انتهت صلاة الجمعة الثانية من شهر رمضان في المسجد الأقصى بدون أي مظاهر عنف، فيما واصلت الشرطة الإسرائيلية تعزيز انتشارها في البلدة القديمة في القدس مع استمرار الحرب في غزة وتصاعد المواجهات في الضفة الغربية المحتلة.
وقال الشيخ عزام الخطيب مدير دائرة الأوقاف الإسلامية وشؤون المسجد الأقصى، لوكالة الصحافة الفرنسية، «صلى اليوم نحو 180 ألف مصل في الأقصى وجرت الصلاة بسلام وهدوء».
وقالت الشرطة الإسرائيلية، في بيان، إن «آلافا من عناصرها انتشروا في جميع أنحاء القدس ومحيطها، فيما وصل عشرات الآلاف من المصلين إلى المسجد الأقصى بشكل حر وآمن إلى جانب الحفاظ على جوانب الأمن والسلامة المطلوبة».
وفي باحات الأقصى انتشرت مجموعات النظام التابعة للأوقاف الإسلامية بستراتها الزرقاء. كما شارك نحو مئة وخمسين عنصرا من الكشافة المقدسية الذين ارتدوا سترات بنفسجية.
وقال محمد الخطيب (49 عاما) من بلدة حزما في محيط القدس والتي تعتبرها إسرائيل ضمن الضفة الغربية، «نحن كشافة مفوضية القدس وصلنا بالتنسيق مع الإسرائيليين إلى القدس لحفظ النظام، وخضعنا لتفتيش دقيق على الحواجز».
وقالت معزوزة شاكر محمد فرج ( 64 عاما) التي وصلت من مخيم طولكرم إنها غادرت في الساعة السادسة والنصف صباحا ووصلت في التاسعة والنصف، مشيرة إلى أنها تحمل تصريحا إسرائيليا وهوية ممغنطة للدخول.
كانت معزوزة تعمل في إسرائيل في قطف الخضر والفاكهة قبل الحرب كونها أرملة وتعيل ابناءها. وأضافت «فرحنا عندما وصلنا إلى الأقصى وصلينا».
صور قد لا تتكرر
أما زينب رمضان فريج (70 عاما) التي خطت التجاعيد وجهها فهي أيضا من مخيم طولكرم وكانت تعمل في الزراعة قبل الحرب.أكدت أن الوضع في طولكرم «ليس على ما يرام بسبب المداهمات لمخيم نور شمس»، مشيرة إلى أن مدينة القدس «حزينة والمعابر تكاد تكون خالية من الناس».
نشط الفلسطينيون الذين قدموا للصلاة في الأقصى في التقاط صور تذكارية مع عائلاتهم على درجات الصخرة المشرفة.وقال مصطفى الشيخ ( 62 عاما) الذي وصل من بلدة عناتا مع زوجته «نشعر بالغبطة لوصولنا للأقصى فمئات الآلاف محرومون الوصول إليه».
وأضاف «أردت التقاط صور اليوم لأنني لا أعرف ما إذا كنا سنتمكن من الوصول في الأسابيع المقبلة، فلا يمكن التنبؤ بتصرفات الإسرائيليين».
من جهتها، حملت المعلمة رباب هادية (49 عاما) من مدينة القدس ورقة كبيرة كتبت عليها بالعربية «الجمعة الثانية لرمضان.. الأقصى يشتاق إلينا في السنة 1445هجري».
وقالت رباب «صديقتي لينا تقيم في أميركا منذ عشرين عاما. التقطت بعض الصور وسأرسلها إليها لأنها تحب الأقصى وتشتاق إليه».
«حساس جدا»
قبل حلول شهر رمضان بأسابيع كانت كل صلاة في الأقصى تنتهي بمواجهات، واستخدمت الشرطة الإسرائيلية العنف حتى مع الصحافيين، الأمر الذي زاد المخاوف من استمرار المشهد الساخن في شهر الصوم.
وقال المحلل الإسرائيلي كوبي ميخائيل من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الهدوء السائد حتى اليوم سببه أن الشرطة تنشر أعدادا كبيرة من عناصرها مع وجود ضباط كبار منها في المدينة، لأن موضوع الأقصى حساس جدا».
وأضاف «كما أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو تدخل بنفسه في مسألة دخول الفلسطينيين للأقصى في رمضان»، لافتا النظر إلى أن «المصلين الفلسطينيين معنيون بأن يؤدوا الصلاة بهدوء بدون الانصياع لتعليمات حماس، كما أن الشرطة تقوم بملاحقة المحرضين على وسائل التواصل الاجتماعي».
وتحدث خطيب الأقصى في خطبته عن معاناة المدنيين في غزة، وقال مخاطبا المصلين «لا تنسوا إخوانكم في غزة الذين ينامون في العراء بلا أكل وبلا سقف يأويهم».اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عقب هجوم شنّته «حماس» على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصا، حسب حصيلة أعدّتها وكالة الصحافة الفرنسية تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.
وتقدّر إسرائيل أنّ نحو 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 33 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصا اختطفوا في هجوم «حماس».
وتوعدت بالقضاء على «حماس» ونفّذت حملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع، ما أسفر عن مقتل نحو 32 ألف شخص وخلف 74188 جريحًا غالبيتهم نساء وأطفال، حسب وزارة الصحة في غزة.
ومن عرعرة النقب وصل محمد أبو عرار (69 عاما) متكئا على عصاه مع ابنه رامي 10 سنوات. وقال إن «الدخول إلى الأقصى فيه راحة للنفس فهو أقدس مكان بعد مكة».