لبنان يتقصّى هوية لغم أرضي استهدف جنوداً دوليين بالجنوب

إسرائيل: «حزب الله» زرعه بوقت سابق

 دورية لقوات «اليونيفيل» في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان في عام 2022 (أ.ف.ب)
دورية لقوات «اليونيفيل» في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان في عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

لبنان يتقصّى هوية لغم أرضي استهدف جنوداً دوليين بالجنوب

 دورية لقوات «اليونيفيل» في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان في عام 2022 (أ.ف.ب)
دورية لقوات «اليونيفيل» في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان في عام 2022 (أ.ف.ب)

حسمت التحقيقات الأولية في ملف إصابة 3 عناصر من «المراقبين الدوليين» في جنوب لبنان، أنها ناتجة عن انفجار لغم أرضي كان مزروعاً في منطقة قريبة من الشريط الحدودي مع إسرائيل، من غير تحديد هوية اللغم حتى الآن، حسبما قال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، فيما سارعت إسرائيل للقول إنه عائد لـ«حزب الله».

وأصيب ثلاثة جنود تابعين لبعثة «المراقبين الدوليين» الأممية ومترجمهم اللبناني يوم السبت الماضي، إثر انفجار تعرضوا له في أطراف بلدة رميش بجنوب لبنان، المحاذية للحدود مع إسرائيل، خلال قيامهم بدورية راجلة. وتباينت التقديرات حول طبيعة الهجوم؛ إذ تحدثت معلومات عن غارة من مسيّرة إسرائيلية، لكن إسرائيل نفت تنفيذ غارة على القوة الأممية.

وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن التحقيق المشترك بين «اليونيفيل» ومخابرات الجيش اللبناني، أكدت أن الإصابات ناتجة عن انفجار لغم أرضي كان مزروعاً في المنطقة، وهو واحد من ثلاثة ألغام مضادة للأفراد وُجدت في البقعة نفسها.

ورفض المصدر توجيه أي اتهامات لأي جهة بالمسؤولية عن زرع تلك الألغام، قائلاً: «لا يمكن تحديد هوية اللغم، قبل انتهاء التحقيقات ومعرفة طبيعته ونوعه ومن هي الجهات التي تستخدمه».

منطقة قصف وتسلل

ووقع الانفجار في منطقة قطمون والتي تبعد عن الحدود مسافة تقل عن كيلومتر واحد، وهي منطقة حرجية غير مأهولة بالسكان، وواظبت القوات الإسرائيلية على قصفها منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول)، تاريخ بدء «حزب الله» معركة ضد إسرائيل من جنود لبنان لـ«مساندة غزة»، بالقذائف المدفعية والغارات الجوية.

وكان «حزب الله» أعلن في 4 مارس (آذار) الماضي، أنه أحبط محاولة إسرائيلية للتسلل إلى وادي قطمون مقابل بلدة رميش ‌‌عبر استهدافها بالأسلحة الصاروخية. وفي المقابل، تشير وتيرة القصف المتواصل إلى أن إسرائيل تعتقد أن مقاتلي الحزب يقيمون في تلك الأحراش الحدودية المتصلة شرقاً بأحراش عيتا الشعب، وتنطلق منها مقذوفات باتجاه المواقع العسكرية الإسرائيلية، وقد واظبت على استهدافها بالقذائف الحارقة بغرض كشف الغطاء النباتي.

الدخان يتصاعد من غارة جوية إسرائيلية في الهبارية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وتولى فريق أمني لبناني يضم خبراء عسكريين إلى جانب فريق يضم خبراء في «اليونيفيل»، التحقيقات منذ يوم السبت الماضي، وكانت التحقيقات اللبنانية تجري تحت إشراف القضاء اللبناني المختص. وخلصت التحقيقات يوم الثلاثاء إلى النتيجة الحاسمة بأن الإصابات ناتجة عن انفجار لغم ضد الأفراد. ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر قضائي لبناني قوله إن «القضاء العسكري اللبناني ينتظر التقرير الخطي النهائي للتحقيق من أجل تحديد المسؤوليات».

وأوضح الناطق باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي، الأربعاء، أن النتائج الأولية لتحقيق تجريه القوة الأممية تُظهر أن «الانفجار لم يكن ناجماً عن نيران مباشرة أو غير مباشرة».

إسرائيل تتبرّأ من اللغم

وألقى الجيش الإسرائيلي باللوم على «حزب الله» اللبناني في إصابة المراقبين ومترجمهم، مشيراً إلى أنهم أصيبوا في انفجار عبوة زرعها الحزب في وقت سابق. من جهته، قال مصدر مقرّب من «حزب الله» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الحزب «لن يردّ بالتأكيد على اتهامات الإسرائيليين»، مشيراً إلى أن «المسألة في أيدي (اليونيفيل) والجيش اللبناني، والتحقيق ما زال مفتوحاً».

ويقوم جنود حفظ السلام التابعون لقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل» بدوريات على ما يسمى الخط الأزرق، وهي الحدود التي رسمتها الأمم المتحدة في عام 2000 عندما انسحبت القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان.

وفريق مراقبي الأمم المتحدة في لبنان، هو بعثة مراقبة عسكرية غير مسلّحة وصلت إلى لبنان في عام 1949 بوصفها جزءاً من هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة. ويضمّ الفريق أكثر من 50 مراقباً عسكرياً، بحسب الأمم المتحدة. وتدعم هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة مهمة حفظ السلام.

جنود من «اليونيفيل» يشاركون أطفالاً احتفالات الفصح في بلدة القليعة بجنوب لبنان (رويترز)

تبادل متواصل لإطلاق النار

وحافظ القتال على وتيرة غير تصعيدية، لليوم الثالث على التوالي، بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، حيث تبنى «حزب الله»، في بيان، استهداف موقع الراهب وتجمع لجنود الجيش الإسرائيلي في محيطه بالأسلحة الصاروخية. كما أعلن أن مقاتليه استهدفوا «تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي في خلة وردة بالأسلحة المناسبة وأصابه إصابة مباشرة»، إضافة إلى «استهداف موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بقذائف المدفعية». كما نعى مقاتلاً من عناصره.

في المقابل، شن الطيران الحربي بعد الظهر غارتين بالصواريخ استهدفتا مرتفعات الهبارية وأطراف كفرحمام، وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه أطلق نحو 60 قذيفة فوسفورية و20 قذيفة مدفعية ثقيلة و20 قذيفة مباشرة على عيتا الشعب فيما استهدف راميا بـ5 قذائف فوسفورية. كما استهدفت إسرائيل بالقصف المدفعي المتقطع بلدتي عيتا الشعب ورامية. واستهدفت قذائف المدفعية الثقيلة أطراف بلدات الناقورة وجبل اللبونة وعلما الشعب والضهيرة وأودية محيطة ببلدات شحين وطيرحرفا، وترافق القصف مع تحليق كثيف للطيران الاستطلاعي فوق قرى قضاءي صور وبنت جبيل.

وفي سياق متصل، قال الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي في تصريح لـ«الوكالة الوطنية للإعلام» إنه «على الرغم من تصاعد التوترات، يظل حفظة السلام التابعون لليونيفيل موجودين على الأرض». وأكّد تيننتي أن «اليونيفيل» «تواصل تنفيذ أنشطتها، بما في ذلك الدوريات، كما تواصل عملها الأساسي مع الأطراف لتهدئة الوضع وتخفيف التوترات في المنطقة».


مقالات ذات صلة

سلام: مؤتمر في الخريف المقبل لإعادة لبنان على خريطة الاهتمام العربي

المشرق العربي رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً وفد مجلس الأعمال اللبناني - السعودي (رئاسة الحكومة)

سلام: مؤتمر في الخريف المقبل لإعادة لبنان على خريطة الاهتمام العربي

أكد رئيس مجلس الوزراء، نواف سلام، العمل على التحضير لعقد مؤتمر عام للاستثمار في الخريف المقبل، في بيروت، لإعادة لبنان على خريطة الاهتمام العربي والدولي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الجمهورية مستقبلاً وفداً من نقابة المحامين في طرابلس (رئاسة الجمهورية)

القضاء اللبناني يبدأ التنقية من «الشوائب» في انتظار التعيينات والتشكيلات

أعطى رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون إشارة واضحة إلى مدى رهانه على القضاء بمرحلة الإصلاح، معلناً أن «المشكلة في لبنان ليست في القوانين، بل بالتطبيق والمحاسبة».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 11 مارس 2025 بقرية حكر الظاهري شمال لبنان تظهر لاجئين سوريين يعبرون النهر الكبير إلى قرية حكر الظاهري اللبنانية هرباً من العنف في محافظتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين السوريتين (د.ب.أ)

فرار 13 ألف سوري إلى لبنان منذ اندلاع أعمال العنف في الساحل

فرّ نحو 13 ألف سوري إلى شمال لبنان منذ اندلاع أعمال العنف في منطقة الساحل بغرب سوريا في السادس من مارس (آذار).

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية من طراز «ميركافا» تنتشر في موقع في شمال إسرائيل على طول الحدود مع جنوب لبنان 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)

تصاعد الغارات الإسرائيلية يكشف هشاشة وقف النار في لبنان

قالت مصادر أمنية لبنانية إن الهجمات الإسرائيلية المتصاعدة في جنوب لبنان في الأيام القليلة الماضية تؤكد هشاشة وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مناصرون لـ«حزب الله» يشاركون في تشييع جماعي لمقاتلين قُتلوا خلال الحرب الأخيرة بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

حلفاء «حزب الله» يرفضون تغطية سلاحه

بات «حزب الله» بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي شُنَّت عليه، وقضت على قسم كبير من قدراته العسكرية وقياداته، يفتقد لغطاء داخلي لسلاحه.

بولا أسطيح (بيروت)

«الحشد» العراقي ينفذ «انتشاراً» على الحدود مع سوريا

عناصر «الحشد الشعبي» توزعوا على نقاط حدودية بأسلحة متوسطة وثقيلة
عناصر «الحشد الشعبي» توزعوا على نقاط حدودية بأسلحة متوسطة وثقيلة
TT

«الحشد» العراقي ينفذ «انتشاراً» على الحدود مع سوريا

عناصر «الحشد الشعبي» توزعوا على نقاط حدودية بأسلحة متوسطة وثقيلة
عناصر «الحشد الشعبي» توزعوا على نقاط حدودية بأسلحة متوسطة وثقيلة

قالت «هيئة الحشد الشعبي» إن قواتها انتشرت في مناطق جديدة قرب الحدود مع سوريا، في حين ذكرت وزارة الدفاع أن رئيس أركان الجيش، الفريق الأول الركن عبد الأمير رشيد يار الله، اطلع على خطوط الصد على الشريط الحدودي غرب نينوى المحاذي لسوريا.

وليس من الواضح سبب التعزيزات الإضافية للقوات العراقية و«الحشد الشعبي» في هذا التوقيت، لكنها جاءت بعد يوم واحد من اشتباكات عنيفة على الحدود السورية - اللبنانية، وبعد 4 أيام من إعلان بغداد مقتل عبد الله مكي مصلح الرفيعي المكنى «أبو خديجة» الذي كان نائب ما يسمى «والي العراق وسوريا» في تنظيم «داعش».

وقالت القيادة الوسطى الأميركية عن مقتل الرفيعي إنه جاء «بالتعاون مع قوات الاستخبارات والأمن العراقية، بضربة جوية دقيقة في محافظة الأنبار بالعراق، أسفرت عن مقتل الرجل الثاني في تنظيم (داعش)».

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تتخذ السلطات العراقية إجراءات مشددة على الحدود بين البلدين الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر، وأرسلت مزيداً من القوات بمختلف صنوفها لمنع تسلل ودخول المسلحين وعناصر تنظيم «داعش» إلى البلاد، فضلاً عن بناء سياج خرساني عازل يمتد لأكثر من 200 كيلومتر.

وطبقاً لبيان صادر عن «الحشد»، فإن التعزيزات الجديدة على الحدود جاءت وفقاً لـ«خطة انتشار جديدة أطلقتها قيادة عمليات نينوى لـ(الحشد الشعبي)».

وذكر أن «قطعات (اللواء 33) انتشرت في منطقة طريفاوي القريبة من الحدود الإدارية لمحافظة الأنبار، على مسافة 12 كيلومتراً، موزعة على 4 عقد رئيسية تقدم الإسناد الكامل للقوات الأمنية المنتشرة على الحدود العراقية، وذلك بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة».

وأكدت «الهيئة» أن قوات تشكيل عسكري آخر؛ هو «اللواء 30»، انتشرت «على الحدود العراقية - السورية على امتداد 15 كيلومتراً، بواقع 3 عقد معززة بمختلف الأسلحة المتوسطة والثقيلة والكاميرات الحرارية؛ لرصد الحدود ومتابعتها وحمايتها من أي تهديد محتمل».

مع ذلك، قالت مصادر ميدانية في محافظة الأنبار (غرب العراق) إنها لم ترصد تحركات فوق العادة لأي تشكيل عسكري قرب الحدود مع سوريا.

ناقلة جنود تابعة لـ«الحشد الشعبي» قرب الحدود العراقية - السورية (إعلام أمني)

«لا خرق أمنياً»

إلى ذلك، أكدت «هيئة الحشد الشعبي»، الثلاثاء، عدم تسجيل أي خرق أمني على الحدود السورية. وقال قائد عمليات قاطع الأنبار في «الحشد» قاسم مصلح، لـ«وكالة الأنباء العراقية»، إن قواته «وصلت إلى درجة عالية من التدريب والتسليح، وهي على أهبة الاستعداد، وهناك تعاون جدي وفعلي بين جميع الأجهزة الأمنية؛ سواء على مستوى الجيش والحدود والشرطة والداخلية».

وأضاف أن «هناك تنسيقاً عالياً مع (الحشد العشائري)، الذي ساعد في تقديم المعلومات ضد عصابات (داعش) الإرهابية».

وأشار مصلح إلى أن «هناك جهداً فنياً واستخباراتياً وأمنياً موجوداً، ونتابع جميع التحركات؛ سواء أكانت من خلال الكاميرات والطائرات المسيّرة، أم من معلوماتنا في عمق الجانب السوري وفي الجانب العراقي».

وكشف عن تحركات واسعة على الحدود تجريها الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التابعة لـ«الحشد الشعبي» من أجل الحصول على المعلومة.

وكان وزير الخارجية، فؤاد حسين، قال خلال مؤتمر صحافي مشترك، الجمعة الماضي، إنه بحث مع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، «التحديات الأمنية المشتركة»، وأكد أن غرفة العمليات «الخماسية» لمواجهة عمليات «داعش»، التي شُكلت في مؤتمر عمان، «سترى النور قريباً».

وبعد الاتفاق الموقع من الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات «قسد» الكردية، الجنرال مظلوم عبدي، في 10 مارس (آذار) 2025، أبدى مسؤولون عراقيون ارتياحهم، في حين رجح مسؤول برلماني تشكيل «غرفة عمليات مشتركة» بين بغداد ودمشق للتنسيق بشأن «الاستقرار الأمني».

مع ذلك، أظهرت فعاليات سياسية وعشائرية موقفاً ممانعاً للعلاقات مع الإدارة السورية الجديدة، وطالب «المجلس الموحد لشيوخ ووجهاء البصرة والعراق»، الثلاثاء، بقطع العلاقات مع دمشق، وشدد على ضرورة التدقيق الأمني في أوضاع المقيمين السوريين في العراق، وترحيل المشتبه فيهم فوراً.