وزير الشؤون الاجتماعية: 82 % من اللبنانيين فقراء

الحرب في الجنوب فاقمت أحوال الآلاف

وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني هيكتور حجار (الوكالة الوطنية)
وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني هيكتور حجار (الوكالة الوطنية)
TT

وزير الشؤون الاجتماعية: 82 % من اللبنانيين فقراء

وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني هيكتور حجار (الوكالة الوطنية)
وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني هيكتور حجار (الوكالة الوطنية)

يتخبط آلاف اللبنانيين منذ عام 2019، على خلفية الانهيار المالي الذي هزّ البلد، في فقر لم يعتده كثير منهم، فاقمته مؤخراً الحرب المستمرة جنوباً منذ نحو 6 أشهر، بين «حزب الله» وإسرائيل، نظراً لانعكاساتها السلبية على القسم الأكبر من القطاعات.

ويقول فادي رزق (50 عاماً) الذي يعمل في مجال البناء، إنه بنهاية عام 2023، كان قد بدأ عمله يزدهر بعد سنوات من «الجمود القاتل»، بسبب الانهيار المالي، إلى أن أتت الحرب مع إسرائيل جنوباً، لتجمّد مجدداً العمل في معظم ورش البناء، باعتبار أن أصحاب الشقق والمستثمرين فضلوا التريث خشية توسع الحرب أكثر، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «وصلنا إلى مرحلة لم نكن نتوقعها على الإطلاق، إذ بتنا نحسد بعض اللاجئين السوريين الذين يتلقون مساعدات مالية شهرية من الدول المانحة، كما يعملون في مهن متعددة، ما يجعل مدخولهم أكبر من مدخولنا». ويشير إلى أن «إحدى العائلات السورية تمكنت مؤخراً من استئجار شقة بتكلفة 200 دولار شهرياً، بينما تعذر الأمر على إحدى العائلات اللبنانية».

32 بالمائة في فقر مدقع

ويتحدث وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار عن «ازدياد نسب الفقراء في لبنان منذ عام 2019، حتى يومنا هذا»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «نسبة الفقر متعدد الأبعاد بين اللبنانيين وصلت إلى 82 بالمائة، في وقت يرزح فيه 32 بالمائة تحت فقر مدقع».

ويشير حجار إلى أن «الحرب في الجنوب أثّرت سلباً على كثير من العائلات التي لم تتمكن من جمع محاصيلها الزراعية التي كانت تؤمن لها التمويل لعام كامل»، كاشفاً أن «اللجنة الوزارية المفترض أنها تتابع الوضع جنوباً لم تجتمع ولو لمرة واحدة منذ تشكيلها».

وتشكل الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية التي أقرتها الحكومة في فبراير (شباط) الماضي، تحولاً كبيراً في السياسات الاجتماعية المنتهجة، والتي يفترض أن تساعد بإسناد الطبقة الوسطى التي باتت شبه مغيبة، إذ تقدم هذه الاستراتيجية رؤية شاملة من 5 ركائز هي: المساعدة الاجتماعية، والضمان الاجتماعي، والرعاية الاجتماعية، وتأمين فرص العمل للأكثر ضعفاً، وتأمين الدعم المالي للوصول إلى الخدمات التعليمية والصحّية.

ويوضح حجار أن وزارته انطلقت بتطبيق هذه الاستراتيجية، حتى قبل إقرارها، لكن المفترض تأمين الموازنات اللازمة لذلك، منبهاً إلى «مؤشرات خطيرة لجهة خفض التمويل الخارجي سواء للبنانيين أو السوريين، ما قد يؤدي لعدم استقرار اجتماعي يدفع من يستطيع من لبنانيين للهجرة، ويكون النازحون السوريون البديل الجاهز، كل ذلك وسط متغيرات كبيرة تشهدها خريطة المنطقة».

وتستفيد 75 ألف عائلة لبنانية من البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً، لكن وبعد التحفيض الكبير الذي طال التمويل (انخفض من 147 مليون إلى 33.9 مليون دولار) باتت الوزارة مضطرة لخفض المبلغ الذي يتم تحويله، علماً بأن التمويل المتاح لهذا البرنامج لا يتجاوز شهر يونيو (حزيران).

ويستفيد من برنامج «أمان» 93500 عائلة. ويتقاضى المنضوون في البرنامجين منذ انطلاقهما المبلغ نفسه، وهو 25 دولاراً للعائلة، و20 دولاراً للفرد، لـ6 أفراد كحد أقصى. وتسعى الوزارة إلى تحويل أعداد ممن كانوا يستفيدون من البرنامج الأول إلى الثاني، بسبب تراجع التمويل الخارجي.

تجهيز طاولة إفطار لعائلات نازحة من المنطقة الحدودية الى فندق في بلدة المروانية بجنوب لبنان (أ.ب)

فقر متعدد الأبعاد

وتشير صبحية نجار، المتخصصة في السياسات العامة ومنسقة حملة (الحماية الاجتماعية للجميع) في مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية (CESSRA)، إلى «أننا اليوم لا نتحدث عن نوع واحد من الفقراء، إنما عن فقر متعدد الأبعاد، في ظل غياب كامل للطبقة الوسطى التي تتمثل بموظفي القطاع العام والأساتذة والقضاة وعناصر الجيش وقوى الأمن...»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ارتفاع نسب الفقراء منذ عام 2019، ويتجلى ذلك بالهجوم على المدارس الرسمية، وتأجيل الطبابة وحتى باختصار وجبات الطعام».

وتتحدث عن «عدة عوامل تسهم في تفاقم الفقر؛ أبرزها أولاً الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان، والتي تتسم بارتفاع معدلات البطالة وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين، ثانياً الفساد حيث يُؤثر على التوزيع العادل للموارد ويزيد من التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية. إضافة إلى انعدام الاستقرار السياسي والتوترات الداخلية، ما يؤثر سلباً على الظروف المعيشية للمواطنين».

وتعدّ نجار أن الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية التي أقرتها الحكومة «تمنح كل فرد من أفراد المجتمع الحق في الضمان والحماية الاجتماعيّة والتعليم، كحق أساسي من حقوق الإنسان وهي تؤسس لعقد اجتماعي جديد وجدّي بين المواطنين والدولة، ولتغيير نمط تقديم خدمات الحماية الاجتماعية الحالي المجزّأ وغير العادل».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تستفيد من ثغرة أمنية لدى «حزب الله» لتنفيذ الاغتيالات

تحليل إخباري مواطنون لبنانيون يرفعون أنقاض سيارة قيادي في «الجماعة الإسلامية» استهدفته إسرائيل بشرق لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل تستفيد من ثغرة أمنية لدى «حزب الله» لتنفيذ الاغتيالات

تبرز الاغتيالات الإسرائيلية المتواصلة لمقاتلين وقياديين في «حزب الله»، ثغرة أمنية وتكنولوجية لم يستطع الحزب التعامل معها، رغم أجهزة التشويش الإيرانية.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي ميقاتي مترئساً مجلس الوزراء الذي عُقد الخميس (الوكالة الوطنية للإعلام)

تسوية سياسة «جزئية» تسمح بقبول ضباط في الكلية الحربية بلبنان

أقرّ مجلس الوزراء اللبناني إجراء مباراة جديدة لاختيار ضباط جدد وإلحاقهم بالدورة السابقة التي عرقلها الخلاف بين وزير الدفاع وقائد الجيش.

يوسف دياب (بيروت)
أوروبا عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)

شرطة إسبانيا وألمانيا تعتقل 4 للاشتباه في تهريب أجزاء طائرات مسيرة لـ«حزب الله»

شرطة إسبانيا وألمانيا تعتقل أربعة لبنانيين للاشتباه في تهريب أجزاء طائرات مسيرة لـ«حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ملتقياً المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين في زيارة سابقة له إلى بيروت (إ.ب.أ)

إسرائيل تتبع التدمير البطيء جنوباً لتطبيق الـ«1701» على طريقتها

يتخوف اللبنانيون من تراجع الاهتمام الدولي ببلدهم بخلاف ما يتوهمه البعض من أهل السياسة نظراً لانشغال الدول بمشاكلها الداخلية.

محمد شقير (بيروت)
تحليل إخباري نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي بالحزب هاشم صفي الدين وعدد من المشاركين في إحياء ذكرى عاشوراء (إ.ب.أ)

تحليل إخباري ​«حزب الله» يهدد بقصف مستعمرات جديدة... فهل تتوسّع الحرب؟

انتقل «حزب الله» من مرحلة الدفاع إلى الهجوم سواء عبر استخدامه أسلحة جديدة أو عبر تهديدات أمينه العام بـ«قصف مستعمرات إسرائيلية لم يسبق أن تم استهدافها».

يوسف دياب (بيروت)

«الاستقطاب السياسي» يسود مجلس محافظة نينوى… وتخوّف من تصعيد

محافظ نينوى عبد القادر الدخيل (موقع ديوان المحافظة في «فيسبوك»)
محافظ نينوى عبد القادر الدخيل (موقع ديوان المحافظة في «فيسبوك»)
TT

«الاستقطاب السياسي» يسود مجلس محافظة نينوى… وتخوّف من تصعيد

محافظ نينوى عبد القادر الدخيل (موقع ديوان المحافظة في «فيسبوك»)
محافظ نينوى عبد القادر الدخيل (موقع ديوان المحافظة في «فيسبوك»)

يسيطر الغموض على الأوضاع السياسية في محافظة نينوى (400 كيلومتر شمال بغداد)، بالنظر لحالة الاستقطاب القائمة بين كتل وأحزاب مجلسها الذي أفرزته انتخابات المجالس المحلية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتعتزم الكتلة التي تحظى بأغلبية النصف زائد واحد بمجلسها (16 عضواً) استجواب المحافظ عبد القادر الدخيل على خلفية عدم التزامه بقرارها القاضي بإقالة 21 من أصل 30 مسؤولاً وقائمقام ومدير وحدة إدارية في المحافظة.

وتؤكد مصادر مطلعة أن نائب رئيس مجلس محافظة نينوى محمد الجبوري جمع تواقيع أعضاء تحالف «نينوى المستقبل» البالغ عددهم 16 عضواً لاستجواب المحافظ الذي رفض تنفيذ قرار الإقالة الذي أصدره المجلس قبل نحو أسبوعين.

أعضاء في مجلس نينوى خلال تصويتهم على قرار إقالة مسؤولين إداريين في المحافظة (إكس)

وتقول المصادر إن الجلسة كان مقرراً لها الانعقاد مساء الأربعاء، «لكن جهات سياسية في بغداد اعترضت على ما قام به الجبوري، وحذرت من مغبة المضي في قرار من هذا النوع، ما اضطر أمانة سر المجلس إلى تبليغ الأعضاء بتأجيل الجلسة».

وسبق أن قامت «الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات» التابعة لرئاسة الوزراء العراقية، في 7 يوليو (تموز) الجاري، بإيقاف إجراءات جلسة مجلس محافظة نينوى التي قرر فيها المجلس تغيير رؤساء الوحدات الإدارية.

لكن مجلس المحافظة ردّ في حينها على الهيئة العليا، وتمسك بحقه في استبدال وإقالة المسؤولين المحليين بالاستناد إلى نصّ المادة 115 الدستورية المتعلقة بصلاحيات مجالس المحافظات، والذي يقول إن «كل ما لم ينصّ عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، والصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، تكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، في حالة الخلاف بينهم».

نجم الجبوري محافظ نينوى السابق على يسار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال افتتاح مشروع عمراني في الموصل يونيو الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

لكن الحكومة الاتحادية في بغداد ما زالت مصرة على عدم السماح لتحالف «نينوى المستقبل» بالتصرف تبعاً لأغلبيته العددية وهي أغلبية «مطعون» في قوتها، ذلك أن «تحالف نينوى الموحدة» الذي يقوده نجل محافظ نينوى السابق نجم الجبوري حصل على أعلى نسبة من المقاعد في المجلس، وبرصيد 5 أعضاء... ويصل العدد إلى 13 عضواً بعد التحالف مع كتلة «الحزب الديمقراطي الكردستاني» وكتل أخرى.

لكن تحالف «نينوى المستقبل» الذي تقوده قوى «الحشد الشعبي» ممثلة برئيس الحشد فالح الفياض، ورئيس تحالف «بابليون» ريان الكلدان، سعى إلى الالتفاف على نتائج الانتخابات، وتمكن من جمع 16 مقعداً في المجلس من إجمالي 29 مقعداً، وبذلك ضمن أغلبية النصف زائداً واحداً المطلوبة لإصدار قرارات الإقالة والتعيين... ويعتقد خصومهم في المجلس أن قرارات الإقالة «لم تلتزم المعايير القانونية والدستورية، وخضعت لعوامل عديدة، من ضمنها السعي لاستبعاد معظم الشخصيات المقربة والمرتبطة بتحالف نينوى الموحد، والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني».

وتقول مصادر مقربة من الحكومة العراقية إنها «تسعى إلى تهدئة الأمور في ثالث أكبر محافظة في البلاد، وسبق أن تعرضت لاحتلال (داعش) عام 2014، ولا تريد أن تعيش المحافظة حالة استقطاب جديدة بين كتلها السياسية قد تؤدي إلى زعزعة استقرارها».

وسبق أن قال محافظ نينوى إن رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني «تواصل معي شخصياً بعد تغيير المناصب الإدارية ووجه بالتريث في الإجراءات».

من مجلس محافظة نينوى (إكس)

وفيما يرفض الأكراد رفضاً قاطعاً قرار الإقالة لرؤساء الوحدات الإدارية، ترى كتلة مصادر تحالف «نينوى المستقبل» أن من حقها استبدالهم، «خاصة أنهم يشغلون مناصبهم منذ نحو عقدين من الزمن، ومعظمهم مقرب أو مرتبط بعجلة الحزب الديمقراطي الكردستاني».

ومع ذلك، يتفق معظم المراقبين لأوضاع محافظة نينوى على أن «قوى الإطار التنسيقي في بغداد بيدها الحل والعقد لمشكلة نينوى» علماً بأن هذه القوى لم يكن لها نفوذ يذكر قبل صعود «داعش» في معظم مدن المحافظة قبل يونيو 2014.

وكان محافظ نينوى عبد القادر الدخيل قد دعا، الاثنين الماضي، نواب ووزراء نينوى وأعضاء مجلس المحافظة «للجلوس على طاولة حوار لدرء هذه المشكلات من أجل المضي بالإعمار والخدمات». لكن دعوته لم تجد الاستجابة المطلوبة، وليس من الواضح بشكل مؤكد مآل الأمور إذا ظلت الأطراف المتنافسة متمسكة بمواقفها.