أهالي الضفة أيضاً في قلب المعاناة بعد أكثر من 200 يوم على حرب غزة

إسرائيل اعتقلت أكثر من 8 آلاف فلسطيني منهم منذ 7 أكتوبر

رجل فلسطيني يشير وهو يقف داخل مطبخه في أعقاب هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون في قرية المغير بالضفة الغربية المحتلة بالقرب من رام الله (أ.ف.ب)
رجل فلسطيني يشير وهو يقف داخل مطبخه في أعقاب هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون في قرية المغير بالضفة الغربية المحتلة بالقرب من رام الله (أ.ف.ب)
TT

أهالي الضفة أيضاً في قلب المعاناة بعد أكثر من 200 يوم على حرب غزة

رجل فلسطيني يشير وهو يقف داخل مطبخه في أعقاب هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون في قرية المغير بالضفة الغربية المحتلة بالقرب من رام الله (أ.ف.ب)
رجل فلسطيني يشير وهو يقف داخل مطبخه في أعقاب هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون في قرية المغير بالضفة الغربية المحتلة بالقرب من رام الله (أ.ف.ب)

خلال 200 يوم من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لم تسلم أيضا الضفة الغربية من المعاناة... بدءا من فقد أعزاء أو اعتقال أبناء، وانتهاء بالانتظار لساعات عند الحواجز الأمنية، ومرورا بتبعات اقتصادية وتعليمية بل وتأثيرات تمس كل مناحي الحياة.

كانت حرب غزة نقطة تحول مؤلمة في حياة الكثيرين من سكان الضفة، فالعمال الذين كانوا يعملون داخل إسرائيل فقدوا مصدر دخلهم الوحيد، وتحولت الحواجز والتعقيدات اليومية إلى عوائق تحول دون حركة الناس وتجارتهم، فضلا عن الأثر النفسي البالغ الذي حفرته تجاربهم المؤلمة.

ويشكو الشاب علاء الطشطوش من ظروف اقتصادية معقدة يعانيها الفلسطينيون منذ بدء الحرب. وقال لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «أنا شخصيا انتهى عملي بعد الحرب. أحاول أن أتأقلم مع الواقع الجديد وأعمل في بيع الحلويات، لكن كثيرين لا يستطيعون تدبر أمورهم».

ويرى محمد الجبجبي، أحد سكان الضفة، أن الحرب الدائرة في غزة أثرت على حياتهم اليومية بنسب تتراوح ما بين 80 و90 في المائة. وقال: «الاقتصاد تأثر، والحواجز أعاقت حياة الناس بشكل كبير، وهو ما ضاعف الأزمة الاقتصادية». وتابع: «لم يعد المتسوقون قادرين على الوصول إلى المدن، وبالتالي تراجع الاقتصاد بشكل كبير وتضررت قطاعات كثيرة».

ويقول الطالب الجامعي عبد الرحيم غانم إن ظروف الدراسة تأزمت على نحو يحرم الطلاب من فرصة الحصول على تعليم جيد، وتحولت الجامعات إلى منصات إلكترونية تعزز التباعد الاجتماعي بين الطلبة وتقيد حركتهم الأكاديمية، ما أثر بشكل مباشر على جودة تعليمهم وفرص تطويرهم الشخصي والمهني. وأضاف: «التعليم الإلكتروني لا يلبي حاجتنا التعليمية ونجد صعوبة في التأقلم معه».

تراجع اقتصادي وحملة اعتقالات

وتشير أرقام رسمية فلسطينية إلى تراجع حاد في مستويات الاقتصاد وحجم التجارة في الضفة الغربية بفعل الحرب على قطاع غزة. ويطرح الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في آخر إحصائياته أمثلة على هذا التراجع، حيث انخفضت الصادرات خلال شهر فبراير (شباط) 2024 بنسبة 12% مقارنة مع نفس الشهر من عام 2023، وتراجعت الصادرات إلى إسرائيل بنسبة 16% في ذات الفترة. كما شهدت الواردات كذلك تراجعا بنسبة 24% مقارنة مع فبراير من عام 2023.

فلسطينيون يتسوقون في سوق في رام الله بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

ويشكو فلسطينيو الضفة كذلك من عمليات قتل وحملة اعتقالات يقولون إنها غير مسبوقة. ويشير مرصد «شيرين» الذي يرصد العمليات الإسرائيلية إلى مقتل 487 فلسطينيا في الضفة الغربية منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، بالإضافة إلى إصابة 4800 آخرين. وتُظهر بياناته أن السلطات الإسرائيلية اعتقلت خلال ذات الفترة 8088 فلسطينيا وهدمت 648 بناية.

أما الحواجز العسكرية، فتزيد العبء والمعاناة على الفلسطينيين، وتنسج معها خيوط مأساة يومية في الحركة والتنقل.

الانتظار لساعات

إلى ذلك، تتكدس مئات السيارات عند حاجزي عورتا والمربعة الواقعين في محيط مدينة نابلس بشمال الضفة الغربية، ولا يعرف العابرون متى يحين موعد عبورهم؛ فمجرد قطع بضعة كيلومترات قد يستغرق ما يصل إلى تسع ساعات مع الانتظار للمرور من الحواجز العسكرية.

فقد نشرت إسرائيل عشرات الحواجز العسكرية في مختلف أرجاء الضفة الغربية بعد السابع من أكتوبر، بالإضافة للحواجز الأخرى التي كانت موجودة قبل ذلك.

ويتحدث الصحافي صدقي ريان الذي يعبر من حاجزي عورتا والمربعة يوميا كيف يكابد عناء «يكاد لا يصدَّق».

ويقول لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إن الحواجز تشكل عبئا كبيرا سواء على الصحافي أو على المواطنين بشكل عام.

ويضيف: «هناك تعقيدات كبيرة في حياتنا بسبب الحواجز، نتأخر عن أعمالنا، ولا يوجد لدينا شيء اسمه التزام بموعد بسبب تلك الحواجز. وفي إحدى المرات قضيت على الحواجز تسع ساعات للمرور».

أما إبراهيم الأصفر وهو تاجر من نابلس فيقول إن شغله مرتبط بمدينة الخليل، حيث يذهب إلى هناك مرة كل أسبوع على الأقل. ويضيف: «عندما أريد الذهاب سأعبر ما بين 10 و15 حاجزا عسكريا للمرور من نابلس والوصول إلى الخليل، وهي مسافة تقدر بنحو 78 كيلومترا».

وبالإضافة إلى التأخير بسبب الحواجز، يتحدث فلسطينيون عن عمليات تفتيش مهينة وتنكيل.

قال أحدهم: «يُطلب منا النزول من السيارة ورفع الملابس، مع حجز مفاتيح السيارة والكثير من الإجراءات. هذا إضافة إلى هجمات المستوطنين، وإطلاق الرصاص باتجاه الناس».

ووسط هذا الواقع الأليم، يحاول سكان الضفة البحث عن حلول، فيسلك كثيرون مسارات ترابية غير ممهدة على أمل الوصول إلى وجهتهم؛ لكن حتى تلك المسارات لم تعد آمنة في ظل انتشار مكثف للمستوطنين.

وتؤكد منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان أن الحواجز تجعل الفلسطينيين غير قادرين على تنفيذ أبسط المهام أو على تخطيط حياتهم، فالفلسطيني الذي يخرج من بيته لا يعلم هل سيصل إلى مكان عمله في الموعد أو حتى إن كان سيصل أصلا.


مقالات ذات صلة

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

المشرق العربي الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن «الضوء الأخضر الذي حصل عليه بنيامين نتنياهو من الإدارة الأميركية جعله يستمر في عدوانه».

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي أطفال فلسطينيون يركبون على ظهر عربة وهم يحملون أمتعتهم في غزة (أ.ف.ب)

غزة: تحذير من انتشار فيروس شلل الأطفال بين النازحين

حذرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، السبت، من انتشار فيروس شلل الأطفال وغيره من الأمراض بين جموع النازحين في القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تصاعد الدخان خلال غارة إسرائيلية على دير البلح في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

غزة: مقتل 30 فلسطينياً بهجوم إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين

قالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن ما لا يقل عن 30 فلسطينياً قُتلوا، السبت، في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين غرب مدينة دير البلح.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي القوات الإسرائيلية تنسحب من مخيم قلنديا للاجئين قرب رام الله في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

بينهم أطفال... القوات الإسرائيلية تعتقل 40 فلسطينياً من الضفة

شنت القوات الإسرائيلية، الجمعة والسبت، حملة اعتقالات واسعة طالت 40 فلسطينياً على الأقل من الضفة الغربية، بينهم أطفال، وأسرى سابقون.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي جندي إسرائيلي فوق دبابة بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع غزة (أ.ب)

تقرير: «حماس» ترفض تسلُّم أي مقترحات جديدة

أكد مصدر قيادي فلسطيني اليوم (السبت)، أنه في ظل ما يردده رئيس الوزراء الإسرائيلي عن أنه سيقدم اقتراحاً جديداً، فإن حركة «حماس» ترفض تسلُّم أي مقترح.

«الشرق الأوسط» (غزة)

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
TT

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)

تعرض مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، الذي يتزعمه مسعود بارزاني، فجر السبت، لهجوم بأسلحة خفيفة من قبل مجهولين في محافظة كركوك.

يأتي الهجوم في غمرة الحديث عن قيادة بارزاني لمفوضات مع المكونين العربي والتركماني لحسم معضلة الحكومة المحلية ومنصب المحافظ بعد نحو 7 أشهر على إجراء الانتخابات المحلية، فيما نفى مسؤول كردي رفيع ذلك، وذكر لـ«الشرق الأوسط» أن «مسعود بارزاني يوجد خارج البلاد هذه الأيام ولم يلتق أعضاء في مجلس كركوك».

وقالت مصادر أمنية في المحافظة إن مسلحين مجهولين أطلقوا فجر السبت النار على مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني» في منطقة ساحة العمال وسط كركوك ولم يسفر عن الهجوم أي إصابات بشرية أو أضرار مادية.

وحضرت قوة من الشرطة عقب الهجوم إلى موقع الحادث، وفتحت تحقيقاً وعممت أوصاف المهاجمين الذين فروا إلى جهة مجهولة.

وسبق أن أثار مقر «الحزب الديمقراطي» في كركوك أزمة كبيرة داخل المحافظة نهاية العام الماضي، بعد أن طالب قيادة العمليات العسكرية بتسليم المقر الذي تشغله منذ عام 2017، وحدثت مواجهات بين أنصار الحزب والقوات الأمنية أدت إلى مقتل أفراد إلى جانب ضابط في قوات «البيشمركة».

وانتهت الأزمة بعد قيام رئيس الحزب مسعود بارزاني بتسليم وإهداء المقر، في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى جامعة كركوك لـ«يكون في خدمة طلب العلم والمثقفين في المدينة».

متظاهرون من الكرد فوق بناية مقر حزب بارزاني في كركوك (أرشيفية - شبكة روادو)

معلومات أولية عن الهجوم

وأعلن المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الديمقراطي» في كركوك عن امتلاك الحزب «معلومات عن استهداف المقر»، في حين قال الباحث الكردي كفاح محمود إن «الشبهات تحوم حول المستفيد من تعطيل عمل مجلس المحافظة وعدم التوصل إلى شخصية متفق عليها لإدارة المحافظة».

وأضاف محمود في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «باستنتاج بسيط يمكن الربط بين عمليات حرق الأسواق في أربيل وكركوك ودهوك وبين هذه العملية التي كانت تستهدف اختراق سور الحماية والدخول إلى المبنى وإحراقه، خصوصاً وأنها تشبه توقيتات حرق الأسواق التي جرت في ساعة متأخرة من الليل وتحديداً في الساعات الأولى للصباح».

وتابع محمود: «هذه الأذرع لديها مراكز ووجود وتتسبب في إشكاليات إقليمية بين العراق وإقليم كردستان من جهة وبين دول الجوار من جهة أخرى».

وذكر محمود أن «الأمر المتعلق بمعرفة الجناة يبقى معلقاً لحين كشف تسجيلات منظومة الكاميرات التي صورت حركة تلك العناصر التي استخدمت مبنى قيد الإنشاء».

وتتهم أوساط «الحزب الديمقراطي»، منذ فترة طويلة، عناصر «حزب العمال» الكردستاني التركي بالتورط في مختلف الأعمال العدائية التي تقع ضده وضد بعض الشركات النفطية وشركات الغاز العاملة في الإقليم، خصوصاً في محافظتي كركوك والسليمانية، كما تحمله مسؤولية توغل القوات التركية داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان.

وقال المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» في كركوك، مريوان جلال، السبت، إن «الفرع كان يمتلك معلومات عن استهداف المقر، وإن الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وتزامن مع دور الحزب في تقريب وجهات النظر لتشكيل إدارة كركوك ومجلسها».

وأضاف في تصريحات صحافية أن «الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وهو ليس استهدافاً للحزب الديمقراطي الكردستاني، بل يستهدف جميع مكونات كركوك، وجاء في وقت يعمل فيه الحزب الديمقراطي بتقريب وجهات النظر بين مكونات المحافظة للشروع بتشكيل إدارة المحافظة، وتفعيل عمل المجلس لغرض تقديم الخدمات لجميع مكونات المحافظة».

السوداني خلال استقباله نواباً من المكون التركماني (إعلام حكومي)

السوداني يجتمع بالتركمان

من جانبه، استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، السبت، عضوين من المكون التركماني في مجلس محافظة كركوك، وحثهم على الاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة.

ولم تفلح جهود رئيس الوزراء محمد السوداني حتى الآن في حل أزمة المحافظة برغم لقاءاته المتكررة مع القوى الفائزة في مقاعد مجلسها.

وأشار السوداني، خلال اللقاء، طبقاً لبيان صادر عن مكتبه، إلى «أهمية تقديم مصلحة أبناء كركوك في أي اتفاق بين القوى السياسية التي فازت بالانتخابات، إثر النجاح في إجرائها بعد تعطل استمر منذ عام 2005».

وشدد السوداني على ضرورة «اختيار الإدارات الحكومية المحلية الناجحة، والاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة».

وتتردد منذ أسابيع أنباء عن سعي القوى المتخاصمة في مجلس المحافظة للاتفاق على صيغة لحسم منصب المحافظ من خلال تدويره بين الكتل الفائزة، بحيث يشغل الأكراد المنصب في السنتين الأولى، ثم يذهب إلى العرب في السنتين الأخيرتين من عمر دورة مجلس المحافظة المحددة بأربع سنوات، وهناك حديث عن أن للتركمان حصة في عملية التدوير رغم امتلاكهم لمقعدين فقط من أصل 16 مقعداً في المجلس.