واشنطن تتطلع لتوسيع العلاقة مع العراق «360 درجة»

مسؤول أميركي: الشراكة الدفاعية محور أساسي في المشاورات... والوجود العسكري «محل نقاش»

رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يلتقي نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في ميونيخ بألمانيا (رويترز)
رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يلتقي نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في ميونيخ بألمانيا (رويترز)
TT

واشنطن تتطلع لتوسيع العلاقة مع العراق «360 درجة»

رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يلتقي نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في ميونيخ بألمانيا (رويترز)
رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يلتقي نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في ميونيخ بألمانيا (رويترز)

كشف مسؤول رفيع في إدارة الرئيس جو بايدن أن الشراكة الأمنية والدفاعية بين الولايات المتحدة والعراق ستكون «جزءاً مهماً» من جملة قضايا رئيسية في العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، خلال المحادثات التي يجريها المسؤولون الأميركيون في واشنطن الأسبوع المقبل مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي دعا إلى نقل هذه العلاقة إلى «مرحلة جديدة» من «التعاون المثمر» بين البلدين.

وكان المسؤول الأميركي الرفيع يقدم إحاطة للصحافيين في واشنطن العاصمة، طالباً عدم نشر اسمه، فأشار إلى الزيارة الأولى للسوداني بدءاً من الاثنين المقبل، والتي تستمر أسبوعاً يشهد فيه اجتماعات مع كل من الرئيس بايدن ووزيري الخارجية أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين.

وسيترأس رئيس الوزراء العراقي وفداً كبيراً يضم وزراء النفط والمال والتجارة والكهرباء بهدف مناقشة مجموعة واسعة من القضايا، ومنها زيادة أمن الطاقة واستقلالها، والإصلاحات المصرفية، وتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون في العراق.

وعدّ المسؤول الأميركي الرفيع أن «هذه فرصة كبيرة للحديث عن الاتجاه المستقبلي لعلاقتنا الثنائية والبناء على الشراكة الشاملة التي لدينا والتي لا نزال نرغب في تطويرها وتوسيعها بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي الأميركية - العراقية لعام 2008»، موضحاً أن المحادثات تشمل «فرص التبادل التعليمي»، بالإضافة إلى «التركيز على الطاقة والمياه والاستثمار التجاري للشركات الأميركية في العراق»، فضلاً عن «القطاع الخاص والإصلاحات المصرفية»، و«تطوير فرص الأعمال والاستثمار، وزيادة الشفافية التجارية والمالية»، والعمل على «المشاريع التي من شأنها تحسين الخدمات للشعب العراقي».

ودعا المسؤول إلى «توسيع تلك العلاقة لتكون 360 درجة»؛ أي شاملة، وأشار إلى اهتمام واشنطن بـ«الحفاظ على التراث الثقافي، والتخفيف من قضايا تغير المناخ، والقيام بمشاريع المياه». وقال: «نريد المساعدة في زيادة أمن الطاقة لنا وللعراقيين، وكذلك مساعدتهم في جهودهم الرامية إلى بناء استقلالهم في مجال الطاقة في المنطقة، وأن يكونوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم وعلى بلدهم ومواردهم للقيام بالمزيد من ذلك».

معدات عسكرية أميركية في قاعدة «عين الأسد» الجوية بمحافظة الأنبار العراقية (أرشيفية - رويترز)

الوجود العسكري

وعندما سُئل عن مستقبل الوجود العسكري الأميركي في العراق، أوضح أن الأمر لا يزال قيد النقاش، مرجحاً أنه سيؤدي إلى «حوار ثانٍ للتعاون الأمني المشترك في وقت لاحق من هذا العام».

وشدد المسؤول الأميركي الكبير على أهمية البعد الاقتصادي لزيارة السوداني، بما في ذلك تشجيع استثمارات القطاع الخاص في العراق. وأضاف أن اجتماعات ستُعقد مع مجلس الأعمال الأميركي - العراقي، متوقعاً أن «تكون هناك فرص لرجال الأعمال الأميركيين والعراقيين للالتقاء والتحدث عن الفرص التي شهدنا بالفعل زيادتها خلال العامين الماضيين». وتتضمن زيارة السوداني اجتماعاً للجنة التنسيق العليا الأميركية - العراقية.

ولفت إلى أن الزيارة ستركز على العلاقات الاقتصادية، حتى في الوقت الذي تجري فيه واشنطن وبغداد محادثات بشأن إنهاء التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق. وأكد أن العلاقات الدفاعية والأمنية ستكون «جزءاً مهماً» من المناقشات، علماً أن «هذا ليس محور الزيارة الأساسي... لكن من المؤكد أنه وارد». وأضاف أن الزيارة ستركز بدلاً من ذلك على الاقتصاد وقضايا منها التعليم والبيئة والدعم الأميركي للتنمية، دون أن يتطرق لتفاصيل.

اللواء جي بي فاول أثناء مغادرته مقر الحكومة العراقية في بغداد يوم 27 يناير 2024 (أ.ب)

«مرحلة جديدة»

وقبل أيام من الزيارة، نشرت مجلة «فورين بوليسي» مقالاً كتبه السوداني وأفاد فيه بأنه «يجب على حكومتي بغداد وواشنطن تجديد الشراكة الاستراتيجية»، والانتقال بها نحو «مرحلة جديدة» تدعم سيادة العراق واستقلاله، من دون التخلي عن «التعاون المثمر» بين البلدين. وذكّر بأنه «في نهاية يناير (كانون الثاني)، جرى تشكيل لجنة عسكرية رفيعة المستوى مؤلفة من كبار المسؤولين من الولايات المتحدة والعراق، لتقييم التهديد الذي يشكله تنظيم (داعش)، وقدرات قوات الأمن العراقية، والظروف العملياتية في كل أنحاء البلاد». وعدّ أن «هذا الجهد أدى إلى اتفاق كل الأطراف على إنهاء التحالف الدولي ضد (داعش) في العراق بشكل تدريجي ومنظم وفق جدول زمني متفق عليه»، مضيفاً أن «اللجنة العسكرية الرفيعة المستوى ستضع خريطة طريق للعلاقات المستقبلية»، مما سيسمح «بالانتقال إلى مرحلة جديدة من الشراكة».

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد لدى استقباله السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوفسكي (إكس)

سيطرة الدولة

وعدّ رئيس الوزراء العراقي أن العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق «تمثل عنصراً أساسياً للاستقرار في الشرق الأوسط». ورأى أنه «تدريجياً، ومع استعادة الأمن والاستقرار في البلاد، ستختفي الحاجة إلى السلاح الخارج عن سيطرة الدولة ومؤسساتها»، مؤكداً أن حكومته «تعمل على تحقيق هذا الهدف»، لكن «العراق لا يزال أمامه طريق طويلة مليئة بالتحديات». وشدد أيضاً على أنه «لا يمكن تحقيق النصر النهائي على الإرهاب من دون تنمية حقيقية، بما في ذلك ضمان مستوى لائق من الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الأساسية الأخرى. وهذا هو هدف البرنامج الذي أعدته حكومتي وهي عازمة على تنفيذه، وإجراء الإصلاحات الاقتصادية والمالية وتعزيز حقوق الإنسان وتمكين المرأة، فضلاً عن تعزيز مبادئ الحرية والديمقراطية بشكل عام».

«العراق أولاً»

ورأى أن «لدينا الفرصة لتحويل العلاقة بين العراق والولايات المتحدة من علاقة أحادية إلى علاقة شاملة»، داعياً إلى «تفعيل كل بنود اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة عام 2008» التي «تمتد إلى ما هو أبعد» من الشؤون الأمنية والعسكرية التي هيمنت على العلاقات، موضحاً أن الإطار الاستراتيجي «يتضمن شروط التعاون في قطاعات مثل الاقتصاد والطاقة والمناخ والزراعة والصناعة والتكنولوجيا والتعليم».

وأكد السوداني في مقاله على أن «مبدأ علاقات العراق الخارجية هو (العراق أولاً)»، مضيفاً أن «ذلك يعني أن نتعامل مع كل دولة على قدم المساواة، حتى لا يتحول العراق إلى ساحة لتصفية حسابات طرف ثالث». وختم بأنه يسعى إلى «استعادة دور العراق المركزي في الشرق الأوسط، مستفيدين من موقعنا الاستراتيجي، وأيضاً تعزيز فرصة العمل مع الولايات المتحدة لنزع فتيل الأزمات وتخفيف التوترات في المنطقة».


مقالات ذات صلة

ترميم مئذنة الموصل الشهيرة بعد تدميرها على يد تنظيم «داعش»

العالم العربي جامع النوري الكبير في الموصل المعروف بمئذنته المائلة (رويترز)

ترميم مئذنة الموصل الشهيرة بعد تدميرها على يد تنظيم «داعش»

تم تجديد جامع النوري الكبير في الموصل المعروف بمئذنته المائلة التي يعود تاريخها إلى ثمانية قرون بعدما دمرها مسلحو تنظيم داعش في عام 2017.

«الشرق الأوسط» (الموصل)
المشرق العربي عربة مدرعة تحرس عملية إعادة عراقيين من مخيم الهول شمال سوريا (أ.ب)

الأمن العراقي يدعو لإخلاء «الهول» السوري

دعا العراق إلى إخلاء مخيم الهول من السوريين والأجانب، بعد عودة 3 آلاف عراقي من المنتمين لتنظيم «داعش» وتسليمهم إلى القضاء تمهيداً لمحاكمتهم.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي شاب صغير يعانق مسناً بعد حصوله على موافقة لمغادرة مخيم الهول في الحسكة شمال شرقي سوريا الأحد الماضي (أ.ف.ب)

الإدارة الذاتية الكردية لإفراغ المخيمات من السوريين والعراقيين

تعمل الإدارة الذاتية الكردية على إفراغ مخيمات تشرف عليها في شمال شرقي سوريا من آلاف العائلات السورية والعراقية، بينهم أفراد من عائلات مقاتلي تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (القامشلي - لندن)
الولايات المتحدة​ دول عربية تواجه تداعيات إغلاق «الوكالة الأميركية للتنمية»

دول عربية تواجه تداعيات إغلاق «الوكالة الأميركية للتنمية»

أثار قرار إدارة الرئيس دونالد ترمب إعادة تقييم مشاريع المساعدات الأميركية، حالة من عدم اليقين بشأن التزام واشنطن على المدى الطويل فيما يتعلق بوكالات الإغاثة.

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي السوداني يلتقي رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد في سبتمبر الماضي (أرشيفية - رئاسة الوزراء العراقية)

دعوى قضائية تثير الجدل: رئيس العراق في مواجهة رئيس الوزراء

تعرض الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد لانتقادات واسعة بعد رفعه دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزيرة المالية طيف سامي.

حمزة مصطفى (بغداد)

سلام: هدفنا استعادة ثقة اللبنانيين بعد الأزمات المتتالية

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (إ.ب.أ)
TT

سلام: هدفنا استعادة ثقة اللبنانيين بعد الأزمات المتتالية

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (إ.ب.أ)

كشف رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام في مقابلة عبر «تلفزيون لبنان» عن أن هدف حكومته استعادة ثقة الشعب اللبناني بعد معاناته من أزمات متعددة.

وقال سلام: «الرسالة واضحة... نحن نريد استعادة ثقة المواطنين الذين عانوا كثيراً من الأزمات المتتالية... لم أنقطع يوماً عن لبنان وحياته السياسية وما دفعني للعودة اليوم هو أن هناك فرصة جديدة أمام البلد. نحن أمام فرصة جديدة ويجب ألا نفوتها كما حصل خلال السنوات الماضية»، لافتاً إلى أن «الحكومات الوطنية كانت تشل البلاد».

وأوضح سلام أنه تشاور مع الكتل السياسية وقال لهم إنّه يريد وزراء غير حزبيين وأن يتم قبولهم من الكتل «لأننا نريد نيل الثقة».

وأشار إلى أن «معيار التيار الوطني الحر لتمثيله، كان حجم كتلته النيابية، ونحن لم نكن نعتمد هذا المعيار، كما لا يوجد أي عرف يقول إن وزارة المالية للطائفة الشيعية، ومن الخطأ التكلم بـوزارات سيادية... فكل الوزارات سيادية بالنسبة لي».

وقال رئيس الوزراء الجديد: «هناك عدد من المنتمين إلى الطائفة الشّيعية يعد نفسه جريحاً لذلك علينا مراعاة ذلك، فالتغيير في وزارة المالية كان بمثابة انقضاض سياسيّ، ولكن هذا ليس عرفاً وليس من بنود الطائف».

وشدد على أن «الحكومة ستحصن نفسها بناء على ثقة المواطنين، هذه حكومة انتقالية لنبني دولة ومؤسسات».

وأكد سلام أيضاً على أن «البيان الوزاري سينص على تطبيق القرار 1701 ووقف إطلاق النار وإعادة الإعمار»، مشيراً إلى أن العمل جارٍ على «إنجاز الانسحاب الإسرائيلي في موعده بل قبل موعده، وسنضغط عبر الأطر الدبلوماسية على إسرائيل، ولبنان قام بدوره في تطبيق القرار 1701 وآلية المراقبة ولسنا مقصرين أبداً في التزاماتنا».