بارزاني في بغداد لتجنب «خسارة سياسية» بعد مقاطعة الانتخابات

مستشار كردي يتحدث عن «مساحة ضيقة» لنجاح اجتماع «إدارة الدولة» الحاكم

السوداني متوسطاً مسعود بارزاني (يسار) ونيجرفان بارزاني (أ.ف.ب)
السوداني متوسطاً مسعود بارزاني (يسار) ونيجرفان بارزاني (أ.ف.ب)
TT

بارزاني في بغداد لتجنب «خسارة سياسية» بعد مقاطعة الانتخابات

السوداني متوسطاً مسعود بارزاني (يسار) ونيجرفان بارزاني (أ.ف.ب)
السوداني متوسطاً مسعود بارزاني (يسار) ونيجرفان بارزاني (أ.ف.ب)

جدول مزدحم لرئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني في بغداد، السبت، شمل لقاءات مع رئيسي الجمهورية عبد اللطيف رشيد، والوزراء محمد شياع السوداني، وحضور اجتماع حاسم مع قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، وائتلاف «إدارة الدولة» الذي يقود الحكومة ويشارك فيه «الحزب الديمقراطي الكردستاني».

جاءت زيارة الزعيم الكردي في غمرة التوتر الذي تشهده العلاقات بين بغداد وأربيل، على خلفية قرار المحكمة الاتحادية إلغاء «كوتا» الأقليات في انتخابات برلمان الإقليم والخلاف حول أموال الموازنة ومرتبات موظفي الإقليم، وهي أسباب بمجملها دفعت قيادة «الحزب الديمقراطي الكردستاني» إلى إعلان تعليقه المشاركة في انتخابات الإقليم المحلية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل.

وذكر بيان صادر عن رئاسة الإقليم أن زيارة تهدف إلى «بحث حل مشاكل أربيل وبغداد، والأوضاع السياسية للعراق وإقليم كردستان».

وتحدث البيان عن «مناقشة الاتفاقات السياسية والملفات العالقة بين بغداد وكردستان».

رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني (أرشيفية - أ.ب)

ولا يُعلم على وجه الدقة طبيعة الاتفاقات بين بغداد وقواها السياسية النافذة وخاصة قوى «الإطار الشيعي»، وأربيل ممثلة بزعامات «الحزب الديمقراطي الكردستاني».

وغالباً ما تتم هذه الاتفاقات داخل الأقبية السرية للأحزاب، وفي الفترة التي تعقب إجراء الانتخابات العامة وترتبط بأهداف تلك القوى السياسية لتشكيل الحكومة واختيار رئاسة الوزراء.

وتشتكي أربيل من أن القوى السياسية في بغداد لا تلتزم بالاتفاق المبرَم قبل تشكيل الحكومة، وسرعان ما تنقلب عليه بعد ذلك، وذلك ما حدث بعد انضواء «الحزب الديمقراطي» ضمن تحالف «إدارة الدولة» الذي صوَّت لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

ومن بين أبرز الشكاوى الكردية تلك المتعلقة بمشكلة أموال الإقليم المخصصة في الموازنة العامة، ومن ثم جاءت لاحقاً الشكوى من قرارات المحكمة الاتحادية ضده، خصوصاً المتعلقة بقرار إلغاء قانون النفط والغاز في الإقليم وإلغاء كوتا «الأقليات».

وأعلن رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، الأربعاء الماضي، التوصل إلى «حلّ مناسب لمسألة تخصيص رواتب الموظفين والمتقاضين في إقليم كردستان، وذلك بعد مساعٍ حثيثة وجهود مكثفة بذلها الفريق الحكومي في الإقليم بالتعاون الوثيق مع فريق رئيس وزراء الحكومة الاتحادية».

ولا يتوقع المراقبون كثيراً من النتائج الإيجابية التي ستعود بها زيارة رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني إلى بغداد، فيما تشير مصادر متطابقة من داخل «الإطار التنسيقي» وأخرى كردية، إلى أن دوافع الزيارة ربما تأتي في سياق «تلافي الخسائر السياسية ما أمكن على أربيل والحزب الديمقراطي».

وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحزب الديمقراطي» ربما يشعر بخطورة أن تمضي انتخابات الإقليم بعيداً عنه، خصوصاً بعد إعلان تعليق مشاركته، ولم يقدم لائحة مرشحيه إلى مفوضية الانتخابات».

بارزاني خلال حضوره «حفل تأبين» محمد باقر الحكيم في بغداد في يناير 2024 (منصة إكس)

مرونة شيعية

وتشير المصادر إلى أن اجتماعاً لقوى «الإطار التنسيقي» عُقِد في وقت سابق بمنزل زعيم ائتلاف «دولة القانون»، نوري المالكي، خُصِّص لمناقشة انتخابات إقليم كردستان والمواقف الأخيرة لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» من المشاركة في الانتخابات ومن قرارات المحكمة الاتحادية العليا.

وتؤكد الصادر أن «الإطار التنسيقي» جددت خلال الاجتماع «دعمها للمحكمة الاتحادية والالتزام بجميع قراراتها»، كما أكدت على أن هذه القوى تشدد على إجراء انتخابات برلمان الإقليم في موعدها المحدد حتى مع عدم مشاركة الحزب الديمقراطي.

لكن المصادر تعود وترجح «موقفاً مرناً» من قوى «الإطار التنسيقي» حيال زيارة نيجيرفان بارزاني، ذلك أن «خروج الحزب الديمقراطي الكردستاني من حلبة التنافس الانتخابي سيحدث شرخاً عميقاً داخل الإقليم وفي العراق عموماً، مع هيمنة الحزب على حكومة الإقليم وأصوات محافظتي أربيل ودهوك».

ويتحدث كفاح محمود، المستشار الإعلامي لزعيم «الحزب الديمقراطي»، مسعود بارزاني، بشيء من «الحذر» عن نتائج زيارة بارزاني وانعكاساتها المحتملة على أربيل والإقليم بشكل عام.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «إذا ما اعتمدنا على الاتفاقات السابقة ومدى تنفيذها، فإن المساحة ضيقة، خاصة أن استخدام المحكمة الاتحادية وسيلة للضغط على الإقليم وخرق الدستور تطور خطير، ويجب معالجته بحرص عالٍ، لأن تأثيراته عميقة وخطيرة على المصالح العليا للبلاد ونظامها الديمقراطي والفيدرالي».

تخفيف الضغوط

رغم ذلك، يعتقد محمود أن «حنكة السيد نيجيرفان بارزاني تشيع الأمل في التوصل إلى اتفاق يخفف الضغوط على الإقليم ويحافظ على وحدة الصف واستمرار الحكومة الاتحادية بتنفيذ برامجها التي اتفقنا عليها واختلفوا معنا في تطبيقها».

ويتوقع محمود أن يبحث الزعيم الكردي «الأوضاع السياسية للعراق وإقليم كردستان، ومجموعة مسائل أخرى، في مقدمتها قرارات المحكمة الاتحادية وانتخابات الإقليم والضغوط التي يتعرض لها الحزب الديمقراطي داخلياً وخارجياً، ومجمل الاتفاقيات التي وُقّعت مع (الإطار التنسيقي) ولم تُنفَّذ لحد الآن».

وتوقع بدوره، عضو «الديمقراطي الكردستاني» إدريس شعبان، في تصريحات صحافية، أن يبحث بارزاني خلال زيارته لبغداد «الحل النهائي لأزمة الرواتب بين بغداد وأربيل وتثبيت عملية إرسال المبالغ وإطلاقها مع رواتب باقي المحافظات العراقية، إلى جانب البحث عن مخرج وآلية لقضية استئناف تصدير نفط الإقليم بعد مرور عام كامل على وقف التصدير».


مقالات ذات صلة

ثابت العباسي: الجيش جاهز ويواصل حماية حدود العراق وسمائه من أي خطر

المشرق العربي وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي خلال تفقده الحدود العراقية السورية 15 نوفمبر 2024 (قناته على تطبيق «تلغرام»)

ثابت العباسي: الجيش جاهز ويواصل حماية حدود العراق وسمائه من أي خطر

قال وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، إن الجيش بكافة تشكيلاته جاهز، ويواصل مهامه لحماية حدود العراق وسمائه من أي خطر.

المشرق العربي مهاجرون يعبرون بحر المانش (القنال الإنجليزي) على متن قارب (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 00:32

العراق وبريطانيا يوقعان اتفاقاً أمنياً لاستهداف عصابات تهريب البشر

قالت بريطانيا، الخميس، إنها وقعت اتفاقاً أمنياً مع العراق لاستهداف عصابات تهريب البشر، وتعزيز التعاون على الحدود.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تحالف «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاته في بغداد (إكس)

العراق: أحكام غيابية بالسجن لمتهمين في «سرقة القرن»

عاد ملف «سرقة القرن» إلى الواجهة بالعراق، بعد صدور أحكام غيابية بالسجن بحق متهمين فيها، بينما يتصاعد الجدل حول تسريبات صوتية منسوبة لمسؤولين بالحكومة.

المشرق العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

العراق يرحب بوقف النار في لبنان ويتأهب لهجمات محتملة

في وقت رحبت فيه الحكومة العراقية بقرار وقف إطلاق النار في لبنان، أعلنت أنها «في حالة تأهب قصوى»؛ لمواجهة «أي تهديد خارجي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

تسير حكومة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، منذ أشهر في خط متقاطع مع الفصائل المسلحة المنخرطة في «وحدة الساحات».

فاضل النشمي (بغداد)

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

ذكرت قناة «تلفزيون الجديد»، اليوم الجمعة، أن طائرة مسيّرة إسرائيلية أطلقت صاروخين على منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان. ولم يذكر التلفزيون تفاصيل أخرى عن القصف.

كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق من اليوم قصف منصة صاروخية متحركة تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ، فجر يوم الأربعاء الماضي بالتوقيت المحلي، بهدف إنهاء أحدث صراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» بعد نحو عام من تبادل إطلاق النار بين الجانبين.

وتشهد الهدنة بعض الخروق؛ إذ اتهم الجيش اللبناني الذي أعلن البدء بالانتشار في الجنوب، إسرائيل، الخميس، بـ«خرق» اتفاق وقف إطلاق النار «مرات عدة» خلال يومين.

وقال الجيش اللبناني في بيان: «بتاريخَي 27 و28 - 11 - 2024، بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، أقدم العدو الإسرائيلي على خرق الاتفاق عدة مرات، من خلال الخروق الجوية، واستهداف الأراضي اللبنانية بأسلحة مختلفة».

بدورها، قالت جينين هينيس - بلاسخارت، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان، اليوم (الجمعة)، إن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي التي احتلها في جنوب لبنان وتعزيز انتشار الجيش اللبناني في هذه المناطق، لا يمكن أن تتم «بين ليلة وضحاها».