اعتقال محاضرة عربية في الجامعة العبرية بالقدس... وإطلاقها

لأنها عدّت حرب غزة إبادة جماعية

أطفال فلسطينيون في رفح بجنوب قطاع غزة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون في رفح بجنوب قطاع غزة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
TT

اعتقال محاضرة عربية في الجامعة العبرية بالقدس... وإطلاقها

أطفال فلسطينيون في رفح بجنوب قطاع غزة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون في رفح بجنوب قطاع غزة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

بعد اعتقال استمر يوماً كاملاً، قرّرت المحكمة المركزية في القدس، اليوم (الجمعة)، إطلاق سراح المحاضرة في الجامعة العبرية في القدس، البروفسورة نادرة شلهوب - كيفوركيان، التي كانت قد اعتُقلت، الخميس، للتحقيق معها في شبهة «التحريض على العنصرية والإرهاب». لكن المحكمة وضعت شروطاً على إطلاق سراحها، منها كفالة شخصية بقيمة 10 آلاف شيقل (2800 دولار) وكفالة طرف ثالث بالقيمة تفسها والالتزام بالمثول للتحقيق في كل مرة تطلبها الشرطة.

وقد جاء الاعتقال عقب التصريحات التي كانت البروفسورة نادرة قد أدلت بها حول الحرب في غزة، مرات عدة منذ نشوبها في 7 أكتوبر (تشرين الأول) وآخرها في مطلع شهر مارس (آذار)، وفيها شككت في الادعاءات الإسرائيلية بأن رجال «حماس» ومَن رافقهم في هجوم 7 أكتوبر الماضي نفذوا جرائم اغتصاب، وقالت: «قالوا لنا في البداية إن هناك قطع رؤوس وإلقاء أطفال في الأفران وتبين أنه كذب والآن يقولون (اغتصاب). لم نعد نصدق أكاذيبهم. وعلى العالم ألا يصدق هذه الأكاذيب. ما ينفذه الاحتلال الإسرائيلي غزة هو إبادة شعب».

وعلى أثر هذه التصريحات تعرضت المحاضرة الجامعية العربية، ابنة مدينة حيفا التي تعيش حالياً في القدس الشرقية، إلى موجة تحريض دامية من قوى اليمين العنصري. وتم تنظيم مظاهرات ضدها وضد الجامعة. ورضخت إدارة الجامعة العبرية للضغوط وأقدمت في حينه على تجميد وظيفتها حتى نهاية الفصل. وعادت إلى وظيفتها بعدما أثار القرار موجة انتقادات في المؤسسات الأكاديمية في العالم. ولكن الشرطة والمخابرات والقيادة السياسية صعقت من إعادتها إلى التعليم الجامعي فقررت استخدام قبضتها السلطوية.

يوم الخميس، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية البروفسورة شلهوب - كيفوركيان، من بيتها في القدس القديمة، ونقلتها للتحقيق في مركز «مفسيرت تصيون». وقررت الشرطة تمديد اعتقالها، حتى يوم الجمعة، لعرضها أمام محكمة الصلح في القدس. وفي المحكمة طلبت تمديد اعتقالها لغرض التحقيق. لكن محاميها علاء محاجنة أوضح أن اعتقالها «غير قانوني، ونابع من سياسة الشرطة التي تنتهجها ضد المواطنين العرب بهدف تخويفهم». وأضاف: «واضح أن مَن يقف وراء قرار الشرطة هو وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي يطبق سياساته العنصرية من خلال الشرطة، التي أصبحت ذراعاً لتنفيذ وتطبيق سياساته»، علماً بأن الوزير بن غفير رحّب بالاعتقال وهنأ الشرطة، وقال إن «الاعتقال يوجه رسالة مفادها أن أولئك الذين يحرضون ضد دولة إسرائيل لن يتمكنوا من الاختباء تحت منصب أو وظيفة».

واستهجن المحامي محاجنة «قرار النائب العام في النيابة الإسرائيلية الذي صادق على هذا التحقيق والاعتقال المشين»، علماً بأن الشرطة كانت قد أوصت النيابة العامة بالسماح لها بفتح تحقيق ضد شلهوب - كيفوركيان بشبهة «التحريض» على خلفية مواقفها المعارضة للحرب.

وأوضح الدكتور حسن جبارين، رئيس مركز «عدالة القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل»، الذي يقود الدفاع عنها، أن «اعتقال البروفسورة شلهوب كيفوركيان يندرج في إطار التحريض على العرب وممارسة الاضطهاد والقمع السياسيين ضدهم».

وعدّ مندوب الشرطة الاعتقال ضرورياً لوقف التحريض على الإرهاب. وادعى أن أقوال شخصية أكاديمية رفيعة مثلها يؤثر على شبان فلسطينيين للقيام بعمليات إرهاب.

لكن قاضي محكمة الصلح لم يقتنع برواية الشرطة. وتلقى رسالة من إدارة الجامعة تقول إن تصريحات المحاضرة خطيرة والجامعة لا توافق عليها ولكنها لا تتعدى حدود الشرعية وحرية الرأي. وعندما قررت المحكمة إطلاق سراحها، طلبت الشرطة منحها بضع ساعات كي تستأنف إلى المحكمة المركزية. وفي المركزية، رفض القاضي دوف فولك موقف الشرطة ووبخها قائلاً: «إذا كانت أقوالها بهذه الخطورة الشديدة، لماذا انتظرتم شهراً كاملاً حتى اعتقلتموها؟ وأي خطر يمكن أن ينجم عنها؟ لقد أمعنت النظر في الملف ووجدت أنكم فتشتم بيتها ولم تعثروا على شيء. ولم أجد أي خطر كهذا».


مقالات ذات صلة

نتنياهو يدفع بمشروع «مضاعفة الاقتحامات» اليهودية لباحات «الأقصى»

شؤون إقليمية صحيفة «ييتد نئمان» الناطقة باسم حزب «ديغل هتوراة» الحريدي صدرت الثلاثاء بعنوان بالعبرية والعربية يؤكد تحريم زيارة الأقصى

نتنياهو يدفع بمشروع «مضاعفة الاقتحامات» اليهودية لباحات «الأقصى»

بعد يوم من إعلان الوزير بن غفير، أنه يسعى لإقامة معبد يهودي في باحة المسجد الأقصى، دفع نتنياهو بمشروع «مضاعفة الاقتحامات».

«الشرق الأوسط» (القدس)
شمال افريقيا بن غفير عند مدخل المسجد الأقصى يوم 13 أغسطس (أ.ب)

مصر تطالب إسرائيل بوقف «التصريحات الاستفزازية»

صعَّدت مصر من لهجتها ضد إسرائيل، مطالبة إياها بـ«وقف التصريحات الاستفزازية التي تهدف إلى مزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي بن غفير متحدثاً من باحة المسجد الأقصى في 17 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بن غفير يحيي شبح الحرب الدينية بفكرة بناء كنيس في الأقصى

جدد وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، دعوته للسماح لليهود بالصلاة في الأقصى، معلناً أنه يريد بناء كنيس هناك، ما خلّف عاصفة من التهديدات والانتقادات.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (د.ب.أ)

بن غفير يعلن نيته إقامة كنيس في الحرم القدسي

أفاد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، اليوم (الاثنين)، بأنه ينوي إقامة كنيس في الحرم القدسي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية آرييه درعي (يسار) ونتنياهو (أرشيفية - د.ب.أ)

«الحريديم» يهددون نتنياهو بإسقاط حكومته

الخلاف حول دخول باحات الأقصى قد يدخل نتنياهو أزمة ائتلافية لم يتعرض لها منذ 10 سنوات.

نظير مجلي (تل أبيب)

طريق «أبيض - أبيض» تربط محافظتَي الحسكة والرقة بمناطق نفوذ دمشق

تصل «طريق أبيض» إلى بلدة الطبقة ونقطة العبور إلى المناطق الخاضعة للنظام والداخل السوري (الشرق الأوسط)
تصل «طريق أبيض» إلى بلدة الطبقة ونقطة العبور إلى المناطق الخاضعة للنظام والداخل السوري (الشرق الأوسط)
TT

طريق «أبيض - أبيض» تربط محافظتَي الحسكة والرقة بمناطق نفوذ دمشق

تصل «طريق أبيض» إلى بلدة الطبقة ونقطة العبور إلى المناطق الخاضعة للنظام والداخل السوري (الشرق الأوسط)
تصل «طريق أبيض» إلى بلدة الطبقة ونقطة العبور إلى المناطق الخاضعة للنظام والداخل السوري (الشرق الأوسط)

تمكنت سلطات «الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا» من إعادة افتتاح طريق رئيسية حيوية تربط محافظتَي الحسكة والرقة مع مناطق الداخل السوري، بإمكانات وجهود محلية، بعد توقف الطريق الرئيسية «إم4 (M4)» وخروجها عن الخدمة نهائياً بسبب التصعيد والقصف المتبادل بين الجيش التركي و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، في أعقاب سيطرة الجيش التركي وفصائل سورية مسلحة على مدينتَي رأس العين وتل أبيض في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وهي المنطقة التي باتت تُعرف بمنطقة عملية «نبع السلام».

«طريق أبيض» قديمة، وعمرها يتجاوز 70 سنة، وعندما أعيد افتتاحها مؤخراً، أُطلق عليها اسم «طريق أبيض - أبيض»، أو ما تُعرف محلياً بـ«طريق السلام»، وهي تصل محافظتَي الحسكة والرقة بمناطق ومحافظات الداخل السوري، وتمتد على طول 170 كيلومتراً؛ تبدأ من دوار حي الغويران جنوب الحسكة، حتى «باب بغداد» الأثري شرق الرقة، وتستمر حتى معبر بلدة الطبقة، مروراً بالرقة، ومنها تكمل نحو محافظتَي حماة وحمص عبر بلدة السلمية وسط سوريا.

وكان «معبر الطبقة» تحول إلى منطقة تماس تفصل مناطق سيطرة القوات الموالية للرئيس السوري، عن مناطق سيطرة «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.

«باب بغداد» الأثري في المدخل الشرقي لمحافظة الرقة شمالاً (الشرق الأوسط)

يقول هفال ريدور، وهو أحد المسؤولين عن الدوريات الأمنية المنتشرة على هذه الطريق، إن قوى الأمن الداخلي، وبالتنسيق مع قيادة المرور لشمال شرقي سوريا، «نصبت 16 حاجزاً ونقطة تفتيش على طول هذه الطريق لتأمينها والتدقيق في هوية العابرين، ولدينا نقطة كل 10 كيلومترات»؛ نظراً إلى أن المناطق صحراوية مترامية الأطراف ومتداخلة مع مناطق سيطرة القوات التركية وفصائلها الموالية من جهتها الشمالية، ومناطق سيطرة النظام السوري من الجهة الجنوبية.

وأضاف المسؤول الكردي أن الحواجز «متعاونة مع كل الوافدين أو المسافرين بين مناطق الإدارة، فالغرض هو حماية أرواح وممتلكات الأهالي الذين يسلكون هذه الطريق الحيوية وتأمينها»، بعد أن أُغلقت طريق «إم4 (M4)» بشكل كلي أمام حركة المسافرين.

السوق المركزية لمدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة (الشرق الأوسط)

وتعدّ «طريق أبيض» طريقاً حيوية تربط مناطق نفوذ «الإدارة الذاتية» في شمال شرقي البلاد وأقاليمها السبعة الخاضعة لسيطرتها، حيث تصل مدينتَي الحسكة والرقة ببلدة الطبقة، وتشكل عقدة مواصلات تربط باقي مناطق الإدارة، وتتفرع منها طريق إلى بلدة عين عيسى في الرقة، ومنها إلى مدينتَي منبج وعين العرب أو «كوباني»، وفق تسميتها الكردية، الواقعتين في الريف الشرقي لمحافظة حلب، كما تتصل بالطريق التي تربط بلدات ريف دير الزور الشرقي بمركز مدينة دير الزور، ومناطق سيطرة القوات النظامية في الضفة الجنوبية من نهر الفرات.

«طريق أبيض» الرئيسية تربط محافظتَي الحسكة والرقة شمال شرقي سوريا بطول 170 كيلومتراً (الشرق الأوسط)

ويفضل سائقو السيارات المدنية والشاحنات التجارية وحافلات نقل الركاب بين الحسكة والرقة والعاصمة دمشق، استخدام «طريق أبيض» لسلامتها. يقول لقمان (58 سنة)، وهو سائق حافلة «بولمان» ينقل الركاب من مناطق الجزيرة السورية إلى دمشق: «نسلك هذه الطريق ليلاً ونهاراً لضمان سلامتنا وسلامة الركاب، وهي أسرع طريق بعد إغلاق طريق حلب ودير الزور، حيث تستغرق الرحلة من الحسكة إلى دمشق نحو 16 ساعة»، بعد أن كانت هذه الرحلة تستغرق 24 ساعة؛ أي يوماً كاملاً في أوقات سابقة.

لافتة مرورية على «جسر الرشيد» بالرقة تشير إلى مناطق الداخل السوري (الشرق الأوسط)

ووفق «مركز جسور للدراسات»، تسيطر القوات النظامية على نحو 75 في المائة من الشبكة الطرقية في عموم سوريا، التي تُقدّر بـ53431.4 كيلومتر، بطول هو الأكبر مقارنة مع بقية أطراف النزاع.

أما «قسد» فتسيطر على نحو 16 في المائة من الشبكة الطرقية، بطول 11581.4 كيلومتر، فيما تسيطر فصائل المعارضة المسلحة و«هيئة تحرير الشام» على 12 في المائة من الشبكة الطرقية، بطول هو الأصغر ويقدّر بـ8842.4 كيلومتر.

لافتة مرورية تشير إلى مدينة حلب شمال سوريا على «طريق أبيض»... (الشرق الأوسط)

يذكر أن «طريق أبيض» يعود تاريخها إلى خمسينات القرن الماضي، وكانت طريقاً رئيسية تربط محافظتَي الحسكة والرقة، لكنها خرجت عن الخدمة بعد دخول طريق «إم4 (M4)» الخدمة، وكانت تصل محافظة حلب شمالاً بمدينة القامشلي شرقاً، وكانت شرياناً اقتصادياً يصل سوريا بالعراق وتركيا وشواطئ البحر الأبيض المتوسط، وباتت اليوم شريطاً حدودياً فاصلاً ومنطقة تماس بين المناطق الخاضعة لفصائل «درع الفرات» و«نبع السلام» الموالية لتركيا من جهة، و«قسد» المدعومة من التحالف الدولي من جهة ثانية، والقوات النظامية المدعومة من روسيا من جهة ثالثة.