ماكرون عازم على حماية لبنان من المخاطر المحيطة به

أمن الجنوب وتنفيذ «1701» ودعم الجيش والدفع باتجاه الانتخابات الرئاسية... محاور التحرك الفرنسي المقبلة

ماكرون مستقبلاً ميقاتي (دالاتي ونهرا)
ماكرون مستقبلاً ميقاتي (دالاتي ونهرا)
TT

ماكرون عازم على حماية لبنان من المخاطر المحيطة به

ماكرون مستقبلاً ميقاتي (دالاتي ونهرا)
ماكرون مستقبلاً ميقاتي (دالاتي ونهرا)

سعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من خلال استقبال رئيس الحكومة وقائد الجيش اللبنانيَّين لفترة طويلة في قصر الإليزيه، عقب لقاءات عقدها الأخير في وزارة الدفاع مع نظيريه الفرنسي والإيطالي، إلى إبراز تمسّكه بمواصلة الاهتمام بالملف اللبناني، رغم الصعوبات التي تحيط به والتعقيدات المترتبة على تداخله مع الحرب في غزة، وأخيراً مع المواجهة بين إسرائيل وإيران.

ولأن إيمانويل ماكرون يعي المخاطر المحدقة بلبنان واحتمال توسع «حرب المشاغلة» على جانبَي الحدود بين «حزب الله» وإسرائيل، فقد حرص، خلال اجتماعه مع الرئيس ميقاتي، على تأكيد تمسكه بأمن وسلامة لبنان.

وجاء في البيان، الذي أصدره قصر الإليزيه ليل الجمعة - السبت، أن الرئيس ماكرون «بالنظر لوفائه للصداقة التاريخية التي تربط فرنسا ولبنان، وللالتزامات التي تعهد بها للبنانيين، فإنه عازم على الاستمرار في العمل من أجل الاستقرار في لبنان، بحيث تتم حمايته من المخاطر المرتبطة بتصعيد التوترات في الشرق الأوسط».

ولمزيد من الإيضاح، يضيف البيان أن ماكرون «أعاد التأكيد على التزام فرنسا بالقيام بكل ما تستطيعه لتجنب تصاعد العنف بين لبنان وإسرائيل، إنفاذاً للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن». وفي هذا السياق، فقد ذكّر الرئيس الفرنسي بالدور الذي تلعبه فرنسا في إطار قوة «اليونيفيل» الدولية المرابطة في جنوب لبنان، مشدداً على «مسؤولية الأطراف كافة تجاهها، وتمكينها من تحمل مسؤولياتها بشكل تام»، وذلك في إشارة ضمنية إلى إسرائيل، و«حزب الله»، والأطراف الأخرى المسلحة التي لها وجود في الجنوب اللبناني.

تعديلات على الخطة الفرنسية

وكانت فرنسا، بشخص وزير خارجيتها ستيفان سيجورنيه، قد قدمت خطة عمل مكتوبة لتبريد الجبهة بين إسرائيل و«حزب الله»، ردّ عليها الجانب اللبناني الرسمي بالموافقة، طارحاً بشأنها عدداً من التساؤلات.

وقالت مصادر فرنسية إن باريس عمدت إلى إدخال بعض التعديلات على خطتها. بيد أن الطرفين المعنيين (إسرائيل و«حزب الله») لم يقدما ردوداً، ما يعني أن الخطة الفرنسية التي تسعى باريس إلى السير بها وسعيها إلى التنسيق بينها وبين الخطة الأميركية التي حملها آموس هوكستين، مبعوث الرئيس بايدن إلى لبنان وإسرائيل، ما زالت «في البراد»، ومرتبطة إلى حد بعيد بالتطورات الجارية في غزة، وتلك الجارية بين إيران وإسرائيل.

ولأن تنفيذ الخطة الفرنسية يلحظ دوراً بالغ الأهمية للجيش اللبناني، الذي يعاني كما بقية المؤسسات اللبنانية من الأزمة الاقتصادية الخانقة، فقد حرص ماكرون على تأكيد أهمية «توفير المساعدة الضرورية للقوات المسلحة اللبنانية»، مؤكداً أن فرنسا، «ستعمل مع الأطراف كافة الراغبة بالانخراط أكثر، خصوصاً شركاءها الأوروبيين، وفق الخلاصات التي توصّل إليها المجلس الأوروبي الاستثنائي خلال قمته الاستثنائية يومي 17 و18 أبريل (نيسان)».

اجتماع عون ونظيريه الفرنسي والإيطالي

وتندرج في السياق عينه الاجتماعات التي عقدها العماد جوزف عون مع نظيريه الفرنسي الجنرال تييري بوركهارد، والإيطالي كافو دراغون، في وزارة الدفاع، التي تمحورت بشكل أساسي حول «التوترات الإقليمية التي يواجهها لبنان»، وفق البيان المشترك الصادر عن القادة الثلاثة، الذي وزّعته وزارة الدفاع الفرنسية صباح السبت.

وبحسب البيان المذكور، فإن المسؤولين العسكريين الثلاثة «شددوا على أهمية العمل الجماعي لخفض التصعيد على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وفق منطوق القرار 1701، وعلى الدور الأساسي الذي تلعبه (اليونيفيل) للمحافظة على السلام وعلى توفير الأمن وحماية المدنيين بالتعاون مع القوات اللبنانية المسلحة المتمتعة بالسيادة على الأراضي اللبنانية كافة». ونوه البيان المشترك بالجيش اللبناني بصفته «ضامناً للاستقرار الوطني»، مؤكداً أن «التزام فرنسا وإيطاليا بأمن وسيادة لبنان ما زال يعدّ أولويةً» بالنسبة إليهما.

وازداد الاهتمام بدعم الجيش اللبناني نظراً للدور المطلوب منه في المرحلتين الراهنة والمقبلة، لجهة تنفيذ القرار الدولي والمحافظة على استقرار البلاد. وفي هذا السياق، عُلم أن لجنة قد شُكَّلت من الأطراف الثلاثة؛ لمتابعة تنفيذ الاستجابة للمطالب اللبنانية لجهة التدريب والتسليح والتطويع والتمويل.

الملف الرئاسي... وملف النازحين

ورغم الاهتمام بتطور الجبهة الجنوبية ودرء خطرها عن لبنان والمحافظة على استقراره، لم تغب الملفات السياسية عن اجتماعات باريس، وأهمها اثنان: الفراغ الرئاسي وما يستتبعه من شلل المؤسسات، وملف النزوح السوري، من زاوية كيفية مساعدة لبنان من جهة، ومن جهة ثانية عدم تحوله إلى نقطة انطلاق للنازحين السوريين باتجاه أوروبا.

في الملف الرئاسي، دعا ماكرون «المسؤولين السياسيين إلى إيجاد مَخرج للأزمة المؤسساتية التي تشل لبنان»، كما دعا مبعوثَه، الوزير الأسبق جان إيف لو دريان، إلى «متابعة جهوده لهذه الغاية بالتواصل مع المجتمع المدني والمسؤولين اللبنانيين، والتنسيق مع الشركاء الدوليين» للبنان. وأفاد بيان قصر الإليزيه بأن ماكرون اتصل برئيس مجلس النواب نبيه بري، وأنه «سيسهر على متابعة هذه النقاط». وأفادت مصادر الإليزيه بأنه ستكون لماكرون اتصالات أخرى مع المسؤولين اللبنانيين.

أما بالنسبة لملف النزوح السوري، فلم يأتِ بيان الإليزيه على ذكره، رغم أنه كان أحد موضوعات البحث، وهو ما أكده تصريح ميقاتي الذي جاء فيه: «تمنيت على الرئيس ماكرون أن يطرح على الاتحاد الأوروبي موضوع الإعلان عن مناطق آمنة في سوريا، بما يسهّل عملية إعادة النازحين إلى بلادهم، ودعمهم دولياً وأوروبياً في سوريا، وليس في لبنان».

ووفق مصادر واسعة الاطّلاع، فإن باريس «تشعر حقيقة بالقلق على لبنان، وبالحزن إزاء الخفة التي يتعامل بها اللبنانيون» مع أزماتهم والمخاطر الملمة بهم. وتقول هذه المصادر إنه رغم أن قدرة فرنسا على التأثير في مسار الأزمات في لبنان محدودة، فإنها تعدّ قادرة، بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، على بناء شبكة أمان للبنان. لكن أمراً مثل هذا يتطلب أن يساعدها فيه اللبنانيون لتتمكن من مساعدتهم. فهل يفعلون؟



الجيش الإسرائيلي يقتحم مستشفى بشمال غزة... ووزارة الصحة تفقد الاتصال مع الطاقم الطبي

TT

الجيش الإسرائيلي يقتحم مستشفى بشمال غزة... ووزارة الصحة تفقد الاتصال مع الطاقم الطبي

دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة  (أ.ف.ب)
دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

قال مسؤولون إن القوات الإسرائيلية اقتحمت مستشفى كمال عدوان، أحد المرافق الطبية الثلاثة الواقعة شمال قطاع غزة، اليوم (الجمعة)، وأمرت العشرات من المرضى ومئات النازحين بإخلاء المجمع.

وفي وقائع منفصلة بالقطاع، قال مسعفون إن الغارات الإسرائيلية قتلت 25 شخصاً على الأقل. وذكر مسعفون والدفاع المدني أن إحدى تلك الغارات استهدفت منزلاً في مدينة غزة؛ مما أودى بحياة 15 شخصاً.

جنود من الجيش الإسرائيلي خلال مداهمة مستشفى كمال عدوان في غزة (أ.ب)

وقالت وزارة الصحة في غزة إن الاتصال انقطع مع الموظفين داخل مستشفى كمال عدوان، الذي يتعرض لضغوط شديدة من القوات الإسرائيلية على مدى أسابيع.

وقال مدير عام وزارة الصحة في قطاع غزة، منير البرش، في بيان: «الآن جيش الاحتلال يقوم بحرق جميع الأقسام العاملة بالمستشفى، بينما نحن ما زلنا موجودين فيه. قام الجيش بإخراج الكادر الطبي بالكامل واعتقل عدداً منه».

مسعفون بالقرب من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

بينما قال الجيش الإسرائيلي إنه بذل جهوداً للتخفيف من الأذى الذي يلحق بالمدنيين و«سهَّل الإجلاء الآمن للمدنيين والمرضى والطواقم الطبية قبل العملية»، لكنه لم يذكر تفاصيل.

جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة (رويترز)

وأضاف، في بيان، أن «مستشفى كمال عدوان يعدّ بمثابة مركز إرهابي لـ(حماس) في شمال غزة، الذي عمل مخربون منه طوال الحرب».

ويتهم العاملون في المجال الطبي بالقطاع الفلسطيني القوات الإسرائيلية باستهداف مستشفيات كمال عدوان، والإندونيسي، والعودة بشكل متكرر، في وقت ينفِّذ فيه الجيش الإسرائيلي عمليات إخلاء للجزء الشمالي من القطاع على مدى أسابيع.