إسبانيا تعترف بالدولة الفلسطينية «قبل انتخابات البرلمان الأوروبي»

آلباريس يتوجه إلى واشنطن لإبلاغ بلينكن بالقرار

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز خلال مهرجان انتخابي قرب برشلونة دعماً لمرشح اشتراكي في انتخابات كتالونيا يوم الخميس الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز خلال مهرجان انتخابي قرب برشلونة دعماً لمرشح اشتراكي في انتخابات كتالونيا يوم الخميس الماضي (رويترز)
TT

إسبانيا تعترف بالدولة الفلسطينية «قبل انتخابات البرلمان الأوروبي»

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز خلال مهرجان انتخابي قرب برشلونة دعماً لمرشح اشتراكي في انتخابات كتالونيا يوم الخميس الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز خلال مهرجان انتخابي قرب برشلونة دعماً لمرشح اشتراكي في انتخابات كتالونيا يوم الخميس الماضي (رويترز)

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية إسبانية رفيعة أن حكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز ستعلن رسمياً اعترافها بالدولة الفلسطينية قبل إجراء انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة خلال الأسبوع الثاني من الشهر المقبل.

وقالت المصادر إن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل آلباريس سيتوجه يوم الجمعة المقبل إلى واشنطن لإبلاغ نظيره الأميركي أنتوني بلينكن بهذا القرار الذي كانت النائبة الثانية لرئيس الحكومة الإسبانية يولاندا دياز قد دعت إلى اتخاذه هذا الأسبوع. لكن سانشيز فضّل التريّث حتى إنهاء مشاوراته مع الحلفاء الأوروبيين، وإبلاغ واشنطن بوصفها الحليف الرئيسي لإسرائيل، قبل الإعلان رسمياً عن قراره.

وكانت الولايات المتحدة قد أعربت عن معارضتها مثل هذه الخطوة عندما صرّح سانشيز قبل أسابيع بـ«أن إسبانيا أصبحت جاهزة لاتخاذ هذا القرار»، لكنه سينتظر انتهاء مشاوراته مع الدول الحليفة والصديقة قبل إعلانه رسمياً. وتقول المصادر الإسبانية إن الاعتراض الأميركي على القرار لم يكن شديداً، وإن واشنطن أبلغت مدريد بتأييدها الثابت لحل الدولتين، وأن السبيل الأفضل لذلك هو عن طريق الحوار بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وبعض الدول الأخرى في المنطقة «لكنها تعتبر أن لكل دولة الحق في اتخاذ القرار متى شاءت»، بحسب نفس المصادر.

وقالت دياز في تصريحات مطلع هذا الأسبوع: «أدعو إلى إعلان الاعتراف بالدولة الفلسطينية اليوم، وليس غداً، لأن من واجبنا وقف هذه المجزرة، ولا يمكن أن ننتظر يوماً واحداً (إضافياً)». وشكرت سانشيز على الجهود التي يبذلها على الصعيد الدولي لكي تنضم دول أوروبية أخرى إلى هذا الموقف.

علم فلسطين مرفوعاً في جامعة برشلونة العمومية خلال تجمع للطلبة يوم الاثنين (رويترز)

وتسعى الحكومة الإسبانية منذ مطلع هذه السنة إلى إقناع بعض شركائها في الاتحاد الأوروبي باتخاذ قرار مماثل، أو على الأقل الإعلان عن استعدادها لاتخاذه في القريب المنظور. وكان سانشيز قد أجرى مشاورات مكثفة مع نظرائه في آيرلندا وسلوفينيا والبرتغال وبلجيكا ولوكسمبورغ والنرويج، علماً بأن هذه الأخيرة ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، لكنها عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو). لكن معظم هذه البلدان ما زال يفضّل التريّث لبلورة موقف أوروبي مشترك، باستثناء آيرلندا التي قال رئيس وزرائها سايمون هاريس يوم الاثنين إنه تحادث مع سانشيز، وتوافقا حول أهمية الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية كجزء من الاعتراف بأن حل الدولتين هو السبيل إلى تحقيق السلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وأضاف: «كلانا متحمّس لتحقيق تقدم قريباً جداً في هذا الاتجاه»، ما يوحي بأن الحكومتين ستعلنان عن قرارهما في نفس الوقت.

وقالت المصادر إن وزير الخارجية الإسباني سيعرض على بلينكن موقف حكومته من الحرب الدائرة في غزة، وإصرارها على ضرورة التوصل بأسرع وقت إلى وقف دائم لإطلاق النار، ودخول المساعدات الإنسانية الكافية إلى القطاع، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي بهدف إلى تكريس صيغة حل الدولتين. لكن المصادر الإسبانية تعترف بأن الموقف الإسرائيلي الرافض، وقرب الانتخابات الرئاسية الأميركية، يجعلان من الصعب عقد مثل هذا المؤتمر قبل نهاية هذه السنة.

ولا تستبعد أوساط الحكومة الإسبانية أن يكون قرار سانشيز الاعتراف بالدولة الفلسطينية على صلة باشتداد حملة التشهير والاتهامات التي تعرّض لها مؤخراً على أيدي القوى اليمينية واليمينية المتطرفة، والتي دفعته إلى الاعتكاف خمسة أيام، والتلويح بالاستقالة بعد أن طالت الاتهامات زوجته.


مقالات ذات صلة

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الخليج الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

اتفقت تركيا وسلطنة عمان على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون فيما بينهما وأكدتا دعمهما لأي مبادرات لوقف إطلاق النار في غزة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تحذّر إسرائيل من توسيع حربها

حذر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان من توسيع إسرائيل حربها في المنطقة قائلاً إن هناك دولاً أخرى ستواجه اعتداءاتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص رئيس الوزراء الفلسطيني خلال المقابلة في الرياض الأحد (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 02:05

خاص رئيس الوزراء الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: نمد يدنا إلى ترمب للانخراط في سلام جاد

أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى مد اليد إلى إدارة دونالد ترمب «للانخراط في سلام جاد»، مشيداً بالدور السعودي القيادي في الدفع بحل الدولتين.

غازي الحارثي (الرياض)
تحليل إخباري مواطنون عرب في إسرائيل يحيون ذكرى يوم الأرض في شمال الجليل مارس 2022 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري خبراء خيَّروا الإسرائيليين والفلسطينيين بين الحرب أو «الدولتين»... فكيف أجابوا؟

بعد نحو شهر على استطلاع أظهر أن 68 في المائة من اليهود في إسرائيل يعارضون إقامة دولة فلسطينية، كُشفت مؤخراً جوانب أخرى في الاستطلاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً
TT

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

دخلت فصائل مسلحة؛ بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا أمس، أجزاءً غرب مدينة حلب في شمال سوريا، وتقدمت على نحو كبير وسريع بعد قصفها في سياق هجوم بدأته قبل يومين على القوات الحكومية هو من أعنف جولات القتال منذ سنوات.

وبددت المعارك التي باغتت القوات الحكومية السورية؛ وروسيا وإيران الداعمتين لها، هدوءاً سيطر منذ عام 2020 على الشمال الغربي السوري، بموجب تهدئة روسية - تركية.

وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لحلب. وقال شاهدا عيان من المدينة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا رجالاً مسلحين في منطقتهما، وسط حالة هلع في المدينة.

ومن شأن تقدم تلك الجماعات المسلحة أن يصطدم بمناطق نفوذ شكلتها، على مدار سنوات، مجموعات تدعمها إيران و«حزب الله».

ومع دخول ليل السبت، وتبين تقدم الجماعات المسلحة، أفاد «المرصد السوري» بتوجه «رتل عسكري مؤلف من 40 سيارة تابع لـ(ميليشيا لواء الباقر)، الموالية لإيران، من مدينة دير الزور نحو حلب».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 255 شخصاً، وفقاً للمرصد، معظمهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 24 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم قوات النظام بالمعركة.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل بسطت سيطرتها على أكثر من 50 بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد، في أكبر تقدّم تحرزه المجموعات المسلحة المعارضة للنظام منذ سنوات.

وفي المقابل، وصلت تعزيزات من الجيش السوري إلى مدينة حلب، ثانية كبرى المدن في سوريا، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري الوكالة الفرنسية.

وقبل إعلان «المرصد السوري» دخول «هيئة تحرير الشام» إلى حلب، أفاد المصدر نفسه عن «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب».

وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل، ولن تتعرض لأي تهديد».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 23 غارة على إدلب وقرى محيطة بها.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن روسيا، التي تدعم قواتها في سوريا الرئيس بشار الأسد، تعدّ الهجوم انتهاكاً لسيادة سوريا، وتريد من السلطات التحرك سريعاً لاستعادة النظام.

ودعت تركيا إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل الفصائل السورية المسلحة في شمال غربي سوريا، بعد سلسلة الغارات الروسية - السورية.

وتسيطر «تحرير الشام» مع فصائل أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية عبر منصة «إكس»: «لقد طالبنا بوقف الهجمات. وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية»، مشيراً إلى «التطورات في إدلب ومحيطها الحدودي».

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورميات مدفعية، وأحياناً أصوات طائرات. آخر مرة سمعنا مثل هذه المعارك كانت قبل نحو 5 سنوات».

وأَضاف الموظّف في شركة اتصالات: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا، سئمنا هذه الحالة واعتقدنا أنها انتهت، لكن يبدو أنها تتكرر من جديد».

وكان عراقجي عدّ التطورات الميدانية في سوريا «مخططاً أميركياً - صهيونياً لإرباك الأمن والاستقرار في المنطقة عقب إخفاقات وهزائم الكيان الصهيوني أمام المقاومة»، وفق تصريحات أوردتها الوزارة الخميس.

وقال المحلّل نيك هيراس من معهد «نيو لاينز» للسياسات والاستراتيجية للوكالة الفرنسية، إن تركيا ترى أن «حكومة (الرئيس السوري) بشار الأسد تواجه وضعاً صعباً بسبب عدم اليقين بشأن مستقبل الوجود الإيراني في سوريا، وترسل رسالة إلى دمشق وموسكو للتراجع عن جهودهما العسكرية في شمال غربي سوريا».

ويرى مدير «المرصد السوري» لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن الجيش السوري لم يكن مستعداً أبداً لهذا الهجوم. وأعرب عن استغرابه الضربات الكبيرة التي يتلقاها الجيش السوري على الرغم من الغطاء الجوي الروسي.

وتساءل: «هل كانوا يعتمدون على (حزب الله) المنهمك حالياً في لبنان؟».

بدوره، قال مسؤول بالأمم المتحدة، الجمعة، إن 27 مدنياً، بينهم 8 أطفال، لقوا حتفهم في قتال بشمال غربي سوريا على مدى الأيام الثلاثة الماضية، في إحدى أسوأ موجات العنف منذ أعوام بين القوات الحكومية وقوات المعارضة السورية.