ماذا يقول الجنود الإسرائيليون العائدون إلى جباليا؟

«نريد إنهاء العمل من أجل ألا نضطر للعودة إلى هنا للمرة الثالثة»

فلسطينيون في أحد شوارع جباليا التي يشن الجيش الإسرائيلي منذ أيام هجوماً جديداً عليها (أ.ف.ب)
فلسطينيون في أحد شوارع جباليا التي يشن الجيش الإسرائيلي منذ أيام هجوماً جديداً عليها (أ.ف.ب)
TT

ماذا يقول الجنود الإسرائيليون العائدون إلى جباليا؟

فلسطينيون في أحد شوارع جباليا التي يشن الجيش الإسرائيلي منذ أيام هجوماً جديداً عليها (أ.ف.ب)
فلسطينيون في أحد شوارع جباليا التي يشن الجيش الإسرائيلي منذ أيام هجوماً جديداً عليها (أ.ف.ب)

في إطار النشاط الدعائي ورفع المعنويات، فتح الجيش الإسرائيلي مجالاً لعدد من المراسلين العسكريين للصحف العبرية بدخول قطاع غزة والوصول إلى بعض أطراف منطقة مخيم جباليا التي عاد الجيش ليحتلها من جديد للمرة الثانية خلال سبعة شهور.

أبدى قسم من المراسلين العسكريين افتخاراً بالمهمة، ونشروا صورهم وهم بالزي العسكري والخوذة الفولاذية، كما لو أنهم يؤدون الخدمة في جيش الاحتياط. وحاول قسم آخر منهم أن يفهم لماذا يعود الجيش لاحتلال المخيم مرة أخرى. كما سعى قسم آخر إلى سبر أغوار مشاعر الجنود؛ لمعرفة فيم يفكرون إزاء ما يفعلون، وهل هم راضون فعلاً عما يقومون به.

وحتى الآن، ساد إجماع لدى الإعلام العبري على دعم الجيش، والامتناع عن نشر انتقادات للقيادات العسكرية، ولا حتى السياسية؛ ففي الحرب ينسى العديد من الصحافيين الإسرائيليين ضرورة عدم الانحياز في التغطيات الإعلامية. وإذا كان القانون يحظر على جنود الجيش النظامي توجيه انتقادات علنية للقيادة، فإن الصحافيين الإسرائيليين فرضوا على أنفسهم إلى حد كبير رقابة صارمة حتى يحافظوا على «الحصانة القومية». ويقول منتقدون إن بعض الصحافيين لم يكتفوا بعدم نشر انتقادات، بل إنهم لم يوجهوا الأسئلة التي من المفترض أن تُطرح.

دبابة إسرائيلية قرب الحدود مع قطاع غزة اليوم الأربعاء (رويترز)

ودخل الجيش الإسرائيلي إلى جباليا، الأسبوع الماضي، بعد «غياب» خمسة شهور. ففي 26 أكتوبر (تشرين الأول)، احتل مخيم اللاجئين هناك؛ كونه يضم مجموعة كبيرة من عناصر «حماس» وقيادتها وقسماً من المخطوفين الإسرائيليين. وجاء احتلال المخيم بعد قصف جوي وبري وبحري شديد طيلة أسبوعين كاملين، تم خلالهما إحداث دمار هائل. فلم يسلم من القصف بيت أو حانوت أو مدرسة أو عيادة طبية. حارب الجيش الإسرائيلي هناك ليل نهار. وفي مطلع يناير (كانون الثاني)، بعد شهرين ونيف، أعلن الانسحاب من جباليا بعدما أنهى عملية تفكيك قوات «حماس»، وقام بتصفية عدد من قادتها الميدانيين البارزين.

في تقرير لصحيفة «هآرتس»، كتب المراسل، انشل بيبر، أن الجنود الذين اعتادوا على التمتع بمشاهدة الألعاب النارية عشية احتفالهم بـ«عيد الاستقلال»، بدوا حزانى في العيد الـ76 وهم يشاهدون بريق الصواريخ التي تم إطلاقها من منطقة تبعد عنهم 700 متر، باتجاه مدينة أشكلون الإسرائيلية. ويضيف على لسان قائد فصيل في الكتيبة 196 في أثناء الاستعداد في الموقع المحاط بساتر ترابي، قبل الخروج مع الدبابات لاقتحام موقع آخر: «من المخيب للآمال رؤية ذلك بعد مرور سبعة أشهر ونصف الشهر على الحرب. لكن يبدو أنه يجب علينا أيضاً العودة وعلاج منصات إطلاق الصواريخ الفردية».

إسرائيليون يتابعون من سديروت مجريات المعارك في مخيم جباليا يوم الاثنين (إ.ب.أ)

ويتابع: «هذه هي الزيارة الثانية لهذا القائد في جباليا. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حارب في القطاع مدة شهر، مثل كل الضباط والجنود في الطاقم القتالي على مستوى الكتيبة. في يناير، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استكمل احتلال جباليا، وأنه قام بتفكيك لواء «حماس» في الشمال الذي عمل هناك. معظم الجنود يخشون التطرق إلى الأمور السياسية حول سبب العودة إلى جباليا، لا سيما الذين يوجدون في الخدمة النظامية والضباط في الخدمة الدائمة. الاحتفالات بعيد الاستقلال لم يكن بالإمكان الشعور بها في هذه التحصينات، لكن الأحاسيس في دقيقة الصمت التي وقف فيها الجنود معاً في يوم الذكرى دون صافرة، ما زالت تظهر على وجوههم. فهم لا يتذمرون من المهمات التي تم إعدادها لهم، لكنهم جميعاً يكررون نفس الوصف الذي يريدون تشخيص الواقع الحالي به: «واقع سيزيفني»، في إشارة إلى الأسطورة الإغريقية عن سيزيف الذي يقضي الأزل وهو يدحرج صخرة إلى قمة جبل، لكنها سرعان ما تسقط ليعاود الكرّة من جديد.

استجاب غالبية الصحافيين في تغطياتهم لرغبة الجيش في إظهار العودة إلى جباليا بوصفها «ضرورة حيوية يرغبها الجنود لكي يهزموا العدو»، وتحدثوا عن «حماس» كما لو أنها عبارة عن جيش نظامي ضخم يهدد وجود إسرائيل.

كتب انشل بيبر: «من النشاطات الجديدة للجيش الإسرائيلي في جباليا وفي مناطق أخرى في شمال القطاع، مثلاً في حي الزيتون في جنوب مدينة غزة، يمكن تعلم دروس رئيسية؛ الأول هو أن الجيش لم يقدّر بشكل صحيح حجم البنية التحتية العسكرية لـ(حماس) في القطاع. الثاني هو أنه عندما غادرت القوات سارعت (حماس) إلى إعادة بناء نفسها والتمركز في الفراغ الذي وجد. هذا التمركز بالطبع أمر محتمل في أعقاب غياب استراتيجية سياسية حول اليوم التالي. أحد ضباط الكتيبة قال إن (المهمة الرئيسية في هذه الأثناء هي إنهاء العمل من أجل ألا نضطر إلى العودة إلى هنا للمرة الثالثة». وحسب قول هذا الضابط فإنه «في العملية الأولى كانت حاجة إلى الحفاظ على الوتيرة، وقد وضعنا الأهداف حسب الوقت. العمل الآن بطيء، والجنود يعملون بشكل جذري. نحن ندخل إلى الكثير من بيوت نشطاء (حماس) العاديين. حتى هناك نجد عبوات ودروعاً. يستغرقنا وقت كي نقوم بتدمير الأنفاق، ليس فقط نقوم بسد فتحات الأنفاق ونغادر»، بحسب ما قال.

جانب من عودة السكان الفلسطينيين إلى منازلهم في حي الزيتون بشمال قطاع غزة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منه اليوم الأربعاء (رويترز)

في جباليا توجد الآن الفرقة 98، التي قبل خمسة أسابيع فقط أنهت القتال في خان يونس. وحتى قبل أسبوع كانت هناك ألوية من هذه الفرقة مستعدة للعمل في رفح. من يخدمون في الاحتياط تم استدعاؤهم لجولة خدمة ثانية في الحرب الحالية، ودورات الضباط والقادة تم وقفها من أجل ملء الصفوف. عندما صدر قرار مجلس قيادة الحرب في الأسبوع الماضي حول دخول الجيش الإسرائيلي إلى أهداف محدودة في محيط رفح، تقرر البدء بعملية موازية في جباليا. «لقد عدنا إلى المكان الذي تريد (حماس) التمركز فيه. هذه منطقة قتال بكل المعايير»، بحسب ما قال قائد الكتيبة 196، المقدم يعلي كورنفيلد. وأضاف: «يوجد هنا أيضاً من لم ننجح في اعتقالهم في المرة السابقة، والذين هربوا وعادوا. الكتيبة، التي تتشكل من المرشدين والمتدربين في دورات القيادة في سلاح المدرعات، ينتظرها الكثير من العمل، ففي العملية البرية التي بدأت في أكتوبر احتل الجيش في الواقع مناطق في جباليا، ولكنه لم يعمل فيها بالكامل... في الحقيقة قمنا بالاحتلال واحتفظنا بهذا المحور»، وتابع كورنفيلد: «توجد هنا منشأة تدريب كاملة لـ(حماس)، والتي قمنا بتدميرها الآن. وهناك أيضاً أنفاق ومقرات قيادة... كان يوجد لنا سلّم أولويات».


مقالات ذات صلة

إصابة جنود سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب

المشرق العربي إصابة جنود سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب

إصابة جنود سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب

استهدفت غارات إسرائيلية محيط مدينة السفيرة بريف حلب، حسبما وكالة الأنباء السورية (سانا)، التي أشارت إلى «معلومات أولية عن عدوان إسرائيلي» على محيط المدينة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (إ.ب.أ)

السوداني وترمب يتفقان على التنسيق لإنهاء الحروب في المنطقة

أجرى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الجمعة، محادثات هاتفية مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، واتفقا على التنسيق لإنهاء الحروب في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال لقاء سابق في البيت الأبيض (صفحة الرئيس الفلسطيني عبر «فيسبوك»)

الرئيس الفلسطيني لترمب: مستعدون لتحقيق السلام العادل

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، استعداده لتحقيق السلام العادل القائم على أساس الشرعية الدولية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي فتى فلسطيني نازح من شمال قطاع غزة يجلس على أنقاض منزل مهدم على مشارف مدينة غزة (أ.ف.ب)

خبراء في الأمن الغذائي: المجاعة الوشيكة في شمال غزة «احتمال قوي»

حذّرت لجنة من الخبراء في الأمن الغذائي العالمي من «احتمال قوي بحدوث مجاعة وشيكة في مناطق» شمال قطاع غزة، فيما تواصل إسرائيل هجومها على حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا تظهر هذه الصورة الدمار في موقع الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت أحياء في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

«هيومان رايتس»: تسليح الغرب لإسرائيل يشجع الحروب بمناطق أخرى

قالت المديرة التنفيذية لمنظمة «هيومان رايتس ووتش»، الجمعة، إن الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة في صراعاتها بغزة ولبنان تشجع الدول المحاربة في مناطق أخرى.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

إطلاق نار كثيف بمخيم «عين الحلوة» جنوبي لبنان

عناصر مسلحون في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين القريب من صيدا (أ.ف.ب)
عناصر مسلحون في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين القريب من صيدا (أ.ف.ب)
TT

إطلاق نار كثيف بمخيم «عين الحلوة» جنوبي لبنان

عناصر مسلحون في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين القريب من صيدا (أ.ف.ب)
عناصر مسلحون في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين القريب من صيدا (أ.ف.ب)

ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية، الجمعة، سماع دوي إطلاق نار كثيف داخل مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان.

وقالت قناة تلفزيون الجديد اللبنانية إن الاشتباكات تدور باستخدام الأسلحة الثقيلة «إثر محاولة إغتيال المدعو عمر الناطور»، فيما ذكرت حركة فتح أن «مجموعات إسلامية» في المخيم تطلق الرصاص تجاه المنازل لكنها «لن ننجر إلى مربع الاشتباك».