زيارة إردوغان للعراق... دلالات على مرحلة جديدة من التعاون بين الجارين

مخاوف من إيران ورسالة إلى طالباني

0 seconds of 36 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:36
00:36
 
TT
20

زيارة إردوغان للعراق... دلالات على مرحلة جديدة من التعاون بين الجارين

السوداني مستقبلاً إردوغان في بغداد الاثنين (أ.ف.ب)
السوداني مستقبلاً إردوغان في بغداد الاثنين (أ.ف.ب)

حملت زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للعراق كثيراً من الدلالات على انطلاق مرحلة جديدة من علاقات التعاون بين البلدين الجارين على المستويات الأمنية والاقتصادية والتجارية والتنموية مع مقاربة مشتركة في ملف المياه والطاقة.

وأظهر تشكيل الوفد المرافق لإردوغان، في زيارته إلى كل من بغداد وأربيل، طبيعة الملفات التي عمل عليها البلدان خلال الأشهر الأخيرة، حيث ضم وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والنقل والبنية التحتية والطاقة والتجارة والزراعة والغابات والصناعة والتكنولوجيا، إلى جانب كبير مستشاري الرئيس للسياسة الخارجية والأمن عاكف تشاغتاي كيليتش.

نموذج للتنمية

وعشية الزيارة، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إنه سيتم توقيع أكثر من 20 اتفاقية مع العراق خلال الزيارة، التي تعد الأولى لرئيس الجمهورية التركي منذ 15 عاماً، عندما زار الرئيس السابق عبد الله غل بغداد في 2009، كما تعد الأولى لإردوغان منذ 13 عاماً عندما كان رئيساً للوزراء، حيث قام بـ3 زيارات للعراق في أعوام 2008 و2009 و2011.

وقال فيدان: «هدفنا تطوير العلاقات مع العراق، بحيث يكون الاستقرار الإقليمي والازدهار والتنمية ممكناً، وإضفاء طابع مؤسسي على علاقاتنا، وبذل ما بوسعنا لتطوير النظام والازدهار في المنطقة».

ولفت إلى الأعمال الجارية منذ فترة طويلة بين البلدين في مجالات مثل الأمن والطاقة والمياه والزراعة والصحة والتعليم، قائلاً: «أتممنا الاتفاقات الأولية لتوقيع أكثر من 20 اتفاقية خلال زيارة إردوغان».

وأكد فيدان أهمية التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي في العراق، وأنهم لا يريدون أن تذكر المنطقة والعراق بالاضطرابات الداخلية والصراعات والحروب، معرباً عن اعتقاده بأن العلاقات التركية - العراقية ستكون نموذجاً مهماً في المنطقة، وبخاصة مع تنفيذ مشروع «طريق التنمية» الذي يوليه الرئيس إردوغان، أهمية كبيرة.

قضايا رئيسية

والتقى إردوغان عقب وصوله إلى بغداد، الاثنين، الرئيس عبد اللطيف رشيد، ثم عقد جلسة مباحثات مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أعقبها اجتماع موسع ضم وفدي البلدين.

السوداني مستقبلاً إردوغان في بغداد الاثنين (أ.ف.ب)
السوداني مستقبلاً إردوغان في بغداد الاثنين (أ.ف.ب)

وعدّ خبراء أن أهم بعدين في زيارة إردوغان إلى العراق هما الأمن والاقتصاد، مؤكدين أن العمل المشترك بين البلدين في مجال الأمن أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمنطقة.

وقال فاروق كايا، الأستاذ بجامعة يدي تبه في إسطنبول، إن تركيا تولي أهمية بالغة للتعاون مع العراق في إنهاء نشاط حزب العمال الكردستاني وتشكيل منطقة آمنة تشمل الحدود الجنوبية مع العراق وسوريا بعمق من 30 إلى 40 كيلومتراً، متوقعاً اتخاذ خطوات جادة في هذا الشأن خلال الزيارة.

وأضاف كايا لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة إردوغان ستشكل نقلة نوعية للتعاون بين البلدين الجارين، وأن مشروع «طريق التنمية»، الذي تبلغ استثماراته 17 مليار دولار سيكون محوراً مهماً من محاور التعاون بين تركيا والعراق.

وعدّ خبير الأمن ومكافحة الإرهاب، جوشكون باشبوغ، أن هناك 3 عوامل رئيسية تعكس أهمية توقيت الزيارة، الأول: مشروع طريق التنمية، الذي يجب تنفيذه في أسرع وقت ممكن في ظل ظهور مشروعات بديلة، والثاني الاتفاق على التعاون في تأمين الحدود الجنوبية لتركيا وإنشاء مركز العمليات التركي - العراقي المشترك، لافتاً إلى أن تركيا عملت على هذه القضية لفترة طويلة، لكن التطورات الأخيرة في المنطقة الناجمة عن حرب غزة جعلت الأمر أكثر إلحاحاً.

وأضاف أن هناك عاملاً إضافياً في هذا الشأن، وهو ما يتردد عن احتمالات انسحاب أميركا من المنطقة، وهو ما يدفع تركيا للتحرك بسرعة لسد الفجوة التي ستنشأ في المنطقة.

وتابع أن قضيتي المياه والطاقة تعدان من أهم القضايا على جدول أعمال البلدين، متوقعاً أن يتم التوصل إلى حلول مرضية بين الجانبين على ضوء زيارة إردوغان.

وفيما يتعلق بطريق التنمية، قال وزير المواصلات والبنية التحتية التركي عبد القادر أورال أوغلو، عشية الزيارة، إنه عند اكتمال مشروع طريق التنمية الذي يمر من العراق والأراضي التركية، فإن مدة نقل البضائع بين المنطقة وأوروبا، ستنخفض إلى 25 يوماً.

وأشار إلى أن حركة السفن التي تمر عبر قناة السويس تستغرق 35 يوماً، وعبر طريق الرجاء الصالح أكثر من 45 يوماً وعند اكتمال طريق التنمية، فإن الوقت سينخفض إلى 25 يوماً.

الجانبان القطري والتركي خلال توقيع المذكرة الرباعية في بغداد الاثنين (أ.ف.ب)
الجانبان القطري والتركي خلال توقيع المذكرة الرباعية في بغداد الاثنين (أ.ف.ب)

وأضاف أن المرحلة الأولى من المشروع سيتم تشغيلها العام المقبل، مشيراً إلى أنهم يخططون لبناء 1200 كم من السكك الحديدية والطرق السريعة ونقل الطاقة وخط للاتصالات ضمن نطاق المشروع، وسيتم إنشاء خط سكة حديد من قرية «أوفاكوي» الحدودية مع العراق في جنوب شرقي تركيا إلى أوروبا، مؤكداً أن مشروعات النقل الوطنية والدولية لها أهمية حيوية لتركيا.

وذكر أورال أوغلو أن مشروع طريق التنمية يسير بشكل أسرع من المتوقع، وأن تقدماً كبيراً يتم إحرازه من خلال الزيارات المتبادلة كل شهر بين البلدين.

ملف المياه

وفي ملف المياه، قال رئيس جمعية سياسة المياه في تركيا، دورسون يلدز، إن العراق يلبي معظم احتياجاته المائية من نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من تركيا، وطلب إطلاق مزيد من المياه من نهر دجلة مرات عدة خلال فترات الجفاف، واستجابت تركيا باستمرار، بل أجلت عملية احتجاز المياه في سد إليسو على نهر دجلة 3 مرات بناء على طلب العراق.

وأضاف أنه مع ازدياد تأثير تغير المناخ، يجب جعل استخدام المياه في العراق أكثر كفاءة، لأن جميع التقارير المعدة حول التغير المناخي في حوضي الفرات ودجلة توضح أن نقص المياه في المنطقة سيزداد بشكل كبير في عام 2050، وأن إدارة المياه ستصبح صعبة للغاية.

ولفت إلى أنه لهذا السبب فإن قضايا المياه، مثلها مثل الأمن والطاقة تتصدر أجندة الرئيس إردوغان في العراق، وتحاول تركيا المساعدة في تطوير مشروعات مختلفة في العراق منذ فترة طويلة لاستخدام المياه بكفاءة وتقليل خسائر المياه، كما أنها مستعدة لتوجيه القطاع الخاص في العراق فيما يتعلق بأنظمة ومعدات الري الموفرة للمياه، ويجري تنظيم برامج تدريبية وتطبيقية لمهندسي وفنيي الري العراقيين.

مخاوف من إيران

وعد الكاتب في صحيفة «حرييت»، القريبة من الحكومة، عبد القادر سيلفي، أن العلاقات التركية - العراقية تتطور في اتجاه إيجابي، وفي طريقها لتصبح نموذجاً إقليمياً، وعلى حد تعريف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان فإن العلاقات بين البلدين الجارين ستكون «رؤية التنمية الإقليمية».

وقال سليفي إن البلدين لا يتحدثان عن الحرب ضد الإرهاب وحزب العمال الكردستاني، فحسب، بل يعملان برؤية إقليمية تقوم على التنمية المشتركة، وتقرر إنشاء لجان وزارية مشتركة في مجالات التجارة والزراعة والطاقة والمياه والصحة والنقل.

وأضاف: «في منطقتنا، المعروفة بالإرهاب والحروب الأهلية، الهدف هو جعل الرخاء والتنمية قاسماً مشتركاً، وإذا نجح هذا المفهوم بين تركيا والعراق، فإن الهدف هو ضم إيران، وسيكون اندماج إيران مهماً، لكنني أخاف من أنها قد تقوم بتخريب مثل هذه الخطط».

عملية كبرى ضد «الكردستاني»

ولفت الكاتب التركي إلى أن إحدى النقاط المهمة في زيارة إردوغان للعراق هي «عملية العراق الكبرى» ضد حزب «العمال الكردستاني»، قائلاً إن بغداد لم تصنف «الكردستاني» منظمة إرهابية، بل صنفته منظمة «محظورة»، وهي خطوة مهمة تنتظر مصادقة البرلمان عليها.

وأضاف: «سيكون مفهوم هذه العملية مختلفاً، لأن تركيا تخطط لتنفيذها مع حكومة بغداد المركزية وإدارة أربيل والحشد الشعبي، وستنفذها القوات التركية على الأرض، بدعم جوي، لإنشاء خط آمن (منطقة عازلة) على عمق من 30 إلى 40 كيلومتراً من حدودنا مع العراق التي يبلغ طولها 378 كيلومتراً».

وتابع: «الهجمات على القواعد التركية في منطقة عمليات (المخلب - القفل) بشمال العراق في 22 و23 ديسمبر (كانون الأول) و24 يناير (كانون الثاني) الماضيين، جعلت إنشاء المنطقة العازلة أمراً لا مفر منه».

وقال سيلفي، نقلاً عن مصادر مطلعة، إنه عند بدء العملية، ستتم السيطرة على الحدود العراقية - السورية في وقت واحد، وبالتالي، سيتم منع حزب «العمال الكردستاني» من نقل قيادته من العراق إلى سوريا، ومن المقرر أن تتولى الحكومة المركزية في بغداد والحشد الشعبي هذه المهمة، وستقدم تركيا الدعم على مستوى تقني.

رسالة لطالباني

وأضافت المصادر أنه سيتم اتخاذ إجراءات ضد «العمال الكردستاني» في السليمانية وسنجار ومخيم مخمور، وستقدم بغداد وأربيل الدعم الاستخباراتي في هذه المرحلة، إلى جانب العمل ضد التهديدات المقبلة من السليمانية التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني.

وقال سيلفي إن عائلة بارزاني كانت تصر بشدة على أن يقوم الرئيس إردوغان بزيارة أربيل، ووافق إردوغان، وبطبيعة الحال هناك دعم هنا لإدارة أربيل للتعاون مع تركيا، لكن هناك أيضاً رسالة للاتحاد الوطني الكردستاني وبافل طالباني بشأن التعاون القائم مع حزب «العمال الكردستاني» في السليمانية، مفادها أن «تركيا بلد يبعث الثقة في أصدقائه والخوف في أعدائه».


مقالات ذات صلة

اتصال السوداني بالشرع يكسر الجمود بين بغداد ودمشق

المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مستقبلاً وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في بغداد يوم 14 مارس 2025 (إعلام حكومي)

اتصال السوداني بالشرع يكسر الجمود بين بغداد ودمشق

في أول محادثات مباشرة بين الطرفين، اتفق الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الحكومة العراقية على توطيد «مواجهة تحديات مشتركة» في إطار كسر الجمود بين البلدين.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد رئيس الوزراء العراقي خلال إطلاقه الأعمال التنفيذية لمشروع تطوير مصفاة «ميسان» (وكالة الأنباء العراقية)

رئيس الوزراء العراقي يطلق الأعمال التنفيذية لمشروع تطوير مصفاة «ميسان»

أطلق رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، الأحد، الأعمال التنفيذية في مشروع تطوير مصفاة «ميسان».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي من صلاة العيد بأحد مساجد داهوك في كردستان (د.ب.أ)

هلال العيد يتسبب بأول خلاف سني - سني في العراق منذ قرون

التطور اللافت على صعيد هذا الخلاف النادر، هو ما حصل من إرباك وارتباك وتبادل حاد للاتهامات بين كثير من النواب السنة في البرلمان و«ديوان الوقف السني».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي شركات غربية تتهم بغداد وأربيل بعرقلة تصدير نفط كردستان

شركات غربية تتهم بغداد وأربيل بعرقلة تصدير نفط كردستان

رغم انتعاش الآمال بقرب استئناف صادرات نفط كردستان، فإن تعثراً جديداً كشفت عنه شركات نفط عاملة في الإقليم أعاد المفاوضات إلى المربع الأول

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جانب من أحد اجتماعات تحالف «الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

«الإطار التنسيقي»: الفصائل العراقية «ملتزمة بعدم التصعيد»

عَدَّ قيادي بارز في تحالف «الإطار التنسيقي» العلاقة مع الإدارة الأميركية مصدر قوة للمصالح العراقية، فيما أكد أن الفصائل المسلحة ملتزمة بعدم التصعيد ضد واشنطن.

حمزة مصطفى (بغداد)

العمل الدبلوماسي خيار لبنان في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية

جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
TT
20

العمل الدبلوماسي خيار لبنان في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية

جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

لا يملك لبنان خيارات كثيرة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، سوى الخيار السياسي والدبلوماسي، وإن لم يثبت حتى الآن نجاحه في لجم التمادي الإسرائيلي، واستهداف ضاحية بيروت الجنوبية للمرّة الثانية في أقل من أسبوع، في وقت تطالب فيه دول غربية الدولة اللبنانية بـ«الوفاء بتعهداتها ووضع حدٍّ لإطلاق الصواريخ من الجنوب باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلّة، والبدء بنزع سلاح (حزب الله)» الذي تتذرّع به إسرائيل للمضيّ بسياسة الاغتيالات لقادة الحزب وكوادره.

ويبدو التعويل اللبناني على دورٍ أميركي حاسم في وقف انتهاك إسرائيل للسيادة اللبنانية مبالغاً فيه، إذ كشف مصدر دبلوماسي لبناني عن «رسالة تحمّلتها نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، في زيارتها المرتقبة خلال أيام إلى بيروت».

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن أورتاغوس «تحمل في جعبتها عنوانين أساسيين: الأول ممارسة أقصى الضغوط لنزع سلاح (حزب الله)، والإسراع في تشكيل لجان تقنية وسياسية للتفاوض مع إسرائيل من أجل انسحابها من النقاط الخمس التي تحتفظ بها في جنوب لبنان، والثاني وضع ترتيبات سياسية لترسيم الحدود المتنازع عليها بين بيروت وتلّ أبيب، ورسم معالم المرحلة المقبلة بينهما».

إشارات غير مطمئنة

الغارة الإسرائيلية على منطقة الصفير، فجر الثلاثاء، هي الثانية التي تستهدف عمق الضاحية الجنوبية، وذلك بعد تدمير مبنيين في منطقة الحدث، يوم الجمعة الماضي، لكنّ الاستهداف الثاني منذ دخول قرار وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حصل من دون إنذار مسبق للسكان بإخلاء المبنى المستهدف. وحذّر المصدر الدبلوماسي اللبناني الذي رفض ذكر اسمه من أنّ «الغارة الجديدة الإسرائيلية على الضاحية لن تكون الأخيرة». وقال: «تلقى لبنان في الساعات الماضية إشارات غير مطمئنة تفيد بأن تل أبيب ماضية بسياسة الاغتيالات، كما أنها أخذت على عاتقها مهمّة تدمير ترسانة (حزب الله) العسكرية، طالما أن خطوات الحكومة اللبنانية غير كافية»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية تعدّ أن لبنان الرسمي لا يزال يساير الحزب، ويتجنّب الاحتكاك به، وحتى الآن الحكومة غير قادرة على الالتزام بتطبيق القرارات الدولية، وخصوصاً القرار 1559، وهو بندٌ أساسيٌ في القرار 1701».

لبنانيون يتفقدون الأضرار في موقع الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
لبنانيون يتفقدون الأضرار في موقع الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

اتصالات دبلوماسية

زادت الغارة الثانية على الضاحية من حرج الدولة، حيث كثّف وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي اتصالاته مع الدول المعنية ولا سيما الولايات المتحدة، لوضع حدّ للاعتداءات الإسرائيلية، بحسب مصدر في وزارة الخارجية اللبنانية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن رجّي «أجرى اتصالات مكثّفة مع دول صديقة للبنان، خصوصاً مع الجانب الأميركي، الأكثر تأثيراً على إسرائيل». وأشار إلى أن وزير الخارجية «يقوم بدور فاعل منذ تعيينه على رأس الدبلوماسية اللبنانية لوضع حدّ لانتهاك إسرائيل للسيادة الوطنية وقتل لبنانيين بشكل شبه يومي». وقال المصدر: «أبقى وزير الخارجية اتصالاته مفتوحة مع الخارجية الأميركية ووزراء خارجية أوروبيين لشرح الموقف اللبناني الملتزم بالمطلق بتنفيذ القرار 1701، مقابل مضي إسرائيل في العدوان على لبنان»، مشدداً على أن لبنان «ملتزم بالمواجهة السياسية والدبلوماسية بمواجهة العدوان الإسرائيلي».

الدبلوماسية اللبنانية

وعلى رغم محدودية تأثيرها لجهة وقف التصعيد الإسرائيلي بشكل نهائي، فإن «الدبلوماسية اللبنانية قادرة أن تلعب دوراً مؤثراً في لجم العدوان الإسرائيلي أو التخفيف منه، وبالحدّ الأدنى تحييد بيروت وضواحيها عن الاستهداف»، حسبما قال سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد.

وأضاف شديد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يمتلك لبنان رصيداً دبلوماسياً مهمّاً، يمكن الاستفادة منه، لكن هذه الدول تطلب من لبنان أن يتعهّد أيضاً بمنع الخروق من الجانب اللبناني، أي وقف إطلاق الصواريخ والتعهّد بنزع سلاح (حزب الله)، سواء جنوب الليطاني وعلى كلّ الأراضي اللبنانية»، مشيراً إلى أنه «لا خيار أمام لبنان سوى العمل الدبلوماسي، فهو غير قادر على الدخول بحرب عسكرية مع إسرائيل، ولا يقبل تحويل لبنان إلى ساحة لتبادل الرسائل».