إسرائيل تترصد مقاتلي «حزب الله» على الطرقات أثناء تبديلاتهم الروتينية

مراقبة جوية كثيفة للمسالك تصل إلى 15 كيلومتراً

مناصرون لـ«حزب الله» يشاركون في تشييع مقاتل بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
مناصرون لـ«حزب الله» يشاركون في تشييع مقاتل بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تترصد مقاتلي «حزب الله» على الطرقات أثناء تبديلاتهم الروتينية

مناصرون لـ«حزب الله» يشاركون في تشييع مقاتل بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
مناصرون لـ«حزب الله» يشاركون في تشييع مقاتل بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

عكست الاستهدافات الأخيرة لعناصر من «حزب الله» في جنوب لبنان، الأسابيع الأخيرة، استراتيجية جديدة يتبعها الجيش الإسرائيلي لحظر وصول مقاتلي الحزب إلى المنطقة الحدودية، عبر تكثيف الهجمات على خطوط الطرق المؤدية إلى القرى الواقعة على الخط الحدودي، وذلك أثناء حركة المقاتلين بالاتجاهين لإجراء تبديلات روتينية.

وخلال 4 أسابيع، تركزت الاستهدافات الإسرائيلية على سيارات ودراجات نارية كانت تسلك طريقها إلى المنطقة الحدودية في جنوب القطاع الشرقي أو في القطاع الغربي، أو كانت تخرج منها، وأسفرت عن سقوط عدة مقاتلين في «حزب الله»، وهو ما أظهر أن القوات الإسرائيلية تراقب مسالك المنطقة الحدودية بشكل دائم، وتستهدف مَن يمر عبرها، حسبما تقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط».

وقالت المصادر إن الهجمات في محيط صور «استهدفت في الغالب مقاتلين كانوا يتوجهون إلى الميدان في المنطقة الحدودية»، كما أشارت إلى هجمات أخرى «استهدفت عائدين منها، مثل القياديَّيْن الاثنين بالجماعة الإسلامية قبل 3 أسابيع، حين كانا يغادران منطقة العرقوب». وقالت المصادر إن مسالك الطرق «باتت خطرة توظفها إسرائيل لتعقب المقاتلين وملاحقتهم أثناء رحلات الدخول أو الخروج من المنطقة».

ويوم الاثنين الماضي، استهدفت غارة جوية مقاتلين اثنين من «حزب الله» كانا قد وصلا على متن دراجة نارية إلى منزل في بلدة ميس الجبل، فتم تدمير المنزل بالكامل، كما استهدفت في مساء اليوم نفسه مقاتلاً آخر كان على متن دراجة نارية في منطقة المنصوري أثناء خروجه من المنطقة الحدودية.

وقبل أسبوعين، استهدف سلاح الجو الإسرائيلي سيارة في شرق مدينة صور، أسفرت عن سقوط 4 مقاتلين، كما نعى «حزب الله»، في الأسبوع الماضي، 3 مقاتلين استهدفت غارة جوية في منطقة الحوش في جنوب مدينة صور.

وقالت المصادر الميدانية إن المسيرات الإسرائيلية «لا تفارق سماء منطقة صور»، التي تبعد 15 كيلومتراً بالحد الأقصى عن المنطقة الحدودية، مشيرة إلى أن الاستهدافات الإسرائيلية «فرضت حظر تجول بالنار داخل المنطقة الحدودية وفي محيطها، حيث تتم ملاحقة أي آلية تدخل إلى المنطقة».

عزل القرى بالنار

وباتت القرى الحدودية منذ الشهر الثالث للحرب أشبه بمنطقة معزولة بالنار، حيث تتعرض الطرقات الرئيسية التي تربط القرى ببعضها، لقصف متواصل، وتكثفت استهدافات المسيرات والطائرات الحربية لأي آلية تتحرك، باستثناء سيارات الإسعاف وقوات «اليونيفيل» والجيش اللبناني؛ ما اضطر السكان الذين يرتادون القرى من وقت إلى آخر، لزيارتها ضمن مواكب، بينها تلك التي تنظم لتشييع موتى يتحدرون من تلك القرى، ويخلون بعدها المنطقة.

وتوسعت تلك الاستهدافات خلال الشهرين الأخيرين إلى الطرقات الرئيسية التي تربط الحدود بالعمق اللبناني على مسافة 10 كيلومترات من خطوط الطرق.

ويقول السكان إن العبور في وادي الحجير ووادي السلوقي «بات خطراً؛ كون القذائف تستهدف المنطقة، كما أن المسيرات لا تخلي سماء المنطقة، فيما تتعرض المنطقة المحيطة بالطرق لغارات جوية بشكل مستمر». وينسحب الأمر على طريق طيرحرفا إلى القطاع الغربي، وطرقات أخرى تصل الحدود بالخط الخلفي من الطرق.

ويقول السكان إن الطريق الوحيدة التي لا تزال سالكة إلى حد ما هي طريق مرجعيون - حاصبيا، وهي طريق لا تصل إلى مناطق العمليات على الخط الحدودي مباشرة، لكنها رغم ذلك «طريق خطرة جداً، لأنه من غير المعروف متى تستهدف إسرائيل طريق نهر الليطاني قرب منطقة الخردلي»، كما تقول مصادر من المنطقة، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن «أطراف القرى المحيطة بالطريق، مثل دير ميماس وغيرها، تعرضت لغارات جوية متكررة».

تصعيد متواصل

ونعى «حزب الله»، الأربعاء، مقاتلَين اثنين قُتلا باستهداف إسرائيلي لمنزل في بلدة العديسة الحدودية، وسط تبادل متواصل لإطلاق النار.

وشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على بلدة ميس الجبل، كما نفذ غارة أخرى استهدفت منطقة البطيشية الواقعة ما بين بلدتَي علما الشعب والضهيرة. وسجلت غارة من مسيرة استهدفت بصاروخين عيتا الشعب، قبل أن تستهدف البلدة مرة ثانية بغارة جوية.

كما قصفت المدفعية بلدة مركبا، مما تسبب بحريق كبير، عملت فرق الدفاع المدني على إخماده، بالتوازي مع قصف مدفعي استهدف حولا وأطراف بلدتي طيرحرفا وعلما الشعب والناقورة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي عن تنفيذه غارات على مبانٍ عسكرية لـ«حزب الله» في عيتا الشعب ومواقع استطلاع في علما الشعب.

وفي المقابل، أعلن الحزب استهداف «مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة (أفيفيم)، رداً على ‏اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل المدنية، وآخرها الاعتداء على ‏عمال شركة الكهرباء في بلدة مارون الراس». وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى اندلاع حريق في بلدة أفيفيم في الشمال جراء إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان.


مقالات ذات صلة

مفوّض شؤون اللاجئين يزور بيروت ويندد بأزمة «مروّعة» يواجهها لبنان

المشرق العربي عائلات لبنانية وسورية تعبر الحدود إلى سوريا على أقدامها بعدما استهدفت غارة إسرائيلية معبر المصنع (أ.ب)

مفوّض شؤون اللاجئين يزور بيروت ويندد بأزمة «مروّعة» يواجهها لبنان

ندّد مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، لدى وصوله إلى بيروت، السبت، بما يواجهه لبنان من «أزمة مروعة»، بعد فرار مئات الآلاف من منازلهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مواطنون يتفقدون منازلهم بعد القصف الإسرائيلي خلال الليل في مدينة أبلح في البقاع (أ.ف.ب)

تل أبيب تواصل ملاحقة حلفاء «حزب الله» في لبنان

تستمر إسرائيل في حرب الاغتيالات التي تقوم بها، مستهدفةً، إضافة إلى قيادات في «حزب الله»، حلفاء الأخير في لبنان، ومن الفصائل الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي القيادي البارز في «حزب الله» هاشم صفي الدين خلال مشاركته في تشييع قيادي من الحزب قُتل في إدلب بسوريا (أ.ف.ب) play-circle 00:53

«حزب الله» يعلن فقدان الاتصال مع زعيمه المحتمل هاشم صفي الدين

بعد الغارات العنيفة التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، بدأت المعلومات تتكشف عن مصير رئيس المجلس التنفيذي لـ«حزب الله» مع الإعلان عن فقدان الاتصال به.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

مكتب ميقاتي ينفي أن يكون اجتماعه مع وزير خارجية إيران أمس عاصفاً

نفى المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، ما تم تداوله بشأن أن اجتماعه مع وزير خارجية إيران عباس عراقجي أمس كان عاصفاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
يوميات الشرق «سكاي بار» أمَّن جميع المستلزمات لحياة كريمة (الشرق الأوسط)

ملاهٍ وأماكن عرض تتحوَّل ملاجئ نزوح في لبنان

بعد أيام على فتح أبواب «سكاي بار» أمام النازحين، أُعلن عن فتح أماكن ترفيه وتسلية أخرى. فمركز المعارض الفنية، «فوروم دو بيروت»، قرّر القيام بالخطوة عينها.

فيفيان حداد (بيروت)

السوداني طلب من التحالف الحاكم «التحرك بسرعة قبل الحرب»

السوداني في اجتماع لـ«الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)
السوداني في اجتماع لـ«الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)
TT

السوداني طلب من التحالف الحاكم «التحرك بسرعة قبل الحرب»

السوداني في اجتماع لـ«الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)
السوداني في اجتماع لـ«الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

أكد مسؤول حكومي بارز أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أبلغ قادة «الإطار التنسيقي» بتفاصيل شاملة عن «المخاطر المتوقعة على العراق» جراء التصعيد بين إسرائيل وإيران، في حين أكد أن طهران تمارس «التحايل» حينما يطلب منها إبعاد الفصائل عن الحرب الدائرة.

وزاد القلق بين أوساط سياسية وحكومية من تعرض العراق إلى ضربة بعد مقتل جنديين إسرائيليين جراء هجوم بالطيران المسير على قاعدة الجولان، فجر الجمعة.

وتحدث المسؤول، لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الكشف عن هويته، عن مجموعة إجراءات يقوم بها السوداني لتفادي الحرب، من ضمنها «زيادة زخم الوساطات السياسية» لإقناع الفصائل بعدم توريط العراق في الحرب، وأنه «أبلغ قيادات الإطار التنسيقي بكل شيء عن المخاطر، ودعاهم إلى التحرك السريع».

ويقر المسؤول بإمكانية «وقوع الضربة»، رغم أن «المعلومات المتوفرة لدى السلطات العراقية تشير إلى أن هجوم الفصائل العراقية نفذ من خارج الأراضي العراقية بأسلحة وصلت من العراق»، على حد قوله.

«كتائب حزب الله العراقي» خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وساطات السوداني

وكشف المصدر عن أن الوسطاء الذين اختارهم السوداني للضغط على الفصائل لديهم تزكية من إيران بالحديث عن ملف الحرب وشروط التهدئة مع وكلائها في العراق.

وقال المصدر إن «الشخصيات الثلاث سبق وأن طلب منها القيام بوساطات في أحداث معينة خلال السنوات القليلة الماضية».

وكانت «الشرق الأوسط» قد كشفت، الأسبوع الماضي، عن أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني طلب من 3 شخصيات شيعية، التوسط لكبح جماح الفصائل، ومنعها من التورط في الحرب الدائرة بين «حزب الله» اللبناني وإسرائيل، بعد تداول معلومات داخل التحالف الحاكم بأن إسرائيل حددت 35 هدفاً عراقياً.

وقالت مصادر حينها إن عمار الحكيم ضمن هؤلاء الشخصيات، إلى جانب شخصيتين مؤثرتين في الفضاء الشيعي لم يُكشف عنهما حتى الآن.

في المقابل، تفيد أنباء بأن فصيلين عراقيين يرجح أنهما حركة «النجباء» التي يقودها أكرم الكعبي، و«كتائب حزب الله» التي يقودها «أبو حسين الحميداوي»، يرفضان الاستجابة للوسطاء ويصران على الاستمرار في شن هجمات صاروخية على إسرائيل.

وأقر المسؤول العراقي بوجود «تعنت لدى بعض الفصائل»، لكن رئيس الوزراء يدرك أن بلاده في «قلب العاصفة»، وقد أبلغ معظم قيادات «الإطار التنسيقي» بذلك.

ونقل المسؤول أن «السوداني قال حرفياً: العراق غير قادر على تفادي ضربة عسكرية لو وقعت، وعلينا أن إبعاد الخطر عن البلاد من خلال عدم التورط في الحرب».

كان المرشد الإيراني علي الخامنئي قد قال، خلال خطبة الجمعة الماضية، إن «حلفاء الجمهورية الإسلامية في المنطقة لن يتراجعوا»، ما يعزز مخاوف عدم تراجع الفصائل العراقية المرتبطة بإيران عن قرارها بمهاجمة إسرائيل.

وكانت مصادر عراقية قد أفادت بأن تحالف «الإطار التنسيقي» ناقش ما قيل إنه «تقرير أمني لعشرات الأهداف لضربها واغتيالها من قبل إسرائيل في العراق».

السوداني أبلغ «الإطار التنسيقي» تبعات الانزلاق في الحرب بين إيران وإسرائيل (إكس)

جهود حكومية لمنع التصعيد

وذكر المسؤول أن «السوداني وخلافاً لبعض رؤساء الوزراء السابقين لم يسمح بخروج الأموال العراقية لتغذية محاور الصراع، من خلال تنسيقه العالي مع الجانب الأميركي والخزانة الأميركية لمراقبة خروج الأموال العراقية بطريقة مشددة وغالباً ما يطالب الإيرانيين بالدخول عبر البوابات الرسمية للحصول على مستحقاتهم المالية بذمة العراق».

وأضاف المسؤول أن «شركات تدقيق عالمية باتت تعمل اليوم إلى جانب البنك المركزي لمراقبة عمليات خروج وتهريب الأموال، وما يحدث اليوم أن جميع بوابات الأموال التي كانت مفتوحة باتت موصدة تماماً».

وكشف المسؤول عن أن «الولايات المتحدة الأميركية أبلغت العراق منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أنها مارست ضغطاً على إسرائيل لمنع شنها ضربات على العراق، في مقابل أن يلتزم العراق بعدم الانخراط في الحرب».

وزاد المسؤول بالقول إن «واشنطن لا تعارض مواقف الحكومة العراقية التي تسير ضمن الخط الأخضر المتمثل بإصدار البيانات المناهضة لإسرائيل والداعمة للشعبين اللبناني والفلسطيني وكذلك إرسال المساعدات»، لكنها «لن تقبل قيام العراق بتقديم أي دعم مادي أو عسكري لجماعات الفصائل أو غيرها».

وعن إمكانية طلب السلطات العراقية من الجانب الإيراني كبح جماح الفصائل المرتبطة بها، أكد المسؤول أن «طهران تمارس نوعاً من التحايل في هذا الاتجاه، إذ إن ردها غالباً ما يلمح إلى أن الفصائل لديها قرارها الخاص والتفاهم معها شأن الحكومة».