القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل «عالم الست وهيبة»

بعد تحوله من حلبة «الإساءة للرموز الدينية» إلى فضاء المحاكم

الملصق الدعائي لمسلسل «عالم الست وهيبة - الجزء الثاني» (فيسبوك)
الملصق الدعائي لمسلسل «عالم الست وهيبة - الجزء الثاني» (فيسبوك)
TT

القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل «عالم الست وهيبة»

الملصق الدعائي لمسلسل «عالم الست وهيبة - الجزء الثاني» (فيسبوك)
الملصق الدعائي لمسلسل «عالم الست وهيبة - الجزء الثاني» (فيسبوك)

أصدر القضاء العراقي، الاثنين، أمراً «ولائياً» بإيقاف عرض مسلسل «عالم الست وهيبة» الذي أنتجته وتبثه قناة «UTV» الفضائية ضمن دورة برامجها الرمضانية لهذا العام. والأمر الولائي عمل «تحفظي ومؤقت»، وإجراء قضائي «لا يؤثر في أصل النزاع، إنما يتخذ بغية إيقاف تداعيات العمل الخطأ أو غير المشروع الذي ادعاه المدعي». والمدعي في هذه الحالة مؤلف العمل السيناريست صباح عطون.

وبقرار الإيقاف المؤقت القضائي، انتقل الخلاف حول طبيعة المسلسل من فضاء الانتقادات التي وجهت له بوصفه عملاً يقدم «إساءة للرموز الدينية»، إلى منطقة النزاع القضائي بين المؤلف والقناة المنتجة والباثة للمسلسل.

والقرار جاء بعد ساعات من بيان أصدرته القناة حول ما رافق المسلسل من اتهامات بـ«المساس بالمقدسات» ساقها ضده ديوان الوقف الشيعي، والنائب عن كتلة «حقوق» التابعة لـ«كتائب حزب الله» سعود الساعدي، إلى جانب القيادي في التيار الصدري حازم الأعرجي، واتجاهات دينية وسياسية أخرى. وقالت القناة في بيانها الموجه إلى «هيئة الإعلام والاتصالات»، إنها ستستجيب لما حصل من مناشدات واعتراضات اجتماعية وبرلمانية وحكومية بشأن بعض الملابسات في المسلسل، من خلال قيامها بـ«إزالة كل الملابسات والملاحظات التي أشارت إليها الهيئة».

ويحول القرار القضائي بالإيقاف مسار القضية من «المساس بالمقدسات» إلى مسار فني يتعلق باعتراض مؤلف المسلسل ودخوله في نزاع قضائي حول قيام القناة المنتجة بـ«تحريف وتزوير» أحداث المسلسل، طبقاً لمؤلفه صباح عطوان، علماً بأن الأخير كان قد تقدم بدعوى قضائية ضد القناة في 24 فبراير (شباط) الماضي، أي قبل موعد بثه عبر شاشه القناة مطلع شهر رمضان الحالي.

وطبقاً لما نشره صباح عطوان، أول من أمس، عبر منصته الشخصية في «فيسبوك»، فإن القضية المقامة من قبله ضد الجهات المنتجة والعارضة لمسلسل «عالم الست وهيبة»، ما زالت مستمرة أمام القضاء.

ويعزو عطوان ذلك إلى «ما تضمنه النص المعروض من تحريف وتزوير لأحداث المسلسل الأصلي المقدمة ملفاته من قبلنا لخبراء القضاء، لا سيما بعد إعادة الموتى من شخصيات المسلسل أحياءً بطريقة فجة، لم تنَل ثناء الجمهور».

إضافة إلى قيام الجهة المنتجة بـ«فبركة أحداث زائفة عبر الاستعانة بمؤلفين غير عراقيين تجاوزاً على حقوقنا القانونية في النص وتجاهلنا ودون أخذ موافقتنا وعلمنا، مما جعل المسلسل في حالته الراهنة غير ملائم».

ويعتقد المؤلف أن عرض المسلسل بصيغته الحالية «يرسل خطابات ضارة للمجتمع، ولا يتوافق مع رؤيتنا الدرامية ولا صناعتنا للأحداث من خلال الأحداث الملفقة والمزورة والمفبركة فيه، مما أفقدنا حضورنا ورؤيتنا في المسلسل تماماً».

وكان «ديوان الوقف الشيعي» قال في بيان سابق، إن «في المسلسل إساءة لمقدسات دينية عليا لأبناء الشعب العراقي وثوابته ورمزيته».

بينما رأى عضو كتلة «حقوق» البرلمانية التابعة لـ«كتائب حزب الله» سعود الساعدي في المسلسل «إساءة عمدية للرموز الدينية في مسلسل عالم الست وهيبة، التي تتمثل باختيار شخصية (مهيدي أبو صالح)، في إشارة واضحة تتضمن الإساءة العمدية بصيغة الكناية والتورية إلى شخصية الإمام المهدي». والإشارة هنا إلى اسم أحد أبطال المسلسل الذي أنتج الجزء الأول منه عام 1997، ودارت أحداثه حول الممرضة وهيبة وعالمها في بغداد إبان عقد التسعينات وانعكاس الحصار الاقتصادي الذي فُرض على العراق وقتذاك، وبروز عصابات السرقة نتيجة الظروف الاقتصادية القاسية، وتسير أحداث المسلسل في جزئه الجديد حول عصابات الجريمة والمخدرات.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

هل تغيرت تعليمات احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟

أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)
أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)
TT

هل تغيرت تعليمات احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟

أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)
أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)

سلّطت الاتهامات المتبادلة بين إسرائيل و«حماس» حول التسبب في قتل المختطفين الإسرائيليين الستة، الذين عثر عليهم في نفق في رفح، جنوب قطاع غزة، الضوء على ظروف احتجاز الأسرى الإسرائيليين، وطبيعة التعليمات المعطاة للمكلفين بحراستهم.

وفيما تقول إسرائيل إن الأسرى كانوا أحياء حتى قبل يوم أو يومين، وقتلوا برصاص حراسهم، تؤكد «حماس» أنهم لقوا حتفهم نتيجة قصف الجيش الإسرائيلي.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها إسرائيل «حماس» بقتل الأسرى، وأثارت هذه الاتهامات كثيراً من التساؤلات حول حقيقة ما إذا كانت الحركة قد اتخذت قراراً بقتلهم ضمن ظروف محددة، في ظل تشديد العمليات العسكرية البرية والجوية ضد عناصرها، خاصةً أن الناطق باسم «القسام» جناحها المسلح «أبو عبيدة» كان قد صرح في بداية الحرب الحالية، وتحديداً في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أنه سيتم إعدام أسير مدني مقابل كل مجزرة يرتكبها الاحتلال بغزة، قبل أن يضطر إلى سحب مقطع الفيديو بعد مرور ساعات، في ظل الضجة التي أحدثها ذلك التصريح.

الناطق العسكري باسم «كتائب القسام» أبو عبيدة (أرشيفية - رويترز)

وقالت مصادر من داخل حركة «حماس» في غزة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يوجد داخل «حماس» أي قرار أو توجه بقتل الأسرى، وإن تصريحات أبو عبيدة السابقة لم تكن ضمن تعليمات رسمية، وإنه تم إبلاغ جميع الوسطاء والدول والمنظمات التي تواصلت مع قيادة الحركة حينها لفهم حقيقة ما يجري وأنه لم تصدر تعليمات بهذا الشأن، ولن تصدر.

وبحسب المصادر، فإنه «حتى قبل أيام قليلة لم يكن هناك أي تعليمات جديدة تتعلق بالأسرى الإسرائيليين»، موضحة: «التعليمات الصارمة هي الحفاظ على حياتهم، لأن كل أسير حي سيجلب ثمناً مختلفاً».

نقل مصابين بينهم أطفال بعد قصف طائرات إسرائيلية منازل في دير البلح بغزة (وفا)

لكن مع هذه التعليمات الواضحة، لا يبدو أن المسألة قيد السيطرة تماماً، فقد وقعت حادثة في الآونة الأخيرة أثارت كثيراً من الشكوك، عندما صرّح «أبو عبيدة» في 12 أغسطس (تموز) الماضي أن مجندين من المكلفين بحراسة بعض الأسرى قاما بإطلاق النار على أسير وقتلاه على الفور وأصابا أسيرتين بجراح خطيرة، مؤكداً بعد أيام أن المجندين قاما بذلك خلافاً للتعليمات، وأن أحدهما تصرف بشكل انتقامي خلافاً للتعليمات، بعد تلقيه خبر ارتقاء طفلَيه في إحدى مجازر الاحتلال الإسرائيلي.

وقال مصدر مطلع على نتائج التحقيقات لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الحادثة لم تكن مقصودة، وتم إعفاء المجندين المكلفين بالحراسة من أي مهام.

وتنفي المصادر بشدة وجود أي تغيير في التعليمات التي تصدر للمكلفين بحراسة المختطفين الإسرائيليين.

ولم تؤكد المصادر حقيقية ما جرى مع المختطفين الستة في رفح.

لافتة أنهم «ربما قتلوا برصاص قوات الاحتلال بعد وصولها للنفق، أو أن بعض المقاومين الذين كانوا يعملون على حراستهم اضطروا لقتلهم، بهدف منع الاحتلال من تحقيق إنجاز حقيقي باستعادتهم أحياء».

وأضافت: «يجري التواصل من قبل المسؤولين عن هذا الملف، مع المجموعة التي كانت تأسرهم لمعرفة التفاصيل الدقيقة». وتابعت المصادر: «في حال أنهم قتلوا من قبل المكلفين بحراستهم تكون قد ضاقت كل الخيارات أمامهم ولا يريدون منح الاحتلال فرصة تحقيق أي إنجاز باستعادتهم أحياء».

تعليقات متعاطفة مع الرهينة الإسرائيلي الأميركي هيرش جولدبرغ - بولين في مدرسة بالقدس الأحد (إ.ب.أ)

وأكدت مصادر ميدانية أخرى من الفصائل في غزة على أنه في ذروة العمل لا يسمحون بأي حال من الأحوال للقوات الإسرائيلية باستعادة أي مختطف حي، والاستبسال في حال محاصرتهم لمنع تحقيق هذا الهدف. ولم تفسر المصادر بشكل واضح ما إذا كان يعني ذلك السماح بقتل المختطفين لديها.

صورة تجمع الرهائن الست الذين أعلن الجيش الإسرائيلي العثور على جثثهم في قطاع غزة (أ.ب)

المختطفون الستة كان سيتم إطلاق سراحهم ضمن الصفقة المرتقبة، ويعدّ قتلهم خسارة لـ«حماس» كذلك، ومن شأنه أن يؤثر على سير المفاوضات.

وكانت «حماس» قد حرصت منذ بداية الحرب على نقل المحتجزين من مكان إلى مكان، ومن تحت الأرض إلى فوقها والعكس، في محاولة للاحتفاظ بهم بعيداً عن أعين الجيش الإسرائيلي، لكن الجيش بدأ في الآونة الأخيرة بالوصول لكثير من الأنفاق التي يوجد بها الأسرى، الأمر الذي يضغط على حركة «حماس» التي بدأت تفقد أهم أوراقها الرابحة في هذه المعركة.

وتسعى «حماس» منذ بداية الحرب الحالية لمحاولة التوصل لاتفاق يحفظ لها تحقيق أهدافها بتبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، إلا أن هذا الهدف بدأ يتلاشى مع فقدانها كثيراً من المختطفين لديها.

ويوجد أعداد لا بأس بها من هؤلاء المختطفين قد قتلوا في غزة، ويعتقد أن 97 من أصل 251 محتجزاً اختطفتهم «حماس» في 7 أكتوبر لا يزالون الآن في غزة، بما في ذلك جثث ما لا يقل عن 33 شخصاً، أكد الجيش الإسرائيلي مقتلهم.