«اليونيفيل» تعلِّق دورياتها في جنوب لبنان

مقتل مزارعة في استهداف جوي إسرائيلي

جنود إسبان ضمن قوات «اليونيفيل» يراقبون في الشهر الماضي خط الحدود في مرجعيون بجنوب لبنان (أ.ب)
جنود إسبان ضمن قوات «اليونيفيل» يراقبون في الشهر الماضي خط الحدود في مرجعيون بجنوب لبنان (أ.ب)
TT

«اليونيفيل» تعلِّق دورياتها في جنوب لبنان

جنود إسبان ضمن قوات «اليونيفيل» يراقبون في الشهر الماضي خط الحدود في مرجعيون بجنوب لبنان (أ.ب)
جنود إسبان ضمن قوات «اليونيفيل» يراقبون في الشهر الماضي خط الحدود في مرجعيون بجنوب لبنان (أ.ب)

غابت دوريات قوات حفظ السلام الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، عن منطقة عملياتها، لليوم الثالث على التوالي، بعد تعرض دورية من «المراقبين الدوليين» إلى اعتداء أسفر عن إصابة 3 جنود، وسط تبادل متواصل لإطلاق النار بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية، بأن دوريات «اليونيفيل» ودوريات «مراقبي الهدنة» توقفت عن الخروج من مراكزها منذ استهدافها يوم السبت الماضي.

وأصيب 3 مراقبين عسكريين تابعين لهيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة، ومترجم لبناني، بجروح صباح السبت، أثناء قيامهم بدورية راجلة على طول الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل، وذلك عندما وقع انفجار بالقرب من موقعهم. وأفادت «اليونيفيل» في بيان بأنه تم إجلاء المصابين لتلقي العلاج الطبي، وتعهدت بإجراء تحقيقاتها لتحديد ملابسات الحادث، بينما اتهمت السلطات اللبنانية إسرائيل بالاعتداء عليهم.

وكانت «اليونيفيل» تنفّذ يومياً أكثر من 400 دورية قبل بدء الحرب في جنوب لبنان، وتقلصت إلى حدود معينة في ظل التصعيد الآخذ بالتوسع بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، ما جعل بعض المناطق الحدودية المحاذية للشريط الحدودي بمثابة مناطق محظورة نارياً على السكان المدنيين.

وتقع قواعد «اليونيفيل» على بعد كيلومترات قليلة من الشريط الحدودي، وفي بعض الأحيان تبعُد أمتاراً قليلة من الخط الأزرق. وتنشر القوات الأممية نحو 10 آلاف جندي في 50 موقعاً على الأقل بالجنوب.

ولطالما حذرت «اليونيفيل» في مرات سابقة من ازدياد التصعيد الذي وصل إلى مقرات البعثة الدولية العاملة في الجنوب. فقد تعرضت قوات «اليونيفيل» لهجمات عدة خلال الأشهر الستة الماضية، وأصيب 3 من قوات حماية السلام في الماضي، كما تعرضت قواعدها للقصف أكثر من مرة. وبالتالي، فإن هذا الحادث ليس الأول من نوعه.

رئيسة الحكومة الإيطالية خلال زيارتها مقر الكتيبة الإيطالية العاملة ضمن «اليونيفيل» في شمع الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

تصعيد متواصل

ورغم تراجع وتيرة الاشتباكات بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي لليوم الثاني على التوالي، قُتلت المواطنة علياء عبد الكريم باستهداف مُسيَّرة إسرائيلية لها، أثناء عودتها من عملها في أحد بساتين بلدة يارين الحدودية سيراً على الأقدام، حسبما أفاد مراسلون محليون في المنطقة الحدودية.

واستهدف «حزب الله» مواقع لتجمع القوات الإسرائيلية في المنطقة الحدودية، في عمليات نفذها من الجنوب اللبناني، وأشارت تقارير إسرائيلية إلى رصد إطلاق عشرات الصواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه مواقع إسرائيلية. وأعلن الحزب أنه استهدف صباحاً تجمعاً لجنود إسرائيليين في موقع المالكية بالأسلحة الصاروخية.

وفي المقابل، أطلق الجيش الإسرائيلي عدداً من قذائف المدفعية الثقيلة على أطراف بلدات الناقورة وجبل اللبونة وعلما الشعب وطيرحرفا والضهيرة، كما استهدف قبيل منتصف الليل أطراف بلدة عيتا الشعب. وأطلقت المواقع الإسرائيلية المتاخمة للخط الأزرق قبالة بوابة بلدة رامية الحدودية، نيران رشاشاتها الثقيلة في اتجاه الشارع العام الذي يحاذي بلدتي رامية ومروحين.

وحلَّق الطيران الاستطلاعي فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط، وصولاً حتى مشارف نهر الليطاني والساحل البحري. وكانت القنابل المضيئة تملأ سماء المنطقة في القطاعين الغربي والأوسط.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

المشرق العربي الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)

إسرائيل تطبق الحصار على مدينة الخيام تمهيداً لاقتحامها

قطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد إلى مدينة الخيام، وأحكمت طوقاً على المقاتلين الموجودين فيها، بعد تقدمها إلى بلدة ديرميماس المشرفة على مجرى نهر الليطاني

نذير رضا (بيروت)
خاص صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

خاص «وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

بعد قراره التراجع عن «وحدة الساحات» واقتناعه بـ«فصل المسارات»، باتت القوى السياسية لا تتردد باعتبار التزام «حزب الله» السابق بهذه الاستراتيجية خطأ استراتيجياً.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي عمال إنقاذ يبحثون بين الركام عن ناجين في موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة البسطة في وسط بيروت (أ.ب)

تضارب حول اغتيال رئيس «هيئة العمليات» بـ«حزب الله» في غارة وسط بيروت

تضاربت الأنباء حول هوية القيادي من «حزب الله» الذي استهدفته غارة إسرائيلية عنيفة في وسط العاصمة اللبنانية، أدت إلى مقتل 11 شخصاً وإصابة آخرين بجروح

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

أفادت تقارير إعلامية لبنانية اليوم (السبت) بمقتل خمسة في قصف إسرائيلي استهدف بلدة شمسطار في بعلبك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
TT

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

حين قرر «حزب الله»، ومن خلفه إيران، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحويل جبهة جنوب لبنان إلى جبهة دعم وإسناد لغزة، التزاماً باستراتيجية «وحدة الساحات» التي تقول إن كل القوى المحسوبة على طهران تتحرك تلقائياً لتدعم أي هجوم على أي منها، لم يستشر أحداً، لا الحلفاء ولا الأخصام، ولم يعد لأي من المؤسسات الدستورية لتغطية قراره هذا، لعلمه بوقتها أن أحداً لن يغطيه.

اليوم وبعد ما يتردد عن قراره فصل مساري غزة ولبنان، بالموافقة على وقف النار، باتت القوى التي تجنبت طوال الفترة الماضية انتقاد هذه السياسة علناً، لا تتردد باعتبار التزام الحزب السابق بهذه الاستراتيجية «خطأ استراتيجياً».

تحسين شروط

ولفت مؤخراً ما قاله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي كان قد ساند «حماس» و«حزب الله» بعد «طوفان الأقصى»، عن وجوب «فصل المسارات ووقف استخدام الجنوب ساحة صراع لدعم غزة أو الضفة»، منتقداً استخدام إيران للبنان في «ربط المسارات من أجل تحسين شروط المناقشات حول موضوع النووي الإيراني».

أما حركة «أمل»، الحليف الأقرب لـ«حزب الله»، التي انخرطت ولو بشكل رمزي بحرب الإسناد، فتشير المعلومات إلى أنها لم تكن تؤيد استراتيجية «وحدة الساحات» لكنها وبعد بدء المواجهات جنوباً انخرطت بالحرب «دفاعاً عن لبنان».

ويتجنب نواب وقياديو الحركة الحديث بهذا الخصوص، إذ يصر «الثنائي الشيعي» على تظهير موقف واحد مرتبط بالحرب الراهنة.

لا مصلحة لبنانية فيها

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حليف «حزب الله» منذ عام 2006، أول من خرج ليصف التزام «حزب الله» باستراتيجية «وحدة الساحات» بـ«الخطأ الاستراتيجي»، معتبراً أنها «تصب لصالح دول أخرى وليس لصالح لبنان».

ويشير عضو تكتل «لبنان القوي» جيمي جبور إلى أنه «تم العمل باستراتيجية وحدة الساحات حصراً عند تضامن (حزب الله) مع غزة، وفتحه لجبهة الإسناد التي رأينا منذ البداية ألا مصلحة لبنانية فيها، وإذ تبين لاحقاً أن موقفنا كان صائباً بتراجع الجميع عن هذا الإسناد عملياً، بما فيهم (حزب الله) الذي دفع وحيداً مع لبنان ثمن وحدة الساحات من غير أن نرى إيران، أم غيرها من الدول والقوى، تنضم تضامناً معه إلى هذه المعركة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كل ما حصل بات يُحتم «إعادة النظر الجذرية باستراتيجية السلاح فور انتهاء المعارك»، مضيفاً: «آن الأوان لحوار داخلي يجعل السلاح في خدمة لبنان فقط دون سواه من الدول ضمن استراتيجية دفاعية تكون الدولة ومؤسساتها صاحبة القرار، ويكون الجيش اللبناني العمود الفقري والأساس في الدفاع عن لبنان».

مقاتل من «حزب الله» يطلق صاروخاً موجهاً (أرشيفية)

بالتسوية أو بالقوة

ويُعدُّ حزب «القوات اللبنانية» أبرز المعارضين لـ«وحدة الساحات»، وبالأصل لوجود «حزب الله» حزباً مسلحاً. وترى عضو تكتل «الجمهورية القوية» غادة أيوب أن «إيران اعتمدت استراتيجية (وحدة الساحات)، لأنها أرادت بذلك أن تكون لاعباً قوياً يتدخل في 5 بلدان عربية عبر أذرعه بدءاً من (حزب الله) في لبنان، والحوثيين في اليمن، و(حماس) في غزة، و(الحشد الشعبي) في العراق، والنظام السوري بوجود (فيلق القدس) والحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى أنه «غداة إعلان (طوفان الأقصى) في 8 أكتوبر (تشرين الأول) لم تتحرك سوى ساحتين لمساندة (حماس) في غزة انطلاقاً من لبنان واليمن، وبذلك تعطلت استراتيجية وحدة الساحات التي ابتدعتها إيران، وسقطت بمجرد أن رفض النظام السوري الدخول في هذه الحرب لاعتبارات تتعلق بالوجود الروسي على أراضيه واعتبارات أخرى، وكذلك العراق، مع العلم أن إيران، وبالرغم من هذه الاستراتيجية، فهي لم تسلم من الضربات المباشرة على أراضيها والتهديدات المباشرة إذا ما أكملت في سياستها».

وتعدُّ غادة أيوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الاستراتيجية تنتهي إما عن طريق التسوية مع إيران أو بالقوة»، لافتة إلى أن محور الممانعة أصبح «محوراً صوتياً أو سياسياً لا عسكرياً» كممانع للعلاقة مع إسرائيل لحين تبلور صورة الشرق الأوسط.

مدماك حزام النار

أما مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، فيوضح أن «استراتيجية وحدة الساحات التي تم تفعيلها عند بدء الحرب على غزة، وشارك فيها اليمن وطبعاً (حزب الله) الذي أعلن جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد، قررت إيران وقفها، وليس بشكل علني، لأنها واجهت ضربة عسكرية إسرائيلية كبيرة، وأصبح الاستمرار بهذه الاستراتيجية مكلفاً جداً، بخاصة على (حزب الله) الذي هو المدماك، أي الحجر الأساس في ما يُسمى حزام النار الذي أنشأته إيران لتطويق إسرائيل، الذي يُسمى سياسياً بـ(وحدة الساحات)».

ويلفت نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بدأ أخيراً تقليم أظافر (حزب الله) وصولاً لشبه إنهائه من خلال اقتلاع قدراته العسكرية، وهذا أمر مستمر»، موضحاً أن «إيران وأذرعها لم يقرروا فقط وقف العمل باستراتيجية وحدة الساحات، إنما باتوا يريدون وقف النار وإنهاء العمليات العسكرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».