توجه لبناني لتفكيك مخيمات للسوريين في الشمال رغم اعتراض «مفوضية اللاجئين»

إخلاء مجمّع كان يقطنه 1500 نازح

محافظ شمال لبنان وشخصيات سياسية في الكورة يشرفون على تفكيك مخيم في قرية دده (الوكالة الوطنية)
محافظ شمال لبنان وشخصيات سياسية في الكورة يشرفون على تفكيك مخيم في قرية دده (الوكالة الوطنية)
TT

توجه لبناني لتفكيك مخيمات للسوريين في الشمال رغم اعتراض «مفوضية اللاجئين»

محافظ شمال لبنان وشخصيات سياسية في الكورة يشرفون على تفكيك مخيم في قرية دده (الوكالة الوطنية)
محافظ شمال لبنان وشخصيات سياسية في الكورة يشرفون على تفكيك مخيم في قرية دده (الوكالة الوطنية)

تتجه السلطات اللبنانية إلى تفكيك مخيمات للنازحين السوريين في قضاء الكورة في شمال لبنان، بعد نجاحها في تفكيك واحد من أكبر المخيمات في المنطقة وإخلاء مجمع كبير للسوريين كان يقطنه نحو 1500 سوري، وهو الإجراء الذي أثار حفيظة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ودفعها لمخاطبة وزارة الداخلية اعتراضاً على تلك الإجراءات.

وجرى تفكيك مخيم النازحين السوريين قرب مجمع «الواحة»، بدعم سياسي من حزبي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» اللذين شارك ممثلان عنهما في عملية تفكيك المخيم مساء الاثنين.

مخيمات ومجمعات أخرى

لكن تفكيك هذا المخيم الواقع في بلدة دده بقضاء الكورة (الشمال)، لن يكون الأخير، إذ اتفق حزبا «القوات» و«الوطني الحر» على استكمال هذه المهمة، إذ قال عضو تكتل «لبنان القوي» جورج عطا الله خلال تفكيك المخيم، إن «الخطوة التالية هي عقد اجتماع نهاية الأسبوع الحالي، وسنضع خلاله جدولاً بالقرى اللاحقة، وسننهي هذا الملف، فنحن نعمل على إخلاء منطقة الكورة من الوجود غير الشرعي للسوريين أو غيرهم من الجنسيات الأخرى».

أما عضو تكتل «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائب فادي كرم فأكد صباح الثلاثاء أن «السوري في المخيمات أصبح ذخيرة للعصابات بكل أنواعها»، مؤكداً «الاستمرار في إزالة كل التجمعات غير القانونية في الكورة وترحيل السوريين غير الشرعيين وفقاً للقانون وليس بمنطق عنصري أو طائفي»، وقال كرم: «انطلقنا من مخيم الواحة لأنه الأخطر في المنطقة والعمل جارٍ على إزالة مخيمات أخرى سيعلن عنها قريباً».

وتعليقاً على ما يقال عن انتقال النازحين الذين يُرغمون على المغادرة إلى مناطق لبنانية أخرى، رأى كرم في تصريح الثلاثاء «أنها حجج ليست بمكانها»، مشيراً إلى أن «قاطني مخيم الواحة قد غادر معظمهم بالقافلات مباشرة إلى الداخل السوري»، داعياً إلى «ضغط مماثل في كل المناطق اللبنانية لإعادة السوريين إلى بلادهم».

تفكيك مخيم

وأنهت السلطات مساء الاثنين عملية تفكيك المخيم في مجمع الواحة، حيث أشرف محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا ميدانياً على عملية إجلاء السوريين القاطنين في مجمع الواحة وتفكيك المخيم الملاصق له. وتمت عملية الإخلاء بمؤازرة عناصر قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة، وبناء على قرار صدر عن محافظ الشمال وبلدية دده، قضى بإخلاء المجمع من السوريين غير الشرعيين. وعمدت الجرافات إلى هدم الخيم ومخلفات السوريين الذين فاق عددهم الألف وخمسمائة شخص.

وأكد نهرا «استمرار تنفيذ تعاميم وزير الداخلية والبلديات في الكورة والبترون وزغرتا وطرابلس وكل المناطق الشمالية»، طالباً من البلديات اتخاذ القرارات بهذا الخصوص، لافتاً إلى أن «مجمع الواحة أصبح يشكل خطراً على أبناء بلدة دده ومحيطها، بسبب التفلت الأمني وتفشي الأمراض وانتشار الروائح الكريهة والنفايات والمياه الآسنة في داخله ومحيطه».

وقال محافظ الشمال: «مجمع الواحة تحول من مجمع لإيواء النازحين السورين إلى مكب كبير للأوساخ ومستنقع للمياه المبتذلة، ناهيك عن الرائحة التي تنتشر وسط قضاء الكورة بسببه، وهذا أمر غير مقبول، فالمكان غير صالح للعيش، ونعتبر أننا قدمنا خدمة لهم بإخراجهم من هذا المبنى، فكيف يستطيعون العيش في هذا المكان حيث لا توجد أي مقومات للحياة، والظروف غير إنسانية».

أضاف: «إننا نعتبر أن أي مجمع أو خيم للنازحين أو الوجود السوري غير الشرعي في الكورة والبترون وزغرتا وطرابلس أمراً غير مسموح به، ونطالب بإرجاعهم إلى سوريا».

اعتراض المفوضية

وبدأ سكان مجمع الواحة والمخيم القريب منه بمغادرته منذ الأسبوع الماضي، وهو ما دفع مفوضية اللاجئين للاعتراض على هذا الإخلاء الذي وصفته بأنه يعرض بين 2000 و2500 سوري من الفئات الأكثر ضعفاً للخطر. فقد وجّه ممثل مكتب المفوضية السامية للاجئين في لبنان إيفو فرايسن إلى وزير الداخلية بسام مولوي كتاباً طلب فيه من الوزارة التدخل لوقف عمليات الإخلاء الجماعية المستمرة لنازحين سوريين، متهماً السلطات اللبنانية بتنفيذ عمليات إخلاء قسرية. وردت مصادر الداخلية عبر «الشرق الأوسط» الأحد بالقول بأن الوزير ماضٍ بتطبيق القانون.

والاثنين، سحبت مفوضية شؤون اللاجئين الرسالة، بناء على طلب وزارة الخارجية التي حذّرت من «إعادة النظر بتعاملها مع المفوضية»، ومنحتها مهلة حتى نهاية الشهر لتسليم «داتا» النازحين كاملة.


مقالات ذات صلة

مصر تنفي توقيف سودانيين على خلفية «أعمال مسيئة»

العالم العربي مقهى شعبي بالجيزة يضم تجمعاً سودانياً (الشرق الأوسط)

مصر تنفي توقيف سودانيين على خلفية «أعمال مسيئة»

نفت السلطات المصرية، الاثنين، توقيف سودانيين على خلفية ما سمّته «أعمالاً مسيئة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي اللاجئون السوريون في تركيا يخشون الاتفاق مع دمشق على صفقة لترحيلهم رغم تطمينات أنقرة (أرشيفية)

مخاوف اللاجئين السوريين في تركيا تدفعهم للبحث عن مآوٍ أخرى

تتصاعد مخاوف اللاجئين السوريين في تركيا يوماً بعد يوم مع ما يبدو أنه إصرار من جانب أنقرة على المضي قدماً في تطبيع العلاقات مع دمشق، فضلاً عن موجة العنف ضدهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي يتحدث خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة حلف «الناتو» في واشنطن (أ.ف.ب)

ماذا يريد إردوغان من التطبيع مع الأسد؟

كشفت تقارير عن خطة تركية من شقين لحل مشكلة اللاجئين السوريين بُنيت على التطبيع المحتمل للعلاقات مع سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من أمن الدولة يخلون منازل يقطنها سوريون لا يحملون أوراقاً قانونية (المركزية)

لبنان يخلي بلدة في الشمال من سوريين لا يحملون أوراقاً قانونية

أخلت السلطات اللبنانية بلدة في شمال البلاد من النازحين السوريين الذين لا يحملون أوراقاً ثبوتية قانونية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص متظاهر سوري يرشق نقطة عسكرية تركية عبر الشريط الشائك عند معبر ابن سمعان شمال حلب (أ.ف.ب) play-circle 02:09

خاص تركيا على الخط السريع للتصادم بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة

يصعبُ وضع خط زمني واضح للتطورات المتلاحقة التي قادت إلى حوادث العنف الأخيرة ضد اللاجئين السوريين في تركيا.

مازن عزّي

«حزب الله» يعود إلى لغة التهديد: أزمة داخلية أم استثمار مسبق للحرب؟

نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)
نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله» يعود إلى لغة التهديد: أزمة داخلية أم استثمار مسبق للحرب؟

نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)
نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)

عاد المسؤولون في «حزب الله» للغة التهديد والوعيد و«تخوين المعارضين» على خلفية مواقف عدة مرتبطة بالحرب الدائرة في الجنوب من جهة وبالاستحقاق الرئاسي من جهة أخرى.

وكان آخر هذه المواقف تلك الصادرة عن نائب أمين عام الحزب، نعيم قاسم، الذي اعتبر أن «المقاومة هي الخيار الوحيد الحصري لطرد الاحتلال واستعادة الاستقلال والدفاع عن بلدنا... بعد اليوم لا نستطيع أن نقول لبنان القوي أو لبنان المستقل أو لبنان المستقبل إلَّا ومن مقوماته أهله وطوائفه ومقاومته وجيشه وشعبه، ومن دون هذه الدعامة الأساسية التي هي المقاومة لا يمكن أن يستقر لبنان أو أن يتمكن من عملية المواجهة»، وتوجّه إلى منتقدي الحزب بالقول: «أما الذين يريدون التحرير بالقلم والورقة والذين يريدون الحماية من الشيطان الأكبر أميركا والذين يريدون مستقبلهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فليبقوا في غرفهم يلعبون ويسرحون ويمرحون، نحن نسير في الطريق الصحيحة والقافلة تشق طريقها».

وفي حين يرى الوزير السابق، النائب أشرف ريفي، أن عودة «الحزب» إلى لغة التهديد هي نتيجة الأزمة التي يعيشها بفعل خياراته التي تخالف الجزء الأكبر من خيارات اللبنانيين، يضعها عضو كتلة حزب «القوات اللبنانية» غياث يزبك في خانة «تخبط» الحزب الذي يعيش مسؤولوه تقلباً في الرأي من الأكثر تصلباً إلى المسايرة وبعث الرسائل العنيفة حيناً والخفيفة أحياناً، معتبراً أن «ذلك ناتج من وصول الحزب إلى السقف الأقصى في استخدامه القوة العسكرية من دون احتضان شعبي وسياسي له وفي غياب مساعدة الدولة له».

ودعا ريفي «حزب الله» إلى الكف عن التهديد، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لبنان وطن تعددي، لا يمكن أن يقوم مكوّن واحد بحسم خياراته، ونحن لن نتراجع عن الوطن الذي نحن نقرر مصيره وليس إيران وعميلها (حزب الله)، وهذا ما تعكسه الأصوات المسيحية - الإسلامية التي ترفض أن يكون لبنان ولاية إيرانية».

ويذكّر يزبك بما سبق أن قاله رئيس كتلة «حزب الله» النائب محمد رعد بوصفه الذي انتقد ما أسماهم «النازقين من اللبنانيين الذين يريدون أن يرتاحوا وأن يذهبوا إلى الملاهي وإلى الشواطئ، ويريدون أن يعيشوا حياتهم»، وهاجم من يعارض «حزب الله» قائلاً: «الغليان في غزة أفرز كل هذا القيح في الداخل حتى نكون على بصيرة ممن نتعاون معه ويتعاون معنا ومن نصدقه ويكذب علينا... وسنرتّب أوضاعنا على هذا الأساس».

ويسأل يزبك: «هل المشكلة بالنسبة إليهم عقائدية أم تكتيكية، بحيث أنهم يكونون انقلابيين حين تناسبهم الأمور و(مسالمين) حين يرون الوضع ملائماً»، رافضاً من جهة أخرى هجوم قاسم على «من يريدون التحرير بالقلم والورقة»، مؤكداً أن «لبنان قام بأقلامه وبمفكريه وبالعقول الحرة».

وعما إذا كانت هذه المواقف مؤشراً لاستثمار مسبق للحرب وما يعتبره الحزب انتصاراً، يؤكد ريفي: «مهما كانت التسويات، لن نسمح بترجمة ما يدّعون أنه انتصار إلهي في الداخل، نحن نقرر مصيرنا وعلى (حزب الله) أن يعيد حساباته»، مضيفاً «(حزب الله) كان يقول إن لديه 74 نائباً في البرلمان، أما اليوم فهو بالكاد يحصد 51 نائباً في البرلمان، ولو كان قادراً على السيطرة لكان استطاع الإتيان برئيس للجمهورية».

من جهته، يلفت يزبك إلى «منطق ومفهوم مختلف لديهم في مقاربة الربح والخسارة»، ويؤكد: «الانتصار إما أن يكون كاملاً أو لا يكون، ماذا ينفع إذا مات الشعب ودمّرت إسرائيل؟»، ويذكّر بأن المشكلة مع «حزب الله لم تبدأ في 7 أكتوبر (تشرين الأول) عند فتح الحرب في جبهة الجنوب، موضحاً: «مع هذه الحرب تفاقمت المشكلة العميقة بين مفهوم الدولة ومفهوم الدويلة، اليوم صوت المدافع قد يكون طغى قليلاً على الأزمة العميقة، لكنها لم تخف آثارها التي لا نزال نتخبط بها وسنعود إليها عند انتهاء الحرب والعودة إلى ما قبل 7 أكتوبر».

ولا تزال الموقف الرافضة والمنتقدة لزج لبنان في الحرب كما لحصر المفاوضات مع «حزب الله»، وهو ما عبّر عنه رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، متوجهاً إلى المجتمع الدولي الذي يقود المفاوضات قائلاً: «نرفض أن تنحصر المفاوضات بين (حزب الله) وإسرائيل وأن يتم البحث فيما يرضي الطرفين لوقف القتال في حين الشعب اللبناني مغيّب»، داعياً خلال لقاء مع وفد من إقليم زحلة الكتائبي إلى «وضع مصلحة لبنان على الطاولة ونحن على استعداد كمعارضة لخوضها باسم الشعب اللبناني»، معتبراً أن «القرار الدولي 1701 الذي يمنع جر لبنان إلى الحرب ليس كافياً، بل يجب تطبيق القرار 1559 (نزع أسلحة الميليشيات) بالتوازي لتجريد الميليشيات المسلحة من سلاحها، وهذا أهم من القرار الأول الذي لو طُبّق لما احتجنا إلى قرارات جديدة».

واعتبر أن «أهم خطوة اليوم هي إقفال جبهة الجنوب ومهما كانت نتائج الحرب، يجب أن يُدعى إلى جلسة مصارحة بين اللبنانيين للتفكير في حل كل المشاكل دون إلغاء أحد أو استدراج حروب، بل ليعود للجميع حقه»، رافضاً «المساومة على الحرية والكرامة والأرض».