لبنان يتحضّر لدفع ثمن الرد الإسرائيلي على إيران

طهران تعتمد «حزب الله» خطَّ دفاع أولَ عنها

سيارة مدمرة أمام أحد المراكز في بلدة عرب العرامشة بعد قصفها بالصواريخ والمسيرات من «حزب الله» (رويترز)
سيارة مدمرة أمام أحد المراكز في بلدة عرب العرامشة بعد قصفها بالصواريخ والمسيرات من «حزب الله» (رويترز)
TT

لبنان يتحضّر لدفع ثمن الرد الإسرائيلي على إيران

سيارة مدمرة أمام أحد المراكز في بلدة عرب العرامشة بعد قصفها بالصواريخ والمسيرات من «حزب الله» (رويترز)
سيارة مدمرة أمام أحد المراكز في بلدة عرب العرامشة بعد قصفها بالصواريخ والمسيرات من «حزب الله» (رويترز)

يترقّب اللبنانيون بقلق توقيت الضربة الإسرائيلية لإيران، وانعكاساتها عليهم، ويتقاطع هذا القلق مع تحذير خبراء بأن لبنان «سيدفع ثمناً كبيراً للمواجهة الإيرانية - الإسرائيلية، خصوصاً أن طهران تستخدم (حزب الله) خطَّ دفاع أول عنها».

واستباقاً للرد الإسرائيلي المتوقّع على الهجوم الإيراني الأخير، تشهد جبهة لبنان الجنوبية تصعيداً كبيراً؛ إذ يرى الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خليل الحلو، أن «الساحة اللبنانية ستكون جزءاً من الردّ الإسرائيلي على طهران».

ويشير الحلو في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «ردّ إسرائيل سيشمل أهدافاً عدّة في إيران وخارجها، ويُرَجّح أن تقوم بعمل استباقي ضدّ (حزب الله) في لبنان، وتقصف الكثير من مواقعه العسكرية»، لافتاً إلى أن «الولايات المتحدة ما زالت تكبح اندفاعة تل أبيب لتوجيه ضربة موجعة لإيران وحلفائها، لكنّ ذلك لن يستمرّ طويلاً ما دام (رئيس حكومة إسرائيل بنيامين) نتنياهو يريد الحرب بأي ثمن».

وتتقاطع قراءات الخبراء عند حتمية الرد على الضربة الإيرانية، وإن لم تحقق أهدافها، والأخذ في الحسبان تدحرج الأمور إلى مواجهة شاملة سيكون لبنان إحدى ساحاتها.

قهوجي: كلما اشتدت المواجهة دفع لبنان الثمن

ويرى الباحث في الشؤون العسكرية والخبير في شؤون الأمن والتسلّح الدكتور رياض قهوجي، أن «كل تصعيد في المنطقة ينعكس حتماً على لبنان، خصوصاً عندما تكون المواجهة بين إيران وإسرائيل». ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن إيران «كانت وما زالت تعتمد على (حزب الله) (بوصفه) خطّ دفاع أوّل عنها، وكلما اشتد غبار المعركة والمواجهة المباشرة بينها وبين إسرائيل دفع لبنان ثمنها».

ويقول قهوجي: «علينا أن ننتظر طبيعة الرّد الإسرائيلي، فالخيارات الإسرائيلية متعددة، لكنّ تل أبيب تأخذ بعين الاعتبار الضغوط الأميركية وتجنّب الانزلاق إلى حرب»، منبهاً إلى أن «الأمور تتطوّر بشكل متسارع، ولا شكّ أن (حزب الله) له دور مهمّ في هذه المعركة، ودوره أكثر أهمية من الدور الإيراني لجهة قدرته على إلحاق الأذى بإسرائيل».

واستباقاً للرد الإسرائيلي غير المعروف زمانه مكانه، تتحضّر الساحة اللبنانية لتكون جزءاً من المواجهة؛ إذ شهدت الساعات الماضية ارتفاعاً في وتيرة العمليات العسكرية التي ينفذها «حزب الله» ضد إسرائيل.

الحلو: على لبنان أن يقلق مما هو آت

الهجوم الإيراني على إسرائيل، رغم ضخامته، خلص إلى نتائج مخيبة؛ إذ لم يحقق أهدافه ولم يلحق ضرراً بالجانب الإسرائيلي، ما قد يفرض مقاربة إيرانية مختلفة. ويشدد الخبير العسكري العميد خليل الحلو، على أن طهران «أظهرت قدراتها القصوى في الضربة التي وجهتها إلى إسرائيل، وأمام غياب التأثير قد تضطر إلى الانصراف إلى تفعيل الصناعة النووية، وتعمد إلى تعزيز قدرات حلفائها الذين يتكفّلون بالردّ نيابة عنها، وأولهم (حزب الله)».

ويضيف الحلو: «لا شك أن الحزب اكتسب خبرة عملانية لتجنّب إسقاط مسيراته وصواريخه، واستطاع في العملية الأخيرة أن يتجنّب المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، وأن يصيب القاعدة العسكرية الإسرائيلية في بلدة عرب العرامشة»، مؤكداً أنه «أمام هذه التطورات، على لبنان أن يقلق مما هو آتٍ، وربما يعجّل ذلك في ضربة إسرائيلية قوية في العمق اللبناني قد تسبق الردّ على طهران».

ويتفق الخبراء على أن تأثير التهديدات الإيرانية لإسرائيل يبقى محدوداً مهما بلغت قوته العسكرية والتسليحية. ويلاحظ الدكتور رياض قهوجي أن «إيران تمتلك ترسانة كبيرة من الصواريخ الباليستية وصواريخ الكروز والطائرات المسيّرة، لكن فاعليتها محدودة بسبب المسافة التي تقارب الـ2000 كلم وتفصل بينها وبين إسرائيل. ومهما كان نوع السلاح الذي تطلقه إيران، فإن إسرائيل قادرة على مواجهته وإسقاطه بشكل ناجح كما فعلت مع حلفائها في الضربة الأخيرة»، مشيراً إلى أن «طهران استخدمت أحدث ما لديها من أسلحة، بخلاف كلّ ما يقال، ولا ننسى أن الحزب لديه جزء من الأسلحة التي يمتلكها الحرس الثوري، خصوصاً الصواريخ الباليستية والمسيرات، ولم يستخدمها باستثناء صاروخ (بركان) الذي يظهر فاعليته من مسافة قصيرة نسبياً».

دور أساسي للحزب في الرد الإيراني

ويرى الدكتور قهوجي أنه «إذا قرر الحزب القيام بهجوم شبيه بهجوم إيران لجهة السرعة والكثافة النارية، فسيلحق الأذى بإسرائيل أكثر بكثير من الضربات الإيرانية، من هنا فإن لـ(حزب الله) دوراً أساسياً، وإسرائيل مدركة لهذا الأمر».

ولا تتوقف تل أبيب عن إرسال إشارات تمهّد لتنفيذ عملية كبيرة في لبنان، لم يتضح حتى الآن حجمها وتوقيتها. ويشدد قهوجي على أن «هناك سيناريوهات عديدة تبقى رهن تطور الأمور». ويتابع: «نحن الآن في فترة تصعيد سيتبعها تصعيد أقوى، قبل أن تبدأ المساعي الدبلوماسية لاحتواء الوضع». وتوقّف عند تسريب خبر عن قيام إسرائيل بمناورة، لصدّ هجوم يتحضّر له «حزب الله»، شبيه بعملية «طوفان الأقصى»، وكيف سيرّد عليها، ويرى أنها «رسالة بالغة الدلالة على أن بقاء (حزب الله) على الحدود الشمالية لن يكون مقبولاً من الجانب الإسرائيلي الذي يسعى إلى إنهائه بأي ثمن».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (رويترز)

باسيل متردد بفصل نواب خشية تضعضع داخلي في «التيار»

لم يحسم رئيس «التيار الوطني الحر» قراره بشأن فصل النائب آلان عون محاولاً أن يستوعب استباقياً أي ردود فعل ستؤدي لتقلص إضافي بعدد نواب التكتل.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي نواب المعارضة خلال لقائهم نواب الحزب «التقدمي الاشتراكي» لطرح خريطة الطريق الرئاسية (موقع القوات)

المعارضة اللبنانية تدرس خطة «المواجهة» بعد فشل مبادرتها الرئاسية

بدأت المعارضة بدراسة أفكار لما بعد «المبادرة الرئاسية» التي سقطت نتيجة أسباب عدة،أبرزها رفض «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) البحث بها وحتى اللقاء بالنواب.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي جنديان من «يونيفيل» على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (د.ب.أ)

فرنسا تحذر من «حرب شاملة» على الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية

حذّرت الدبلوماسية الفرنسية من خطر وقوع «حرب شاملة» عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، بسبب التصعيد الذي يمكن أن يؤدّي إلى سوء حسابات أو تقدير.

علي بردى (نيويورك) نظير مجلي (تل أبيب)

غزة: تحذير من انتشار فيروس شلل الأطفال بين النازحين

أطفال فلسطينيون يركبون على ظهر عربة وهم يحملون أمتعتهم في غزة (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يركبون على ظهر عربة وهم يحملون أمتعتهم في غزة (أ.ف.ب)
TT

غزة: تحذير من انتشار فيروس شلل الأطفال بين النازحين

أطفال فلسطينيون يركبون على ظهر عربة وهم يحملون أمتعتهم في غزة (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يركبون على ظهر عربة وهم يحملون أمتعتهم في غزة (أ.ف.ب)

حذرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، السبت، من انتشار فيروس شلل الأطفال وغيره من الأمراض بين جموع النازحين في القطاع، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وقالت الوزارة، في منشور على صفحتها بموقع «فيسبوك»، السبت، إنه «في ظل زيادة المربعات التي يجبر الاحتلال ساكنيها على الإخلاء قسراً في جنوب قطاع غزة، لم يعد بالإمكان إعادة تشغيل المستشفى الأوروبي رغم الحاجة الماسة لذلك».

وأشارت إلى خروج عدد من مراكز الرعاية الأولية الصحية عن الخدمة (مركز بني سهيلا، ومركز جورة اللوت، ومركز عبسان، ومركز القرارة)، بالإضافة لعدة نقاط طبية ميدانية.

وكشفت عن أن زيادة أعداد النازحين وتكدسهم دون ماء وبين أماكن جريان مياه الصرف الصحي وحيث النفايات المتكدسة ودون توفر مواد النظافة الشخصية، يجعل الأمور مواتية تماماً لانتشار فيروس شلل الأطفال وغيره من الأمراض التي تنتشر كالنار في الهشيم بين جموع النازحين.

وأكدت الوزارة أن توسيع مناطق النزوح الإجباري ينبئ بأن الإخلاء قد يطول محيط مستشفى ناصر، وهو المستشفى الوحيد الذي لا يزال يعمل رغم كل التحديات والمعوِّقات، وأن خروجه من الخدمة يعني الوصول إلى كارثة صحية محققة.

وناشدت جميع المؤسسات الدولية والأممية والجهات المعنية بالتدخل السريع والعاجل لحماية ما تبقى من المؤسسات الصحية، وضمان استمرارية تقديمها الخدمات، وتوفير ما يلزمها من إمكانات واحتياجات.