معارك جنوب لبنان تخفت وتحتدم على وقع مفاوضات غزة ووضع الميدان

إرساء قواعد اشتباك جديدة 

جبهة جنوب لبنان عادت إلى السخونة بعد هدوء نسبي (أ.ف.ب)
جبهة جنوب لبنان عادت إلى السخونة بعد هدوء نسبي (أ.ف.ب)
TT

معارك جنوب لبنان تخفت وتحتدم على وقع مفاوضات غزة ووضع الميدان

جبهة جنوب لبنان عادت إلى السخونة بعد هدوء نسبي (أ.ف.ب)
جبهة جنوب لبنان عادت إلى السخونة بعد هدوء نسبي (أ.ف.ب)

بعد أكثر من أسبوع على تراجع غير مسبوق في حدة المواجهات العسكرية على جبهة الجنوب اللبناني، التي قرر «حزب الله» أن يتخذها منطلقاً لعمليات عسكرية دعماً لغزة، عادت هذه الجبهة في الساعات الماضية لتسخن من دون مقدمات، ولتتوسع عمليات إسرائيل لتشمل بعلبك والبقاع الغربي شرق البلاد.

وعادت حدة المواجهات بعيد إعلان «حزب الله» عن استخدام مسيرتين لاستهداف منصتين للقبة الحديدية في مستعمرة «كفار بلوم» الواقعة في الجليل الأعلى، فكان الرد الإسرائيلي باستهداف بعلبك، كما إحدى السيارات في منطقة البقاع الغربي، وهي تُستهدف للمرة الأولى منذ «طوفان الأقصى».

وبدا واضحاً أن طرفي الصراع؛ أي «حزب الله» وإسرائيل، اللذين التزما منذ حرب يوليو (تموز) 2006 بقواعد اشتباك معينة، باتا بعد اندلاع المواجهات الأخيرة بينهما يلتزمان بشكل غير معلن قواعد جديدة تقول إنه حين يستخدم الحزب مسيّرات أو يلجأ لعمليات نوعية، يتم استهداف منطقة بعلبك كما يتم توسيع رقعة المناطق اللبنانية المستهدفة.

وبعدما نعى «حزب الله» آخر عناصره في الثاني عشر من الشهر الحالي، عاد الأحد لينعى اثنين من عناصره مع عودة الزخم العسكري إلى الجبهة الجنوبية.

الوضع الميداني يتحكم بالجبهة

وبينما يرى كثيرون أن تراجع العمليات وتزخيمها مرتبطان بمسار التفاوض للوصول إلى هدنة في غزة، وكذلك بتفاهمات غير معلنة بين إسرائيل و«حزب الله» تتم عبر وسطاء، يرى آخرون أن إعطاء تل أبيب الأولوية لمسألة رفح واستبعاد احتمال تدخل واشنطن لمساعدتها في أي حرب موسعة على لبنان، في ظل الخلافات الكبيرة بين الإدارتين الإسرائيلية والأميركية، عوامل تؤدي إلى تراجع وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية جنوباً، وأن هذه العمليات باتت في إطار رد الفعل على ما يقوم به الحزب.

وتشير مصادر «حزب الله» إلى أن «العمليات تخفت حيناً وتحتدم حيناً آخر حسب الأوضاع الميدانية»، نافية لـ«الشرق الأوسط» أن تكون هناك أي مستجدات أخرى تجعل الجبهة أكثر هدوءاً.

وتوضح مصادر مطلعة على جو الحزب لـ«الشرق الأوسط» أن «العمليات التي ينفذها (حزب الله) ضد المراكز العسكرية الإسرائيلية مستمرة وبالوتيرة نفسها»، لافتة إلى أن «ما يجب التوقف عنده هو امتناع إسرائيل لأكثر من 12 يوماً عن تعقب السيارات جنوب لبنان لاقتناص أهداف معينة، كما امتناعها عن القصف داخل القرى»، مضيفة: «هي قد تكون اقتنعت بأنها غير قادرة على جر الحزب إلى الحرب الموسعة كما جر واشنطن للقتال عنها في لبنان، أضف إلى ذلك أن (حزب الله) نجح في سدّ ثغرات كثيرة كانت تنفذ إسرائيل منها لإيقاع شهداء في صفوفه».

تجاوز مشروع الحرب المفتوحة

ويرى الناشط السياسي المعارض لـ«حزب الله» علي الأمين أن «تراجع حدة الاشتباكات وعمليات القصف على مناطق جنوب لبنان أحياناً لا يعكس مسار تهدئة أو هدنة، طالما أنه لا اتفاق بعد على تسوية بين الطرفين»، مرجحاً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون «صيغة المناوشات الحالية تمهد لعمليات إسرائيلية طويلة المدى، وبوتيرة تبقي الجبهة مفتوحة وخاضعة لتصعيد وتهدئة، إلى حين التوصل إلى تسوية يبدو أنها تحتاج إلى وقت أكثر».

ويضيف الأمين: «لذلك فإن التهدئة الظاهرة أو المناوشات الجارية ربما تعبر عن تجاوز مشروع الحرب المفتوحة والاستغناء عنها، لصالح خيار استنزاف (حزب الله) وممارسة فعل الاغتيال والتصيّد لكوادره ولو على فترات متباعدة، لكنها دائمة ومستمرة إلى أجل غير مسمى».

ويشير الأمين إلى أن «إسرائيل فرضت إيقاعاً للمواجهة في هذه الحرب نسف ما كان يسمى قواعد الاشتباك التي كان (حزب الله) يتمسك بها ويهدد عبرها إسرائيل بأن استهداف المدن والمدنيين والمقاتلين سيقابل بالمثل»، لافتاً إلى أن «هناك إيقاعاً تبدو إسرائيل أكثر تحكماً فيه من (حزب الله)، ويعكس طول اليد الإسرائيلية في استهداف (حزب الله) ولبنان».

تفاهم غير معلن

من جهته، يربط أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية الدكتور هلال خشان بين تراجع حدة المواجهات جنوباً في فترة من الفترات والزيارة التي قام بها مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا إلى الإمارات، مذكراً بأن «علاقة الإمارات مع إسرائيل ممتازة، والرئيس السوري بشار الأسد توسط لـ(حزب الله) لتحريك ملف موقوفي الحزب في الإمارات»، مستبعداً أن تكون المداولات طالت حصراً هذا الملف، كما يؤكد «حزب الله»، و«إنما لاحظت تفاهماً ما غير معلن بشأن تخفيف العمليات واقتصار الضربات على أهداف لا تؤدي لأضرار كبيرة وخسائر بشرية».

ويرى خشان أن «الحزب يريد أن يجد طريقة ليخرج من المأزق الذي وضع نفسه فيه، ويعلم أن وقف العمليات نهائياً مرتبط بانسحابه مجدداً إلى شمالي الليطاني، وهذا يمكن أن يجدوا له إخراجاً مناسباً حين يحين الوقت»، مضيفاً: «قضية غزة معقدة وهذا سيبقي الجبهة اللبنانية مفتوحة راهناً، ولكن بوتيرة أخف عن تلك التي كانت قائمة سابقاً. فإسرائيل تتعرض لضغوط أميركية كبيرة، لذلك تركز حالياً على مسألة رفح لتعالج مسألة جنوب لبنان في وقت لاحق».

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أكد أن حكومته «مستمرة في اتصالاتها الدبلوماسية دولياً وعربياً لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان»، مشيراً إلى أن «نتائج هذه الاتصالات تبدو حتى اللحظة إيجابية، من دون إغفال مسألة أساسية، وهي أنه لا يمكن الرهان على أي موقف إيجابي أو ضمانة يقدمها العدو الإسرائيلي».

أما الموفد الأميركي آموس هوكستين، الذي زار لبنان مطلع الشهر، فحمل «رسالة تهديد» إلى المسؤولين اللبنانيين بأن «الهدنة في غزة لن تمتد بالضرورة تلقائياً إلى لبنان»، مؤكداً أن «التصعيد أمر خطير ولا شيء اسمه حرب محدودة».


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مقتل مسلح وإصابة 3 أفراد أمن بإطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في عمّان

أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان
أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان
TT

مقتل مسلح وإصابة 3 أفراد أمن بإطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في عمّان

أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان
أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان

أعلنت قوات الأمن الأردنية، فجر اليوم (الأحد)، مقتل مسلح بعد فتحه النار على عناصر أمن في منطقة السفارة الإسرائيلية بالعاصمة الأردنية عمان، مشيرة إلى إصابة ثلاثة من أفراد الأمن العام أثناء العملية.

وذكرت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، أن مديرية الأمن العام «تعاملت فجر اليوم الأحد مع حادثة إطلاق عيارات نارية تجاه إحدى الدوريات العاملة في منطقة الرابية في العاصمة عمان... مما أسفر عن مقتل الجاني».

من جانبه، قال وزير الاتصال الحكومي والمتحدث باسم الحكومة الأردنية محمد المومني إن حادثة إطلاق النار «تعد اعتداءً إرهابياً» على قوات الأمن. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية عن المومني قوله «استقرار الأردن وأمنه خط أحمر ولن يسمح لأي كان العبث به».

وكانت وكالة «رويترز» للأنباء، قد نقلت عن شهود عيان، قولهم إن الشرطة الأردنية فرضت طوقاً أمنياً في محيط السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمان بعد سماع طلقات نارية.

وذكر شاهدان أن سيارات الشرطة والإسعاف هرعت إلى حي الرابية حيث توجد السفارة، بعد سماع إطلاق نار متقطع.

وقال مصدر أمني، إن الشرطة ناشدت السكان بالبقاء في منازلهم بينما يبحث أفراد الأمن عن مطلقي الرصاص.

والمنطقة القريبة من السفارة التي تخضع لحراسة مكثفة من المناطق المعروفة التي تنظم بها احتجاجات عادة ضد إسرائيل.

وشهد الأردن بعض أكبر الاحتجاجات السلمية في المنطقة مع تصاعد المشاعر المعادية لإسرائيل بسبب الحرب في غزة.