لبنان: سفراء «الخماسية» يختتمون لقاءاتهم... و«الاعتدال» يعدّل مبادرته الرئاسية

فرنجية يتمسك بترشيحه... والنائب البعريني يتحدث عن تناقض بمواقف الأفرقاء

خلال اللقاء الذي جمع السفراء مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (الوكالة الوطنية للإعلام)
خلال اللقاء الذي جمع السفراء مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

لبنان: سفراء «الخماسية» يختتمون لقاءاتهم... و«الاعتدال» يعدّل مبادرته الرئاسية

خلال اللقاء الذي جمع السفراء مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (الوكالة الوطنية للإعلام)
خلال اللقاء الذي جمع السفراء مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (الوكالة الوطنية للإعلام)

اختتم سفراء «اللجنة الخماسية» جولتهم على الأفرقاء اللبنانيين بلقاء رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ورئيس كتلة «حزب الله» النيابية محمد رعد، في أجواء لا تعكس تفاؤلاً بإحداث خرق في الملف الرئاسي نتيجة تصلب الأطراف بمواقفهم وغياب الثقة فيما بينهم، فيما يتجه تكتل «الاعتدال الوطني» البرلمانبي لتعديل مبادرته سعياً للتوافق على صيغة حل.

وشارك في اللقاء مع باسيل، السفير القطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، والسفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، والسفير المصري علاء موسى، والسفير السعودي وليد البخاري، بينما تغيبت السفيرة الأميركية ليزا جونسون لأسباب مرتبطة بالعقوبات الأميركية المفروضة على باسيل، كما اقتصر اللقاء بالنائب رعد على سفراء مصر وفرنسا وقطر.

وبعد الظهر، استضاف السفير المصري علاء موسى، جميع السفراء، في لقاء تشاوري حول أهم مخرجات اللقاءات مع القوى السياسية اللبنانية.

ووصف موسى اللقاء مع باسيل بـ«الطيب والجيد»، مشيراً بعد اللقاء إلى أن «اللجنة الخماسية» شاركته محصلة لقاءاتها في الفترة الماضية، واستمعت منه إلى الخطوات الواجب اتخاذها في الفترة المقبلة، «وتوافقنا على عناوين رئيسية مهمة جداً، ألا وهي أنه لا بد من انتخاب رئيس سريعاً، وأن المشاورات ضرورية بين الكتل السياسية».

ودعا إلى عدم الربط «بين ما يحدث في المنطقة والاستحقاق الرئاسي في لبنان، بل بالعكس ما يحدث في المنطقة يجب أن يكون حافزاً للانتهاء من ملف الرئاسة في أسرع وقت».

وعن خطوات «اللجنة»، أوضح: «سنختم الجولة الأولى من لقاءاتنا على مختلف الكتل السياسية، وسيعقبه لقاء قد يكون بداية الأسبوع المقبل مع رئيس البرلمان نبيه بري، وعندها يمكن أن تتضح الملامح بشكل أكبر، ولكن ما أستطيع أن أقوله إن الجو العام إيجابي؛ فالأرضية المشتركة موجودة، ولكن أيضاً زيادة رقعتها في غاية الأهمية، وهو ما تعمل عليه (الخماسية) في الفترة الحالية».

وأضاف: «المشتركات بدأت تظهر بشكل أكبر، رغم أنه ما زالت هناك اختلافات في الرؤى، لكن المساحة بدأت تزيد بشكل ملموس، وليس بشكل كبير، وهو ما نعمل عليه ونحاول زيادته في أسرع وقت ممكن للانتهاء من هذا الملف قريباً».

وفي حين أشارت المعلومات إلى أن النائب محمد رعد جدّد ما سبق أن قاله لتكتل «الاعتدال» من أنهم يقبلون بالحوار شرط أن يترأسه رئيس البرلمان، وصف نائب رئيس «التيار»، ناجي حايك، اللقاء مع السفراء بـ«الجيد جداً»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أبدى النائب باسيل كل مرونة وانفتاح للتوافق على رئيس، كما عقد جلسات انتخاب متتالية، إذا لم يحصل التوافق، لانتخاب المرشح الأقوى».

وأكد حايك الذي كان حاضراً اللقاء أن «التعطيل والعرقلة ليسا من قبل (التيار)، وهو ما لمسه السفراء خلال الجلسة».

وفي رد على سؤال عن موقف «التيار» من ترؤس رئيس البرلمان، نبيه بري، الحوار الذي يرفضه أحزاب معارضة، قال حايك: «لا مشكلة، لدينا حيال هوية مَن سيترأس الحوار، لكن الأهم أن يؤدي إلى نتيجة، وألا يكون شكلياً».

في المقابل، وبعدما تحدث السفير المصري عن «مسألة الثقة» بين الأفرقاء اللبنانيين، يلفت النائب في تكتل «الاعتدال الوطني»، وليد البعريني، إلى تناقض بالمواقف التي سمعها السفراء والتكتل من قبل الأفرقاء. وأوضح البعريني الذي التقى السفراء مع نواب «الاعتدال»، مساء الأربعاء، لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة أن السفراء سمعوا مواقف تختلف عن تلك التي سمعناها نحن من الأفرقاء أنفسهم، وهو ما فاجأهم وعبروا عنه في اللقاء معهم».

وفي حين يلفت إلى أن الخلاف حيال المبادرة التي قدمها «التكتل» يرتكز على نقطتين أساسيتين، هما مَن يدعو للحوار ومن يترأسه، يشير إلى أن مستوى التنسيق سيرتفع في المرحلة المقبلة بينهم وبين السفراء، ويكشف أنهم طرحوا التعديل في النقطتين الخلافيتين، عبر اقتراح أن يتداعى النواب للقاء لكنه يُعقد برئاسة رئيس البرلمان، أي لا يدعو بري له لكنه يترأسه، «وهو ما لاقى تجاوباً من السفراء الذي سيكملون بدورهم مبادرتهم، على أن يعود التكتل ويحدد مواعيد جديدة للقاء الأفرقاء وطرح الاقتراح الجديد عليهم لمعرفة موقفهم وليبنى عندها على الشيء مقتضاه».

في غضون ذلك، ومع مطالبة المعارضة بتراجع «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») عن ترشيح فرنجية للاتفاق على مرشح ثالث، جدّد الأخير تمسكه بترشيحه، إثر الزيارة التي قام بها إلى بكركي حيث التقى البطريرك بشارة الراعي.

وقال فرنجية إن ترشيحه «لا يضرب العملية الديمقراطية في انتخاب الرئيس، بل يكرّسها، ونحن غير مستعدين لإلغاء أنفسنا، وطرحتنا كتل نيابية لبنانية مائة في المائة، ومن كل الطوائف، فيما غيرنا طرحته بعض الدول. ونحن مدعومون من المسيحيين أكثر بكثير من غيرنا».

وعن إمكان تخلي رئيس البرلمان عن ترشيحه، لفت إلى أن «هناك ثقة بينه وبين حلفائه، بعكس البعض الذي يحلل حسب علاقته هو بحلفائه».


مقالات ذات صلة

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

المشرق العربي نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي تحذيراً جديداً لإخلاء نحو 25 منطقة في جنوب لبنان وطالب السكان بالتوجه فوراً إلى شمال نهر الأولي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (رويترز)

ميقاتي يطالب «بالضغط على إسرائيل» لوقف إطلاق النار في لبنان

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الأحد، إلى «الضغط على إسرائيل» من أجل «وقف إطلاق النار» بعد ليلة من الغارات العنيفة هزّت الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد اللهب وسحب الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة «تشعل» الضاحية الجنوبية لبيروت

شن الطيران الإسرائيلي غارات عنيفة، ليل السبت-الأحد، على الضاحية الجنوببة لبيروت أدت إلى ارتفاع كرات ضخمة من اللهب من المواقع المستهدفة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي تغلق نفقاً وبنية تحتية لـ«حزب الله» في جنوب لبنان (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يغلق نفقاً طوله نحو 250 متراً عثر عليه جنوب لبنان

قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إنه دمر نفقاً طوله نحو 250 متراً في منطقة جنوب لبنان، عثر بداخله على وسائل قتالية وأماكن إعاشة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)
الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)
TT

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)
الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)

قضى الفلسطيني نعمان أبو جراد وزوجته ماجدة وبناتهما الست العام الماضي بأكمله في نزوح على طول قطاع غزة، محاولين البقاء على قيد الحياة، في حين كانت القوات الإسرائيلية تلحق الدمار من حولهم.

وأدى القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى نزوح 1.9 مليون من أصل 2.3 مليون فلسطيني من سكان القطاع، ومقتل أكثر من 41 ألف شخص، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.

ومنذ بدء الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فرت أسرة أبو جراد سبع مرات، وانتقلت من «حياة الطبقة المتوسطة المريحة إلى الخراب»، وفقاً لوصفها.

وقال أبو جراد لوكالة أنباء «أسوشييتد برس»: «حياتنا الآن تختلف تماماً عن حياتنا في منزلنا في بيت حانون بشمال غزة. منزلنا كان مليئاً بالراحة والحب والعاطفة والأمان. كان المكان الذي يجتمع فيه الأحباء حول طاولة المطبخ أو على السطح في أمسيات الصيف وسط رائحة الورود وأزهار الياسمين».

وأضاف: «إن منزلك هو وطنك. كل شيء جيد في حياتنا كان في المنزل، كل شيء، الأسرة، والجيران، وإخوتي الذين كانوا حولي. إننا نفتقد كل ذلك».

قبل الحرب: حياة مريحة

كانت حياة أسرة أبو جراد في بيت حانون هادئة قبل الحرب. فقد كان أبو جراد يخرج كل صباح للعمل سائق تاكسي. وكانت زوجته تقضي معظم يومها في الأعمال المنزلية. وكانت أصغر بناتهما، لانا، قد بدأت الصف الأول الابتدائي، في حين أن هدى، التي تبلغ من العمر 18 عاماً، كانت في سنتها الأولى في الجامعة. أما أكبرهن، بلسم، فقد أنجبت طفلها الأول قبل بدء الحرب مباشرة.

7 أكتوبر: الهجوم

في صباح يوم 7 أكتوبر، سمعت الأسرة أخبار هجوم «حماس» على إسرائيل، الذي قُتل فيه نحو 1200 شخص واختُطف 250.

وأدركت الأسرة حينها أن الرد الإسرائيلي سيكون سريعاً وأن منزلهم، الذي يبعد نحو 2 كيلومتر فقط عن السياج الحدودي مع إسرائيل، سيكون على خط المواجهة.

وبحلول الساعة 9 صباحاً، حزم أبو جراد وزوجته وبناتهما وشقيقته ما في وسعهم وهربوا، حيث أصدر الجيش الإسرائيلي أحد أوامره الأولى بالإخلاء.

أدى القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى نزوح 1.9 مليون شخص (أ.ب)

7 - 13 أكتوبر: الإقامة مع والدي الزوجة

مثل العديد من الأسر الفلسطينية التي نزحت من منازلها، حاولت أسرة أبو جراد في البداية البقاء بالقرب من البيت. وذهبوا للإقامة مع والدي الزوجة، في بيت لاهيا على بعد كيلومتر واحد.

وقالت الزوجة: «كان المكان مريحاً للغاية، لأكون صادقة. شعرت وكأنني في المنزل. لكننا كنا نعيش في خوف ورعب».

وبالفعل، تعرضت بيت لاهيا لقصف كثيف. على مدار الأيام الستة التي قضوها هناك، فقد قامت إسرائيل بـ9 غارات على البلدة على الأقل، مما أسفر عن مقتل العشرات.

واخترقت الشظايا خزانات المياه في منزل والدي الزوجة. وتحطمت النوافذ بينما تجمعت العائلة في الداخل، الأمر الذي دفع الأسرة للنزوح مرة أخرى.

13- 15 أكتوبر: اللجوء إلى المستشفى

توجهت الأسرة إلى مستشفى القدس للإقامة بها بعد ترك منزل أسرة الزوجة.

وكان المبنى ومحيطه مكتظاً بآلاف الأشخاص. ففي جميع أنحاء شمال غزة، لجأت الأسر إلى المستشفيات، على أمل أن يكونوا في مأمن.

ووجدت الأسرة مساحة صغيرة على الأرض، بالكاد يكفي للنوم ​​وسط الطاقم الطبي المحموم الذي يكافح مع الجرحى.

وقالت الزوجة: «كانت ليلة سوداء وكانت هناك ضربات إسرائيلية متواصلة، ورأينا القتلى والجرحى متناثرين على الأرض».

وفي اليوم التالي لوصولهم، أصابت ضربة إسرائيلية منزلاً على بعد بضع مئات من الأمتار من المستشفى، مما أسفر عن مقتل طبيب بارز وحوالي عشرين فرداً من عائلته، الكثير منهم من الأطفال.

وأمر الجيش الإسرائيلي جميع المدنيين بعد ذلك بمغادرة شمال غزة، مما أدى إلى توجه مئات الآلاف من الأشخاص جنوباً، من بينهم أسرة أبو جراد.

15 أكتوبر - 26 ديسمبر (كانون الأول): مدرسة مكتظة

سارت الأسرة 10 كيلومترات حتى وصلت إلى مدرسة إعدادية للبنات تديرها الأمم المتحدة في مخيم النصيرات للاجئين.

وكان كل فصل دراسي وممر مكتظاً بالعائلات القادمة من الشمال. ووجدت الأسرة مساحة صغيرة في فصل دراسي يضم بالفعل أكثر من 100 امرأة وطفل. وللحفاظ على الخصوصية، انتقل أبو جراد للعيش مع الرجال في خيام بالخارج، في ساحة المدرسة.

كان هذا مكان إقامتهم لأكثر من 10 أسابيع. كانت الزوجة وبناتها ينمن على الأرض، دون مساحة كافية حتى لتمديد أرجلهن. ومع حلول الشتاء، لم يكن هناك ما يكفي من البطانيات.

وقالت الزوجة إن الحمامات كانت أسوأ شيء في الأمر. فلم يكن هناك سوى عدد قليل من المراحيض التي يستخدمها الآلاف من الناس.

وأشارت إلى أن الاستحمام كان بمثابة «معجزة». فقد ظل الناس عاجزين عن الاستحمام لأسابيع. وانتشرت الأمراض الجلدية على نطاق واسع.

ويومياً، كانت البنات يذهبن عند الفجر للانتظار في الطوابير أمام المخابز القليلة الموجودة بالمنطقة، ويعدن بعد الظهر، وفي بعض الأحيان يحملن رغيف خبز واحداً فقط. وفي أحد الأيام، سار أبو جراد وبناته مسافة 5 كيلومترات إلى مدينة دير البلح، بحثاً عن مياه صالحة للشرب.

وقال أبو جراد: «لولا أهل دير البلح الطيبين الذين أشفقوا علينا وأعطونا نصف غالون من المياه، لكنا عدنا بلا شيء».

ومع استمرار الضربات، قررت الأسرة الذهاب إلى أبعد مدى ممكن، فساروا مسافة 20 كيلومتراً إلى رفح، في أقصى جنوب غزة.

26 ديسمبر - 14 مايو (أيار): الحياة في خيمة

ذاقت أسرة أبو جراد طعم العيش في خيمة لأول مرة في رفح، وقد أقامت خيمتها وسط عشرات الآلاف من الخيام على مشارف المدينة.

وقالت الزوجة: «في الشتاء، كان الأمر أشبه بالجحيم، حيث غمرتنا المياه. وكنا ننام على الأرض، لا شيء تحتنا، ولا أغطية».

وأضافت: «لم يكن لدينا المال لشراء الطعام من الأسواق، حيث ارتفعت الأسعار. وأصيبت بناتنا بنزلات البرد والإسهال، ولم تكن هناك صيدلية قريبة لشراء الدواء. وعشنا بالكامل على المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة من الدقيق وغيره من المواد الأساسية».

وقال أبو جراد: «كان شراء حبة طماطم أو خيارة أشبه بالحلم».

ومثل كثيرين غيرهم، كانوا يعتقدون أن رفح هي آخر مكان آمن في غزة. ولكنها لم تكن كذلك.

وفي الأسبوع الأول من شهر مايو، أمرت إسرائيل بإخلاء رفح بالكامل. ثم توغلت قواتها في المدينة. واشتد القصف.

وحاولت الأسرة البقاء لأطول فترة ممكنة هناك. ولكن غارة جوية ضربت مكاناً قريباً، فقتلت أربعة من أبناء عم أبو جراد وفتاة صغيرة.

أسرة فلسطينية تحمل أغراضها أثناء النزوح من قطاع غزة (أ.ب)

16 مايو - 16 أغسطس (آب): «منطقة إنسانية»

نزح أكثر من مليون شخص من رفح هرباً من الهجوم الإسرائيلي، وتفرقوا في جنوب ووسط غزة. وملأت الخيام شواطئ المدن والحقول والأراضي الفارغة وساحات المدارس والمقابر وحتى مكبات النفايات.

وتوجهت أسرة أبو جراد إلى المواصي، التي كانت في السابق بلدة ساحلية، بعد أن أعلنت إسرائيل إنها «منطقة إنسانية» ـ رغم قلة المساعدات أو الغذاء أو الماء.

وفي هذا المكان، كانت الأسرة تستخدم أكواماً من العصي لإشعال النار وطهي الطعام، واستخدموا دلواً من الماء للاستحمام من حين لآخر. وكان الصابون باهظ الثمن. وتسللت العناكب الكبيرة والصراصير والحشرات الأخرى إلى الخيمة.

16 - 26 أغسطس: الفرار إلى البحر

أجبرت غارة شنتها إسرائيل على بعد أقل من كيلومتر أسرة أبو جراد على النزوح مرة أخرى. وتوجهت الأسرة نحو ساحل البحر الأبيض المتوسط، دون أن تعرف أين ستقيم.

لكن، لحسن الحظ، وجدت الأسرة بعض المعارف في إحدى الخيام.

وقال أبو جراد: «باركهم الله، لقد فتحوا خيمتهم لنا وسمحوا لنا بالعيش معهم لمدة 10 أيام».

أواخر أغسطس: لا نهاية في الأفق

عندما عادت الأسر إلى المواصي، وجدت أسرة أبو جراد أن خيمتها قد سُرِقَت وأن طعامها وملابسها اختفت بالكامل.

ومنذ ذلك الحين، تتكرر الأيام دون أي جديد. وتجد الأسرة أن البقاء على قيد الحياة يفقد معناه في صراع يبدو أنه لا نهاية له.

وأصبح العثور على الطعام أكثر صعوبة مع انخفاض الإمدادات التي تدخل غزة إلى أدنى مستوياتها خلال الحرب.

أصبح العثور على الطعام أكثر صعوبة مع انخفاض الإمدادات التي تدخل غزة (أ.ب)

وتحلق الطائرات المسيرة الإسرائيلية فوق رؤوس الأسرة باستمرار، حيث يعيش الجميع في رعب وضغط نفسي مستمر.

وتحلم الأسرة بالعودة إلى منزلها. وقال أبو جراد إنه علم أن منزل شقيقه المجاور دُمر في غارة، وأن منزله تضرر، لكنه لا يعرف حجم الضرر الذي لحق به.