بارزاني يشكك بدستورية «الاتحادية» ويتهم أطرافاً بالسعي لـ«إضعاف» كردستان

خلال لقائه السفيرة الأميركية في العراق

الزعيم الكردي مسعود بارزاني (الحزب الديمقراطي الكردستاني)
الزعيم الكردي مسعود بارزاني (الحزب الديمقراطي الكردستاني)
TT

بارزاني يشكك بدستورية «الاتحادية» ويتهم أطرافاً بالسعي لـ«إضعاف» كردستان

الزعيم الكردي مسعود بارزاني (الحزب الديمقراطي الكردستاني)
الزعيم الكردي مسعود بارزاني (الحزب الديمقراطي الكردستاني)

جدد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، تأكيده على «عدم دستورية» المحكمة الاتحادية، واتهم أطرافاً سياسية في بغداد بممارسة «سياسة عزل» لإقليم كردستان في مسعى لـ«إضعافه».

جاء ذلك خلال استقباله بمكتبه في أربيل، السفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي، التي تزور الإقليم هذه الأيام، وتجري حوارات متعددة مع القيادات السياسية هناك، ويدور معظمها حول المشكلات القائمة بين بغداد وأربيل، وإعلان الحزب الديمقراطي الكردستاني في وقت سابق تعليق مشاركته في الانتخابات المحلية المقررة في يونيو (حزيران).

وطبقاً لبيان صادر، قدم بارزاني شكره للولايات المتحدة على اهتمامها وصداقتها، وأشار إلى أن «الحزب الديمقراطي»، «يدعم الانتخابات دائماً، لكن الأحزاب الأخرى تعرقل الانتخابات منذ عامين، والآن وبدعم خارجي يفرضون من خلال مؤسسة غير دستورية (المحكمة الاتحادية) شكلاً لآلية الانتخابات بعيداً عن المبادئ الدستورية».

وأعلن «الديمقراطي»، في وقت سابق، تعليق مشاركته في انتخابات برلمان الإقليم احتجاجاً على قرار المحكمة الاتحادية إلغاء «كوتا» الأقليات البالغة 10 مقاعد في كردستان، ويواصل قادة «الحزب الديمقراطي»، منذ أشهر طويلة، انتقاداتهم اللاذعة ضد المحكمة الاتحادية، ويتهمونها بـ«الخضوع لأجندة أحزاب شيعية نافذة» تعمل ضد الأسس الدستورية التي تشكل الإقليم بضوئها، ويعد قرار المحكمة بإبطال قانون النفط والغاز في الإقليم من بين أكثر القرارات التي أثارت حفيظة أربيل، إلى جانب قرارها إلغاء مفوضية الانتخابات في الإقليم وإبطال «كوتا» الأقليات.

ووجه بارزاني اتهامات لأحزاب لم يسمها، لكنها لا تخرج عن نطاق القوى الشيعية النافذة في بغداد بـ«التلاعب سياسياً بميزانية وقوت الشعب الكردستاني، من أجل إضعاف كيان الإقليم، ويتم ممارسة حرب تجويع الشعب الكردستاني لإزعاجه، ويتم منذ فترة طويلة ممارسة سياسة عزل إقليم كردستان وإضعافه، ويتم الآن استخدام المحكمة الاتحادية كسلاح لمواصلة هذه السياسة».

وحول قرار تعليق مشاركة «الحزب الديمقراطي» بالانتخابات، أكد أن حزبه «يؤيد إجراء الانتخابات، لكنه يؤيد كذلك أن تكون الانتخابات شفافةً ومعبرةً عن إرادة الشعب الكردستاني، وخاليةً من التدخلات الخارجية وفرض الأساليب غير القانونية حتى يتمكنوا من تحديد النتائج قبل إجراء الانتخابات بما يخدم مصلحتهم».

وتعليقاً على إلغاء «كوتا» الأقليات، قال: «لا يمكن إجراء الانتخابات دون مشاركة المكونات، ولا يمكن تشكيل برلمان دون ممثلي هذه المكونات».

وأشار إلى أن «مشاكل إقليم كردستان ليست الانتخابات فقط، بل أيضاً قطع الرواتب والهجوم على الإقليم وانتهاج السياسة الخاطئة ضده، وإذا كانت جميع الأطراف تريد مشاركة (الحزب الديمقراطي) في الانتخابات، فعليها أن تأخذ بعين الاعتبار ملاحظات الحزب لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة تخدم الاستقرار والعملية الديمقراطية».

ودعا المجتمع الدولي والأحزاب السياسية العراقية إلى «دعم انتخابات نزيهة وشفافة وقانونية وخالية من أي تدخل».

ونقل البيان عن السفيرة رومانسكي، قولها، إن «واشنطن تتفهم مخاوف (الحزب الديمقراطي)».

وأشارت إلى أن «الولايات المتحدة تريد أن يكون إقليم كردستان قوياً ومستقراً، وأن يواصل الحوار مع الأطراف الأخرى للتوصل إلى حل».

وكانت رومانسكي عبرت في 18 مارس (آذار) الماضي عن قلقها إزاء إعلان الحزب الديمقراطي الكردستاني مقاطعة انتخابات إقليم كردستان العراق. وحثت الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان على «ضمان أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة وشفافة وذات مصداقية. يجب أن يكون لجميع مواطني إقليم كردستان العراق صوت في تحديد مستقبلهم».

وتعليقاً على زيارة السفيرة الأمريكية إلى كردستان ولقائها بارزاني وبقية المسؤولين هناك، وتأثير ذلك على ردم الهوة بين بغداد وأربيل، قال كفاح محمود المستشار الإعلامي لمسعود بارزاني لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن الولايات المتحدة مهتمة جداً بالأوضاع في العراق عامة، والإقليم بشكل خاص، ويهمها أن يكون الإقليم قوياً ومستقراً وعلاقته جيدة مع الحكومة الاتحادية».

وأضاف أن «السفيرة تتابع بشكل مباشر قضية الانتخابات الكردستانية من خلال تواصلها مع مراكز القرار السياسي والحكومي في الاقليم، وقد قدرت ملاحظات الرئيس مسعود بارزاني حول الضغوطات والخروقات التي يتعرض لها الإقليم».

ويؤكد محمود أن «العديد من المراقبين يعتقدون أن إجراء الانتخابات في هكذا أجواء لن تكون موفقة، وربما ستعقد المشهد السياسي أكثر وتسيء إلى العلاقات القلقة بين بغداد وأربيل، خصوصاً وأن اتهامات جدية وصريحة برفض قرارات المحكمة الاتحادية الأخيرة التي تراها القيادة الكردية معادية، وتستهدف النظام الفيدرالي والديمقراطي في البلاد».

وحول إمكانية تراجع «الحزب الديمقراطي» عن قرار المقاطعة، يعتقد محمود أنه لن يتراجع، خصوصاً وأن «الحزب لم يقدم مرشحيه للانتخابات حتى يوم (الأحد)، وهو آخر يوم لتقديم المرشحين، وهذا يؤكد أنه لم يغير موقفه».

ويرى محمود أن تأجيل موعد الانتخابات المقرر في يونيو (حزيران) المقبل «سيكون خياراً مقبولاً لإفساح المجال أمام جهود حلحلة العقد وتهيئة بيئة صالح لإجراء انتخابات مقبولة من الجميع، ولا تخضع لأطراف عراقية أو أجنبية لا يهمها مصالح الإقليم وكيانه الدستوري».


مقالات ذات صلة

تفاهم أميركي - كردي على الإسراع بتصدير نفط كردستان

المشرق العربي رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (إعلام حكومي)

تفاهم أميركي - كردي على الإسراع بتصدير نفط كردستان

حثّ مستشار الأمن القومي الأميركي، مايكل والتز، إقليم كردستان على الإسراع بتشكيل الحكومة واستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية الآلاف خرجوا في مدن جنوب جنوب شرقي تركيا ابتهاجاً بدعوة أوجلان في 27 فبراير الماضي لحل حزب العمال الكردستاني (رويترز)

قيادي في «العمال الكردستاني»: عقد مؤتمر لحل الحزب في ظل التصعيد التركي «مستحيل»

أعلن قيادي كبير في حزب العمال الكردستاني استحالة عقد مؤتمره العام لإعلان حلّ نفسه وإلقاء أسلحته، استجابة لدعوة زعيمه عبد الله أوجلان في ظل استمرار القصف التركي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي يواجه العراق نقصاً في موارد الطاقة اللازمة لتوليد الكهرباء (أ.ف.ب)

أحزاب عراقية تستعيد جدل التقسيم والأقاليم

استعادت أحزاب عراقية جدلاً قديماً حول تشكيل أقاليم على أساس المكونات والطوائف، وتقسيم موارد المياه والنفط.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عناصر من «قسد» في القامشلي (د.ب.أ)

بغداد تتوقع «تنسيقاً أكبر» مع دمشق بعد اتفاق «قسد»

أبدى مسؤولون عراقيون ارتياحهم للاتفاق المبرم بين الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد قوات «قسد» الجنرال مظلوم عبدي.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (أ.ف.ب) play-circle

رئيس كردستان العراق يرحب باتفاق «قسد» والشرع

رحب رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، اليوم (الثلاثاء)، بالاتفاق المبرم بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والرئيس السوري أحمد الشرع.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

غارات واشنطن تجبر الحوثيين على التخفي وإعادة التموضع

ألسنة لهب ودخان تتصاعد من موقع في صنعاء إثر غارة أميركية (أ.ف.ب)
ألسنة لهب ودخان تتصاعد من موقع في صنعاء إثر غارة أميركية (أ.ف.ب)
TT

غارات واشنطن تجبر الحوثيين على التخفي وإعادة التموضع

ألسنة لهب ودخان تتصاعد من موقع في صنعاء إثر غارة أميركية (أ.ف.ب)
ألسنة لهب ودخان تتصاعد من موقع في صنعاء إثر غارة أميركية (أ.ف.ب)

للأسبوع الثاني على التوالي، تواصل المقاتلات الأميركية شن ضرباتها الجوية على مواقع للحوثيين في اليمن، مستهدفة بشكل مكثف محافظة صعدة؛ المعقل الأبرز للجماعة، وسط تقارير عن عمليات إعادة تموضع للقيادات الحوثية ونقل معدات عسكرية إلى مواقع أعلى تحصيناً.

ووفق مصادر يمنية مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن واشنطن باتت تركز هجماتها على المواقع التي يُعتقد أن عبد الملك الحوثي، زعيم الجماعة، يختبئ فيها، إلى جانب مستودعات الأسلحة ومراكز القيادة والسيطرة.

وأكدت المصادر أن الحوثيين عمدوا منذ أشهر إلى نقل كميات ضخمة من الأسلحة وورشات التصنيع العسكري من صنعاء وعمران إلى مناطق وعرة في صعدة، خشية تعرضها للقصف.

وأفادت المعلومات بأن قيادات بارزة من الجماعة؛ بمن فيهم خبراء إيرانيون ومن «حزب الله» اللبناني، غادروا صنعاء ومدناً أخرى إلى معاقل الجماعة في صعدة، حيث توفر التضاريس الجبلية ملاذاً أفضل أماناً لهم.

أنصار للحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة لهم (أ.ب)

وتؤكد المصادر أن الحوثيين حفروا شبكة واسعة من الأنفاق والمخابئ داخل الجبال، تُستخدم مراكز قيادة ومستودعات أسلحة ومخابئ محصنة ضد الضربات الجوية.

إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء عن أن قيادات حوثية بارزة اختفت عن الأنظار منذ بدء الضربات، ومن بينهم مهدي المشاط، رئيس ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى». كما رصدت المصادر تحركات لقيادات أخرى نقلوا عائلاتهم إلى صعدة تحسباً لتصعيد أكبر.

ووفق المصادر، فقد فرضت الجماعة إجراءات أمنية غير مسبوقة، حيث قلّص القادة والمشرفون الحوثيون، خصوصاً القادمون من صعدة، من ظهورهم العلني وتحركاتهم، وتجنبوا حضور الاجتماعات الرسمية، بل لجأ بعضهم إلى مغادرة منازلهم والانتقال إلى شقق سرية أو مناطق نائية.

ومع استمرار الضربات الأميركية واتساع نطاقها، يرجح مراقبون عسكريون أن الحوثيين سيلجأون إلى استراتيجيات بديلة، مثل استخدام أنفاق تحت الأرض لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، أو إعادة نشر منظوماتهم الهجومية في مناطق أعلى تحصيناً.

وتبقى تساؤلات كثيرة مفتوحة بشأن مدى قدرة الجماعة على الصمود أمام الضربات المكثفة، وكيف ستؤثر هذه العمليات على خططها في استهداف الملاحة الدولية واستمرار تصعيدها العسكري في المنطقة.

نزوح من صعدة

وخلال الأسبوع الأخير، شنت المقاتلات الأميركية عشرات الغارات التي استهدفت مخازن أسلحة، وأنفاقاً محصنة، ومواقع عسكرية في مديريات: الصفراء، وساقين، وكتاف، وسحار، ومجز، ومدينة صعدة نفسها، ضمن حملة ترمب لتقويض قدرات الحوثيين على شن هجمات بحرية وتهديد الملاحة الدولية.

وتسببت الضربات المكثفة في نزوح واسع النطاق من مدينة صعدة ومديرياتها، وقد أفادت مصادر محلية بأن مئات العائلات غادرت منازلها خلال الأيام الأخيرة متجهة إلى محافظات حجة وعمران والجوف.

من آثار قصف أميركي استهدف الحوثيين في صعدة حيث معقل الجماعة (رويترز)

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن كثيراً من العائلات اضطرت إلى مغادرة مناطقها خشية الغارات، لكنها لم تتمكن من حمل أي ممتلكات معها بسبب ضيق الوقت، فيما لا تزال عائلات أخرى عالقة، غير قادرة على النزوح بسبب ظروفها الاقتصادية المتدهورة.

وكان الحوثيون نقلوا مطلع العام الحالي مركز الصواريخ والطائرات المسيّرة من عمران ومناطق أخرى، إلى كهوف ومواقع سرية في صعدة، وجرت العملية تحت إشراف كوادر مختصة من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، وذلك بهدف تأمين ما تبقى من ترسانتهم بعد الضربات الغربية.

وأكدت المصادر حينها أن عملية النقل جرت بسرية تامة، عبر شاحنات مدنية مموهة، وعلى دفعات متعددة، تجنباً لرصدها من قبل الطائرات الأميركية.