آيزنكوت يطرح خطة جديدة لـ«اليوم التالي بعد حماس»

قدّم مساراً مختلفاً لمسار نتنياهو ينسجم مع الرغبة الأميركية لكنه بعيد عن طموح الفلسطينيين... و«الشرق الأوسط» تنشر نص الوثيقة

طفل أمام ركام أبنية دمّرتها غارات إسرائيلية على مخيم المغازي جنوب قطاع غزة... الجمعة (إ.ب.أ)
طفل أمام ركام أبنية دمّرتها غارات إسرائيلية على مخيم المغازي جنوب قطاع غزة... الجمعة (إ.ب.أ)
TT

آيزنكوت يطرح خطة جديدة لـ«اليوم التالي بعد حماس»

طفل أمام ركام أبنية دمّرتها غارات إسرائيلية على مخيم المغازي جنوب قطاع غزة... الجمعة (إ.ب.أ)
طفل أمام ركام أبنية دمّرتها غارات إسرائيلية على مخيم المغازي جنوب قطاع غزة... الجمعة (إ.ب.أ)

في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة الإسرائيلية اليمينية تطبيق سياسة تهدف إلى تعميق الاحتلال على الأرض وتوسيع الاستيطان وفرض أمر واقع جديد على قطاع غزة يعرقل الخروج نحو أفق سياسي، طرح عضو مجلس قيادة الحرب، غادي آيزنكوت، خطة خاصة به لليوم التالي بعد حكم «حماس»، لتكون بديلاً عن الخطة التي طرحها الشهر الماضي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولاقت رفضاً شاملاً من الفلسطينيين والولايات المتحدة والمجتمع الدولي.

ومع أن مضمون خطة آيزنكوت يندرج في إطار مفاوضات إسرائيلية داخلية حول مصير الفلسطينيين، إلا أنه يطرح مقترحات لحلول مؤقتة، تهدف إلى وقف التدهور الذي يحصل في المناطق الفلسطينية بفعل إجراءات الحكومة والمستوطنين. ولكن اقتراحاته تضع جانباً الطموحات الفلسطينية لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. فيقترح تأجيل تنفيذ الحل الدائم للقضية الفلسطينية خمس سنوات يتم خلالها اختبار القيادات الفلسطينية إن كانت تلتزم بما سماها «مكافحة الإرهاب والتحريض على إسرائيل»، وتكون أجهزة الأمن الإسرائيلية مسيطرة على الأمن من البحر إلى النهر وتتواصل عملية تصفية قدرات «حماس» العسكرية.

الوزير غادي آيزنكوت (رويترز)

وكان نتنياهو قد طرح خطته في 22 فبراير (شباط)، تحت العنوان نفسه «اليوم التالي ما بعد حماس»، واستبعد فيه أي حلول جدية للقضية الفلسطينية. وجاء مقترح آيزنكوت، بديلاً، من خلال رؤيته أن الحكومة التي ينتمي إليها تفرض واقعاً على الأرض يُحدث تغييراً جذرياً في الوضع الفلسطيني ويمنع أي فرصة للمجيء بتسوية. لذلك يتحدث بوضوح عن رفض المشاريع الاستيطانية في غزة والضفة الغربية والحرص على علاقات إسرائيل الدولية والإقليمية، خصوصاً مع الولايات المتحدة ومع «دول السلام العربية».

وقد أُعدت وثيقة آيزنكوت بمشاركة فريق أمني استراتيجي رفيع من معهد «مايند يسرائيل»، برئاسة عاموس يدلين، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية، وعضوية كل من العقيد رام يبنيه، الرئيس السابق لشعبة الاستراتيجية في الجيش، ود.أفنر غولوب، رئيس دائرة السياسات الخارجية في مجلس الأمن القومي. والمعهد المذكور أسّسه يدلين لدى إنهائه مهمته رئيساً لمعهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب في السنة الماضية، ليكون بمثابة مُعين لدولة إسرائيل يساعدها في سياساتها. وقد طُرحت الوثيقة في اجتماع مجلس قيادة الحرب، حيث طلب آيزنكوت إجراء مداولات حول مضمونها وإقرارها كخطة استراتيجية للحكومة الإسرائيلية.

نتنياهو خلال تقديمه العزاء لرئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت في مقتل ابنه غال مائير بمعارك غزة بمقبرة هرتزيليا يوم 8 ديسمبر الماضي (أ.ب)

وفيما يلي نص الوثيقة، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها:

العنوان: اليوم التالي بعد «حماس» في قطاع غزة

الرؤية: دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية قوية آمنة ومزدهرة

مبادئ:

للمدى القريب

● السعي إلى تفكيك «حماس»: استمرار عملية الجيش الإسرائيلي لضرب قدرات «حماس» العسكرية وقدرتها على الحكم، لغرض خلق ضغط يؤدي إلى إبرام صفقة المخطوفين ومنع التهديد لإسرائيل من قطاع غزة لمدى طويل.

● الدفع بصفقة المخطوفين وإعادتهم كواجب أخلاقي وموضوع ذي أهمية ملحّة قصوى.

● إنشاء تحالف أميركي - إسرائيلي - عربي:

- نقل مسؤولية علاج قضايا المدنيين في قطاع غزة من إسرائيل إلى عنصر فلسطيني محلي بمراقبة دولية وإقليمية بالتنسيق مع إسرائيل.

- منع تقوية «حماس» في غزة وفي الضفة الغربية.

- وقف المواجهة مع «حزب الله» في لبنان بشكل يضمن عودة المواطنين الذين جرى إجلاؤهم بشكل آمن.

- تقوية العلاقات مع دول السلام.

- التقدم في العلاقات مع السعودية ودول عربية وإسلامية أخرى.

- الاستعداد لمجابهة جميع التهديدات القادمة من إيران مع التركيز على برنامجها النووي ونشاطها في المنطقة.

إسقاط مساعدات غذائية فوق غزة... الجمعة (رويترز)

التوافق على رؤية إسرائيلية - أميركية مشتركة في الحلبة الفلسطينية بديلاً عن مطلب الدولة الفلسطينية يستند إلى كيان فلسطيني يعبر ثلاثة اختبارات:

1. تعمل على وقف الإرهاب ضد إسرائيل.

2. توقف التحريض ضد إسرائيل في مناهج التعليم الرسمية وغير الرسمية في الساحة الدولية.

3. توقف المدفوعات للإرهابيين.

للمدى المتوسط

1. المستوى الأمني

● تحافظ إسرائيل على حرية النشاط العملياتي في قطاع غزة وعلى مسؤولياتها الأمنية التي ستزداد مع نقل المسؤولية لعنصر حاكم آخر، وذلك لأجل منع تعاظم أو بناء قاعدة إرهابية في قطاع غزة.

● حزام أمني على الحدود ما بين إسرائيل وقطاع غزة يبقى ما دامت له ضرورة.

● إسرائيل تتيقن من وجود «إغلاق جنوبي» على حدود رفح – مصر لمنع تعاظم جديد (لحماس)، وذلك بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة، من خلال المراقبة ومنع التهريب من فوق الأرض وتحتها لمدى بعيد.

● إسرائيل تسيطر أمنياً في كل المنطقة الممتدة من غربي الأردن بما في ذلك غلاف غزة والضفة الغربية (براً وبحراً وجواً وفي كل الفضاء)، وذلك لمنع تعاظم قوة عناصر الإرهاب وللتخلص من التهديدات لإسرائيل. ويتم كل هذا من دون منع المساعدات الإنسانية والتطوير الاقتصادي.

قطعة بحرية إسرائيلية خلال دورية قرب سواحل غزة... الجمعة (رويترز)

● نزع سلاح تام في قطاع غزة يمنع أي قدرات عسكرية. نزع السلاح هذا ينفَّذ بواسطة قيام إسرائيل بتخفيض قدرات العدو والتمسك بالمسؤولية الأمنية المتنامية وبناء منظومة نزح سلاح للسلطة المحلية تحت مراقبة الولايات المتحدة. وتقام قوة عسكرية لغرض ضمان سلطة القانون فقط.

2. المستوى المدني

● إدارة الشؤون المدنية – الاقتصادية لسكان غزة بواسطة عنصر فلسطيني تكنوقراطي، خاضع لمراقبة مجموعة من «الدول العربية الخمس» والولايات المتحدة والمجتمع الدولي. لن يستطيع عنصر الإدارة المدنية الحصول على تمويل أو أي دعم من عناصر الإرهاب أو من جهات تدعم الإرهاب.

● «حماس» بوصفها تنظيماً عسكرياً أو مجتمعياً ما دامت تُحدد على أنها تنظيم إرهابي لا تحصل على قسط من أي حكم في غزة أو الضفة الغربية ولا يُسمح لها بالمشاركة في الانتخابات. قيام حكومة فلسطينية يجب ألا يمس بقدرات إسرائيل في العمل لمنع تعاظم قوة «حماس».

● عملية الإصلاح في شبكة التعليم في قطاع غزة والضفة الغربية تكون من خلال الاستعانة بأعضاء مجموعة الدول العربية الخمس، التي تملك تجربة في دفع مناهج خالية من التطرف في مجتمعاتها.

● تعمل إسرائيل على إغلاق وكالة «أونروا» التي كان موظفوها متورطين في مذبحة 7 أكتوبر (تشرين الأول)، مع نقل المسؤولية عن مدارسها بالتدريج إلى الجهة التي تدير شؤون قطاع غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. نقل مسؤولية خدمات الوكالة إلى جهات دولية أخرى.

● عملية ترميم قطاع غزة تكون مشروطة بعملية جعل القطاع منطقة منزوعة السلاح والحفاظ على وضعها هذا، وذلك وفقاً للمعايير التي توضع سلفاً ما بين إسرائيل والولايات المتحدة. خطة الترميم تنفَّذ بمراقبة دولية وإقليمية تكون مقبولة إسرائيلياً.

● المساعدات الإنسانية – لا توجد لدى إسرائيل سياسة تجويع لسكان غزة، رغم أن الجماهير الغزاوية شاركت بشكل عميق في مذابح 7 أكتوبر والاحتفاظ بالمخطوفين في حينه. مع ذلك، تكون المساعدات محدودة حتى يتم إطلاق سراح المخطوفين وتقديمها بواسطة كل عنصر دولي إيجابي ينسق الأمر مع إسرائيل.

مسيرة تنادي بإطلاق المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة «حماس» في تل أبيب يوم الثلاثاء (رويترز)

للمدى البعيد

● كل تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين تكون عبر المفاوضات المباشرة بين الطرفين، وتنفَّذ بعد خمس سنوات، يجري خلالها اختبار قدرة الفلسطينيين على تنفيذ إصلاحات شاملة في السلطة ونزع السلاح وإعمار قطاع غزة، وفق مراقبة دولية وإقليمية.

● لا يعطى أي التزام إسرائيلي في السنوات الخمس القادمة لإقامة دولة فلسطينية، إذ إن أمراً كهذا سيُفهم على أنه هدية لـ«حماس».

● إسرائيل تصرّح وتعمل على منع «الانزلاق» إلى حل الدولة الواحدة في الضفة الغربية.


مقالات ذات صلة

الخليج السعودية عدّت ممارسات إسرائيل في «الأقصى» تعدياً صارخاً (د.ب.أ)

السعودية تدين استمرار انتهاكات إسرائيل في فلسطين وسوريا

دانت السعودية اقتحام وزير الأمن القومي لباحة المسجد الأقصى، وتوغل قوات الاحتلال في الجنوب السوري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية كشافة يستقبلون الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بلافتات تقول إحداها: «نريد الحياة لا الموت» في بيت لحم الثلاثاء (رويترز)

توتر في العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان بسبب قتل الأطفال في القطاع

تطرّق رجال الدين في معظم الكنائس المسيحية في العالم، خلال كرازة عيد الميلاد المجيد، للأوضاع في غزة، متعاطفين مع الضحايا الفلسطينيين.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي تسبب القصف الإسرائيلي على غزة في استشهاد أكثر من 45 ألف فلسطيني أكثر من نصفهم نساء وأطفال (رويترز)

تجمدوا حتى الموت... البرد يودي بحياة 3 أطفال في غزة

توفي 3 أطفال فلسطينيين في الساعات الـ48 الماضية بسبب البرد الشديد، حيث قال الأطباء إنهم تجمدوا حتى الموت أثناء وجودهم في مخيمات غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون خيما قصفتها القوات الإسرائيلية في وقت سابق لدى مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة (أ.ف.ب)

عشرات القتلى والجرحى جراء قصف إسرائيلي في غزة

قال مسعفون في ساعة مبكرة من صباح اليوم الخميس إن خمسة أشخاص قتلوا وأصيب العشرات جراء قصف إسرائيلي لمنزل بحي الزيتون بمدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لبنان يتطلع إلى «أفضل علاقات الجوار» مع الحكومة الجديدة في سوريا

سوريون في منطقة بالقرب من معبر المصنع الحدودي اللبناني مع سوريا (د.ب.أ)
سوريون في منطقة بالقرب من معبر المصنع الحدودي اللبناني مع سوريا (د.ب.أ)
TT

لبنان يتطلع إلى «أفضل علاقات الجوار» مع الحكومة الجديدة في سوريا

سوريون في منطقة بالقرب من معبر المصنع الحدودي اللبناني مع سوريا (د.ب.أ)
سوريون في منطقة بالقرب من معبر المصنع الحدودي اللبناني مع سوريا (د.ب.أ)

قال لبنان، اليوم (الخميس)، إنه يتطلع إلى «أفضل علاقات الجوار» مع سوريا، في أول رسالة رسمية للإدارة الجديدة في دمشق.

وذكرت وزارة الخارجية اللبنانية على موقع «إكس» أن وزير الخارجية عبد الله بوحبيب نقل الرسالة إلى نظيره السوري، أسعد حسن الشيباني، خلال اتصال هاتفي.

وشهد الأسبوع الحالي زيارة هي الأولى لزعيم ومسؤول لبناني إلى دمشق، بعد سقوط نظام بشار الأسد؛ حيث التقى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» السابق، وليد جنبلاط، القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، في «قصر الشعب».

تعهَّد الشرع بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة هذا البلد المجاور. وبينما لفت إلى أن «المعركة أنقذت المنطقة من حربٍ إقليميّة كبيرة، وربما من حرب عالمية»، أكد أن «سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني، وهي تقف على مسافة واحدة من الجميع».

ووقَّع لبنان مع سوريا 42 اتفاقية، أغلبها بعد عام 1990. لكن لم تأخذ طريقها إلى التطبيق، وما طُبِّق منها صبّ في المصلحة السورية، أبرز هذه الاتفاقيات: «معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق»، و«اتفاقية الدفاع والأمن»، و«اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي»، و«اتفاق نقل الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية».

اقرأ أيضاً