ارتياح مسيحي لعودة الكاردينال ساكو إلى المقر الكنسي في بغداد

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الرئاسة لن تتراجع عن سحب المرسوم الجمهوري لأنه متوافق مع الدستور

ساكو مع البابا فرنسيس
ساكو مع البابا فرنسيس
TT

ارتياح مسيحي لعودة الكاردينال ساكو إلى المقر الكنسي في بغداد

ساكو مع البابا فرنسيس
ساكو مع البابا فرنسيس

عاد كاردينال الكلدان في العراق والعالم لويس روفائيل ساكو، قبل يومين، إلى مقر إقامته التاريخي في مدينة المنصور ببغداد التي غادرها قبل 9 أشهر «غاضباً» من قيام رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد وفق مرسوم جمهوري سابق يتعلق بولاية الكاردينال على الأوقاف المسيحية.

وتسبب القرار وقتها في أزمة شديدة بين الرئيس والكاردينال الذي وجه انتقادات لاذعة إلى الرئاسة، لكنها لم تثنِ الأخيرة عن التراجع عن قرارها، ما دفع الكاردينال إلى مغادرة مقره في بغداد إلى إقليم كردستان.

ووفقاً للقرار، فإن الكاردينال ساكو لا يحق له إدارة ممتلكات الكنيسة في العراق، أو التصرف بها بوصفه مرجعاً روحياً للديانة، وراعياً للمسيحيين في العراق.

«ألم وقلق»

وتحدث الكاردينال ساكو خلال مؤتمر صحافي عن حالة «المعاناة والألم والقلق»، التي عاشها خلال الأشهر التسعة التي قضاها في أربيل، من دون أن يشرح كثيراً من التفاصيل عن تلك الحالة.

وقال إن تلك المعاناة «تشبه إلى حد ما وضع المرأة الحامل، وهي تتحمل وتتألم رجاءً بأن يولد لها طفل».

وأضاف ساكو أنه «رغم ما حدث فإنني أشعر اليوم بالارتياح والسلام الداخلي، لأن الظلم ليس له مستقبل، والشر لا يدوم والخير يدوم، وهناك خيّرون وطيبون كُثر هنا».

وبينما أبدت كثير من الأوساط المسيحية ارتياحها لعودة الكاردينال إلى بغداد، استبعد مصدر مقرب من رئاسة الجمهورية، «حدوث أي تحول في موقف الرئيس عبد اللطيف رشيد، الذي ما زال متمسكاً بإلغاء المرسوم الجمهوري المتعلق بساكو».

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمر ليس شخصياً مع الكاردينال، إنما كان قراراً يستند إلى الدستور والقوانين المرعية، والدليل أن المحكمة الاتحادية ردت دعوة الكاردينال ضد الرئيس».

وردت المحكمة الاتحادية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، دعوى كان قد قدمها الكاردينال، وتتضمن الطعن بصحة إجراءات سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين الكاردينال ساكو متولياً على أموال المسيحيين.

مظاهرة مسيحية مؤيدة لساكو في أربيل خلال يوليو الماضي (مواقع كردية)

وذكرت المحكمة، وقتذاك، أنها «قررت رد دعوى المدعي الكاردينال ساكو لعدم وجود ما يخلّ بصحة إجراءات إصدار المرسوم الجمهوري».

وأعلنت البطريركية الكلدانية، الأربعاء الماضي، عن عودته إلى مقره في العاصمة بغداد بدعوة شخصية من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وقام الأخير باستقبال الكاردينال ساكو، أول من أمس، في مقر رئاسة الوزراء، وعبر السوداني عن ترحيبه بعودة البطريرك إلى بغداد وأهمية وجوده ودوره، طبقاً لبيان صادر.

وأكد السوداني حرص حكومته على «ترسيخ مبدأ التعايش والتآخي بين أطياف المجتمع العراقي للوصول إلى غاية المواطنة، التي تعد مفتاحاً للتقدم والازدهار وتحسين الواقع الاجتماعي لعموم العراقيين».

وربط مصدر مسيحي عودة الكاردينال ساكو إلى بغداد، مع التحضيرات التي سبقت زيارة رئيس الوزراء محمد السوداني التي يصل إليها، السبت.

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن «عودة الكاردينال جزء من سياسة إيجاد الحلول للملفات العالقة التي يعمل عليها السوداني، وهي إجراء ورسالة مناسبها بعثها السوداني قبيل زيارة واشنطن تلقتها الأوساط المسيحية بارتياح».

وإلى جانب ذلك، الكلام للمصدر، فإن «بغداد هي المدينة التاريخية للوجود المسيحي، وتعادل رمزية النجف بالنسبة للشيعة في العراق، لذلك فإن عودة الكاردينال كانت متوقعة جداً رغم خصومته الشديدة مع الرئيس، وأظن أن العودة تنسجم مع المطلب البابوي في الفاتيكان».

وسبق أن عبَّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، عن قلق الولايات المتحدة إزاء قرار الرئيس عبد اللطيف رشيد، بعد قيامه بسحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين الكاردينال.

وعد المتحدث الأميركي، وقتذاك، القرار الرئاسي «ضربة للحرية الدينية، ولهذا نحن قلقون للغاية، وانخرطنا مباشرة مع الحكومة العراقية لتوضيح مخاوفنا».


مقالات ذات صلة

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

المشرق العربي مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

رفض رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» انجرار العراق نحو الحرب، وحذر من مخاطر انسحاب القوات الأميركية خصوصاً في المناطق المتنازع عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص جنود أميركيون يُسقطون تمثال صدام حسين في بغداد 7 أبريل 2003 (رويترز) play-circle 07:43

خاص جمال مصطفى: عجزت عن تأمين الرشوة للقاضي فأبقوني محتجزاً 10 سنوات إضافية

في الحلقة الأخيرة من الحوار معه، يتحدث جمال مصطفى السلطان عن اعتقال عمّه صدام حسين، وسقوط «أمل المقاومة» ضد الأميركيين.

غسان شربل
المشرق العربي جمال مصطفى السلطان

صدام: عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلّفنا محاولة اغتياله

نقل جمال مصطفى السلطان، صهر صدام حسين وسكرتيره الثاني، عن الرئيس العراقي الراحل قوله في جلسة لمجلس الوزراء إن الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم «كان نزيهاً.

غسان شربل (لندن)
المشرق العربي أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)

«الاتحاد الوطني» يتحدث عن «توقعات متشائمة» بشأن حكومة كردستان

من المتوقع أن يدعو رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، خلال الأيام القليلة المقبلة، الكتل السياسية الفائزة، إلى عقد أول جلسة للبرلمان.

فاضل النشمي (بغداد)

سكان غزة يشعرون بالخوف بعد ظهور احتمال التوصل لاتفاق بين إسرائيل و«حزب الله»

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)
TT

سكان غزة يشعرون بالخوف بعد ظهور احتمال التوصل لاتفاق بين إسرائيل و«حزب الله»

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)

منبوذون بالعراء وخائفون يترقبون، هكذا يشعر الفلسطينيون في غزة، وهم أيضاً يخشون أن تصب إسرائيل كامل قوتها العسكرية على القطاع، بعد ظهور احتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني، دون بارقة في الأفق تبشر بالتوصل إلى اتفاق مماثل مع حركة «حماس» في القطاع.

وبدأ «حزب الله» المدعوم من إيران في إطلاق الصواريخ على إسرائيل تضامناً مع «حماس»، بعد أن هاجمت الحركة الفلسطينية إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما أدى إلى اندلاع حرب غزة.

وتصاعدت أعمال القتال في لبنان بشدة الشهرين الماضيين، مع تكثيف إسرائيل ضرباتها الجوية، وإرسالها قوات برية إلى جنوب لبنان، بينما واصل «حزب الله» إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

وإسرائيل مستعدة الآن فيما يبدو للموافقة على خطة أميركية لوقف إطلاق النار مع «حزب الله»، حين تجتمع حكومتها، اليوم (الثلاثاء). كما أعرب وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبد الله بو حبيب عن أمله في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بحلول ليل الثلاثاء.

وتنصب الجهود الدبلوماسية على لبنان، ولذا خاب أمل الفلسطينيين في المجتمع الدولي، بعد 14 شهراً من الصراع الذي دمر قطاع غزة، وأسفر عن مقتل أكثر من 44 ألف شخص.

وقال عبد الغني، وهو أب لخمسة أطفال اكتفى بذكر اسمه الأول: «هذا يُظهِر أن غزة يتيمة، من دون أي دعم ولا رحمة من قِبَل العالم الظالم»، مضيفاً: «أنا أشعر بالغضب تجاه العالم اللي فشل في أنه يعمل حل للمشكلة في المنطقتين سوا... يمكن أنه يكون في صفقة جاية لغزة، بقول يمكن».

وسيشكل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دون التوصل إلى اتفاق في غزة ضربة موجعة لـ«حماس» التي تشبث قادتها بأمل أن يؤدي توسع الحرب إلى لبنان إلى الضغط على إسرائيل، للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار. وكان «حزب الله» يصر على أنه لن يوافق على وقف إطلاق النار قبل انتهاء الحرب في غزة، ولكنه تخلى عن هذا الشرط.

وقال تامر البرعي، وهو رجل أعمال من مدينة غزة نزح عن منزله مثل أغلب سكان غزة: «إحنا خايفين؛ لأنه الجيش الآن راح يكون له مطلق الحرية في غزة، وسمعنا قيادات في الجيش الإسرائيلي بتقول إنه بعد استتباب الهدوء في لبنان، القوات الإسرائيلية راح يتم إعادتها لتواصل العمل في غزة».

وأضاف: «كان عِنَّا (لدينا) أمل كبير أنه (حزب الله) يظل صامداً حتى النهاية؛ لكن يبدو أنه ما قدروش، لبنان يتدمر والدولة بتنهار والقصف الإسرائيلي توسع لما بعد الضاحية الجنوبية».

وقد يترك الاتفاق مع لبنان بعض قادة «حزب الله» في مواقعهم، بعد أن اغتالت إسرائيل أمين عام الحزب حسن نصر الله وخليفته؛ لكن إسرائيل تعهدت بالقضاء التام على «حماس».

وقالت زكية رزق (56 عاماً) وهي أم لستة أطفال: «بيكفي، بيكفي، إحنا تعبنا، قديش كمان (كم أيضاً) لازم يموت لتوقف الحرب؟ الحرب في غزة لازم توقف، الناس عمالة بتنباد (تتعرض للإبادة) وبيتم تجويعهم وقصفهم كل يوم».