«حزب الله» يصعد لما بعد حرب غزة

انتقل إلى استراتيجية «الضغوط القصوى» على إسرائيل

السيارة التي استهدفت بغارة إسرائيلية في بلدة بافليه الجنوبية وأدت إلى مقتل 4 عناصر من «حزب الله» (متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي)
السيارة التي استهدفت بغارة إسرائيلية في بلدة بافليه الجنوبية وأدت إلى مقتل 4 عناصر من «حزب الله» (متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

«حزب الله» يصعد لما بعد حرب غزة

السيارة التي استهدفت بغارة إسرائيلية في بلدة بافليه الجنوبية وأدت إلى مقتل 4 عناصر من «حزب الله» (متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي)
السيارة التي استهدفت بغارة إسرائيلية في بلدة بافليه الجنوبية وأدت إلى مقتل 4 عناصر من «حزب الله» (متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي)

انتقل «حزب الله» إلى استراتيجية «الضغوط القصوى» على إسرائيل، مُصعّداً عملياته العسكرية ضدها في تمهيد لمرحلة ما بعد حرب غزة.

ومنذ إعلان تل أبيب السيطرة على معبر رفح، وبدء عملياتها شرق المدينة بالتزامن مع ترنح مفاوضات الهدنة، كثّف «حزب الله» بشكل غير مسبوق عملياته باتجاه شمال إسرائيل، بهدف إيقاع قتلى وجرحى في صفوف الجنود الإسرائيليين.

ويقول مصدر مُطّلع إن «(حزب الله) انتقل فعلياً من سياسة (ضبط النفس) إلى استراتيجية (الضغوط القصوى)، بهدف تثبيت معادلات الردع في آخر مرحلة من مراحل الحرب على غزة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأداء العسكري الحالي مدروس جداً كي لا يؤدي لحرب موسعة، لطالما أرادتها إسرائيل».

من جهته، يشير العميد الركن المتقاعد، بسام ياسين، إلى أن «حزب الله» وإيران وحلفاءهما «كانوا واضحين منذ البداية، بحيث أكدوا أنه لن يتم السكوت عن معركة رفح. لذلك سيحصل ضغط من كل الجبهات، وبخاصة جبهة الجنوب اللبناني من دون أن تتدخل إيران بشكل مباشر، لأن ذلك سيعني حينها حرباً بين دولتين».

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «كلما زاد الضغط على رفح، سيكون هناك ضغط إضافي مما يسمى جبهات الدعم. وإن كان ذلك لا يؤثر من الناحية العسكرية على رفح، فلكل منطقة وحداتها القتالية، إنما التعويل على أن يؤدي سقوط قتلى وجرحى إسرائيليين لضغط الرأي العام الإسرائيلي على الحكومة الإسرائيلية للتهدئة، والسير مجدداً بالهدنة».


مقالات ذات صلة

المالديف تحظر دخول الإسرائيليين... وتل أبيب توصي مواطنيها بعدم السفر إلى هناك

العالم الرئيس المالديفي محمد مويزو (رويترز)

المالديف تحظر دخول الإسرائيليين... وتل أبيب توصي مواطنيها بعدم السفر إلى هناك

قررت المالديف الواقعة في المحيط الهندي منع الإسرائيليين من دخول الأرخبيل السياحي، وفق ما أفادت الرئاسة اليوم (الأحد)، معلنة عن مسيرة وطنية «تضامناً مع فلسطين».

«الشرق الأوسط» (ماليه (المالديف))
شؤون إقليمية علم فلسطيني في خيمة الاحتجاج في جامعة تافتس بولاية ماساتشوستس أول مايو (أ.ف.ب)

60 % من اليهود الأميركيين يؤيدون قيام دولة فلسطينية

دراسة إسرائيلية تكشف عن ازدياد دعم يهود أميركا لإدارة بايدن، وسيصوّتون له مع دولة فلسطينية، ويعتقدون بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق سكان غزة.

العالم العربي توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)

المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

تبحث أميرة الطويل في صيدليات قطاع غزة عن حليب لإطعام طفلها يوسف الذي يحتاج إلى علاج وغذاء لكن كل محاولاتها لتأمينه باءت بالفشل.

«الشرق الأوسط» (دير البلح (الأراضي الفلسطينية))
شمال افريقيا فلسطينيون يسيرون بمنطقة مدمرة في مخيم النصيرات للاجئين بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

مصر وإسبانيا تبحثان تسوية للقضية الفلسطينية على أساس «حل الدولتين»

تبحث مصر وإسبانيا استعادة مسار التسوية السياسية للقضية الفلسطينية على أساس «حل الدولتين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (أ.ف.ب)

غالانت: ندرس بدائل لـ«حماس» في حكم غزة

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، اليوم (الأحد)، إن إسرائيل لن تقبل استمرار حركة «حماس» في حكم قطاع غزة في أي مرحلة خلال عملية إنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

خطر المسيّرات الانتحارية شمال سوريا يهدد بنزوح المزارعين

على الرغم من حجمها الصغير تُسبب الطائرة الانتحارية دماراً واسعاً وتقتل مدنيين وعسكريين (الشرق الأوسط)
على الرغم من حجمها الصغير تُسبب الطائرة الانتحارية دماراً واسعاً وتقتل مدنيين وعسكريين (الشرق الأوسط)
TT

خطر المسيّرات الانتحارية شمال سوريا يهدد بنزوح المزارعين

على الرغم من حجمها الصغير تُسبب الطائرة الانتحارية دماراً واسعاً وتقتل مدنيين وعسكريين (الشرق الأوسط)
على الرغم من حجمها الصغير تُسبب الطائرة الانتحارية دماراً واسعاً وتقتل مدنيين وعسكريين (الشرق الأوسط)

تفرض المسيّرات الانتحارية في شمال غربي سوريا خياراً صعباً على المدنيين المزارعين تحديداً، إما النزوح من مناطق التماس مع قوات النظام السوري شمالاً إلى المخيمات؛ طلباً للسلامة والأمان، وإما البقاء تحت خطر العمل في الأراضي الزراعية، وكسب لقمة العيش.

في أبريل (نيسان) الماضي، كان حسين القرقوري يعمل بأرضه الزراعية قرب بيته في بلدة قسطون في ريف حماة الشمالي، عندما سمع صوتاً غريباً آتياً من السماء، «عرفت أنها طائرة مسيّرة، لكنني لم أعرف أنها مذخرة»، قال المزارع الخمسيني لـ«الشرق الأوسط»، واصفاً الآلة التي حامت حول منزله وأرضه ببطء قبل أن تسرع مصطدمة بسيارته.

ينظر حسين لصورة حطام سيارته على هاتفه المحمول (الشرق الأوسط)

لم يصب حسين وأفراد عائلته في حينها، إذ لم يكونوا ضمن المركبة، واستطاعوا الاحتماء باللحظات الأخيرة، لكن السيارة تحطمت بالكامل، بفعل الانفجار، «لا أهداف عسكرية في البلدة» قال المزارع: «استهداف سيارتي كان الأول في هذه المنطقة».

الهجوم الذي أثار الرعب في قلب حسين، حسب وصفه، لم يكن الأول الذي نجا منه مع عائلته خلال السنوات الماضية، إذ يحمل منزله الصغير تشققات وآثار ترميم واضحة لما أحدثته القذائف المدفعية من أضرار، إلا أن هذا الهجوم كان له الأثر الأكبر على شعوره بالخوف على عائلته، والتفكير الجديّ بالنزوح إلى المخيمات، وترك مصدر رزقه الوحيد خلال فترة الحصاد.

«القذيفة أقل إثارة للخوف»، قال حسين، واصفاً عشوائية الاستهداف بالقذائف، والفرص التي يوفرها الحظ للنجاة: «المسيرة تلحق بالهدف وتتابعه، إلى أن تصيبه، لا مجال للهرب منها».

شهدت سنوات الحرب السورية استخدام مئات أنواع الأسلحة والذخائر، ولكن منذ شهر فبراير (شباط) الماضي، تزايد استخدام المسيّرات المُصنعة محلياً، وهي عبارة عن جسد طائرة بسيطة محملة بكاميرا أمامية، وجهاز لإرسال الفيديو، وجهاز لاستقبال أوامر التحكم، وعبوة متفجرة تحمل حشوات «RPG» معدة للانفجار عند الاصطدام، أو مادة «TNT» مع قطع حديدية تُشكل الشظايا.

«المرصد السوري لحقوق الإنسان» وثّق خلال شهر أبريل (نيسان) 66 هجوماً بالطائرات المسيّرة الانتحارية أطلقتها قوات النظام على مناطق شمال غربي سوريا، مسببة مقتل وإصابة مقاتلين من الفصائل المعارضة، مع إصابة 5 مدنيين، بينهم طفلان.

7- الراصد الميداني «أبو أمين» - (الشرق الأوسط)

«أبو أمين»، الذي يعمل بالرصد الميداني والعسكري في منطقة إدلب، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن استخدام المسيّرات يعود إلى الشهر الثامن من عام 2023، في مناطق ريف إدلب الجنوبي، وريف حلب الغربي، وكان من أهدافها آليات زراعية ودرّاجات نارية للمدنيين، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى وأضرار مادية بالغة.

على الرغم من حجمها الصغير تُسبب الطائرة الانتحارية دماراً واسعاً وتقتل مدنيين وعسكريين (الشرق الأوسط)

بتقدير «أبو أمين»، لا تتجاوز تكلفة الطائرة المسيّرة سوى 250 دولاراً، ما يجعلها أقل تكلفة من الذخائر المدفعية والصواريخ، كما أنها أثبتت فاعليتها بإصابة محققة للأهداف، وتمكنها من التوغل مسافة تصل إلى 8 كيلومترات، حسب سعة البطارية المستخدمة فيها.

الفصائل العسكرية في المنطقة حازت بعضاً من المسيّرات، وحسبما صرح قائد في غرفة عمليات «الفتح المبين»، التي تجمع عدداً من الفصائل المعارضة المحاربة لقوات النظام، فإن «التدابير اللازمة» تم اتخاذها للتعامل مع تلك الطائرات.

متداولة على المواقع لمسيّرة في شمال سوريا

وقال القائد العسكري لـ«الشرق الأوسط» إن «العمل جارٍ على تطوير سلاح مناسب للتعامل مع الطائرات المسيّرة، وتعميمه على جميع المناطق»، نافياً أن يكون للطائرات المسيّرة أثر مهم على الواقع العسكري في المنطقة التي يستمر فيها «خفض التصعيد» منذ مارس (آذار) عام 2020، على الرغم من الخروقات وحملات القصف المتكررة التي لم تؤدِّ لبدء معارك مباشرة بين قوات النظام والمعارضة.

نزوح المزارعين

انخفضت أعداد المدنيين، الذين اختاروا البقاء في مناطقهم القريبة على خطوط التماس للعمل وتأمين الرزق، بعد بدء استخدام المسيّرات الانتحارية، حسبما لاحظ الراصد الميداني «أبو أمين»، الذي قال إن حالة من «الرعب» خيّمت على السكان، بعد تكرار الاستهدافات ووفاة عدد من الأشخاص.

بإمكان بعض الاحتياطات أن تقلل من فرص الاستهداف للمدنيين، يقول «أبو أمين»، الذي نبّه إلى أن المراصد العسكرية تعمم بشكل مباشر عند دخول المسيرات للمنطقة، وحينها يكون تمويه الآليات الزراعية مفيداً، وكذلك الابتعاد عنها عند سماع صوت الطائرة، والاتجاه نحو الأماكن المنخفضة التي تقلّ بها القدرة على التحكم بالمسيّرة عن بُعد.

وأضاف الراصد أن على المدنيين الابتعاد عن الآليات بمجرد استهدافها، لأن قوات النظام تعتمد على «مبدأ السرب»، أي تكرار الاستهداف بطائرة أو اثنتين أو 3 طائرات.

المزارع حسين يشير إلى مكان استهداف المسيرة الانتحارية لسيارته (الشرق الأوسط)

وبالنسبة للمزارع حسين، لم تكن خسارة السيارة مقصورة على ثمنها، الذي كان يقدر بنحو 4500 دولار، وإنما خسارة وسيلة النقل الآمنة في حال اضطرار العائلة للنزوح السريع من المنطقة، كما فعلوا مراراً من قبل. «لم نعد نعرف ما الذي علينا فعله»، قال حسين: «نريد أن نزرع ونحصد ونعتني بأراضينا التي نقتات منها، إلى أين علينا الذهاب».

وكانت إحصاءات «الأمم المتحدة»، بخصوص الأوضاع الاقتصادية في شمال غربي سوريا، في تدهور مستمر، إذ مع غلاء الأسعار وانخفاض قيمة العملة التركية التي يعتمد عليها سكان المنطقة، تقلّ فرص العمل، وترتفع نسب الفقر والحاجة للمساعدات الإنسانية.

لكن الاستجابة الإنسانية «تعاني نقص التمويل بشكل مثير للقلق»، إذ ذكر تقرير الأوضاع، المنشور من قبل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع لـ«الأمم المتحدة»، في 16 من مايو (أيار) الماضي، أن المنظمات الإنسانية لم تحصل سوى على 6 في المائة من التمويل المطلوب لعام 2024 (227 مليون دولار من أصل 4.07 مليار دولار).

المخيمات السورية في إدلب لا يمكنها حماية النازحين من الكوارث المناخية (رويترز)

خلال 5 سنوات، ارتفع عدد النازحين داخلياً في شمال غربي سوريا بنسبة 90 في المائة، من 1.8 مليون منتصف عام 2019 إلى 3.4 مليون شخص عام 2024. ويفتقر 80 في المائة من النازحين داخلياً لمصدر دخل مستقر، ويعتمدون على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

وبالنسبة لسكان مناطق التماس، التي تواجه خطر المسيرات الانتحارية، لا يعدّ قرار الرحيل سهلاً، «لا نريد انتظار سلة الإغاثة»، قال حسين مبرراً بقاءه في قريته، إلا أن خطر الاستهداف من جديد يدفعه للتفكير الجدي بالنزوح: «لن أغامر بأولادي ونفسي لأحصل على الرزق، الله يعوض الرزق، الرزق بيد الله».