصف لمدرسة الجاعوني في مخيم النصيرات، مؤكدة أن 50 شخصاً آخرين أصيبوا بجروح، ونقلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى.

فلسطينيون يتجمعون أمام حطام مبنى يتبع مدرسة الجاعوني في مخيم النصيرات (أ.ف.ب)

وفي وقت سابق، السبت، أفاد مسعفون بمقتل 10 أشخاص، بينهم 3 صحافيين محليين في غارة جوية على منزل في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. وقتل صحافي رابع في مدينة غزة شمال القطاع، وفق المكتب الإعلامي لحركة «حماس».

واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بعد هجوم «حماس» غير المسبوق على جنوب إسرائيل، الذي أسفر عن مقتل 1195 شخصاً، وفقاً لتعداد «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

ومن بين 251 شخصاً خُطفوا خلال الهجوم، ما زال 116 محتجزين رهائن في غزة، من بينهم 42 لقوا حتفهم، وفق الجيش الإسرائيلي. وأدى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة حتى الآن إلى مقتل أكثر من 38 ألف شخص على الأقل.