التحالف الحاكم في العراق يتجنب أزمة المحكمة الاتحادية

حملة سياسية لتأييد القضاء ضد «حملة ممنهجة»... ولا دعوات للتحقيق في اتهامات الجبوري

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (واع)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (واع)
TT

التحالف الحاكم في العراق يتجنب أزمة المحكمة الاتحادية

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (واع)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (واع)

تجنبت قوى سنية وكردية التفاعل مع اتهام رئيس المحكمة الاتحادية العراقية بتهديد نائب في البرلمان، فيما أطلقت قوى شيعية ومسيحية حملة تأييد، ونددت ما وصفتها بـ«الحملة الممنهجة» ضد القضاء.

وادعى النائب السابق مشعان الجبوري أن رئيس المحكمة الاتحادية، القاضي محمد جاسم العميري، هدّده بسحب عضويته على خلفية المشاركة في التحالف الثلاثي بين التيار الصدري وأحزاب كردية وسنية، قبل نحو عامين، وفجّرت تصريحات الجبوري جدلاً واسعاً؛ إذ رأى سياسيون أنها تضع المحكمة الاتحادية على المحك إذا ثبتت صحتها.

ودعت أوساط سياسية ومجتمعية إجراء تحقيق في صحة اتهامات الجبوري لقاضي المحكمة الأول من عدمها.

وأصدرت المحكمة الاتحادية بياناً على موقعها الإلكتروني، وبصيغة بدت مغايرة عن بياناتها الرسمية المعتادة، قالت فيه إنها «تتعرض إلى هجمة معروفة الأهداف والنوايا»، دون أن تشير إلى أنها ستحقق في مزاعم النائب.

النائب السابق مشعان الجبوري (إكس)

صدمة سياسية

وشكل بيان المحكمة صدمة لكثيرين كانوا يتوقعون اتخاذ إجراءات قانونية بحق النائب في حال عدم صحة اتهامه، فيما وجده مراقبون «تخريجة» مناسبة للقوى المؤيدة للمحكمة الاتحادية لا سيما «الإطار التنسيقي» الشيعي وقوى تركمانية ومسيحية لديها خصومة مع خصوم الاتحادية، بالدرجة الأولى «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، وزعيم حزب «تقدم» محمد الحلبوسي الذي أسقطت المحكمة الاتحادية عضويته العام الماضي، مما أفقده منصبه رئيساً للبرلمان.

وقالت المحكمة، في بيانها، إن «مهمتها هو التطبيق الصحيح للدستور العراقي بما يضمن وحدة العراق، وبناء نظام جمهوري نيابي برلماني ديمقراطي، يقوم على أساس التداول السلمي للسلطة، والتوزيع العادل للثروات، مضافاً إلى الأسس الدستورية الأخرى، لغرض بناء الدولة بالشكل الذي يحقق إشاعة العدل ورفع الظلم والحفاظ على الأموال العامة وتوظيفها لمصلحة الشعب، وتحقيق السيادة للقانون».

وأشار البيان إلى أن «المحكمة الاتحادية العليا تتعرض، ونتيجةً لقراراتها التي اتخذتها صوناً للدستور، إلى هجمة إعلامية داخلية وخارجية لثنيها عن إكمال واجباتها الدستورية تجاه الوطن والشعب، ونعتقد أن هذه الهجمة مسيسة هدفها الإساءة إلى سمعة المحكمة، واستهداف شرعيتها، وتعدّ مساساً باستقلال القضاء مما يقتضي اتخاذ كافة السبل القانونية اللازمة لردعها وإفشالها».

حملة تأييد

طبقاً للخريطة السياسية العراقية، وما تتضمنه من تحالفات وتحالفات مضادة، فإن حملة التأييد للمحكمة الاتحادية دون التحقق من صحة الاتهام من عدمه تعكس طبقاً لما تحدث به لـ«الشرق الأوسط» سياسي عراقي «أزمة ثقة واختلالاً هيكلياً في معادلة السلطة في العراق، بعد التغيير الذي مضى عليه بالضبط 21 عاماً، دون أن يلوح في الأفق ما يوحي بوجود تحول منهجي نحو بناء دولة، والخلاص مما اصطلح عليه العملية السياسية بعد عام 2003 وإلى اليوم».

وأضاف السياسي الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، أن «هناك تداخلاً في السلطات والنفوذ، بحيث تتداخل المسؤوليات على الرغم من أن الدستور رسم مساراً واضحاً لمبدأ التداول السلمي للسلطة بما لا يسمح بتمدد سلطة أخرى».

وأشار السياسي إلى أن «الاتهام حين يوجه إلى القضاء فهذا يعني وجود أزمة حقيقية في البلد تتطلب معالجة جادة، لا محاولات تغطية عليها لكي تمضي الأمور بالترقيع»، على حد تعبيره.

في المقابل، مسك «الإطار التنسيقي» العصا من المنتصف، وقال في بيان صحافي إنه «ينظر بعين الاحترام والتقدير للمحكمة الاتحادية العليا ورئيسها القاضي جاسم العميري»، مؤكداً «احترامه لقرارات المحكمة وعدم التقليل من شأنها، كما يدعو القوى كافة إلى التزام ذات المنهاج»، دون أن يصعد ضد النائب الجبوري، ولم يدعُ إلى التحقيق في مزاعمه.

رئيس البرلمان بالإنابة حذر من محاولات خطيرة لاستهداف القضاء العراقي (إعلام المجلس)

محاولات خطيرة

وحذر رئيس البرلمان بالإنابة محسن المندلاوي مما أسماها محاولات خطيرة لاستهداف المحكمة الاتحادية، وقال مكتبه الإعلامي، في بيان صحافي، إن المندلاوي أعرب عن دعم السلطة التشريعية للمحكمة الاتحادية العليا؛ بما يُعزز من دورها في حفظ وحدة العراق، وصيانة الدستور، وحماية النظام الديمقراطي الحديث، وتطبيق العدالة وتحقيق سيادة القانون.

ودعا المندلاوي إلى ضرورة دعم جهود المحكمة في التصدي للملفات الوطنية وحفظ الدستور والمال العام.

وفي سياق حملة التأييد، عبرت أحزاب مسيحية وتركمانية في بيانين منفصلين، عن تأييدها للمحكمة الاتحادية ورئيسها، ورفضت «كافة أنواع الإساءة التي تتعرض لها من خلال ادعاءات لا أساس لها، تشكك بمهنية واستقلالية القضاء».

وكتب السياسي غيث التميمي، في منشور على منصة «إكس»، إن ما قاله الجبوري «هو الكشف الأهم منذ تفكك التحالف الثلاثي وعزل الصدر؛ لأنه يضعنا في صورة الدور السياسي للمحكمة الاتحادية، ويجعلنا نفهم كواليس قراراتها الحالية».

وكتب صفاء الأسدي، وهو ناشط مقرب من التيار الصدري، في منشور على منصة «إكس»، إن ما قاله الجبوري «سبب كاف لانهيار النظام السياسي القائم على التهديد والوعيد».

في المقابل، شكك ناشطون مقربون من تحالف «الإطار التنسيقي» الشيعي بتصريحات الجبوري، وصنفوها في إطار «الحملة السياسية ضد المحكمة الاتحادية في صفقة مع (الحزب الديمقراطي الكردستاني)».


مقالات ذات صلة

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

الاقتصاد السوداني ملتقياً ممثلي 24 شركة بريطانية كبرى خلال زيارته المملكة المتحدة (وكالة الأنباء العراقية)

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الأربعاء، أن العلاقة بين العراق وبريطانيا شهدت مشاريع حقيقية بقيمة 1.5 مليار دولار خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن - بغداد)
الاقتصاد أثناء توقيع مذكرة التفاهم بين الجانب العراقي و«بي بي» بحضور وزير النفط حيان عبد الغني (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يوقِّع مذكرة تفاهم مع «بي بي» لتقييم إمكانية إعادة تطوير حقل كركوك والحقول المجاورة

وقَّع العراق مذكرة تفاهم مع شركة «بريتيش بتروليوم» (بي بي) البريطانية، لتقييم إمكانية إعادة التطوير المتكامل لحقل كركوك والحقول المجاورة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال استقباله السوداني في لندن يوم 14 يناير 2025 (أ.ب)

اتفاق بريطاني ــ عراقي على مكافحة تهريب البشر

اتفق العراق والمملكة المتحدة على معالجة الهجرة غير الشرعية، وإعادة الذين لا يملكون حق الوجود في الأراضي البريطانية ضمن اتفاقية شراكة وصفتها بغداد بـ«التاريخية».

«الشرق الأوسط» (لندن) حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق (إكس)

صراع داخل «الإطار التنسيقي» يفضي إلى إقالة محافظ عراقي

صوّت مجلس محافظة ذي قار الجنوبية، الثلاثاء، بالأغلبية على إقالة المحافظ مرتضى الإبراهيمي، في تطور عدّه مراقبون مؤشراً على الانقسام داخل «الإطار التنسيقي».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز) play-circle 01:44

رئيس وزراء العراق: سأوقِّع شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إنه سيوقِّع اتفاق شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا بعد توجُّهه إلى هناك في زيارة رسمية، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الشرع يلتقي وفداً من المفوضية الأممية لحقوق الإنسان في سوريا

المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فولكر تورك (يسار) يلتقي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)
المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فولكر تورك (يسار) يلتقي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)
TT

الشرع يلتقي وفداً من المفوضية الأممية لحقوق الإنسان في سوريا

المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فولكر تورك (يسار) يلتقي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)
المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فولكر تورك (يسار) يلتقي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)

أفادت الوكالة العربية السورية للأنباء، الأربعاء، بأن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع التقى مع وفد من المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، برئاسة فولكر تورك.

وهذه أول زيارة يجريها المفوض الأممي لحقوق الإنسان لسوريا، حيث منعت السلطات في عهد الرئيس السابق بشار الأسد العديد من مسؤولي الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان من دخول البلاد للتحقيق في اتهامات بشأن انتهاكات.

وقالت الأمم المتحدة إن تورك سيزور سوريا ولبنان في الفترة من 14 إلى 16 يناير (كانون الثاني) الحالي، وسيلتقي مع مسؤولين وجماعات من المجتمع المدني ودبلوماسيين وممثلي هيئات تابعة للمنظمة الدولية.