«لا ماء ولا طعام ولا مراحيض»... مخيمات غزة تعاني ظروفاً «مهينة للإنسانية»

نصب النازحون الفلسطينيون الخيام في المواصي بالقرب من الحدود مع مصر برفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
نصب النازحون الفلسطينيون الخيام في المواصي بالقرب من الحدود مع مصر برفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«لا ماء ولا طعام ولا مراحيض»... مخيمات غزة تعاني ظروفاً «مهينة للإنسانية»

نصب النازحون الفلسطينيون الخيام في المواصي بالقرب من الحدود مع مصر برفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
نصب النازحون الفلسطينيون الخيام في المواصي بالقرب من الحدود مع مصر برفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أمس (الثلاثاء) أن نحو 450 ألف شخص نزحوا من رفح في جنوب قطاع غزة منذ أن أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء في السادس من مايو (أيار) الحالي.

وشق عدد كبير من أولئك النازحين طريقهم إلى مدينة أصداء في خان يونس، لتتحول هذه المدينة الترفيهية إلى منطقة يسيطر عليها الحزن واليأس والكآبة، حيث امتلأت بالمئات من المخيمات التي تفتقر إلى الماء والطعام والرعاية الصحية اللازمة لسكانها.

وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن سكان هذه المخيمات يشعرون بالقلق الدائم من هجوم إسرائيل عليهم، وأيضا من احتمالية إصابتهم بأي مرض في ظل نقص الدواء والرعاية الصحية، في الوقت الذي يعانون فيه من الجوع والعطش الشديدين ويكافحون في بيئة غير نظيفة لا توجد بها حتى مراحيض.

ورغم أن المسؤولين الإسرائيليين زعموا أنه «سيتم تقديم المساعدات الإنسانية الدولية حسب الحاجة» للأعداد الهائلة من النازحين، فإن الواقع مختلف تماما.

ويضطر الكثير من النازحين إلى السير مسافات طويلة للحصول على القليل من الماء، ولا يستطيعون شراء ما يكفي من الغذاء.

ويبلغ سعر كيلو السكر الواحد 12 دولاراً أميركياً، وهو ما يعادل ستة أضعاف ما كان عليه قبل أن تبدأ إسرائيل هجومها على رفح قبل أسبوع. وقد ارتفع سعر الملح والقهوة بمقدار 10 أضعاف، على الرغم من أن سعر الدقيق ظل مستقراً.

وتكمن المشكلة الأكبر في نقص المال. فالبنوك حاليا مغلقة، وعدد بسيط جدا منها به احتياطيات قليلة متبقية.

وتقول صابرين، وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 28 عاماً، إنها نزحت 4 مرات بعد أن غادرت منزلها في بلدة بيت لاهيا الشمالية في بداية الصراع، حتى وصلت الآن لمخيم للاجئين في مدينة أصداء الترفيهية.

ووصفت صابرين الحياة بالمخيم بقولها: «هذه ليست حياة أي إنسان عادي. لا يوجد شيء: لا ماء ولا طعام ولا رعاية صحية ولا حتى مرحاض. يسألني أطفالي عما إذا كان بإمكانهم الحصول على البطاطس فحسب، ولكن ليس لدينا المال الآن. كل ما لدينا هو أغذية معلبة توزعها الأمم المتحدة».

وأضافت: «لقد أصيب أطفالي بالإنفلونزا والحمى والتهاب الكبد. إنهم ضعفاء الآن، وليس هناك ما يكفي من المضادات الحيوية، لذلك أنا قلقة عليهم للغاية».

وعلى بعد بضعة أميال إلى الجنوب من مخيم أصداء الترفيهي تقع المواصي، التي كانت في السابق بلدة ساحلية صغيرة.

ووصف عمال الإغاثة في المواصي، التي كانت ملجأ لعدة أشهر للفارين من القتال، الظروف هناك بأنها «مروعة ومهينة للإنسانية»، مع محدودية الطعام والمياه القذرة والشحيحة، ومرافق الرعاية الصحية المكتظة، وانعدام الصرف الصحي تقريباً.

وقال الدكتور جيمس سميث، وهو طبيب طوارئ بريطاني يعمل في جنوب غزة: «إن رائحة الصرف الصحي في مخيمات النازحين الأكثر ازدحاما لاذعة. هناك نفايات صلبة متراكمة على جانب الطريق بسبب عدم وجود عدد كاف من الموظفين المختصين في التخلص من النفايات. لقد أصبح الكثير من الناس مرضى بسبب هذا الأمر».

وقال طبيب آخر لـ«الغارديان» إن منطقة المواصي «مكتظة تماما باللاجئين»، وإن «الخيام ملتصقة ببعضها بعضاً ولا توجد فواصل بينها»

وأضاف: «لا توجد بنية تحتية داخل المخيمات، والإمدادات الجديدة التي تصل بالطبع محدودة للغاية».

وفرّت رأفت فرحات، وهي معلمة متقاعدة تبلغ من العمر 64 عاماً، من رفح إلى المواصي قبل ثلاثة أيام، حيث نامت في العراء حتى تمكنت أسرتها من بناء مأوى.

وقالت: «لم نتخيل أبداً أننا سننتهي بالعيش بهذه الطريقة. الآن، تبدو الحياة مع وجود كهرباء وماء وغذاء ومأوى وكأنها حلم».

نازحون فلسطينيون في مخيمات بالمواصي (أ.ب)

وكانت الأمم المتحدة قد حذّرت من كارثة «كبيرة» في حال شنّت إسرائيل هجوماً مباشراً على رفح التي يتكدّس فيها نحو 1.4 مليون شخص، غالبيتهم من النازحين. وقالت «الأونروا» إنّ «الشوارع فارغة في رفح مع استمرار العائلات في الفرار بحثاً عن الأمان». وأضافت: «يواجه الناس الإرهاق المستمر والجوع والخوف. ولا يوجد مكان آمن. والوقف الفوري لإطلاق النار هو الأمل الوحيد».

وحذّرت «الأونروا» من أنّ البنية التحتية في خان يونس «دُمّرت بالكامل». وقالت: «لا توجد مياه ولا كهرباء ولا صرف صحي»، مشيرة إلى أنّ «النازحين الفارّين من رفح يعودون إلى المناطق المدمّرة التي لا تصلح للعيش بأي حال من الأحوال».

وبلغت حصيلة القتلى في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من سبعة أشهر أكثر من 35 ألف شخص، غالبيتهم من المدنيين، بحسب الحصيلة التي أعلنتها وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».


مقالات ذات صلة

ما خيارات «حماس» العسكرية بعد استئناف حرب غزة؟

تحليل إخباري فلسطينيون أجبرتهم إسرائيل يوم الثلاثاء على الفرار من منازلهم في شمال غزة (رويترز) play-circle 00:37

ما خيارات «حماس» العسكرية بعد استئناف حرب غزة؟

رغم الهجوم الإسرائيلي الكبير على غزة؛ فإن «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى، لم ترد عسكرياً بعد... فما خياراتها؟

«الشرق الأوسط» ( غزة)
العالم العربي دبابة إسرائيلية عند من الحدود الإسرائيلية مع غزة 18 مارس 2025 (د.ب.أ) play-circle 00:37

إسرائيل تستأنف حربها على غزة... وترهن وقف الهجوم بإطلاق سراح الرهائن (تغطية حية)

أسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة على قطاع غزة عن سقوط مئات القتلى «غالبيتهم من الأطفال والنساء».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية دبابتان إسرائيليتان عند الحدود مع قطاع غزة (أ.ب) play-circle

الجيش الإسرائيلي: نقصف أهدافاً لحركتي «حماس» و«الجهاد» في غزة

قال الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إنه يواصل قصف أهداف تابعة لحركتي «حماس» و«الجهاد» في أنحاء قطاع غزة.

المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة اليوم (د.ب.أ) play-circle

«حماس» تعلن مقتل رئيس حكومتها في غزة بغارة إسرائيلية

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، اليوم (الثلاثاء)، مقتل «كوكبة من قيادات العمل الحكومي» بغارات إسرائيلية على القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تعذّر وصول عدد كبير من القتلى إلى المستشفيات حتى الآن بفعل صعوبة الوضع الإنساني الميداني (أ.ب) play-circle

​إدانات عربية ودولية للمجازر الإسرائيلية في غزة: «حرب على الإنسانية»

أثارت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة موجة من الإدانات العربية والدولية ومطالبات بتدخل دولي عاجل لوقف هذا «الهجوم الوحشي».

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الحشد» العراقي ينتشر على حدود سوريا


ناقلة جنود تابعة لـ«الحشد الشعبي» قرب الحدود العراقية - السورية (إعلام أمني)
ناقلة جنود تابعة لـ«الحشد الشعبي» قرب الحدود العراقية - السورية (إعلام أمني)
TT

«الحشد» العراقي ينتشر على حدود سوريا


ناقلة جنود تابعة لـ«الحشد الشعبي» قرب الحدود العراقية - السورية (إعلام أمني)
ناقلة جنود تابعة لـ«الحشد الشعبي» قرب الحدود العراقية - السورية (إعلام أمني)

قالت «هيئة الحشد الشعبي» العراقية إن قواتها انتشرت في 7 نقاط جديدة قرب الحدود مع سوريا، بأسلحة وكاميرات حرارية.

وأفادت «هيئة الحشد» في بيان بأن «قطعات (اللواء 33) انتشرت في محافظة الأنبار، على مسافة 12 كيلومتراً، موزعة على 4 نقاط تقدم الإسناد الكامل للقوات الأمنية المنتشرة على الحدود العراقية». وأكدت أن قوات تشكيل عسكري آخر؛ هو «اللواء 30»، انتشرت «على الحدود العراقية - السورية على امتداد 15 كيلومتراً، بواقع 3 نقاط معززة بأسلحة متوسطة وثقيلة وكاميرات حرارية؛ لرصد الحدود ومتابعتها على مدار الساعة».

لكن رغم ذلك، قالت مصادر ميدانية في محافظة الأنبار (غرب العراق) إنها لم ترصد تحركات عسكرية فوق العادة قرب الحدود مع سوريا.

ولم يتضح على الفور سبب التعزيزات الإضافية، لكن هذا التحشيد جاء غداة اشتباكات عنيفة على الحدود السورية - اللبنانية، وبعد 4 أيام من إعلان بغداد مقتل عبد الله مكي مصلح الرفيعي المكنى «أبو خديجة» الذي كان نائب ما يسمى «والي العراق وسوريا» في تنظيم «داعش».