صراع حزبي على جداول الموازنة العراقية

البصرة تعترض على خفض النفقات... وجهات برلمانية ترجح إقرار الأموال بعد أشهر

جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)
جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

صراع حزبي على جداول الموازنة العراقية

جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)
جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)

بعد نحو 5 شهور من التأخير، عقد مجلس الوزراء العراقي جلسة استثنائية، الأسبوع الماضي، ليقر جداول الموازنة المالية لعام 2024، ويرسلها إلى البرلمان.

وقبل الإعلان عن إرسال الموازنة، أنهى البرلمان فصله التشريعي معلناً في آخر جلسة عدم تمديد الفصل رغم جمع تواقيع أكثر من 60 نائباً، وهو العدد الكافي للتصويت على تمديد الفصل.

وجاءت محاولات التمديد للفصل التشريعي من النواب السُّنة بالدرجة الأولى الذين كانوا يريدون حسم قضية انتخاب رئيس للبرلمان قبل نهاية الفصل التشريعي، لكن رئاسة البرلمان قررت التمديد دون تصويت بعد أن أخبرت الحكومة البرلمان بأنها بصدد إرسال جداول الموازنة، الأسبوع المقبل.

وكان مسؤول كبير في البرلمان قد أبلغ «الشرق الأوسط» أن «التمديد للفصل التشريعي جاء بسبب إعلان مكتب رئيس الوزراء بضرورة التمديد»؛ و«لهذا السبب» يضيف المسؤول: «قرر رئيس البرلمان بالإنابة محسن المندلاوي تمديد الفصل التشريعي مستنداً إلى المادة 58 من الدستور التي تجيز التمديد».

بانتظار جداول الموازنة

وبقي البرلمان ينتظر وصول جداول الموازنة بهدف إقرارها لتأخر الإنفاق على معظم المشاريع في بغداد والمحافظات فضلاً عن الوزارات وإقليم كردستان، لكن بمجرد أن تسلمها البرلمان حتى دخلت حيز الجدل السياسي بين مختلف الأطراف؛ نظراً لما تضمنته من بنود وفقرات مختلف عليها كالعادة؛ ما يحولها إلى مادة للمزايدة الانتخابية المبكرة.

وأكدت اللجنة المالية في البرلمان خلو جداول الموازنة لسنة 2024، من سلم الرواتب أو التعيينات الجديدة.

وقال عضو اللجنة مصطفى الكرعاوي في تصريح صحافي، إن «جداول موازنة 2024 المرسلة من قبل الحكومة لا تتضمن سلم الرواتب الجديد»، وإن «السلم يفترض أن يرسل بوصفه قانوناً منعزلاً عن الموازنة، وهو ضمن صلاحيات الحكومة حصراً وليس للبرلمان أي دور في ذلك».

وبيَّن الكرعاوي أن «جداول الموازنة المرسلة لا تتضمن إطلاق أي تعيينات جديدة، خصوصاً في ظل الارتفاع في النفقات، إضافة إلى ارتفاع نسبة العجز المالي، ومن ثم فإن الحكومة لجأت إلى تفعيل القطاع الخاص لإيجاد فرص العمل».

وبدا أن تخصيصات محافظات إقليم كردستان أفضل من بقية المحافظات، فإن رئيس مجلس محافظة البصرة التي يعد النفط المصدر منها الرافد الأهم للموازنة، أبدى اعتراضه على تخفيض موازنة المحافظة من قبل الحكومة الاتحادية في الجداول التي أرسلتها إلى البرلمان لعام 2024.

وقال خلف البدران في بيان صحافي: «فوجئنا بتخفيض موازنة البصرة في جداول العام الحالي 2024، من مبلغ 2 تريليون و900 مليار دينار إلى 850 مليار دينار فقط، وهي قد لا تسدد ديون الشركات والمقاولين المكلفين بالمشاريع الخدمية الحالية».

وأكد البدران أن المجلس سيناقش الاعتراض مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وبحث أسباب عدم رفع المبالغ المخصصة للبصرة كما كان متوقعاً، وقال إن «المبالغ المستقطعة كانت مرصودة لإنشاء مشاريع خدمية في الأقضية والنواحي التي تعاني من نقص الخدمات».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (أ.ب)

وكان السوداني قد كشف في مؤتمر صحافي عن وجود أموال كبيرة في صناديق المحافظات لم يجرِ إنفاقها، مشيراً إلى أن إجمالي الموازنة الاستثمارية للمحافظات وصندوق تنمية الأقاليم بلغ 10.6 تريليون، جرى صرف فقط 3.3 تريليون منها، والمتبقي أكثر من 7 تريليونات، وهي تحت تصرف الحكومات المحلية، ومتاحة لتمويل المشاريع، بالإضافة إلى 11 تريليوناً من قانون الأمن الغذائي صرف منها 38 في المائة، والمتبقي أكثر من 7 تريليونات في حسابات المحافظات.

وأقر النائب المستقل في البرلمان العراقي كاظم الفياض بأنه من المتوقع أن يتأخر إقرار جداول الموازنة المالية لعام 2024، بسبب الخلافات السياسية.

وأشار إلى أن «صراع مصالح يعرقل إقرار جداول الموازنة، وأن القوى المتنفذة تعودت على هذا النوع من الخلافات».

الثقب الأسود في الموازنة

وفي السياق نفسه، كتب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي سلسلة تدوينات حول الموازنة أكد فيها أن «الدرجات الخاصة هي الثقب الأسود في الموازنة المالية لعام 2024؛ حيث إن عدد الدرجات العليا من وكيل وزير فما فوق يبلغ 768 درجة»، مشيراً إلى أن «كردستان تستأثر وحدها بـ329 درجة أي بنسبة 43 في المائة من إجمالي الدرجات الخاصة، بينما تستأثر وزارة الخارجية بالحصة الكبرى بين الوزارات العراقية بـ118 درجة تليها التعليم العالي بنحو 44 درجة».

وعلى صعيد الإنفاق العسكري يقول المرسومي إن «الإنفاق العسكري يزاحم الإنفاق المدني في موازنة 2024؛ حيث بلغت التخصيصات المالية للأمن والدفاع 32 تريليون دينار عراقي (نحو 29 مليار دولار أميركي)».

وأضاف المرسومي أنه «في الوقت الذي يبلغ فيه إجمالي رواتب أجهزة الأمن والدفاع 26 تريليون دينار فإن إجمالي رواتب موظفي الدولة يبلغ 63 تريليون دينار عراقي، حيث تبلغ نسبة رواتب الأمن والدفاع إلى إجمالي الرواتب 42 في المائة».


مقالات ذات صلة

العبادي: قادة أحزاب شيعية طلبوا مني إبادة متظاهري الصدر

المشرق العربي صورة أرشيفية لأنصار الصدر بعد اقتحامهم المنطقة الخضراء في بغداد (رويترز)

العبادي: قادة أحزاب شيعية طلبوا مني إبادة متظاهري الصدر

فجّر رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي معلومات من الوزن الثقيل بشأن قيادات شيعية في «الإطار التنسيقي» كانت حثته على «إبادة» أتباع التيار الصدري.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني خلال استقباله رئيس الوزراء الفلسطيني في بغداد 6 يونيو 2024 (إعلام حكومي)

بغداد: «حماس» لم تطلب رسمياً نقل قيادتها إلى العراق

نفت الحكومة العراقية ما تناقلته وسائل إعلام محلية وغربية منذ أيام عن رغبة قيادة منظمة «حماس» الفلسطينية في نقل مقار قيادتها إلى بغداد من العاصمة القطرية الدوحة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي عناصر فصيل عراقي مقرب من طهران يحرقون علم إسرائيل في أحد شوارع بغداد (أ.ب)

«الحرس الثوري» يفحص خططاً عراقية لدعم «حزب الله»

يناقش قادة فصائل عراقية «خططاً أولية» لدعم «حزب الله» في لبنان حال خاض حرباً مع إسرائيل، لكنها جميعاً غير نهائية بانتظار رأي الفصيل اللبناني وموافقة طهران.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي عراقيون يسبحون في نهر الفرات بمدينة النجف في ظل ارتفاع درجات الحرارة في العراق يوم 21 يونيو الجاري (رويترز)

اتساع الاحتجاجات على انقطاع التيار الكهربائي في العراق

بدأ «ائتلاف إدارة الدولة» الداعم للحكومة العراقية، التحرك على خط أزمة الكهرباء بعد اتساع نطاق الاحتجاجات في أكثر من محافظة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عناصر من القوات البيشمركة في حزب «كوملة» الكردستاني الإيراني المعارض في معسكر تدريبي بموقع شمال العراق (إكس)

العراق: لم يبقَ للمعارضة الإيرانية أي تواجد قرب الشريط الحدودي مع إيران

أكد مسؤول أمني عراقي أنه «لم يبقَ للمعارضة الإيرانية أي تواجد قريب من الشريط الحدودي بين العراق وإيران»، كاشفاً أيضاً عن خطة لتأمين الحدود مع تركيا.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

أميركا وإسرائيل تبحثان «ترتيبات مع حزب الله»


الدخان يتصاعد من بلدة الخيام في جنوب لبنان أمس وسط تصاعد القتال بين «حزب الله» وإسرائيل (رويترز)
الدخان يتصاعد من بلدة الخيام في جنوب لبنان أمس وسط تصاعد القتال بين «حزب الله» وإسرائيل (رويترز)
TT

أميركا وإسرائيل تبحثان «ترتيبات مع حزب الله»


الدخان يتصاعد من بلدة الخيام في جنوب لبنان أمس وسط تصاعد القتال بين «حزب الله» وإسرائيل (رويترز)
الدخان يتصاعد من بلدة الخيام في جنوب لبنان أمس وسط تصاعد القتال بين «حزب الله» وإسرائيل (رويترز)

تسعى المحادثات الدبلوماسية لمنع تمدد الصراع بالتزامن مع تصاعد وتيرة التهديدات بين إسرائيل و«حزب الله». ويأتي هذا في حين تناقش إسرائيل مع مسؤولين أميركيين احتمال التوصل إلى «ترتيبات» مع «حزب الله»، لم تستبعد فيه الحل الدبلوماسي، بموازاة استعدادات عسكرية تشمل سلاح الجو «لأي هجوم على لبنان».

وحذّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أمس (الثلاثاء)، خلال لقاء مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت من أن نزاعاً جديداً بين إسرائيل و«حزب الله» من شأنه أن يُشعل حرباً إقليمية، داعياً إلى حلّ دبلوماسي. وقال أوستن: «يمكن بسهولة أن تتحول حرب جديدة بين إسرائيل و(حزب الله) إلى حرب إقليمية مع عواقب وخيمة على الشرق الأوسط»، مضيفاً أن «الدبلوماسية هي أفضل وسيلة لمنع مزيد من التصعيد».

وفي مستهلّ الاجتماع، قال غالانت: «نعمل معاً بشكل وثيق للتوصل إلى اتفاق، لكن علينا أيضاً مناقشة الاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة».

وفي بيروت، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن «الوضع على الخط الأزرق دقيق والمخاطر قائمة، من هنا ينبغي التعاون بين كل الأطراف لخفض التصعيد والتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة بما ينعكس حكماً وقفاً لإطلاق النار في الجنوب اللبناني».