وزير الخارجية الإيراني بدمشق ضمن جولة لحشد الحلفاء

مصادر: الزيارة تأتي في ظل فتور بعلاقة طهران بدمشق

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان (يسار) ونظيره السوري فيصل مقداد والسفير الإيراني حسين أكبري خلال زيارة لموقع القنصلية الذي دمرته الضربات الجوية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان (يسار) ونظيره السوري فيصل مقداد والسفير الإيراني حسين أكبري خلال زيارة لموقع القنصلية الذي دمرته الضربات الجوية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية الإيراني بدمشق ضمن جولة لحشد الحلفاء

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان (يسار) ونظيره السوري فيصل مقداد والسفير الإيراني حسين أكبري خلال زيارة لموقع القنصلية الذي دمرته الضربات الجوية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان (يسار) ونظيره السوري فيصل مقداد والسفير الإيراني حسين أكبري خلال زيارة لموقع القنصلية الذي دمرته الضربات الجوية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

في ظل التصعيد وحالة الترقب للرد الإيراني المحتمل على إسرائيل بعد الضربة الموجعة التي تلقتها طهران بمقتل محمد رضا زاهدي قائد الحرس الثوري في سوريا ولبنان، وعدد من المستشارين البارزين في استهداف القنصلية الإيرانية بدمشق مطلع أبريل (نيسان) الحالي، وصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى دمشق، اليوم، في ثاني محطة من جولته الإقليمية التي بدأها بسلطنة عمان.

الوزير الإيراني استهل زيارته الرسمية إلى دمشق بلقاء نظيره السوري فيصل المقداد، عقد في مقر وزارة الخارجية السوري، تلا ذلك لقاء مع الرئيس السوري بعد ظهر الاثنين. وقالت وكالة «مهر» الإيرانية، إن الجانبين تبادلا خلال اللقاء «وجهات النظر بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك»، والتركيز على «تطوير التعاون الشامل بين الجانبين، خصوصاً زيادة التفاعلات التجارية، كما بحثا أهم القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك أحدث التطورات في غزة وما يتعلق باعتداء الكيان الصهيوني على القنصلية الإيرانية».

الموقع الجديد للقنصلية الإيرانية في دمشق (وكالة مهر)

وتضمن برنامج زيارة الوزير الإيراني افتتاح مقر جديد للقسم القنصلي للسفارة الإيرانية، في حي المزة قريباً من موقع القنصلية الذي دمر بالاستهداف الإسرائيلي، وقتل فيه قادة بالحرس الثوري الإيراني؛ هم محمد رضا زاهدي ومحمد هادي حاجي رحيمي، و5 مستشارين وضباط هم: حسين أمير الله، وسيد مهدي جلالتي، ومحسن صداقت، وعلي آغا بابائي، وسيد علي صالحي روزبهاني.

مصادر متابعة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة حسين أمير عبداللهيان في دمشق، تأتي في ظل فتور بالعلاقة بين طهران ودمشق، بعد سلسلة الاستهدافات الإسرائيلية لقادة إيرانيين في سوريا، في ظل شكوك بخروقات أمنية أو «تقصير» في الجانب السوري، وأنباء حول فتح إيران تحقيقاً في استهداف القنصلية بمعزل عن الجانب السوري، حيث لم تعد سوريا مكاناً آمناً للإيرانيين بعد أكثر من 13 عاماً من الهيمنة الإيرانية عليها.

من جانب آخر، لفتت المصادر إلى أن الجولة الإقليمية للوزير الإيراني تهدف أيضاً إلى تحشيد القوى التابعة لها على الأراضي السورية، في رسالة إلى إسرائيل باحتمال استخدام إيران أذرعها المسلحة بسوريا ولبنان والعراق واليمن لضرب أهداف إسرائيلية.

وفي هذا الإطار توقفت المصادر عند لقاء عبداللهيان في سلطنة عمان مع ممثل الحوثيين محمد عبد السلام، وتأكيده «مواصلة استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل، حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بغزة»، وما سبق ذلك من استعراض قوة في «يوم القدس»، أبرزها العرض العسكري للفصائل الفلسطينية الموجودة بسوريا، في مخيم اليرموك بدمشق يوم الجمعة الماضي. كما رأت المصادر أن فتح قسم قنصلي جديد وتحشيد الميليشيات الحليفة يأتيان في إطار «التوعد» الإيراني بالرد على إسرائيل.

وكان لافتاً توعد عبداللهيان عشية وصوله إلى دمشق، «المعتدين»، وقال إن بلاده ستقوم بمحاسبتهم ومعاقبتهم، بالإضافة إلى الإجراءات القانونية والدولية، وأضاف في تصريحات له بسلطنة عمان، أن «الاعتداء الإرهابي الذي قام به الكيان الصهيوني على المبنى الدبلوماسي الإيراني في دمشق كان باستخدام طائرات وصواريخ أميركية الصنع»، وفي مؤتمر صحافي مع نظيره العماني، بدر بن حمد البوسعيدي، الأحد، أكد عبداللهيان أن «الاعتداء الإسرائيلي فتح صفحة جديدة من إثارة الحروب وتوسيع نطاق الحرب في المنطقة».

وفي وقت سابق، صرح المستشار الأعلى للمرشد الإيراني يحيى صفوي، بأنّ جميع السفارات الإسرائيلية لم تعد آمنة، متوعداً إسرائيل بـ«صفعة» تجعلها تندم على فعلتها، وقال إن «جبهة المقاومة مستعدة، وعلينا أن ننتظر لنرى ما سيحدث»، حسب وكالة «تسنيم» الإيرانية.


مقالات ذات صلة

الجيش الإيراني يتوعد إسرائيل برد «مدمر» على أي هجوم

شؤون إقليمية امرأة إيرانية ترفع علامة النصر أثناء مرورها بجانب أعلام إيران ولبنان و«حزب الله» في أحد شوارع طهران اليوم (إ.ب.أ)

الجيش الإيراني يتوعد إسرائيل برد «مدمر» على أي هجوم

قال محمد رضا عارف نائب الرئيس الإيراني إن التهديدات «لن تدفع إيران للوراء»، وقلل من تأثير غياب حسن نصر الله على تغيير نهج إيران وجماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
خاص سليماني وقاآني في صورة نادرة منشورة على ملصق في معرض تابع لمكتب المرشد الإيراني

خاص إسماعيل قاآني... «رجل الظل» الذي أخفق في ملء فراغ سليماني

يواجه إسماعيل قاآني الذي تولى قيادة «فيلق القدس» بعد مقتل قاسم سليماني تحديات كبيرة في ملء الفراغ الذي خلفه سلفه، مما يعكس صعوبة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية.

عادل السالمي (لندن)
العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء يبدون تضامنهم مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

زعيم الحوثيين يسوّق نفسه خليفة لنصر الله

استغلّ زعيم الحوثيين باليمن عبد الملك الحوثي، مقتل حسن نصر الله زعيم «حزب الله» اللبناني، ليقدّم نفسه خليفة له بخصوص الحديث عن مواقف ما يُسمّى «محور المقاومة».

محمد ناصر (تعز)
شؤون إقليمية قاآني يستمع إلى مسجدي على هامش مراسم أربعين محمد هادي حاجي رحيمي الذي قضى بضربة جوية إسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق (إرنا)

«فيلق القدس» الإيراني: قاآني بصحة جيدة

قال إيرج مسجدي، نائب قائد «فيلق القدس» الإيراني، اليوم الاثنين، إن قائده مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» إسماعيل قاآني بصحة جيدة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية قاآني في المكتب التمثيلي لـ«حزب الله» مع مبعوث الحزب عبد الله صفي الدين في طهران (التلفزيون الرسمي)

نائب إيراني ينفي إصابة قاآني وسط صمت «الحرس الثوري»

قال نائب إيراني إن مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» إسماعيل قاآني «بصحة جيدة»، في وقت غاب القيادي من أحدث لقاءات المرشد علي خامنئي مع القادة العسكريين.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

أزمة النزوح تثير مخاوف وتوترات بين اللبنانيين

نازحون ينامون على الأرض في بيروت (أ.ف.ب)
نازحون ينامون على الأرض في بيروت (أ.ف.ب)
TT

أزمة النزوح تثير مخاوف وتوترات بين اللبنانيين

نازحون ينامون على الأرض في بيروت (أ.ف.ب)
نازحون ينامون على الأرض في بيروت (أ.ف.ب)

على وقع القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية، تدفّق عشرات الآلاف من سكان المنطقة إلى بيروت وضواحيها، ما يثير حساسيات وارتياباً وتوترات في بعض المناطق، في بلد لطالما عانى من المشاحنات والانقسامات الطائفية والسياسية.

وتروي شابة تدعى كريستينا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن عائلتها استقبلت أسرة نازحة في منزلها في بيروت، لكنها سرعان ما أُرغمت على مطالبة العائلة الشيعية القادمة من الضاحية الجنوبية بالرحيل، بعدما عبّر جيرانها عن ذعر وخشية من أنّ تضم الأسرة عناصر في «حزب الله» قد تستهدفهم إسرائيل.

وتقول الشابة (30 عاماً)، التي فضّلت عدم إعطاء اسمها كاملاً بسبب حساسية المسألة: «اكتشف جيراننا أننا نستضيف أشخاصاً من الضاحية، وشعروا بالذعر وبدأوا في طرح أسئلة».

وتضيف: «هناك توتر وارتياب متزايد تجاه النازحين المنتمين إلى الطائفة التي ينتمي إليها عناصر (حزب الله)».

وفي حين يتمتع «حزب الله»، وهو التنظيم الوحيد الذي لم يسلّم سلاحه بعد الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990)، بدعم كبير في صفوف الطائفة الشيعية، يحمّله عدد كبير من اللبنانيين مسؤولية إدخال البلاد في حرب مع إسرائيل لا يريدونها.

وبعد عام من فتحه ما سماه «جبهة إسناد» لقطاع غزة من لبنان ضد إسرائيل؛ دعماً لحركة «حماس» التي تخوض حرباً مع الدولة العبرية، تحوّلت المناوشات الحدودية إلى حرب مفتوحة منذ 23 سبتمبر (أيلول)، مع تكثيف إسرائيل قصفها على مناطق تعتبر معاقل للحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية. لكنها أيضاً تستهدف أماكن في مناطق غير محسوبة على الحزب مثل منطقة عاليه في الجبل والشمال والوسط.

وتقول إسرائيل إن كل استهدافاتها هي لمستودعات أسلحة أو قياديين أو بنى تحتية أو منشآت للحزب الشيعي.

وأدّى القصف منذ 23 أكتوبر (تشرين الأول) إلى مقتل أكثر 1100 شخص، بحسب أرقام رسمية، ونزوح أكثر من مليون شخص.

أطفال نازحون بمراكز إيواء في مدينة بيروت (رويترز)

«رجال ملتحون»

وافترش عدد كبير من النازحين الطرق في عدد من شوارع بيروت، أو تكدّسوا داخل مدارس تحوّلت إلى مراكز إيواء. أما الأكثر حظاً، فتمكنوا من استئجار منازل أو الاحتماء عند أقارب لهم.

وخلال الأسبوعين الماضيين، باتت بيروت أكثر اكتظاظاً، وزحمة السير فيها خانقة أكثر من العادة، وكل ذلك يثير قلق كثيرين.

وتقول سهير (58 عاماً)، وهي ربة منزل، إنّ الذعر انتاب جيرانها بعدما انتقلت إلى مبنى سكنهم عائلة شيعية ترتدي نساؤها العباءة الشرعية السوداء.

وتروي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنها تلقت اتصالاً هاتفياً من جارة مذعورة نازحة، بدورها قالت لها: «لم نهرب من الجنوب لنموت هنا».

وتقول إنّ ليس للأسرة انتماء سياسي، بل «هم مجرد أناس متدينين».

وتضيف: «أصبحنا نرى بشكل متزايد نساء يرتدين العباءة السوداء، ورجالاً ملتحين وشباباً يرتدون الأسود، وهو اللباس المعتاد لعناصر (حزب الله)»، وهذا «مشهد لم نعتد رؤيته» في وسط بيروت.

«ريبة»

وتتحدّث المرأة عن جوّ عام من الريبة بين السكان، مشيرة إلى أنها باتت تشعر به هي أيضاً. فعندما ذهبت لتناول القهوة في منزل صديقتها، اكتشفت أن هذه الأخيرة تستضيف نازحين، من بينهم رجال ملتحون. فقطعت زيارتها لأنها كانت قلقة من أنهم قد يكونون أعضاء في «حزب الله».

وتتابع: «ينظر الناس إلى بعضهم البعض بريبة في الشوارع. إنهم خائفون من بعضهم البعض».

ولا يقتصر هذا التوتر على بيروت، إذ امتد أيضاً إلى مجتمعات خارج العاصمة في بلد لا يتجاوز عدد سكانه الستة ملايين نسمة، بينهم نحو مليون ونصف المليون لاجئ، ولم تندمل فيه جروح الحرب الأهلية تماماً بعد.

سيدة لبنانية نزحت من الضاحية الجنوبية تنام على الأرض قرب خيمة خلفها مبانٍ فارهة في بيروت (د.ب.أ)

ويقول عماد (68 عاماً) الذي يعيش في قرية درزية في جبل لبنان: «اعتاد الناس تأجير المنازل لأي شخص، لكنهم الآن يتوخّون الحذر الشديد».

وفي قرية مسيحية قريبة من بيروت، يقول إيلي (30 عاماً) إن أحداً لم يؤجر شققاً لنازحين في القرية.

ويضيف: «الناس خائفون لأننا لا نعرف من منهم، وإذا كانوا أعضاء في (حزب الله)».

ويتابع: «يخشون أيضاً أن يبقى النازحون عندهم بشكل دائم أو شبه دائم؛ لأن العديد من منازلهم دمرت».

استيلاء على المنازل

في بيروت، اقتحم بعض النازحين مباني فارغة بحثاً عن مكان للنوم، ما أعاد إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية التي قتل فيها أكثر من 150 ألف شخص، وانتشرت خلالها على نطاق واسع عادة «مصادرة المنازل» الفارغة من أصحابها.

وأعلنت قوى الأمن الداخلي، في بيان الأسبوع الماضي، أن «عدداً صغيراً جداً» من النازحين «احتلوا ممتلكات خاصة»، مضيفة أنها «تعمل على إخراجهم» بعد «تأمين سكن بديل لهم».

ويقول رجل الأعمال رياض (60 عاماً)، الذي يعيش في الخارج، إن شقيقة زوجته انتقلت إلى شقته منعاً لدخول أي غريب.

ويقول: «شهدنا هذا في السبعينات والثمانينات»، عندما كانت مجموعات مسلحة تستولي على الشقق وتعطيها لعائلة نازحة.

وقال: «استغرق الأمر من بعض الناس عقداً من الزمن قبل استعادة منزلهم. لهذا السبب يشعر الناس بالذعر». وتابع: «حدث ذلك من قبل وسيحدث مرة أخرى».