حداد واستنفار في العراق لحماية التلاميذ من حوادث الدهس

مطالبات نيابية بجلسة طارئة... وناشطون إلى تطوير الطرق القريبة من المدارس

أهالي ضحايا حادثة الدهس في البصرة خلال أداء صلاة الميت (أ.ف.ب)
أهالي ضحايا حادثة الدهس في البصرة خلال أداء صلاة الميت (أ.ف.ب)
TT

حداد واستنفار في العراق لحماية التلاميذ من حوادث الدهس

أهالي ضحايا حادثة الدهس في البصرة خلال أداء صلاة الميت (أ.ف.ب)
أهالي ضحايا حادثة الدهس في البصرة خلال أداء صلاة الميت (أ.ف.ب)

في أول أيام الحداد في البصرة (جنوب) على ضحايا حادثة دهس تلاميذ، دهس سائق مسرع، الأربعاء، اثنين من الطلبة أمام إحدى المدارس، في مدينة الكوفة (جنوب غرب).

وانفجر الشارع العراقي غضباً في مواقع التواصل الاجتماعي، الثلاثاء، بعد مقتل 6 تلاميذ في المرحلة الابتدائية وإصابة 14 آخرين، بعدما دهستهم شاحنة في بلدة «الهارثة»، إحدى الضواحي الشمالية للبصرة.

وفقد سائق الشاحنة السيطرة عليها بعد عطل في المكابح؛ ما أدى إلى دهس مجموعة تلاميذ كانوا يسيرون على الشارع قرب مدرستهم، وفقاً لوزارة الداخلية وشهود عيان.

وفتح رئيس الحكومة محمد شياع السوداني تحقيقاً في الحادثة، وأبلغ محافظ البصرة أسعد العيداني، عبر اتصال هاتفي مساء الثلاثاء، بمتابعة النتائج.

أهالي الضحايا طالبوا بإقالة الإدارة المحلية في الهارثة لتقصيرهم في حماية تلاميذ المدارس (أ.ف.ب)

حداد في العراق

وأعلنت الحكومة المحلية في البصرة الحداد 3 أيام على الضحايا، بينما يرقد أطفال مصابون في المستشفى لتلقي العلاج، وبعضهم في حالة حرجة لرضوض في الدماغ، طبقاً لمصدر صحي.

وقالت وزارة التربية إنها حددت 3 أيام للحداد في عموم مدارس العراق، وبدأ الطلبة دوامهم الأربعاء بقراءة سورة الفاتحة لزملائهم الضحايا في البصرة.

وصباح الأربعاء، دهس سائق مسرع اثنين من الطلبة أمام مدرسة «الأزهر» في مدينة الكوفة، وقال مصدر أمني، لـ«الشرق الأوسط»، إن قوة من الشرطة اعتقلت السائق، بينما نُقل المصابون إلى المستشفى.

وأثارت حادثة البصرة ردود أفعال غاضبة في مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشر وسم #فاجعة_البصرة ربطاً بمقاطع فيديو أظهرت حالة الفجع لذوي المصابين في أحد المستشفيات.

وتفاعل العراقيون مع مقطع فيديو نشره ناشط من البصرة قبل أيام من الحادثة، حذّر فيه من احتمالية تعرض التلاميذ إلى الدهس نتيجة عبورهم الشارع دون حماية، وطالب دائرة المرور بإرسال عناصر شرطة إلى المكان، بينما نشر كثيرون فيديو من كاميرا مراقبة وثقت لحظة الدهس.

وتساءل ناشطون عن تهالك شبكة الطرق في العراق رغم توفر السيولة المالية في موازنة انفجارية تقدر بنحو 450 مليار دولار لثلاث سنوات.

وطالب كثيرون بإجراءات فورية لتنظيم حركة السير قرب المدارس، وتخصيص ممرات أو جسور لعبور التلاميذ بعيداً عن السيارات.

وخرج العشرات من ذوي الضحايا في مظاهرة للاحتجاج على تردي خدمات النقل والطرق، وطالبوا بإقالة الإدارة المحلية في البلدة التي تعاني منذ سنوات من الإهمال، كما يقول ناشطون.

طفلة تتلقى العلاج في أحد مستشفيات البصرة من إصابة جراء حادث الدهس (أ.ف.ب)

حزن وتضامن

وعبرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عن حزنها الشديد إزاء «الحادث المأساوي»، وقالت في بيان: «تعازينا العميقة لجميع المتضررين من هذه الخسارة المفجعة».

وقدمت واشنطن تعازيها إلى العراق بحادثة الهارثة في البصرة، وقالت السفارة الأمريكية في بيان: «نيابة عن بعثة الولايات المتحدة في العراق، نود أن نعرب عن أحر التعازي لجميع المتضررين من الخسارة المأساوية في أرواح التلاميذ جراء الحادث الذي وقع في منطقة الهارثة بالبصرة».

ودعا رئيس مجلس النواب بالنيابة، محسن المندلاوي، الأربعاء، إلى الإسراع في كشف نتائج التحقيق في حادثة الدهس «لمعرفة ومحاسبة المقصرين، واستنفار الجهود الطبية الممكنة لمعالجة الجرحى».

وطالب المندلاوي في بيان صحافي، جميع رؤساء الحكومات المحلية، بـ«تأمين محيط المدارس واتخاذ إجراءات للسلامة التامة، عبر فرض مناطق عبور آمنة ومجسرات للمشاة، إضافة إلى التنسيق اللازم مع مديرية المرور والجهات المعنية فيما يتعلق بمنع الشاحنات الكبيرة من المرور في الطرق المحيطة بالمدارس خلال أوقات الدوام الرسمي، وإلزام المركبات كافة بسرعة محددة لا يسمح بتجاوزها أثناء السير بالقرب من المدارس والمناطق المأهولة بالسكان».

وطالبت النائب زينب الموسوي، بعقد جلسة طارئة حول حادثة «الهارثة» واستضافة محافظ البصرة أسعد العيداني ومسؤولين محليين آخرين.

وقالت الموسوي، في بيان صحافي إن»حادثة الهارثة ليست الأولى من نوعها بل حدثت حالات دهس عديدة لطلبة المرحلة الابتدائية نتيجة سوء إدارة محافظة البصرة».

في محافظة ذي قار، التي تقع شمال البصرة، قالت السلطات المحلية إنها بدأت بـ«جرد المدارس التي تقع على الطرق الرئيسية» في محافظة ذي قار، لاتخاذ الاحتياطات اللازمة المتمثلة بوضع المطبات الصناعية للحفاظ على سلامة التلاميذ والطلبة».

بعض الإصابات كانت خطيرة نتيجة رضوض في الدماغ (أ.ف.ب)

فك الاختناق المروري

وفي بغداد، تقول الحكومة إنها تتخذ مجموعة إجراءات جديدة بهدف تخفيف الزحام عن مناطق وسط المدينة.

وتشمل هذه الإجراءات إنشاء عدد من الجسور الجديدة للمشاة وإعادة تحديد أوقات الدوام الرسمي في جميع مؤسسات ودوائر الدولة بما فيها الجامعات والمدارس، ورفع أسعار الوقود، ودراسة رفع رسوم استيراد السيارات.

وتأتي هذه الإجراءات في ظل اتساع الأزمة المرورية في بغداد ومدن أخرى بمعدل تأخير قال مسؤولون في إدارة المرور العامة إنه يصل إلى 3 ساعات للتنقل داخل المدينة الواحدة.


مقالات ذات صلة

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

المشرق العربي صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

تعرض مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، الذي يتزعمه مسعود بارزاني، فجر السبت، لهجوم بأسلحة خفيفة من قبل مجهولين في محافظة كركوك.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

نفذت القوات التركية غارات جوية استهدفت مواقع لحزب «العمال» الكردستاني في مناطق شمال العراق، أسفرت عن تدمير 25 موقعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
رياضة عالمية سجاد غانم (الأولمبية العراقية)

«الأولمبية العراقية»: لن نقف مكتوفي الأيدي بعد سقوط غانم في اختبار المنشطات

قرر عقيل مفتن، رئيس اللجنة الأولمبية العراقية، اليوم (السبت) فتح تحقيق لكشف ملابسات سقوط مصارع الجودو سجاد غانم في اختبار منشطات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

أعلن العراق، أمس الجمعة، فتح تحقيق في اختفاء آلاف الباكستانيين، كانوا قد دخلوا البلاد لزيارة المراقد الدينية خلال شهر محرم.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي باكستانيون خلال مشاركتهم في طقوس «عاشوراء» بمدينة كراتشي (إ.ب.أ)

50 ألف باكستاني اختفوا في العراق

فجر وزير باكستاني مفاجأة مدوية حين أعلن اختفاء 50 ألفاً من مواطنيه في العراق، ودفع حكومة بغداد سريعاً إلى فتح تحقيق في تسربهم إلى سوق العمل.

حمزة مصطفى (بغداد)

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
TT

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)

تعرض مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، الذي يتزعمه مسعود بارزاني، فجر السبت، لهجوم بأسلحة خفيفة من قبل مجهولين في محافظة كركوك.

يأتي الهجوم في غمرة الحديث عن قيادة بارزاني لمفوضات مع المكونين العربي والتركماني لحسم معضلة الحكومة المحلية ومنصب المحافظ بعد نحو 7 أشهر على إجراء الانتخابات المحلية، فيما نفى مسؤول كردي رفيع ذلك، وذكر لـ«الشرق الأوسط» أن «مسعود بارزاني يوجد خارج البلاد هذه الأيام ولم يلتق أعضاء في مجلس كركوك».

وقالت مصادر أمنية في المحافظة إن مسلحين مجهولين أطلقوا فجر السبت النار على مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني» في منطقة ساحة العمال وسط كركوك ولم يسفر عن الهجوم أي إصابات بشرية أو أضرار مادية.

وحضرت قوة من الشرطة عقب الهجوم إلى موقع الحادث، وفتحت تحقيقاً وعممت أوصاف المهاجمين الذين فروا إلى جهة مجهولة.

وسبق أن أثار مقر «الحزب الديمقراطي» في كركوك أزمة كبيرة داخل المحافظة نهاية العام الماضي، بعد أن طالب قيادة العمليات العسكرية بتسليم المقر الذي تشغله منذ عام 2017، وحدثت مواجهات بين أنصار الحزب والقوات الأمنية أدت إلى مقتل أفراد إلى جانب ضابط في قوات «البيشمركة».

وانتهت الأزمة بعد قيام رئيس الحزب مسعود بارزاني بتسليم وإهداء المقر، في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى جامعة كركوك لـ«يكون في خدمة طلب العلم والمثقفين في المدينة».

متظاهرون من الكرد فوق بناية مقر حزب بارزاني في كركوك (أرشيفية - شبكة روادو)

معلومات أولية عن الهجوم

وأعلن المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الديمقراطي» في كركوك عن امتلاك الحزب «معلومات عن استهداف المقر»، في حين قال الباحث الكردي كفاح محمود إن «الشبهات تحوم حول المستفيد من تعطيل عمل مجلس المحافظة وعدم التوصل إلى شخصية متفق عليها لإدارة المحافظة».

وأضاف محمود في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «باستنتاج بسيط يمكن الربط بين عمليات حرق الأسواق في أربيل وكركوك ودهوك وبين هذه العملية التي كانت تستهدف اختراق سور الحماية والدخول إلى المبنى وإحراقه، خصوصاً وأنها تشبه توقيتات حرق الأسواق التي جرت في ساعة متأخرة من الليل وتحديداً في الساعات الأولى للصباح».

وتابع محمود: «هذه الأذرع لديها مراكز ووجود وتتسبب في إشكاليات إقليمية بين العراق وإقليم كردستان من جهة وبين دول الجوار من جهة أخرى».

وذكر محمود أن «الأمر المتعلق بمعرفة الجناة يبقى معلقاً لحين كشف تسجيلات منظومة الكاميرات التي صورت حركة تلك العناصر التي استخدمت مبنى قيد الإنشاء».

وتتهم أوساط «الحزب الديمقراطي»، منذ فترة طويلة، عناصر «حزب العمال» الكردستاني التركي بالتورط في مختلف الأعمال العدائية التي تقع ضده وضد بعض الشركات النفطية وشركات الغاز العاملة في الإقليم، خصوصاً في محافظتي كركوك والسليمانية، كما تحمله مسؤولية توغل القوات التركية داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان.

وقال المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» في كركوك، مريوان جلال، السبت، إن «الفرع كان يمتلك معلومات عن استهداف المقر، وإن الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وتزامن مع دور الحزب في تقريب وجهات النظر لتشكيل إدارة كركوك ومجلسها».

وأضاف في تصريحات صحافية أن «الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وهو ليس استهدافاً للحزب الديمقراطي الكردستاني، بل يستهدف جميع مكونات كركوك، وجاء في وقت يعمل فيه الحزب الديمقراطي بتقريب وجهات النظر بين مكونات المحافظة للشروع بتشكيل إدارة المحافظة، وتفعيل عمل المجلس لغرض تقديم الخدمات لجميع مكونات المحافظة».

السوداني خلال استقباله نواباً من المكون التركماني (إعلام حكومي)

السوداني يجتمع بالتركمان

من جانبه، استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، السبت، عضوين من المكون التركماني في مجلس محافظة كركوك، وحثهم على الاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة.

ولم تفلح جهود رئيس الوزراء محمد السوداني حتى الآن في حل أزمة المحافظة برغم لقاءاته المتكررة مع القوى الفائزة في مقاعد مجلسها.

وأشار السوداني، خلال اللقاء، طبقاً لبيان صادر عن مكتبه، إلى «أهمية تقديم مصلحة أبناء كركوك في أي اتفاق بين القوى السياسية التي فازت بالانتخابات، إثر النجاح في إجرائها بعد تعطل استمر منذ عام 2005».

وشدد السوداني على ضرورة «اختيار الإدارات الحكومية المحلية الناجحة، والاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة».

وتتردد منذ أسابيع أنباء عن سعي القوى المتخاصمة في مجلس المحافظة للاتفاق على صيغة لحسم منصب المحافظ من خلال تدويره بين الكتل الفائزة، بحيث يشغل الأكراد المنصب في السنتين الأولى، ثم يذهب إلى العرب في السنتين الأخيرتين من عمر دورة مجلس المحافظة المحددة بأربع سنوات، وهناك حديث عن أن للتركمان حصة في عملية التدوير رغم امتلاكهم لمقعدين فقط من أصل 16 مقعداً في المجلس.