«يوم الحزن الأكبر»... عيد الأم في غزة ينكأ جراح فلسطينيات ثكالى وأبناء يُـتّموا

فلسطينيات يبكين خلال تشييع رجال قُتلوا في القصف الإسرائيلي على غزة (رويترز)
فلسطينيات يبكين خلال تشييع رجال قُتلوا في القصف الإسرائيلي على غزة (رويترز)
TT

«يوم الحزن الأكبر»... عيد الأم في غزة ينكأ جراح فلسطينيات ثكالى وأبناء يُـتّموا

فلسطينيات يبكين خلال تشييع رجال قُتلوا في القصف الإسرائيلي على غزة (رويترز)
فلسطينيات يبكين خلال تشييع رجال قُتلوا في القصف الإسرائيلي على غزة (رويترز)

يمضي الطفل الفلسطيني سعد شحادة (عشر سنوات) وقته في اللهو واللعب مع شقيقيه إسماعيل الذي يصغره بعامين وسراج الذي يصغره بأربع سنوات قبالة خيمة نزوحهم مع جديهم لوالدهم في دير البلح بوسط قطاع غزة، في محاولة لإلهائهما والتخفيف من سؤالهما المستمر عن أمهما التي قتلت في قصف إسرائيلي قبل ثلاثة أشهر ونصف الشهر.

يعمد سعد إلى شراء بعض الحلوى المعدة منزلياً وتباع بين الخيام ليعطيها لشقيقيه لإدخال الفرحة إلى قلبيهما، ويذكرانه ببعض الهدايا التي كانوا يشترونها لتقديمها لأمهم في عيد الأم الذي يوافق 21 مارس (آذار)، لتتحول هذه المناسبة السعيدة يوماً حزيناً يذكّرهم بفقدان من كانت تمثل لهم الحياة، وفقاً لتقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

يجلس الأشقاء الثلاثة داخل خيمتهم مع جديهم تارة، ويخرجون من الخيمة تارة أخرى للحديث بشكل منفرد عن ذكرياتهم مع أمهم، ليدخل أصغرهم سراج في بكاء مستمر ويحاولان احتضانه ومسح دموعه، لكنه يرفع صوته قائلاً: «بدي ماما بدي ماما».

طفلة فلسطينية تقف على أنقاض المنازل المدمرة في مخيم رفح للاجئين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

يستمر مشهد بكاء الشقيق الأصغر ومحاولة تهدئته ببعض الحلوى دون جدوى، لينهاروا جميعاً ويبكون معاً، دون أن يجدوا أمهم التي كانت تواسيهم وتحتضنهم وتطمئن على تفاصيل حياتهم اليومية، فتميل لرأي سعد كونه الأخ الأكبر وتستجيب لمطالب إسماعيل وتلبي ما يحتاج إليه الأصغر سراج الذي كان لا يفارقها.

يوضح سعد أنهم جمعوا من مصروفهم واشتروا لأمهم العام الماضي منديلاً وباقة ورد وكتبوا عليها «عيدك جميل يا أحلى أم» لتستقبلهم آنذاك بالضحكات والأحضان والقبلات التي ما زالت عالقة في أذهانهم، لافتاً إلى أن عيد الأم كان بمثابة يوم خاص للفرح والسعادة والاحتفال بأمهم التي كانت لا تنام الليل لتوفر احتياجاتهم ومستلزماتهم حياتهم.

يؤكد سعد أن أمهم كانت تفرح بمناداتها باسمها تحرير، وهم يكونوا أكثر سعادة كونهم يشعرون بأنها صديقتهم.

وقال سعد: «قبل استشهادها كانت تدبّر لنا الطعام والماء بأي طريقة حتى لو قامت بالمشي على أقدامها طوال النهار، المهم ألا ننام ونحن جوعى، أتذكر أنها لم تتناول الخبز لخمسة أيام حتى تبقيه لنا».

وأضاف: «لا أنسى نجاتها من القصف قبل استشهادها أكثر من مرة لدخولها في مناطق خطرة بحثاً عن عشبة الخبيزة حتى تطبخها لنا، أتذكر كل لحظة كنا نخاف فيها أو نشعر بالبرد لتحتضننا وتبقى يقظة حتى طلوع النهار».

ينهار الطفل من شدة حزنه وهو يتذكر تفاصيل حياتهم مع أمهم، بينما يقف شقيقاه إلى جواره ينصتان وهما يرتجفان، وكل واحد يكمل حكاية ذكرى جميلة مع أمه خصوصاً في تضحيتها من أجلهم منذ بداية الحرب.

ينكأ عيد الأم ذكريات الأطفال ويربطهم بواقعهم المأساوي دون أمهم بعدما اضطروا إلى الفرار من مدينة غزة والتوجه نحو الجنوب بمفردهم من شدة الجوع والعطش بعدما تقطعت بهم السبل وعجز والدهم عن توفير ما يقيتهم.

طفلتان فلسطينيتان تمشيان أمام أنقاض المنازل المدمرة في مخيم رفح للاجئين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

يخترق الأطفال الثلاثة الطريق المرعبة بين دبابات الجيش الإسرائيلي من شرق المدينة إلى غربها ويسيرون عبر الطريق الساحلية حتى يجتازوا الحاجز العسكري الفاصل بين شمال القطاع وجنوبه، قبل أن يفتشوا عن خيمة جدهم الذي كان يعمل في إسرائيل واعتقل وأطلق سراحه لاحقاً.

يكفكف الصغار دموعهم بأيديهم قبل التوجه إلى جدهم الذي كان يبحث عنهم، فيحتضنهم الجد ويربت على أكتافهم ويحاول التخفيف من أحزانهم ببعض الكلمات واللعب معهم وطمأنتهم بأنهم قريباً سيعودون لمدينة غزة ويلتقون والدهم ويستعيدون حياتهم.

امرأة فلسطينية نازحة تقرأ القرآن الكريم في مدرسة تابعة لـ«أونروا» خلال شهر رمضان المبارك مع استمرار القصف على غزة (رويترز)

المناسبة الأكثر حزناً

حال الأمهات مع فقدان فلذات أكبادهن ليس أقل وجعاً، خصوصاً للائي فقدن أكثر من ابن في حروب متتالية وتراكمت عليهن الأحزان في كل مناسبة سعيدة ومنها عيد الأم.

فقدت نجاح الأمير (52 عاماً) ثلاثة من أبنائها في قصف إسرائيلي، منهما اثنان في حرب عام 2014 وهما محمد (23 عاماً) وخالد (22 عاماً)، والثالث أحمد (21 عاماً) فقدته خلال الحرب الحالية، وتبقّى لها ابن وحيد وهو محمود (30 عاماً).

بالنسبة لنجاح، يمثل عيد الأم المناسبة الأكثر حزناً في حياتها كونها تفتقد أعز ما لديها وتُحرم من أحضانهم وكلماتهم وقبلاتهم، لتقضي يومها الذي كانت تحتفل فيه مع أبنائها ببهجة وسرور في حزن وبكاء ودموع.

تنكب الأحزان على الفلسطينية النازحة في خيمة بالية في مواصي خان يونس وهي تتذكر تفاصيل عيد الأم قبل مقتل أبنائها الثلاثة، وكيف كانوا يستعدون لإسعادها قبل الموعد بأيام ويسألونها عن الهدايا التي تريدها والحلوى التي تفضلها والطريقة التي تبهج قلبها للاحتفاء بها.

وتقول نجاح: «كل هذه التفاصيل الجميلة انتهت من حياتي وحلّت مكانها الآلام التي سترافقني إلى الممات، فأي عيد أم وأنا بلا ثلاثة من أبنائي الذين كنت أرعاهم ساعة بساعة وأشعر بأنفاسهم في كل لحظة».

وأضافت: «هو يوم الحزن الأكبر لي ولكل الأمهات الفلسطينيات أمثالي».

امرأة تعبّر عن حزنها بعد فقدان أقاربها في غارة جوية إسرائيلية على مبنى في رفح (أ.ف.ب)

تمسك الأم بخاتم لا يفارقها يتدلى من حبل صغير حول عنقها ليذكرها بابنيها اللذين فقدتهما في حرب 2014 لأنهما اشتركا في ثمنه وأهدياه إياها في آخر عيد أم قبل مقتلهما، بينما تطلق تنهيدة طويلة تكتظ بسيل جارف من الأوجاع التي لا نهاية لها.

وتتساءل قائلة: «لماذا يكتب علينا الحزن يوم الفرح؟ إلى متى ستستمر الفلسطينيات في فقدان أبنائهن بلا أي ذنب؟ أي ثمن يساوي فقداننا أبنائنا؟ أتشعر أمهات العالم بأوجاعنا وتصمتن؟».

امرأة تحمل جثمان طفل قُتل في غارات إسرائيلية وسط الصراع المستمر في دير البلح بقطاع غزة (رويترز)

مرارة الغياب

في غمرة ذكرى أيام كان يعلوها رونق الأمان ودفء الحنان، يستحضر علي حسن ماضيه المشرق بألوان الفرح، فهو يتذكر تلك الهدايا الصغيرة التي كان يقدمها بكل حب وعناية لأمه في عيد الأم.

لكن هذا العام، يشعر حسن بمرارة غياب لم يتمكن من تقبله بعد، فأمه قضت ولم يعُثر بعد على جثتها إثر قصف استهدف منزلهم في شمال قطاع غزة، فبقيت روحها معلقة بين السماء والأرض، فيما جسدها مدفون تحت أنقاض موحشة.

تتجلى معاناة حسن، مثل الكثيرين ممن فقدوا أمهاتهم في قطاع غزة، بقوله: «حتى المناسبات، التي يجتمع فيها العالم للاحتفال، أصبحت عبئاً يثقل كاهلنا».

وأضاف حسن الذي يعيش في خيمة بمدينة رفح أنه في صراع دائم بين ذكريات الأمس الجميل وواقع اليوم المؤلم، ويستعيد تلك اللحظات السعيدة بينما يتحدث عن واقع مرير تعصف به الحرب والدمار.

وتابع قائلاً: «هذا هو عالمنا اليوم، عالم نبحث فيه عن أمهات لم يعد لهن وجود، عالم يحتاج إلى الشفقة والرحمة أكثر من أي وقت مضى».

فلسطينية تسير برفقة طفلة وسط الدمار الذي سبّبه القصف الإسرائيلي على مدينة غزة (رويترز)

وفي أحدث إحصاء لها، قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن نحو تسعة آلاف سيدة فلسطينية قتلن في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، من بينهن آلاف الأمهات والحوامل.

ووصفت الوزارة ما تتعرض له المرأة في قطاع غزة بأنه «أسوأ كارثة إنسانية من القتل والتشريد والاعتقال والإجهاض والأوبئة والموت جوعاً».

وتشير إحصائية الوزارة إلى وجود 60 ألف سيدة حامل في قطاع غزة يعانين سوء التغذية والجفاف وانعدام الرعاية الصحية المناسبة.


مقالات ذات صلة

تحذيرات من انهيار السلطة... وإسرائيل تستعد لخطوات جديدة ضدها

المشرق العربي ازدحام في أحد شوارع رام الله مقر السلطة الفلسطينية يوم 9 يونيو الحالي (أ.ف.ب)

تحذيرات من انهيار السلطة... وإسرائيل تستعد لخطوات جديدة ضدها

تصوت الحكومة الإسرائيلية، الأسبوع المقبل، على إجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية، في ظل تحذيرات من إمكانية انهيارها.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي تُظهر هذه المجموعة من الصور التي قدمها يوسف سالم لأقاربه الذين فقدهم جراء الغارات الإسرائيلية خلال حرب غزة الصف العلوي من اليسار محمد سالم مع ابنته أمل وزوجته فداء ابنته سارة وإبراهيم سالم الصف الثاني من اليسار ابنة أم أحمد سالم ومحمد هاني سالم وأم هاني سالم وإسماعيل سالم الصف الثالث من اليسار عادل سالم أم أحمد سالم إسماعيل سالم منير نور ومحمد سالم (أ.ب)

كيف قضت الحرب الإسرائيلية في غزة على عائلات فلسطينية بأكملها؟

تحليل لوكالة «أسوشييتد برس» يوضح كيف أدت الحرب الإسرائيلية على غزة إلى مقتل المئات من أفراد العائلات في فلسطين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية طفل فلسطيني داخل مدرسة تديرها الـ«أونروا» استهدفتها غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات يوم 7 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

«الأونروا»: الأعمال القتالية مستمرة في غزة ورفح... وحرب صامتة بالضفة

الأعمال القتالية مستمرة في رفح وجنوب قطاع غزة على الرغم من إعلان الجيش الإسرائيلي أمس الأحد عن وقف تكتيكي للعمليات للسماح بدخول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي فلسطيني يحمل صبياً مصاباً إلى مستشفى الأقصى في دير البلح (د.ب.أ)

قتيلان و13 جريحاً جراء غارات إسرائيلية على شمال غزة

قُتل فلسطينيان، فجر اليوم (الاثنين)، جراء غارة إسرائيلية استهدفت حي الزرقا شمال مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية سيارة «فرتريس إم كي 2» المصفحة تشارك في معرض «يوروساتوري» (أ.ف.ب)

منع شركات السلاح الإسرائيلية من المشاركة في معرض دولي بفرنسا

قرار قضائي فرنسي يمنع مشاركة إسرائيل في معرض «يوروساتوري» الدولي للأسلحة الأرضية، والحكومة الإسرائيلية تضغط على باريس دون طائل.

ميشال أبونجم (باريس)

كارثة بيئية تهدد اليمن مع الإعلان عن بدء غرق سفينتين

جانب من القوات الأميركية في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)
جانب من القوات الأميركية في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)
TT

كارثة بيئية تهدد اليمن مع الإعلان عن بدء غرق سفينتين

جانب من القوات الأميركية في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)
جانب من القوات الأميركية في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

تتخوف الحكومة اليمنية من كارثة بيئية جديدة مع إعلان الجيش الأميركي بدء غرق سفينتين تجاريتين في جنوب البحر الأحمر إثر تعرضهما للهجمات الحوثية، وهو ما سيضاف إلى كارثة السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة بكامل حمولتها من الأسمدة والوقود منذ مارس (آذار) الماضي دون التمكن من انتشالها.

وكان الجيش الأميركي قد أعلن عن بدء غرق السفينة التجارية اليونانية «توتور» التي استهدفها الحوثيون غرب ميناء الحديدة، ما أدى إلى تسرب المياه إلى غرفة المحركات، وتخلي طاقمها عنها، كما أعلن فشل إطفاء الحريق الذي شب في السفينة الأوكرانية «فيربينا»، ومغادرة طاقمها وتركها تغرق.

وأكد مسؤولان يمنيان يعملان في مجال البيئة لـ«الشرق الأوسط» أنه رغم إجازة عيد الأضحى، فإن السلطات تتابع تطورات الموقف، وطلبت معلومات مفصلة عن حمولة السفينة «توتور» لتقدير مستوى الخطر الذي سيلحق بالمنطقة بعد أن جرفتها مياه البحر بعد تسربها إلى غرفة المحركات.

وأقر المسؤولان بوجود صعوبات في دراسة موقع غرق السفينة؛ لأنها تقع في المنطقة المقابلة لميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، كما توجد صعوبة في إرسال فريق ميداني إلى المكان لتقييم الوضع على الطبيعة.

طاقم السفينة «توتور» عند عودته إلى الفلبين الاثنين 17 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

عودة طاقم السفينة «توتور»

وذكرت وكالة «رويترز» أن طاقم السفينة «توتور» الفلبيني أُعيد إلى بلاده من البحرين يوم الاثنين بعد أن تعرضت السفينة لهجوم من جماعة الحوثي اليمنية بالقرب من ميناء الحديدة الأسبوع الماضي. وأعلن الحوثيون المتحالفون مع إيران مسؤوليتهم عن هجوم صاروخي على ناقلة الفحم «توتور» المملوكة لجهة يونانية وترفع علم ليبيريا، بالقرب من الميناء اليمني في 12 يونيو.

وكانت السفينة تحمل طاقماً من 22 فلبينياً، ولا يزال أحدهم مفقوداً في غرفة المحرك التي غمرتها المياه. وقال ربان السفينة كريستيان دوماريك، في مؤتمر صحافي بمطار مانيلا، يوم الاثنين: «نحتاج أولاً إلى الراحة بسبب الصدمة... سوف نتعافى لبضعة أشهر قبل العودة» إلى البحر. وتعهدت الحكومة الفلبينية بتقديم الدعم المالي والنفسي لأفراد الطاقم العائدين.

وقال وزير العمال المهاجرين الفلبيني، هانز ليو كاكداك، إن الجهة المالكة للسفينة تعهدت بمواصلة البحث عن البحّار المفقود إلى جانب عملية إنقاذ لقطر السفينة التي جرفتها المياه في البحر الأحمر يوم الجمعة الماضي.

وكانت القوات البحرية التابعة للقيادة المركزية الأميركية قد ذكرت أنها أنقذت طاقم ناقلة البضائع السائبة «توتور»، موضحة أن البحارة التابعين لحاملة الطائرات «أيزنهاور» قاموا بنقل الطاقم جواً، فيما لا يزال بحار مدني مفقوداً. وتسبب الهجوم، الذي وقع بالقرب من ميناء الحديدة، في تسرب كمية كبيرة من المياه إلى داخل السفينة، وألحق أضراراً في غرفة المحرك مما جعلها غير قادرة على الإبحار. وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إنه تم إجلاء طاقم السفينة التي أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن مهاجمتها بزورق مسير وصواريخ.

سفينة ليبيرية تعرضت لهجوم حوثي سابق في خليج عدن أدى إلى مقتل 3 من بحارتها (أ.ب)

السفن الغارقة تضر المجرى الملاحي

وبشأن إعلان الجيش الأميركي إجلاء طاقم الناقلة «فيربينا» بعد تعرضها لهجوم من قبل الحوثيين، وفشل الطاقم في إخماد الحريق الذي نشب فيها وتهديدها بالغرق، ذكر مسؤولان يمنيان أن موقعها أقرب إلى الشواطئ الجيبوتية، لكن ذلك لا يعني عدم وجود أضرار على الجانب اليمني.

وأوضح المسؤولان اليمنيان أنه إلى جانب الضرر الكبير الذي سيلحق بالبيئة البحرية ومناطق تكاثر الأحياء البحرية، سيؤثر غرق هذه السفن في المجرى الملاحي على حركة الملاحة أو كابلات الإنترنت كما حدث في المرة السابقة مع غرق السفينة «روبيمار».

ويؤكد عبد الحكيم راجح وكيل وزارة المياه والبيئة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن غرق أي سفينة كان له تأثير، لكن الفرق في الأثر يتوقف على عاملين، الأول: نوع الحمولة وكميتها، فإذا كانت الحمولة مثل المواد الكيماوية والبترولية ومشتقاتها فسوف يكون الأثر البيئي عالياً. أما العامل الثاني، فهو موقع الحادث من حيث العمق والتيارات البحرية والتنوع الحيوي للموقع، وذلك إلى جانب عوامل أخرى، كما أنه في بعض الحالات يحدث تداخل بين كل هذه العوامل. وأضاف راجح: «عندما تكون حمولة السفينة قمحاً أو معلبات أو حتى سيارات وتغرق في أعماق كبيرة لا يهتم بها أحد، لكن يظل أثر الغرق موجوداً وإن كان محدوداً، على خلاف لو كانت حمولتها من الوقود والزيوت».

طاقم السفينة «فيربينا» بعد إجلائه إلى منطقة آمنة (الجيش الأميركي)

السفينة «فيربينا»

وفي إعلان آخر، ذكر الجيش الأميركي أن طاقم السفينة «فيربينا» التي اشتعلت فيها النيران بعد أن هاجمها الحوثيون بالصواريخ قرر التخلي عنها لعدم قدرته على إخماد الحرائق المندلعة بها، وأنه تم نقل الطاقم إلى منطقة آمنة، مؤكداً وجود فرقاطة إيرانية كانت على بعد 8 أميال من السفينة المحترقة، لكنها لم تستجب لنداء الاستغاثة.

يُشار إلى أن الجانب الحكومي اليمني لا يزال يسعى لإقناع الأمم المتحدة بالعدول عن توصيات فريق خبرائها بشأن التعامل مع السفينة «روبيمار» التي تحمل 44 طناً من الأسمدة الخطرة و22 طناً من الوقود، بعد أن اقترح الخبراء ترك السفينة حتى تتسرب حمولتها بالتدريج إلى قاع البحر، لأنه لا توجد آليات ومعدات لانتشالها. ويقول مسؤولون يمنيون إن تلك التوصيات لا تقدم ضمانات فعلية بعدم حدوث تلوث عند تسرب الحمولة، كما لا توجد ضمانات بأن يكون التسرب تدريجياً وغير ضار.