تصعيد «نوعي» بجنوب لبنان يواكب التهديدات بردّ على الهجوم الإيراني

أكبر حصيلة إصابات إسرائيلية منذ بدء الحرب جراء هجوم «حزب الله»

سيارة لـ«يونيفيل» في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان إلى جانب منزل دمرته غارة إسرائيلية (أ.ب)
سيارة لـ«يونيفيل» في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان إلى جانب منزل دمرته غارة إسرائيلية (أ.ب)
TT

تصعيد «نوعي» بجنوب لبنان يواكب التهديدات بردّ على الهجوم الإيراني

سيارة لـ«يونيفيل» في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان إلى جانب منزل دمرته غارة إسرائيلية (أ.ب)
سيارة لـ«يونيفيل» في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان إلى جانب منزل دمرته غارة إسرائيلية (أ.ب)

تصاعدت وتيرة العمليات العسكرية بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي على ضفتي الحدود، الأربعاء، بشكل غير مسبوق «نوعياً»، حيث أدى رد الحزب على الاغتيالات الإسرائيلية لقيادييه، إلى إصابة 18 إسرائيلياً بجروح، جراء استهداف مركز مستحدث للجيش بطائرة مسيرة انقضاضية، قبل أن تردّ إسرائيل بمروحة واسعة من القصف استهدفت بلدات جنوبية عدة.

والتصعيد الأخير، يأتي في ظل الضبابية التي تحيط بردّ عسكري إسرائيلي مرتقب على الهجوم الإيراني فجر الأحد الماضي الذي استهدف قاعدتين عسكريتين إسرائيليتين، في رد إيراني على استهداف مبنى القنصلية في دمشق مطلع الشهر الحالي.

وتبنى «حزب الله» الأربعاء قصف مقر قيادة عسكري في منطقة عرب العرامشة المتاخمة للحدود اللبنانية، والمواجِهَة لبلدتي يارين والضهيرة في القطاع الغربي. وقال الحزب في بيان إن مقاتليه شنّوا «هجوماً مركباً بالصواريخ الموجهة والمسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة» إسرائيلي مستحدث في قرية عرب العرامشة، وذلك «رداً على اغتيال العدو عدداً من المقاومين في عين بعال والشهابية»، علماً أن الهجمات الإسرائيلية، الثلاثاء، أدت إلى مقتل أربعة أشخاص، هم ثلاثة نعاهم «حزب الله»، ورابع مدني.

وأحصى مسعفون إسرائيليون الأربعاء إصابة 18 شخصاً بجروح في المنطقة. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن 14 مصاباً إسرائيلياً، بينهم جنود وصلوا إلى مستشفى نهاريا، بينهم 4 بحالة خطيرة إثر استهداف صاروخي وطائرات مسيّرة أطلقها «حزب الله» من جنوب لبنان نحو موقع إسرائيلي في عرب العرامشة بالجليل الغربي. وأعلن المستشفى عن العمل ضمن نظام «حدث متعدد الإصابات» مستوى «أ».

وفي إفادة لاحقة، أفادت قناة «كان» العبرية بارتفاع عدد الإصابات جراء العملية التي نفذها «حزب الله» في عرب العرامشة إلى 18. وقال «مركز الجليل الطبي» في نهاريا إن حالة المصابين تراوحت بين إصابة حرجة، واثنتين في حالة خطيرة، وأربع في حالة متوسطة، وباقي الإصابات طفيفة.

جندي إسرائيلي يتأهب في بلدة عرب العرامشة قرب حدود لبنان بعد هجوم «حزب الله» بمسيّرة انقضاضية (رويترز)

أعلى أرقام الإصابات

ويعد هذا الرقم من الإصابات، الأعلى في إسرائيل في يوم واحد، منذ إطلاق «حزب الله» معركة «مساندة ودعم لقطاع غزة» من جنوب لبنان في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وغالباً ما كان الحزب يطلق مسيّراته باتجاه قواعد عسكرية لاستهداف منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية أو مرابض المدفعية، كما يقول في بياناته، بينما يطلق الصواريخ الموجهة ضد تجمعات لجنود إسرائيليين. لكن الهجوم الأربعاء، بدا تحولاً في استراتيجية الحزب العسكرية، وذلك بعد عمليتي اغتيال نفذتهما الطائرات الإسرائيلية يوم الثلاثاء في بلدتي عين بعال والشهابية، وقال الجيش الإسرائيلي إنهما استهدفتا قائد منطقة الشاطئ في مشاة «حزب الله»، وقيادي مسؤول عن الوحدة الصاروخية في قوة «الرضوان»، وهي قوة النخبة لدى الحزب. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل، اغتالت حتى الآن، 6 قادة محاور في الحزب يعملون في الجنوب.

وفي حين تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن الطائرة التي انفجرت في عرب العرامشة هي «مسيّرة إيرانية الصنع من نوع (أبابيل - ت)»، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم المصادر التي نُفذت منها عمليات الإطلاق باتجاه عرب العرامشة. وقال إن «طائرات حربية أغارت على مبنى عسكري تواجد فيه مخرّبون تابعون لمنظمة (حزب الله) الإرهابية في منطقة عيتا الشعب بجنوب لبنان». كما قال إنه «خلال الساعة الأخيرة تم رصد عمليات إطلاق عدة عبرت من الأراضي اللبنانية باتجاه منطقة عرب العرامشة، فهاجم جيش الدفاع مصادر النيران».

تصعيد «نوعي» و«خطير»

ويعدّ هذا التصعيد، الأكبر «نوعياً» منذ بدء الحرب، كما يقول مراقبون لمسار القصف الذي ينفذه «حزب الله» ضد أهداف إسرائيلية، ويأتي بموازاة نقاشات دولية مع إسرائيل حول رد محتمل على إيران، بعدما قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إن «إيران لن تنجو من العقاب».

لكن مسار الحرب في جنوب لبنان، يختلف عن مسار التوترات الإسرائيلية - الإيرانية. وقال الباحث بالشؤون العسكرية والاستراتيجية، مصطفى أسعد، إن ردّ «حزب الله» كان متوقعاً بعد 3 غارات أدت إلى اغتيال مسؤولين بالحزب، وهي وقائع «تكررت أكثر من مرة في لبنان»، واصفاً التصعيد الأخير بأنه «تطور خطير». واستدل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بـ«حجم الاختراقات والملاحقة الإسرائيلية للحزب؛ مما دفع مجموعاته لتجنب الاتصالات»، وإلى أن الضربة الثانية بعد الضربة الأولى في عرب العرامشة «استهدفت مجموعات إخلاء المصابين الإسرائيليين»؛ وهو ما «يرفع خطورة هذا الحدث الذي تم توثيقه».

وأشار إلى إن تصوير الضربة من خلال الفلسطينيين في المنطقة وبث الصور «يمنح الحزب نصراً إعلامياً بما يتخطى كونه نصراً عسكرياً؛ وهو ما دفع إسرائيل للرد بسرعة بمقطع فيديو من ضرب عيتا الشعب».

موقع إسرائيلي يظهر من منزل حدودي بجنوب لبنان أصيب بأضرار جراء الحرب (أ.ب)

ولا يرى أسعد أن التصعيد الإسرائيلي من خلال ملاحقة قيادات الحزب بديلاً عن الرد على إيران، كما لا يرى أن تصعيد الحزب بضرب منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، مرتبط بردع الإسرائيلي عن تحويل ضرب الحزب بديلاً عن ضرب إيران. وأوضح أن «هذه الحرب القائمة في جنوب لبنان، هي محدودة، ولا بُعد إقليمياً لها، وليست ذات قيمة معنوية عالية بالنسبة لتل أبيب أو طهران، بمعنى أنها لن توازي ضربة إيران التي ستكون مختلفة ومحدودة ومدروسة على قياس استراتيجي، وقد تستهدف سفينة تقنية إيرانية مثلاً أو منشأة عسكرية أو غير ذلك». ورأى أن اغتيال أشخاص «لن يكون بديلاً، بالمنظور الإسرائيلي عن ضرب إيران؛ لأن رد تل أبيب سيكون موجهاً للداخل وليس للخارج، ويدفع برسالة بأنه يحتفظ بقوة جبارة».

قصف متواصل

ولم تهدأ الجبهة الجنوبية طوال يوم الأربعاء، وتعرضت منطقة الضهيرة وأطراف علما الشعب ويارين ومروحين لقصف مدفعي عنيف، ترافق مع تحليق للطيران الاستطلاعي والمسير في الأجواء. وشنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة استهدفت بلدة عيتا الشعب، كما تعرضت أطراف علما الشعب والضهيرة لقصف مدفعي فوسفوري، وفقاً لوسائل إعلام لبنانية، أفادت أيضاً بأن الطيران الحربي نفّذ 3 غارات متتالية استهدفت منطقة حامول في الناقورة وبلدتي طير حرفا ويارين - قضاء صور، واستهدفت إحدى الغارات منزلاً مؤلفاً من طبقتين يعود لآل السيد وتم تدميره بالكامل.

وكان «حزب الله» شنّ الثلاثاء هجمات على مواقع إسرائيلية «رداً» على الضربات. وأوقعت إحدى الهجمات قرب بيت هلل ثلاث إصابات، وفق المجلس المحلي في المنطقة. كما أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، إصابة أربعة من عناصره داخل الأراضي اللبنانية، بُعيد إعلان «حزب الله» أنّه فجّر عبوات ناسفة بجنود إسرائيليين إثر تجاوزهم الحدود.


مقالات ذات صلة

اشتباكات داخل مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت

العالم العربي جانب من مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين بجنوب بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)

اشتباكات داخل مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت

اندلعت اشتباكات مسلحة بمخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت بين «تجار مخدرات» وأسفرت عن سقوط إصابات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانية تدلي بصوتها بالانتخابات البلدية والاختيارية في مدينة بيروت الأحد (إ.ب.أ)

خرق يتيم «يخدش» المناصفة في انتخابات بلدية بيروت

تردد، مع استمرار فرز عدد من الأقلام، بأن الباب قد يكون مفتوحاً أمام دفعة جديدة من الخرق لعضوين من المسيحيين على اللائحة التي تضم ائتلاف الأحزاب والشخصيات.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «القوات» سمير جعجع يحتفل مع نواب وأعضاء الماكينة الانتخابية بفوز اللائحة المدعومة من الحزب في انتخابات زحلة (إعلام القوات)

صعود لافت في شعبية «القوات اللبنانية» بزحلة

رسمت نتائج الانتخابات البلدية في مدينة زحلة صورةً جديدةً للمشهد السياسي في المدينة، حيث تمكنت اللائحة المدعومة من حزب «القوات اللبنانية» حصد جميع المقاعد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود لبنانيون يقفون بجوار سيارة مدمرة استهدفتها مسيرة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب) play-circle

مقتل شخص وإصابة اثنين جراء استهداف مسيرات إسرائيلية لجنوب لبنان

استهدفت مسيرة إسرائيلية، مساء الاثنين، دراجة نارية في بلدة صربين بجنوب لبنان، ما أدى إلى إصابة شخصين. كما قُتل شخص ثالث في استهداف مسيرة إسرائيلية بلدة حولا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
رياضة عالمية اللجنة طردت ثلاثة رؤساء اتحادات ضمن التكتل الداعم لضم الاتحادات الجديدة (الأولمبية اللبنانية)

انبثاق لجنتين أولمبيتين في لبنان نتيجة انقسام رياضي حاد

أدى الانقسام الحاد بين الاتحادات الرياضية في لبنان إلى انبثاق لجنتين أولمبيتين، وسط مخاوف من إمكانية إيقاف دولي للرياضة في البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

أحكام تتراوح بين السجن 3 سنوات والإعدام لـ7 أردنيين دينوا في «أحداث إرهابية»

علم الأردن في العاصمة عمان (أ.ف.ب)
علم الأردن في العاصمة عمان (أ.ف.ب)
TT

أحكام تتراوح بين السجن 3 سنوات والإعدام لـ7 أردنيين دينوا في «أحداث إرهابية»

علم الأردن في العاصمة عمان (أ.ف.ب)
علم الأردن في العاصمة عمان (أ.ف.ب)

أصدرتْ محكمة أمن الدولة الأردنية، اليوم الاثنين، أحكاماً تراوحت بين السجن 3 سنوات والإعدام بحق 7 أردنيين دينوا بالإرهاب على خلفية قتل 4 رجال أمن عام 2022، على ما أفاد مصدر قضائي.

وقال المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المحكمة أصدرت، اليوم الاثنين، أحكاماً تتراوح بين السجن 3 سنوات والإعدام بحق 7 مدانين على خلفية أحداث إرهابية وقعت عام 2022، وأدت لاستشهاد العميد عبد الرزاق الدلابيح و3 آخرين من رجال الأمن».

وأوضح أن «المحكمة أصدرت حكماً بالإعدام بحق أحد المدانين، بينما حكمت على 5 آخرين بالسجن لمدد تترواح بين 9 سنوات إلى 20 سنة».

كما نال مدان آخر: «حكماً بالسجن 3 سنوات لعلمه بمخططات هؤلاء وعدم إبلاغه السلطات».

ودين 6 من هؤلاء بتهم بينها «المؤامرة بقصد القيام بأعمال إرهابية، والقيام بأعمال إرهابية أفضت إلى موت إنسان، وحيازة سلاح ناري بقصد استخدامه للقيام بأعمال إرهابية».

وفقاً للائحة الاتهام، فإن المدانين «من حملة الفكر التكفيري»، وشكلوا مجموعة «إرهابية»، واتفقوا على استغلال الاحتجاجات لاستهداف رجال الأمن.

وقُتل الدلابيح وهو نائب مدير شرطة محافظة معان (218 كلم جنوب عمان) في ديسمبر (كانون الأول) 2022 خلال «أعمال شغب» احتجاجاً على ارتفاع أسعار المحروقات.

وبعد أيام على مقتله قُتل ثلاثة رجال أمن وجُرح خمسة آخرون خلال مداهمة في معان لخلية إرهابية، أحد أفرادها مشتبه به بمقتل الدلابيح.

وجرح خلال أعمال الشغب في محافظة معان 49 عنصراً أمنياً، وجرى الاعتداء على 70 آلية للأمن العام وأكثر من 90 آلية للمواطنين، حسب ما أعلنت السلطات الأمنية حينها.