حرب جنوب لبنان بوتيرة «مستقرة» رغم التهديدات المتبادلة

بري: متمسكون بالقرار 1701 ومنفتحون على أي جهد لوقف العدوان

الدخان يتصاعد من منطقة مرجعيون عند الحدود الجنوبية على أثر تعرضها لقصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من منطقة مرجعيون عند الحدود الجنوبية على أثر تعرضها لقصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

حرب جنوب لبنان بوتيرة «مستقرة» رغم التهديدات المتبادلة

الدخان يتصاعد من منطقة مرجعيون عند الحدود الجنوبية على أثر تعرضها لقصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من منطقة مرجعيون عند الحدود الجنوبية على أثر تعرضها لقصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري «تمسك لبنان بالقرار الأممي 1701 الذي أنهى حرب عام 2006 مع إسرائيل، وانفتاحه على التعاون الإيجابي مع أي جهد دولي لوقف العدوانية الإسرائيلية»، في وقت تستمر فيه المواجهات في جبهة جنوب لبنان بالوتيرة نفسها التي تتراوح بين التصعيد حيناً، والهدوء الحذِر أحياناً أخرى، بحيث بات الخبراء يرجّحون بقاء الوضع على ما هو عليه في المرحلة المقبلة بانتظار ما ستؤول إليه مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.

وقال بري، في «ذكرى المقاومة والتحرير»؛ أي ذكرى الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، إن لبنان «متمسك بحقه في الدفاع عن أرضه بكل الوسائل المتاحة في مواجهة العدوانية الإسرائيلية، ولاستكمال تحرير ما تبقّى من أرضه المحتلّة في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا اللبنانية المحتلّة والشطر الشمالي من قرية الغجر، والنقاط الحدودية المتحفظ عليها مع فلسطين المحتلة، وصولاً إلى النقطة (ب 1) عند رأس الناقورة».

ورغم المواقف التهديدية التي يطلقها المسؤولون الإسرائيليون؛ وآخِرها ما صدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، معلناً أن لدى إسرائيل «خططاً مفصلة ومهمة، وحتى مفاجئة للتعامل مع (حزب الله)، لا تزال المواجهات بين الطرفين تسير (بوتيرة مستقرة)، ووفق قواعد اشتباك محددة».

ويرجّح العميد المتقاعد، الخبير العسكري، خليل الحلو، بقاء الوضع على ما هو عليه، خلال الفترة الحالية، في جبهة الجنوب، في ظل تعثر مفاوضات غزة، لجهة استمرار العمليات المتبادلة ضمن إطار قواعد الاشتباك، حيث يرتكز القصف الإسرائيلي على اغتيال قياديي وعناصر «حزب الله»، واستهداف المواقع العسكرية مع ما يرافقها من قصف للبلدات ومزيد من الدمار.

لكن في المقابل، ومع التهديدات المستمرة من المسؤولين الإسرائيليين، التي يضعها الحلو في خانة الضغوط الإسرائيلية، يتحدث، لـ«الشرق الأوسط»، عن احتمالات وخيارات قد تقوم بها تل أبيب؛ وهي أولاً «الضغط لتحقيق انسحاب (حزب الله)، عبر المفاوضات، على مساحة معينة لإقامة منطقة آمنة تحمي إسرائيل من عملية مماثلة لطوفان الأقصى، وتأتي التصريحات الإسرائيلية في سياق الضغوط عبر التهديدات لتحقيق هذا الهدف».

أما الخيارات العسكرية فهي، وفق الحلو، أولاً «اجتياح الجنوب في حدود عمق معين، وتدمير البنى التحتية والبلدات التي تشكل النسيج الاجتماعي لـ(حزب الله)، والتي ينحدر عناصره منها، وهذا سيكون له ثمن أيضاً، في المقابل، بالنسبة إلى تل أبيب».

والخيار الثالث هو الاجتياح الأوسع من الجنوب، والذي تكون ظروفه مرتبطة بالخيار الثاني، وفق الحلو، «ولا سيما أن (حزب الله) سيواجه عندها إسرائيل مستخدماً صواريخه البعيدة المدى من الهرمل وبعلبك»، مؤكداً، في المقابل، أن «مسار تنفيذ خطط الحروب يتوقف دائماً على رد الفعل».

لكن، ومع الظروف والأوضاع الحالية، يرجّح الحلو استمرار المواجهات بالوتيرة نفسها، عبر استهداف إسرائيل لـ«حزب الله» في كل المناطق التي يوجد فيها، وهو ما لا يرتب عليها خسائر أو ضغوط دبلوماسية، ولا سيما أن أي قرار بتوسعة الحرب سيكون له ثمن مكلف بالنسبة لإسرائيل.

وفي الإطار نفسه، قال رئيس الحكومة السابق، فؤاد السنيورة، في حديث تلفزيوني، إن تهديدات المسؤولين الإسرائيليين، وآخِرها ما أطلقه نتنياهو تأتي نتيجة الوضع المأزوم الذي يعيشونه، ويبحثون، بالتالي، عن إنجاز يحققونه في لبنان، بما يضمن لهم أيضاً أن يعيدوا المستوطنين الإسرائيليين في الشمال.

وفي حين رأى السنيورة «أن إسرائيل لن تلجأ إلى القيام بعملية عسكرية كبيرة في لبنان؛ أي عبر اجتياح بري واسع للبنان»، تخوَّف من «عدم جدية الوعود والضغوط التي يمكن أن تمارسها الولايات المتحدة على إسرائيل، وهي الضغوط التي لم تؤدّ إلى أي نتيجة أساسية»، مذكّراً: «ضغطت الولايات المتحدة على إسرائيل حتى لا تقوم باجتياح رفح، وها هي إسرائيل تجتاح رفح الآن».

وميدانياً، تواصلت العمليات العسكرية بين «حزب الله» وإسرائيل في جبهة جنوب لبنان، حيث أعلن «حزب الله»، في بيانات متفرقة، استهدافه «تجمعاً لجنود إسرائيليين عند مثلث السروات، مقابل بلدة يارون بالأسلحة الصاروخية»، ومن ثم استهداف التجهيزات التجسسية في موقع بياض بليدا، مؤكداً أنه «أصابها إصابة مباشرة، ما أدى إلى تدميرها».

في المقابل، استهدفت طائرة مُسيّرة إسرائيلية سيارة كانت متوقفة عند مدخل بلدة حناويه في قضاء صور، دون أن يسجّل وقوع إصابات، وفق «الوكالة الوطنية للإعلام».

وفي حين أطلق الجيش الإسرائيلي صواريخ اعتراضية فوق قرى القطاع الغربي، شنّ الطيران الإسرائيلي غارة على ميس الجبل وبلدة مارون الراس في قضاء بنت جبيل، بعدما كان قد قصف ليلاً بالمدفعية الثقيلة أطراف بلدتي علما الشعب ورامية.


مقالات ذات صلة

جبهة جنوب لبنان تزيد تعقيدات الاستحقاق الرئاسي

المشرق العربي فشل مجلس النواب اللبناني بتوازناته الحالية في انتخاب رئيس للجمهورية (رويترز)

جبهة جنوب لبنان تزيد تعقيدات الاستحقاق الرئاسي

برزت في لبنان تلويحات بالمطالبة بانتخابات نيابية مبكّرة، في حين تُلقي جبهة الجنوب اللبناني المشتعلة بين «حزب الله» وإسرائيل، بثقلها على الاستحقاق الرئاسي.

يوسف دياب (بيروت)
خاص رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية)

خاص بري لـ«الشرق الأوسط»: التشاور ضروري لانتخاب رئيس للبنان في 10 أيام

قال رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، إنه يرفض دعوة النواب إلى الحوار أو التشاور بمن حضر لانتخاب رئيس للجمهورية، وإنه يتطلّع إلى حوار جامع بلا شروط مسبقة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر في قوات «يونيفيل» خلال مشاركتهم في حماية فعاليات اليوم الطبي لمساعدة العائلات النازحة إلى مدينة صور (إ.ب.أ)

«حزب الله» يجدد التمسك بمعادلة غزة - لبنان

جدّد «حزب الله» التأكيد على المعادلة التي يتمسك بها في حربه مع إسرائيل بربط «توقف العدوان على غزة بتوقف جبهة المساندة في جنوب لبنان».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المبنى الرئيسي لمؤسسة «كهرباء لبنان» في بيروت (أ.ف.ب)

أزمة كهرباء لبنان تتجدد والعتمة تتهدد موسم الاصطياف

عادت أزمة الكهرباء في لبنان لتطلّ مجدداً على أبواب موسم الاصطياف، جرّاء الفساد المستحكم في هذا القطاع وامتناع مصرف لبنان المركزي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي خلال تشييع القيادي في «حزب الله» نعمة ناصر الذي اغتالته إسرائيل باستهداف سيارته يوم الأربعاء (د.ب.أ)

استراتيجية «حزب الله» الانتقامية: تصعيد مدروس بخسائر محدودة

تراجعت المواجهات على جبهة الجنوب بشكل ملحوظ، الجمعة، بعد يوم تصعيدي غير مسبوق، إثر اغتيال القيادي في «حزب الله» نعمة ناصر.

كارولين عاكوم (بيروت )

«حماس» توافق على بدء المفاوضات دون التقيد بوقف دائم لإطلاق النار

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«حماس» توافق على بدء المفاوضات دون التقيد بوقف دائم لإطلاق النار

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

قال قيادي في حركة «حماس»، اليوم (الأحد)، إن الحركة وافقت «على انطلاق المفاوضات حول الرهائن من دون وقف إطلاق نار» دائم، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويأتي تصريح المسؤول وسط تجدد جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة وقطر ومصر لحثّ إسرائيل والحركة على خوض محادثات لوقف الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر، والتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» ومعتقلين فلسطينيين في إسرائيل.

وذكّر المسؤول، طالباً عدم الكشف عن هويته، بأن «(حماس) كانت في السابق تشترط أن توافق إسرائيل على وقف كامل لإطلاق النار بشكل دائم» لتخوض مفاوضات حول الرهائن.

وأضاف: «هذه الخطوة تم تجاوزها، حيث إن الوسطاء تعهدوا بأنه طالما مفاوضات الأسرى مستمرة، يستمر وقف إطلاق النار».

وتابع: «(حماس) تراجعت عن شرطها الخاص بالوقف الدائم لإطلاق النار، حيث وافقت على أن تنطلق المفاوضات من دون وقف النار الدائم».

وقال مسؤولون إن إسرائيل عارضت بشدة في السابق مطالب «حماس» بوقف دائم لإطلاق النار.

ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه سيستمر بالحرب حتى القضاء على «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن عرض في 31 مايو (أيار) خطة قال إنها مقترحة من إسرائيل، تنص على وقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع في مرحلة أولى، والإفراج عن رهائن في مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين.

وغادر رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع، الدوحة، أول من أمس، بعد محادثات مع الوسطاء القطريين تناولت خطة لوقف النار والإفراج عن الرهائن.

وقال متحدث باسم مكتب نتنياهو إن الدولة العبرية ستعاود «الأسبوع المقبل» إرسال موفديها إلى الدوحة لإحياء المفاوضات حول وقف للنار في القطاع، لافتاً إلى وجود «تباعد بين الجانبين».

ويصل مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز الأربعاء المقبل إلى الدوحة، على ما قال مصدر مطلع على المفاوضات.

وأشار القيادي في «حماس» للوكالة إلى أن مصر وتركيا تبذلان جهوداً «في سبيل الوصول لاتفاق».

ولفت إلى أن «(حماس) تتوقع أن تستغرق المفاوضات من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع في حال لم تعطّل إسرائيل مسار التفاوض كما المرّات السابقة».

وأضاف: «الكرة في الملعب الإسرائيلي، إذا أرادوا التوصل لاتفاق، فهذا ممكن جداً أن يتحقق».

ولفت إلى أن «(حماس) أبلغت الوسطاء بأنها تريد إدخال المساعدات بكميات تصل إلى 400 شاحنة يومياً في المرحلة الأولى للاتفاق، وتريد انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا ومعبر رفح».

واندلعت الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) بعد هجوم غير مسبوق شنّته «حماس» على جنوب إسرائيل أسفر عن 1195 قتيلاً، معظمهم مدنيّون، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام إسرائيليّة رسميّة.

ومن بين 251 شخصاً خُطفوا خلال الهجوم، ما زال 116 محتجزين رهائن في غزة، بينهم 42 لقوا حتفهم، حسب الجيش الإسرائيلي.