دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط»: يجب احتواء الوضع الخطير للغاية

جلسة أممية طارئة بطلب إسرائيلي وسط تحذير إيراني... وأميركا تعوّل على الدبلوماسية

صورة عامة لمجلس الأمن خلال أحد اجتماعاته (د.ب.أ)
صورة عامة لمجلس الأمن خلال أحد اجتماعاته (د.ب.أ)
TT

دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط»: يجب احتواء الوضع الخطير للغاية

صورة عامة لمجلس الأمن خلال أحد اجتماعاته (د.ب.أ)
صورة عامة لمجلس الأمن خلال أحد اجتماعاته (د.ب.أ)

سعى المسؤولون في الأمم المتحدة، والدبلوماسيون في مجلس الأمن، الأحد، إلى لجم تصعيد «الوضع الخطير للغاية» في الشرق الأوسط غداة الرد الإيراني المباشر على استهداف إسرائيل أحد المباني القنصلية التابعة لإيران في دمشق، وإعادة الاشتباك إلى الجبهة الدبلوماسية عوض توسيع نطاق الحرب.

ووسط حالة الترقب لما يمكن أن يكون سباقاً بين الدبلوماسية والتحركات العسكرية، ولأي رد محتمل من إسرائيل على وابل من مئات الصواريخ الباليستية و«كروز» والطائرات المسيرة التي أطلقتها إيران في اتجاه أهداف إسرائيلية، اتّجهت الأنظار إلى الجلسة الطارئة التي يعقدها مجلس الأمن بعد ظهر الأحد بطلب من رئيسة المجلس للشهر الحالي؛ المندوبة المالطية الدائمة للمنظمة الدولية فانيسا فرايزر. وتناقش الجلسة ما وصفه دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط» بأنه «وضع خطير للغاية»، يمكن أن يشهد مزيداً من التصعيد «إذا لم يجر وضع حد له» أولاً من خلال «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس» من الجانبين الإسرائيلي والإيراني.

وقالت فرايزر لـ«الشرق الأوسط» إنها طلبت عقد الجلسة الطارئة لمجلس الأمن بناءً على الرسالة التي تلقتها من المندوب الإسرائيلي، مضيفة أن «الغاية من الاجتماع هي خفض التصعيد، واستعادة الأمن في المنطقة التي تعاني» منذ أشهر من الحرب في غزة بين إسرائيل و«حماس»، بعد هجمات الأخيرة ضد المستوطنات الإسرائيلية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

رئيسة مجلس الأمن لشهر أبريل المندوبة المالطية لدى الأمم المتحدة فانيسا فرايزر (صور الأمم المتحدة)

احتواء التصعيد

وكانت الدبلوماسية المالطية أشارت إلى تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي سارع ليل السبت إلى «التنديد بشدة بالتصعيد الخطير المتمثل بالهجوم الواسع النطاق الذي شنته إيران على إسرائيل»، داعياً إلى «وقف فوري لهذه الأعمال العدائية». وإذ عبّر عن «جزعه العميق حيال الخطر الواقعي للغاية من تصعيد إقليمي واسع ومدمر»، حضّ كل الأطراف على ممارسة أقصى درجة من ضبط النفس لتلافي أي عمل يمكن أن يقود إلى مواجهات عسكرية رئيسية على جبهات متعددة في الشرق الأوسط، مذكّراً بتشديده على أنه «لا المنطقة ولا العالم يمكنهما تحمل حرب أخرى».

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (صور الأمم المتحدة)

ووفقاً لمعلومات خاصة بـ«الشرق الأوسط»، من المقرر أن يكرر كبير الموظفين الدوليين رسائله هذه خلال إحاطته أمام أعضاء مجلس الأمن في جلستهم الطارئة، مع إضفاء «طابع الإلحاح» على «ضرورة إعطاء هامش واسع للجهود الدبلوماسية الجارية» عبر العواصم لـ«منع خروج الوضع عن السيطرة».

ولاحظ دبلوماسي أن طلب انعقاد الجلسة الطارئة لم يأت من جانب الولايات المتحدة، التي شدد مسؤولوها خلال الساعات القليلة الماضية على ثلاث نقاط رئيسية: الأولى تتمثل بإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن التزام الولايات المتحدة «الثابت والراسخ» أمن إسرائيل والدفاع عنها «في مواجهة التهديدات من إيران ووكلائها» في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن، والثانية في محاولة إقناع المسؤولين الإسرائيليين، ولا سيما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأن «أنظمة الدفاع الإسرائيلية سجلت نجاحاً استثنائياً في صد الهجوم الإيراني الواسع النطاق»، وبالتالي «لا توجد ضرورة فعلية لرد إسرائيلي»، والثالث يتضح من إعلان الولايات المتحدة أنها ستقود «الحملة الدبلوماسية» ضد إيران مع الدول الحليفة، وفي مقدمتها «مجموعة السبع» للدول الصناعية الكبرى، وكذلك من تسريبات كبار المسؤولين في إدارة بايدن حيال «عدم رغبة الولايات المتحدة في الانخراط مباشرة» في المواجهة مع إيران.

شكوى إسرائيلية

وبالإضافة إلى عدم مشاركة الولايات المتحدة في طلب عقد الجلسة الطارئة لمجلس الأمن، أكد دبلوماسيون غربيون لـ«الشرق الأوسط» أن «أي دولة لم تقترح حتى الآن مشروع قرار أو بيان حول التطورات في الشرق الأوسط»، رغم أن المندوب الإسرائيلي جلعاد إردان وجّه رسالة عاجلة إلى رئاسة مجلس الأمن يعبر فيها عن «سخطه» حيال الهجوم الإيراني الذي يأتي «بعد ستة أشهر من الهجوم الإرهابي الدامي لـ(حماس)» في 7 أكتوبر الماضي، متهماً النظام الإيراني بأنه «يقوض قرارات مجلس الأمن، ويرعى زعزعة الاستقرار، ويمثل تهديداً خطيراً للأمن والسلم الدوليين».

ووصف إردان الهجوم الإيراني بأنه «خرق واضح لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي»، مؤكداً أن الهجوم ضد إسرائيل «تصعيد خطير وحاد». وأضاف أن إيران «تواصل انتهاك واجباتها الدولية»، بما في ذلك القرار 2231، وكذلك «تسريع وتيرة نقليات الأسلحة إلى (حزب الله)» في انتهاك للقرار 1701، فضلاً عن أن إيران «مهندسة زعزعة الاستقرار منذ سنوات، من خلال (حماس)، والحوثيين، و(حزب الله) وغيرهم من الوكلاء». وعدّ أن «الوقت حان لكي يقوم مجلس الأمن بعمل ملموس ضد التهديد الإيراني». وكذلك قال إن طلب انعقاد مجلس الأمن هو «للتنديد بشكل مطلق بإيران على هذه الانتهاكات الخطيرة والعمل فوراً على تصنيف (الحرس الثوري) الإيراني منظمة إرهابية».

بقايا محرك من صاروخ إيراني أطلق في اتجاه إسرائيل (رويترز)

تحذير إيراني

وكان المندوب الإيراني الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد عرفاني، وجّه رسالة إلى كل من رئيسة مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة حتى قبل انتهاء الهجوم الإيراني، مذكراً بالهجوم الإسرائيلي على المنشأة الدبلوماسية لإيران في دمشق. وإذ أشار «إخفاق مجلس الأمن في وظيفته وهي صون الأمن والسلم الدوليين»، عدّ أن ذلك «سمح للنظام الإسرائيلي بتجاوز الخطوط الحمراء، وانتهاك المبادئ الأساسية للقانون الدولي»، محذراً من «أي استفزازات عسكرية» أخرى. وأكد عرفاني أن إيران «مصممة على الدفاع عن شعبها وأمنها القومي ومصالحها وسلامة أراضيها ضد أي تهديد أو أعمال عدوانية، والرد (...) عليها بقوة». وكذلك أكد أن إيران «لن تتردد في ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن النفس حين تستدعي الحاجة»، مؤكداً أنه إذا قامت إسرائيل «بأي عدوان عسكري مجدداً، فإن رد إيران سيكون بالتأكيد وبحزم أقوى وأكثر تصميماً».


مقالات ذات صلة

السودان يطالب مجلس الأمن ببحث «عدوان الإمارات»

شمال افريقيا أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

السودان يطالب مجلس الأمن ببحث «عدوان الإمارات»

تقدم السودان بطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث ما سمّاه «عدوان الإمارات على الشعب السوداني»، ومساندتها «قوات الدعم السريع» الحرب التي تخوضها منذ عام.

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
المشرق العربي فيصل المقداد (أ.ب)

وزير خارجية سوريا يتهم واشنطن بتعطيل مساعي وقف النار في غزة

اتهم فيصل المقداد، وزير الخارجية السوري، واشنطن بتعمد شل مجلس الأمن والوقوف ضد إرادة أغلبية أعضائه باستخدامها حق النقض للحيلولة ضد وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا (أرشيفية - رويترز)

«فيتو» روسي يعرقل قراراً بمجلس الأمن لمنع نشر أسلحة نووية في الفضاء

واشنطن اتهمت موسكو بتطوير سلاح نووي مضاد للأقمار الصناعية لوضعه في الفضاء، وهو ما نفته روسيا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تحليل إخباري حجة لحبيب وزيرة خارجية بلجيكا مع منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)

تحليل إخباري الاتحاد الأوروبي يبحث عن نقطة توازن في سياسته إزاء حرب غزة

جاءت حرب غزة لتضع الاتحاد الأوروبي في مرمى الاتهامات، وعلى رأسها «ازدواجية المعايير»، ومساومات لا تخرج عن سقف «الحد الأدنى».

ميشال أبونجم (باريس)
شمال افريقيا روز ماري ديكارلو خلال إحاطتها أمام أعضاء مجلس الأمن حول السودان (الأمم المتحدة)

تحذير أممي من «أزمة بأبعاد أسطورية» تضرب السودان

رأت المسؤولة الأممية روز ماري ديكارلو، أن الحرب في السودان أشعلت «أزمة ذات أبعاد أسطورية» أججتها الأسلحة الواردة من الخارج في انتهاك للعقوبات الدولية.

علي بردى (واشنطن)

مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام»

فلسطيني يمر بجانب مبنى مدمر في رفح (أ.ف.ب)
فلسطيني يمر بجانب مبنى مدمر في رفح (أ.ف.ب)
TT

مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام»

فلسطيني يمر بجانب مبنى مدمر في رفح (أ.ف.ب)
فلسطيني يمر بجانب مبنى مدمر في رفح (أ.ف.ب)

أعلن مصدر مطلع على مفاوضات التهدئة وتبادل المحتجزين بين حركة «حماس» وإسرائيل اليوم (الثلاثاء)، أن صفقة بين الطرفين باتت وشيكة وقد يتم التوصل إليها خلال بضعة أيام إذا تم الانتهاء سريعاً من بعض الإشكاليات التي تعيق التنفيذ، بحسب «وكالة أنباء العالم العربي».

وكشف المصدر المقرب من الوسطاء للوكالة، أن المقترح المصري يحظى بقبول لدى الطرفين، إلا أن الإشكالية تتعلق في عدد المحتجزين لدى حركة «حماس» من الفئة العمرية والطبيعة الوظيفية المطلوب الإفراج عنهم ضمن المقترح.

وكانت حركة «حماس» قالت سابقاً إنها استطاعت حصر 20 محتجزاً من كبار السن والمرضى والنساء، بينما يطالب الإسرائيليون بإطلاق سراح ما بين 35 و40 محتجزاً.

وقال المصدر: «هذه العقبة يمكن تجاوزها من خلال عدد أيام التهدئة التي يمكن التوافق عليها، حيث إن المطروح 6 أسابيع وقد يتم تقليص هذه الأيام إذا لم تتمكن (حماس) من إطلاق سراح أكثر من 20 محتجزاً».

وأوضح المصدر أن حركة «حماس» لم تتخلَّ حتى الآن عن مطلبها السابق بإعلان انتهاء الحرب على قطاع غزة، لكنها باتت مستعدة لبحث هذا الأمر خلال فترة الهدنة وتنفيذ الجزء الأول من الصفقة.

وأكد أن رد حركة «حماس» على المقترح المصري لم يأتِ بعد، لكنه توقع أن يتضمن مطالبة بإيضاحات حول قضية عودة المدنيين إلى شمال غزة وأعدادهم، وما إذا كانت عودتهم محدودة وستتم في إطار ضوابط، أم لا.

وفي هذه الأثناء، لا تزال إسرائيل تهدد بورقة العملية البرية في رفح لممارسة مزيد من الضغوط على حركة «حماس» من أجل إحراز تقدم في الصفقة على ما يبدو، إذ قالت هيئة البث الإسرائيلية اليوم، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تراجع مرتين عن الشروع في العملية البرية بعدما كان القرار جاهزاً.

وأضافت الهيئة: «مع ازدياد الضغوط الدولية في الخلفية ضد العمليات الإسرائيلية بجنوب قطاع غزة، وبالتزامن مع محاولات الوسطاء للتوصل إلى اتفاق جديد لإطلاق سراح المحتجزين، قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقف العملية في رفح في الوقت الحالي، بعدما تم بالفعل تحديد موعدين لبدء العملية، لكن إذا فشلت محاولات التوصل إلى اتفاق فمن المتوقع أن تبدأ العملية في المستقبل القريب».

وبحسب هيئة البث، فقد وافقت إسرائيل على سحب قواتها من الممر الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، في إطار ما عدّته مزيداً من المرونة في المفاوضات.

لكن «القناة 12» في الهيئة قالت إنه رغم موافقة الساسة في إسرائيل على الانسحاب من الممر، فإن الدوائر الأمنية الإسرائيلية أبدت تحفظاً على مطالبة «حماس» بفتح الممر خوفاً من عودة مسلحي الحركة إلى شمال قطاع غزة.

وكان تلفزيون «القاهرة الإخبارية» ذكر الليلة الماضية أن وفد «حماس» غادر العاصمة المصرية، وسيعود مرة أخرى برد مكتوب على مقترح صفقة التهدئة.


بايدن: عدم الإفراج عن المحتجزين هو العقبة الوحيدة أمام وقف فوري لإطلاق النار في غزة

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)
TT

بايدن: عدم الإفراج عن المحتجزين هو العقبة الوحيدة أمام وقف فوري لإطلاق النار في غزة

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من زعيمَي قطر ومصر «بذل كلّ ما في وسعهما» لتأمين إطلاق حركة «حماس» سراح رهائن في إطار المفاوضات الجارية للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزّة، حسبما قال البيت الأبيض يوم (الاثنين).

وتتوسّط واشنطن والدوحة والقاهرة منذ أشهر للتوصّل إلى هدنة في القطاع الفلسطيني المحاصر والذي يتعرّض لقصف إسرائيلي لا هوادة فيه منذ هجوم «حماس» الدامي على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأوّل).

واجتمع ممثّلون عن مصر وقطر و«حماس» (الاثنين) في القاهرة، في وقت يُنتظر أن تردّ الحركة الفلسطينيّة على مقترح يتعلّق بهدنة ثانية في غزّة تشمل إطلاق سراح رهائن، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وتحدّث بايدن عقب ذلك مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حول «الاتّفاق المطروح حالياً على الطاولة»، حسبما قال البيت الأبيض في بيانين.

وحضّ الرئيس الأميركي الزعيمَين العربيّين على «بذل كلّ ما في وسعهما لتأمين إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس، لأنّ هذه هي العقبة الوحيدة أمام وقف فوري لإطلاق النار» في غزّة.

وقال مصدر قريب من «حماس» لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ وفد الحركة الفلسطينيّة غادر القاهرة متوجّهاً إلى الدوحة، حيث مكتبها السياسي، وإنّه سيردّ «في أقرب وقت ممكن» على المقترح.

ومنذ بداية الحرب، لم يتمّ التوصّل إلّا إلى هدنة واحدة في غزّة لمدّة أسبوع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني).


انتعاش الآمال بالتوصل إلى هدنة في غزة بعد 7 أشهر من الحرب

دمار هائل في خان يونس بجنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
دمار هائل في خان يونس بجنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
TT

انتعاش الآمال بالتوصل إلى هدنة في غزة بعد 7 أشهر من الحرب

دمار هائل في خان يونس بجنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
دمار هائل في خان يونس بجنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

انتعشت الآمال، يوم الاثنين، بالتوصّل إلى اتّفاق هدنة وتبادل في قطاع غزّة بعد نحو سبعة أشهر من الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينيّة.

وأعرب وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن عن أمله في أن تقبل «حماس» مقترح الهدنة والتبادل الأخير الذي وصفه بأنّه «سخي جداً»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وعُقد اجتماع، الاثنين، في القاهرة بين ممثّلي مصر وقطر، الدولتين الوسيطتين مع الولايات المتحدة، ووفد من «حماس» التي يُنتظر ردها على هذا المقترح الذي تم التفاوض عليه بين إسرائيل ومصر، بعد أشهر من المناقشات غير المثمرة.

وغادر وفد «حماس» مصر وعاد إلى قطر «للتشاور بالأفكار، والرد بأسرع وقت ممكن»، وفق ما أفاد مصدر في الحركة وكالة الصحافة الفرنسية طالباً عدم كشف هويته.

وليل الاثنين الثلاثاء، أفادت قناة «القاهرة الإخباريّة» المصريّة، بأنّ وفد «حماس» غادر القاهرة و«سيعود» إليها بـ«ردّ» مكتوب بشأن مقترح الهدنة الأخير في قطاع غزّة.

عرض سخي

وقال وزير الخارجيّة البريطاني ديفيد كامرون خلال جلسة خاصة للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض إنّ هناك «عرضاً سخياً جداً يتضمّن وقف إطلاق نار لمدة 40 يوماً والإفراج المحتمل عن آلاف السجناء الفلسطينيين، في مقابل إطلاق سراح هؤلاء الرهائن» الإسرائيليين في غزة.

من جهته، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن «من الضروري للغاية أن يكون أي وقفٍ لإطلاق النار دائماً وليس مؤقتاً»، مضيفاً «نحن نؤيد إطلاق سراح جميع الرهائن».

قبيل ذلك، قال بلينكن في الرياض «أمام حماس اقتراح سخي جداً من جانب إسرائيل»، مضيفاً «عليهم أن يقرروا، وعليهم أن يقرروا سريعاً. آمل بأن يتخذوا القرار الصحيح».

وبعد السعودية، يُتوقع أن يصل بلينكن إلى إسرائيل، الثلاثاء، في إطار جولة جديدة في الشرق الأوسط تهدف إلى الدفع باتجاه التوصل إلى هدنة في القطاع الفلسطيني المحاصر والغارق في أزمة إنسانية كبيرة.

وقف دائم للنار

وأعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري عن «تفاؤله» حيال مقترح الهدنة الجديد في غزة، لافتاً إلى أنه «أخذ في الاعتبار مواقف الجانبين وحاول استخلاص الاعتدال».

من جهته، قال عضو المكتب السياسي لـ«حماس» وعضو فريق التفاوض في الحركة زاهر جبارين «من المبكر الحديث عن أجواء إيجابية في المفاوضات».

وأضاف «الحركة تسلمت الرد الإسرائيلي وهي في طور التشاور من أجل الرد عليه»، مكرراً شروط «حماس» وأبرزها «وقف إطلاق نار دائم والانسحاب من قطاع غزة، وعودة النازحين ووضع موعد زمني واضح في بدء الإعمار والتعويضات، والوصول إلى صفقة تبادل حقيقية ترفع الظلم عن أسرى وأسيرات الشعب الفلسطيني، خاصة أسرى غزة».

عدد الرهائن المطلوب الإفراج عنهم

وحسب تقارير إعلامية، طالبت حكومة الحرب الإسرائيلية في البداية بالإفراج عن 40 رهينة محتجزين في غزة منذ بدء الحرب، لكنها سمحت لاحقاً للمفاوضين بخفض هذا العدد.

وأشار موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي إلى أن إسرائيل تطالب، لأسباب إنسانية، بالإفراج عن النساء، مدنيات وعسكريات، والرجال الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً أو من هم في حالة صحية سيئة.

وبحسب الموقع، تقول «حماس» إن 20 رهينة فقط يستوفون هذه المعايير. ويضيف أن عدد أيام الهدنة سيكون مساوياً لعدد الرهائن المفرج عنهم.

والاثنين، دعا أقارب رهينتين إسرائيليين ظهرا في فيديو نشرته «حماس»، السبت، إلى الإفراج عنهما فوراً.

وقالت إيلان سيجل، ابنة كيث سيجل (64 عاماً) الذي خطفته «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، «نحضّ إسرائيل ومصر وقطر والولايات المتحدة (...) على بذل كل ما في وسعهم لإعادة أحبائنا إلى الوطن الآن».


واشنطن: لا نؤيد تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل

البيت الأبيض بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)
البيت الأبيض بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)
TT

واشنطن: لا نؤيد تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل

البيت الأبيض بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)
البيت الأبيض بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)

أعربت الولايات المتحدة عن معارضتها لقيام المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق بشأن ممارسات إسرائيل في غزة، وسط تقارير عن تخوّف مسؤولين إسرائيليين من إصدار الهيئة، ومقرّها في لاهاي، مذكّرات توقيف بحقّهم.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان - بيار في إحاطة إعلامية، إن موقف الولايات المتحدة «بغاية الوضوح فيما يتعلّق بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية، نحن لا نؤيده، ولا نعتقد أنه من اختصاصها».

وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن سيتحدث، (الاثنين)، إلى أمير قطر والرئيس المصري في إطار مساعيه للتوصل إلى اتفاق يهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح بعض الرهائن الذين تحتجزهم حركة المقاومة الإسلامية «حماس».

وأبلغت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارين جان بيير الصحافيين، أنه تسنى إحراز تقدم في الأيام القليلة الماضية نحو ترتيب صفقة الرهائن، وأن مسؤولية قبول الاقتراح الإسرائيلي الأخير تقع على عاتق «حماس».

وأكد السيسي، ونظيره الأميركي، خلال اتصال هاتفي، خطورة التصعيد العسكري في مدينة رفح الفلسطينية.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أحمد فهمي، أن السيسي تلقى اتصالاً هاتفياً من بايدن مساء الاثنين، تم خلاله تناول آخر مستجدات المفاوضات الجارية والجهود المصرية للتوصل إلى تهدئة في قطاع غزة ووقف لإطلاق النار وتبادل الرهائن، كما تم التشديد على خطورة التصعيد العسكري في مدينة رفح الفلسطينية، لما سيضيفه من أبعاد كارثية للأزمة الإنسانية المتفاقمة بالقطاع، فضلاً عن تأثيراته على أمن المنطقة واستقرارها.

وذكر المتحدث الرسمي أن السيسي أكد ضرورة النفاذ الكامل والكافي للمساعدات الإنسانية، مستعرضاً الجهود المصرية المكثفة في هذا الصدد.

كما أكد الرئيسان ضرورة العمل على منع توسع دائرة الصراع، وجددا تأكيد أهمية حل الدولتين باعتباره سبيل تحقيق الأمن والسلام والاستقرار بالمنطقة.

هذا، وقد تم خلال الاتصال تأكيد الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، ومواصلة العمل المشترك لتعزيز علاقات التعاون الثنائي على شتى الأصعدة.


ناشطون إسرائيليون يقفون دروعاً واقيةً بين الفلسطينيين والمستوطنين

مستوطنون مسلحون في الضفة الغربية (وفا)
مستوطنون مسلحون في الضفة الغربية (وفا)
TT

ناشطون إسرائيليون يقفون دروعاً واقيةً بين الفلسطينيين والمستوطنين

مستوطنون مسلحون في الضفة الغربية (وفا)
مستوطنون مسلحون في الضفة الغربية (وفا)

ثبَّت الناشط الإسرائيلي إيال شاني على قميصه كاميرا صغيرة لتصوير العنف الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون ضد الرعاة الفلسطينيين في منطقة مسافر يطا، جنوب الخليل، في الضفة الغربية المحتلة.

ويقول إيال شاني (56 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن الدرع الواقي الأخير» بين الفلسطينيين، ومعظمهم رعاة، في هذه المنطقة الصحراوية، والمستوطنين الإسرائيليين الذين تتعدد وتتكرر هجماتهم العنيفة.

ويقول شاني المناهض للاحتلال الإسرائيلي ويدين منذ فترة طويلة أعمال المستوطنين: «لو لم نكن هنا، لاستخدم المستوطنون كل القوة التي لديهم. إنهم ينكرون إنسانية الفلسطينيين».

ويقول الفلسطيني شحادة سلامة مخامرة إن شاني يزور مجتمعات «مسافر يطا» عدة مرات في الأسبوع.

و«مسافر يطا» هي عبارة عن مجموعة من 19 قرية فلسطينية في محافظة الخليل على بعد ما بين 14 و24 كلم جنوب مدينة الخليل، داخل حدود بلدية يطا. وهي منطقة صحراوية تملؤها التلال والصخور، حيث يرعى الرعاة أغنامهم.

يعيش سلامة مخامرة البالغ من العمر 60 عاماً مع زوجته وعشرة أطفال وزوجتي ابنيه ووالدته في قرية محفورة في الصخور. وعلى الرغم من أن منزلهم الكهفي يحميهم من الحرارة، فإنه لم يعد يحميهم من المستوطنين المقيمين في المنطقة القريبة.

يقول الراعي: «في شهر يناير، هاجمت مجموعة من المستوطنين، ومعظمهم من الشباب، والدتي المسنة (75 عاماً) في منتصف الليل. أيقظوها من نومها وضربوها. منذ ذلك الحين، أعيش أنا وعائلتي في خوف ورعب».

ويضيف: «لا نفهم سبب تعرضنا للهجوم في هذه الأرض الصحراوية النائية... نحن أناس مسالمون... ولا شأن لنا بالسياسة».

قطرة ماء

يؤكد إيهود كرينيس (57 عاماً) وهو ناشط آخر ضد الاستيطان أن «عدد الناشطين الإسرائيليين الموجودين هنا لم يعد كافياً لمواجهة المستوطنين الأقوى بكثير، لأنهم يتمتعون بدعم من بعض الوزراء في الحكومة» الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.

ومثل نحو 490 ألف إسرائيلي آخرين، يعيش وزيرا اليمين المتطرف، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش، في مستوطنات يهودية أقيمت فوق أراضٍ فلسطينية مصادرة في الضفة الغربية بين 3 ملايين فلسطيني. وتعدُّ الأمم المتحدة المستوطنات الإسرائيلية مخالفة للقانون الدولي.

ويقول كرينيس إن هذه الحكومة «المتطرفة» تدعم بشكل واضح المستوطنين الذين «لديهم الحرية في فعل ما يريدون»، دون أن يتحملوا العواقب.

وسجل مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) 1096 هجوماً ارتكبها مستوطنون بين 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي و31 مارس (آذار)، أي 6 حوادث هجومية يومياً في المتوسط، مقارنة بـ3 حوادث قبل اندلاع الحرب في غزة، وهجوم واحد يومياً في عام 2022.

منذ الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة «حماس» في 7 أكتوبر على الأراضي الإسرائيلية، قُتل 491 فلسطينياً في الضفة الغربية بيد الجيش أو المستوطنين، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، وقتل 19 إسرائيلياً في أعمال عنف في الضفة الغربية وفي إسرائيل منذ ذلك الحين.

جاء إيهود كرينيس مع إيرين بلير لوينهوف (73 عاماً) الممرضة المتقاعدة لإحضار بعض الطعام لعائلة مخامرة.

وتنهدت إيرين وقالت إنها تشعر «بالوحدة الشديدة» في المجتمع الإسرائيلي منذ الحرب، هي التي تقوم بحملة ضد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية منذ أكثر من 50 عاماً، وتضيف: «نحن مثل قطرة ماء في محيط كبير مثل المحيط الهادي».

فلسطينيات يمررن أمام مستوطنين يحملون الأعلام الإسرائيلية في الضفة الغربية (رويترز)

الإفلات من العقاب

وأعلنت إسرائيل التي تحتل الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، منذ عام 1967، «مسافر يطا» التي يحرقها لهيب الشمس، منطقة عسكرية.

وبعد معركة قانونية طويلة، قضت المحكمة العليا لصالح الجيش الإسرائيلي في مايو (أيار) 2022، في قرار يشير إلى أن 8 قرى هي في ميدان رماية منذ عام 1980، مما مهد الطريق لطرد سكانها.

لكن سكان قرى مسافر يطا الثماني يؤكدون أن أسلافهم عاشوا فيها منذ بدايات القرن التاسع عشر.

ويؤكد إيهود كرينيس أن الجيش يسمح للمستوطنين بالاستيطان بشكل غير قانوني في تلال مسافر يطا، وهي «طريقة غير مباشرة» لطرد الفلسطينيين.

ويحتج الفلسطينيون والناشطون الإسرائيليون، على حد سواء، ضد «الإفلات من العقاب» الذي يستفيد منه المستوطنون.

في قرية التواني، جنوب الخليل، كان زكريا العدرة (29 عاماً) ضحية هجوم في 13 أكتوبر الماضي.

وقال الشاب لوكالة الصحافة الفرنسية إن أحد المستوطنين أطلق النار عليه «في يوم الجمعة من مسافة قريبة، بينما كنت أغادر المسجد بعد الصلاة».

وبعد مرور 6 أشهر وعلى الرغم من خضوعه لأكثر من 10 عمليات جراحية، ما زال غير قادر على العمل وإعالة زوجته وأطفاله الأربعة، بما في ذلك توأمان يبلغان من العمر 10 أشهر. يقول الناشط كرينيس: «إن المستوطن الذي هاجم زكريا لم يكن قلقاً أبداً».

وتقول زوجته شوق البالغة من العمر 24 عاماً باستنكار «الجنود الحاضرين (رأوا كل شيء) لكنهم لم يفعلوا شيئاً».

ويقول الزوجان زكريا وشوق إن الزيارات الأسبوعية لإيهود وإيرين «هي مثل نسمة من الهواء النقي ودعم معنوي لا يقدر بثمن». وتضيف شوق أن منذ اندلاع الحرب في غزة «تغير الوضع كثيراً. إنه صعب وخطير. مستعمرة (معون المجاورة) بأكملها مسلحة».


الموظفون في القطاع الحكومي السوري مهددون بالتلاشي

شارع «العدلي» المؤدي إلى سوقي «الحريقة» و«مدحت باشا» في دمشق القديمة (الشرق الأوسط)
شارع «العدلي» المؤدي إلى سوقي «الحريقة» و«مدحت باشا» في دمشق القديمة (الشرق الأوسط)
TT

الموظفون في القطاع الحكومي السوري مهددون بالتلاشي

شارع «العدلي» المؤدي إلى سوقي «الحريقة» و«مدحت باشا» في دمشق القديمة (الشرق الأوسط)
شارع «العدلي» المؤدي إلى سوقي «الحريقة» و«مدحت باشا» في دمشق القديمة (الشرق الأوسط)

تتجدد مشكلة النقص الحاد في الكوادر والعمالة في القطاعات الحكومية السورية، وسط أنباء عن استقالات كثيرة يشهدها قطاع النقل البحري السوري جراء تدني الرواتب والأجور وتعليق العمل بنظام الحوافز و«عدم تناسب رواتبهم وتعويضاتهم الشحيحة مع غلاء المعيشة». وقالت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن النتائج الكارثية لظاهرة تسرب عدد كبير من الموظفين الإداريين والكوادر الفنية المحلية بدأت بالظهور في مختلف القطاعات الحكومية.

وحذرت صحيفة «تشرين» المحلية الرسمية، يوم الاثنين، من «انعدام العمالة الخبيرة قريباً»، ونقلت عن رئيس نقابة عمال النقل البحري والجوي في اللاذقية، سمير حيدر، قوله إن الوضع في القطاع البحري ليس جيداً «إذ لا يوجد عمال ولا آليات ولا بنى تحتية»، لافتاً إلى أن الباخرة التي كانت تؤم المرفأ ويستغرق تفريغ حمولتها البالغة 25 ألف طن، يومين فقط، بات حالياً يستغرق 15 يوماً بسبب قلة الإمكانات والخدمات من عمال وآليات وبنى تحتية، بالإضافة للإجراءات الإدارية والقانونية، مؤكداً وجود استقالات كثيرة في القطاع البحري، مع عدم تعيين عمال لديهم خبرة لشغل شواغر المتسربين والمتقاعدين.

ميناء اللاذقية (سانا)

ولا يبدو الوضع أفضل في مجالات أخرى، وبحسب تصريحات إعلامية لمعاون وزير الاتصالات، فإن أكبر عقبة تواجه التحول الرقمي في سوريا، تتمثل في «قلة الكوادر المتخصصة، خصوصاً في القطاع العام، بسبب ضعف التحفيز المادي»، لافتاً إلى أنه في أحد الاجتماعات جرت «مناقشة إمكانية إنجاز رقمنة السجل العقاري إنجازاً مكتملاً، فكانت الإجابة أنه يحتاج إلى 25 عاماً»، وذلك لنقص الكادر المتخصص في إدخال البيانات.

بعد تضاؤل الطبقة الوسطى في سوريا التي كانت تعد طبقة الغالبة بين السوريين، وتوسع الطبقة الفقيرة بتجاوزها نسبة الـ90 في المائة من السكان، بحسب الأرقام الدولية، بدأ الموظفون والعاملون في الجهات الحكومية بالتلاشي تزامناً مع تهالك وتآكل البنى التحتية في معظم القطاعات الحكومية الصناعية والخدمية.

وقالت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتائج ظاهرة تسرب عدد كبير من الموظفين الإداريين والكوادر الفنية المحلية وتقديم استقالات تكاد تكون جماعية، بدأت بالظهور، في مختلف القطاعات الحكومية، مع تعرقل العمل فيها، ما ينذر بكارثة على الاقتصاد على المستويين القريب والبعيد.

ولفتت إلى عجز الحكومة عن مواجهة هذه التداعيات؛ حيث تلجأ إلى زيادة أيام العطل الرسمية لتوفير الإنفاق، ولفتت إلى أن إجازة عيد الفطر وعيد الفصح الغربي، امتدت لنحو أسبوعين، بدل أن تكون 5 أيام، وعطلة عيد العمال وعيد الفصح الشرقي نحو 5 أيام، واعتبرت ذلك «مؤشراً إلى عمق الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة التي لم تعد قادرة على تشغيل إداراتها ومؤسساتها بالنصاب الكامل». ورأت أن المؤشرات باتت واضحة بعد زيادة الرواتب في أغسطس (آب) العام الماضي، والعجز عن تنفيذ نظام الحوافز التشجيعية، رغم صدور مرسوم رئاسي بذلك وإقراره من قبل الحكومة.

وأعلنت الحكومة في فبراير (شباط) الماضي تعليق العمل بمرسوم الحوافز التشجيعية الذي صدر عام 2022، أو التريث في تطبيقه وإعادته للدراسة رغم أنه تمت الموافقة وجرى إقراره، وبررت وزيرة التنمية الإدارية سلام سفاف التجميد بـ«وجود فهم خاطئ للمرسوم سيؤدي إلى هدر المال العام».

متداولة لمستشفى الأسد في دمشق

ومن الآثار الكارثية لظاهرة تسرب العمالة من قطاعات العمل الحكومي، تحذير مدير مستشفى الأسد الجامعي مؤخراً، من توقف الخدمات الطبية نهائياً، جراء ضعف تهالك أجهزة المشافي وتساقطها واحداً تلو آخر لعدم القدرة على صيانتها وتأمين قطع تبديل لها بسبب العقوبات. بينما يعاني القطاع الصحي في سوريا من نقص حاد في الكوادر الطبية بسبب هجرة الأطباء والممرضين لا سيما الشباب، حيث تشير تقارير إعلامية رسمية، إلى أن الآلاف من العاملين في القطاع الصحي استقالوا خلال السنوات الخمس الأخيرة.

أرشيفية لموظفين في المؤسسة العامة السورية للحبوب (فيسبوك)

وجرى الكشف بداية العام الجاري عن نقص يقدر بـ600 عامل في مؤسسة تصنيع وتجارة الحبوب في حماة وسط البلاد، في مختلف المواقع، بينهم 45 سائقاً لنقل القمح والطحين، علماً بأن نحو 327 عاملاً في جهات حكومية بحماة معظمهم في القطاع الزراعي قدّموا استقالاتهم العام الماضي.

وبدأت الاستقالات الجماعية في القطاع العام السوري بالتحول إلى ظاهرة، منذ العام الماضي، مع بلوغ عدد الاستقالات في أول 6 أشهر منه نحو 1800 استقالة، رغم قرار الحكومة وقف منح الاستقالات والإجازات غير المأجورة إلا في حالات خاصة واضطرارية جداً.


أثير الإذاعات... وسيلة الفلسطينيين لتوجيه رسائل لذويهم المعتقلين

أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (مصلحة السجون)
أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (مصلحة السجون)
TT

أثير الإذاعات... وسيلة الفلسطينيين لتوجيه رسائل لذويهم المعتقلين

أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (مصلحة السجون)
أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (مصلحة السجون)

لم تجد أم فلسطينية وسيلة لطمأنة ابنها الأسير في أحد السجون الإسرائيلية غير اللجوء إلى أثير إذاعة فلسطينية محلية.

بصوت معبأ بالحزن الدفين تقول: «أنا والدة الأسير أحمد مهند. كيفك ابني؟ شو أخبارك؟». يخيم الصمت لبرهة وهي تحاول لملمة مشاعرها المختلطة بين الأمل والخوف، ثم تقول: «ابني إحنا مناح (بخير)، بنحاول نتواصل مع المحامي كل يوم حتى نعرف ظروفك ووضعك». يتكرر الصمت، قبل أن تطرح سؤالاً تعلم أن موجات الأثير لن تعود بالرد عليه «كيفك ابني؟».

وتدرك الأم مجدداً حقيقة مكالمتها المنقوصة، وتكمل: «الأخبار اللي بنسمعها من الأسرى اللي بتحرروا مش مبشرة، يا ريت تحاول تطمنا عنك بأي طريقة». وتظل تهدي ابنها كلماتها المعبأة بحنان الأم والحنين، تقول له كما لو أنه في أحضانها: «كنت وما زلت سبب فخر لنا، وسنبقى نصبر وننتظر حتى يرتفع صوتك مرة أخرى بيننا».

تقول أم أحمد لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إنها كانت تلجأ للإذاعة لطمأنة ابنها على حالها، وكان يخبرها عند كل زيارة لها للسجن بأنه استمع لرسالتها عبر الإذاعة، لكنها بعد أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) لم تتمكن من زيارته، ولا تعرف إن كانت رسائلها الأسبوعية عبر الأثير تصل إليه.

مجهولو العدد والمصير

يلجأ الفلسطينيون إلى محطات الإذاعات المحلية في محاولة لإيصال صوتهم لأبنائهم على أمل أن تكون هناك أجهزة مذياع في السجون تلتقط أصواتهم المارة عبر الأثير.

ويقول خالد أبو منصور الذي خرج أخيراً من أحد السجون الإسرائيلية إن الأوضاع في السجون بالغة الصعوبة والتعقيد، وإن العقوبات التي فرضتها السلطات الإسرائيلية على المعتقلين شملت مصادرة أجهزة المذياع في كثير من السجون.

يحاول أبو منصور أن يصف في حديثه لـ«وكالة أنباء العالم العربي» مدى قسوة الظروف منذ السابع من أكتوبر، وكيف يُحرم المعتقلون من أبسط حقوقهم. قال: «كانت هناك أجهزة تلفاز ومذياع، وكلها صودرت في سجون كثيرة». وأضاف: «كنا ننتظر البرامج المتعلقة بالأسرى ورسائل الأهالي بفارغ الصبر، كان يسود جو من الصمت في كل السجون لحظة بث برنامج يحمل رسائل من أهالينا، لكن بعد 7 أكتوبر حتى هذه الطريقة سلبتها إدارات السجون».

ويؤكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمعتقلين قدورة فارس لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، أنه بعد السابع من أكتوبر مارست السلطات الإسرائيلية إجراءات غير مسبوقة بحق المعتقلين الفلسطينيين. واتهم إسرائيل بتنفيذ سياسة الإخفاء القسري بحق عدد كبير من المعتقلين خصوصاً أولئك الذين اعتُقلوا من قطاع غزة.

وأشار إلى أنه حتى المنظمات الدولية مثل «الصليب الأحمر»، لا تتمكن من زيارة المعتقلين، وفي أحيان قليلة يتمكن محامون من لقاء بعض الأسرى وبصورة غير منتظمة، وربما اقتصر اللقاء على المحاكمات التي يُمنع حتى أهالي المعتقلين من حضورها.

وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في إحصائية نشرتها، الأحد، إن إسرائيل تعتقل حالياً تسعة آلاف و500 فلسطيني، بالإضافة لآخرين اعتقلوا من قطاع غزة، وما زالوا مجهولي العدد والمصير، وسط توقعات بأن العدد الإجمالي يزيد على 12 ألفاً.


العراق يعيد 700 شخص من مخيم الهول في سوريا

صورة عامة من مخيم الهول للنازحين في محافظة الحسكة بسوريا 8 مارس 2019 (رويترز)
صورة عامة من مخيم الهول للنازحين في محافظة الحسكة بسوريا 8 مارس 2019 (رويترز)
TT

العراق يعيد 700 شخص من مخيم الهول في سوريا

صورة عامة من مخيم الهول للنازحين في محافظة الحسكة بسوريا 8 مارس 2019 (رويترز)
صورة عامة من مخيم الهول للنازحين في محافظة الحسكة بسوريا 8 مارس 2019 (رويترز)

أُعيد إلى العراق 700 شخص من مخيم الهول في سوريا، حيث يحتجز عشرات آلاف الأشخاص بينهم أفراد عائلات متطرفين مشتبه بهم، وفق ما أفاد مسؤول محلي والمرصد السوري لحقوق الإنسان.

ويؤوي مخيم الهول أكثر من 43 ألف سوري وعراقي وأجنبي من 45 دولة على الأقل، في أوضاع يرثى لها وسط اكتظاظ شديد في منطقة تسيطر عليها قوات كردية في شمال شرقي سوريا، وفق وكالة «الصحافة الفرنسية».

ومن بين هؤلاء أقارب مقاتلين يشتبه بانتمائهم لتنظيم «داعش»، ولاجئون.

وقال مسؤول عراقي طلب عدم كشف اسمه، لكونه غير مصرح له التحدّث للإعلام، إن «700 شخص أو نحو 160 عائلة عادوا من مخيّم الهول»، في أحدث جهد يبذل على هذا الصعيد.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقراً، ويعتمد على شبكة مصادر واسعة في سوريا، إن 714 عراقياً غادروا المخيم الأحد.

وعند الوصول إلى العراق، عادة ما تبقي السلطات الأشخاص الذين تتم إعادتهم من مخيم الهول، لأسابيع أو حتى لأشهر، في منشأة يصفها مسؤولون بأنها «لإعادة التأهيل النفسي»، في مخيم الجدعة بريف مدينة الموصل بشمال العراق.

وفي مارس (آذار)، تمت إعادة نحو 160 عائلة عراقية من مخيم الهول إلى العراق.

وأعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي في 2 مارس، أن العراق أعاد «1924 عائلةً من مخيم الهول، بواقع 7556 مواطناً عراقياً» حتى الآن، مضيفاً أن «1230 عائلة منها عادت إلى مناطقها الأصلية طوعاً، وأن المتبقين يخضعون للتأهيل في مخيم الجدعة».

ولا تزال عودة أقارب المتطرفين تثير جدلاً بين أبناء العراق الذي خاض حرباً لثلاثة أعوام انتهت أواخر 2017 بطرد التنظيم بعد سيطرته على نحو ثلث مساحة البلاد.

ويعارض عراقيون جهود إعادة مواطنين لهم من مخيم الهول، مشددين على أن أفراد عائلات مقاتلي تنظيم «داعش» غير مرحّب بهم.

وعلى الرغم من التحديات، يعد العراق من الدول القليلة التي تستعيد مواطنيها بانتظام من مخيم الهول، الأمر الذي رحبت به الأمم المتحدة والولايات المتحدة على السواء.

وعلى الرغم من الهزيمة الميدانية للتنظيم، يواصل مقاتلوه شن هجمات ضد مدنيين وقوات الأمن في العراق وسوريا.


الجنائية الدولية... معلومات ودور محتمل في غزة

مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (رويترز)
مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (رويترز)
TT

الجنائية الدولية... معلومات ودور محتمل في غزة

مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (رويترز)
مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (رويترز)

تعبر إسرائيل عن قلقها من احتمال استعداد المحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال لمسؤولين حكوميين؛ بناء على اتهامات تتعلق بالحرب ضد حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في قطاع غزة.

ووفق «رويترز»، تحقق الجنائية الدولية في الهجوم الذي نفذته «حماس» يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، والهجوم العسكري الإسرائيلي الساحق الذي دخل الآن شهره السابع في قطاع غزة الذي تحكمه «حماس».

وفيما يلي بعض الحقائق عن المحكمة الجنائية الدولية:

- تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 للمحاكمة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والعدوان حين تكون الدول الأعضاء غير راغبة أو غير قادرة على الاضطلاع بذلك بنفسها. ويمكنها إجلاء الملاحقات في الجرائم التي يرتكبها مواطنو الدول الأعضاء أو التي ترتكبها أطراف أخرى على أراضي الدول الأعضاء.

- تضم المحكمة 124 دولة، وتبلغ ميزانيتها لعام 2024 نحو 187 مليون يورو.

- تجري المحكمة، بحسب موقعها على الإنترنت، 17 تحقيقاً تمتد من أوكرانيا ودول أفريقية، مثل أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا، إلى فنزويلا في أميركا اللاتينية ودول آسيوية، مثل ميانمار والفلبين.

- يقول موقع المحكمة إن هناك حتى الآن 31 قضية مطروحة أمام الجنائية الدولية، وإن بعض القضايا فيها أكثر من مشتبه به واحد. وأصدر قضاة المحكمة 42 أمر اعتقال.

- هناك 21 شخصاً في مركز الاحتجاز التابع للمحكمة، وقد مثلوا أمامها. وما زال 17 شخصاً لم يلق القبض عليهم. وأُسقطت اتهامات موجهة إلى سبعة أشخاص بسبب وفاتهم. وأصدر القضاة 10 إدانات وأربعة أحكام بالبراءة.

- من بين الإدانات العشر، تعلق خمس منها فحسب بجرائم الحرب الأساسية وجرائم ضد الإنسانية نظرت فيها المحكمة، بينما تعلقت إدانات أخرى بجرائم، مثل التأثير على الشهود. والمدانون الخمسة جميعهم قادة ميليشيات أفارقة من جمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي وأوغندا. وتراوحت الأحكام بين تسع سنوات و30 سنة سجناً. وأقصى عقوبة سجن ممكنة هي مدى الحياة.

- أحد «الهاربين» البارزين هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المتهم بارتكاب جريمة حرب تتمثل في ترحيل غير مشروع لمئات الأطفال من أوكرانيا. وأصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحق بوتين في مارس (آذار) 2023. وقال الكرملين إن هذه خطوة من دون معنى. ونفت موسكو مراراً الاتهامات بارتكاب قواتها فظائع أثناء غزوها لجارتها.

- تحظى المحكمة بدعم كثيرين من أعضاء الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن قوى أخرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا ليست أعضاء، وتتذرع هذه الدول بأن المحكمة قد تُستغل في محاكمات سياسية الدوافع.

- إسرائيل ليست عضواً في المحكمة ولا تعترف بولايتها القضائية، لكن الأراضي الفلسطينية أصبحت دولة عضواً فيها عام 2015. وفي عام 2021، فتحت المحكمة تحقيقاً رسمياً في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في أكتوبر العام الماضي إن للمحكمة سلطاناً قضائياً على أي جرائم حرب يحتمل أن يكون مقاتلو «حماس» ارتكبوها في إسرائيل، أو ارتكبها إسرائيليون في قطاع غزة.


مصدر أردني: تلويح «حماس» بالعودة لعمّان «استفزاز»

تحميل مساعدات طبية على طائرة عسكرية أردنية قبل رحلتها إلى غزة (أرشيفية القوات المسلحة الأردنية - أ.ف.ب)
تحميل مساعدات طبية على طائرة عسكرية أردنية قبل رحلتها إلى غزة (أرشيفية القوات المسلحة الأردنية - أ.ف.ب)
TT

مصدر أردني: تلويح «حماس» بالعودة لعمّان «استفزاز»

تحميل مساعدات طبية على طائرة عسكرية أردنية قبل رحلتها إلى غزة (أرشيفية القوات المسلحة الأردنية - أ.ف.ب)
تحميل مساعدات طبية على طائرة عسكرية أردنية قبل رحلتها إلى غزة (أرشيفية القوات المسلحة الأردنية - أ.ف.ب)

عادت قيادات في حركة «حماس» مجدداً إلى الاشتباك إعلامياً مع الأردن الرسمي، عبر تصريحات سياسية مباشرة من الخارج تارة من تركيا وأخرى من إيران، في محاولات قال مصدر أردني مطّلع لـ«الشرق الأوسط» إنها «استفزازية»، و«غير مجدية» لإعادة فتح ملف عودتهم للمملكة التي غادروها عام 1999 في عهد رئيس الوزراء السابق عبد الرؤوف الروابدة «لأسباب أمنية».

وحالة الاشتباك التي تكررت منذ بداية أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اتخذت منحى جديداً عبر تصريح للقيادي في «حماس» موسى أبو مرزوق، بثه عبر «قناة العالم» الإيرانية، الأحد، تحدث خلاله عن توجه قادة الحركة إلى عمّان «في حال أجبروا على مغادرة قطر»، في وقت أكدت فيه الحكومة الأردنية مراراً على أنه «لا اتصالات بينها وبين الحركة، خصوصاً منذ بداية الحرب على غزة».

استعطاف

ويرى المصدر الأردني أن تصريحات أبو مرزوق، تندرج في «باب استعطاف الشارع الأردني مجدداً» و«استفزاز الأردن الرسمي»، وزاد أنها «محاولة جديدة تشبه محاولات سابقة لرئيس المكتب السياسي السابق لـ(حماس) خالد مشعل، والقادة العسكريين للحركة في غزة، عبر «إقحام المملكة بحساباتهم السياسية».

وقال المصدر: «يتحدث أبو مرزوق كأنه لا دولة في الأردن ليقرر ما يفعل. الأردن طوى صفحة مكاتب الفصائل الفلسطينية، ولن يعود إليها».

وتصريحات أبو مرزوق وما سبقها، رفضها المصدر الأردني في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، قائلاً إن الأردن «لن يقبل بأي حال من الأحوال وجود قادة (حماس) على أراضيه»، منبّهاً في الوقت نفسه إلى أن التلميح بشأن من يحمل الجنسية الأردنية منهم (أي قادة حماس) وأحقيته بالعودة، بالقول: «ومن منهم يحمل الجنسية الأردنية ويود العودة، فعليه أن يفك ارتباطه نهائياً بأي تنظيم خارجي».

ويشير المصدر نفسه إلى أن أي احتمالات للعودة وفق الشروط التي تقتضيها المصالح الأردنية وبموجب أحكام القانون، فإنها تشمل «عدم السماح بأي شكل من الأشكال بفتح أي مكاتب لأي من التنظيمات الفلسطينية»، إذ أعلنت المملكة ومنذ بداية الحرب أن «السلطة الوطنية الفلسطينية» الممثل الشرعي لدولة فلسطين وسفارتها المعتمدة في عمّان.

وسعى أبو مرزوق وفقاً لما نقلت عنه «قناة العالم» الإيرانية، إلى التذكير بتواجد «حماس» سابقاً على الأراضي الأردنية، وقال إن قادتها «أردنيون في معظمهم» دون الإشارة إلى أسباب الخروج آنذاك. مضيفاً: «طُلب من قطر استضافة قيادة (حماس) وانتقلنا من الأردن إلى قطر، وكل ما يشاع في هذا الوقت من أننا سننتقل إلى العراق أو سوريا أو تركيا وغيرها، هي أجواء إعلامية للضغط على القطريين وليس من هذا الأمر أي خبر بيننا وبين الحكومة القطرية»، مشيراً أيضاً إلى أن الحديث عن مغادرة قطر «هي دعاية إعلامية لا أساس لها، وبعض الدعاوى من أعضاء الكونغرس، ونوع من الضغوط على قطر للضغط على (حماس) فيما يتعلق بالمفاوضات حول تبادل الأسرى».

جوازات سفر

ورغم أن أبو مرزوق في حديثه قال عن الانتقال إلى الأردن، إنه «ليس منه كلام» (أي ليس مطروحاً)، فإنه أفاد بأن «معظم قادة (حماس) هم من الشعب الأردني، ويحملون الجواز الأردني، وكل هذه الأحاديث لا قيمة لها، وإذا انتقلت قيادة (حماس) (وهذا ليس منه أي كلام) سينتقلون إلى الأردن، هناك شعبها ويحملون جواز سفرها، ومواطنون أردنيون في معظمهم، والأردن شعب مضياف وكريم، ومؤيد للمقاومة الفلسطينية، وعلاقاتنا بالنظام الأردني جيدة، ولا مشكلة لنا في مكان الإقامة».

موسى أبو مرزوق أحد قادة «حماس» خلال مشاركته في تشييع جثمان القيادي في الحركة صالح العاروري عقب اغتياله قرب بيروت في 2 يناير الحالي (أ.ب)

وأشار أبو مرزوق، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، هي من تدخلت «وأجبرت» قطر على استقبال قيادة «حماس»، وأنها (أمريكا نفسها) إذا «أوقفت ضغوطاتها»، فإن «حماس» ستعود في اليوم التالي إلى ما سماه «مكانها الطبيعي وهو الأردن»، على حد تعبيره، قائلاً: «أما هذه القصص كلها ففبركات إعلامية ليس لها أي وجود بيننا وبين القطريين على الإطلاق»، وفق تصريحاته.

خيار وليس إبعاداً

وسبقت تصريحات أبو مرزوق، تصريحات عن الأردن، لرئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، من إسطنبول خلال لقائه بعدد من نواب كتلة «الإصلاح النيابية الأردنية» المحسوبة على «الحركة الإٍسلامية» في الأردن.

ونقلت وسائل إعلام عن نواب حضروا اللقاء، بتأكيد هنية على عدم تدخل الحركة في الشأن الأردني الداخلي، بينما أكد بيان صدر عن الحركة تأكيد هنية باكتساب الأردن أهمية خاصة في القضية الفلسطينية، مشيداً بحالة التضامن التي يلمسها الشعب الفلسطيني من الجماهير الأردنية التي تعبر عن نفسها دوماً، وتؤكد وحدة الشعبين.

ويشدد مسؤولون سياسيون سابقون، أن الأردن «يرفض استخدام وصف إبعاد» على خروج قيادات «حماس» من الأردن لاعتبارات قانونية، بينما ترددت روايات عدة لمسؤولين في تلك الفترة عن أن خروج قادة «حماس» كان «خياراً» لهم، أمام استمرار محاكمتهم داخلياً.

وبالمقابل، نقلت تقارير صحفية «عتب (لوم)» هنية على الشخصيات الرسمية والعامة الأردنية، لعدم مواساته باستشهاد 3 من أبنائه و4 من أحفاده دفعة واحدة، انطلاقاً من واجب العزاء، وفق التقارير.

وشهد النصف الثاني من شهر رمضان تصاعداً في الخطاب الرسمي الأردني ضد ما عدّ تدخلاً في الشأن الداخلي، على خلفية دعوات «تصعيد الاحتجاجات في الأردن» وتأجيج الشارع أسفرت عن تنفيذ حملة توقيفات بين محتجين بتهمة الاعتداء على الممتلكات العامة ومقاومة رجال الأمن.

شاحنة مساعدات أردنية ضمن قافلة مساعدات برية تعدّ الأكبر منذ بدء الحرب على غزة

وعلمت «الشرق الأوسط»، أن «أغلب الموقوفين على خلفية الاحتجاجات منذ بداية السابع من أكتوبر، جرى إطلاق سراحهم وصدور قرارات قضائية بحقهم بعدم المسؤولية، باستثناء عدد محدود جرت ملاحقتهم قضائياّ». وأشارت مصادر قانونية أنه «لم توجه تهم تتعلق بإطلاق هتافات مؤيدة لـ(حماس) وقياداتها في الاحتجاجات الشعبية»، لكن مصادر تحدثت عن أن «بعض الموقوفين لهم اتصال بجهات خارجية، ويتلقون أموالاً وتعليمات من الخارج».

ويستعد الأردنيون، لخوض غمار انتخابات المجلس النيابي العشرين في العاشر من سبتمبر (أيلول) المقبل، ترشيحاً وانتخاباً، حيث أمر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الأسبوع الماضي، بإجرائها في موعدها هذا العام، ليقطع الطريق على ما تداولته أوساط سياسية باحتمالات تأجيل الانتخابات لاعتبارات تتعلق بالوضع الإقليمي، وبالحرب على قطاع غزة.