الكمأة السورية تحصد الأرواح

16 قتيلاً من جامعي الفطر بانفجار لغم

بائع كمأ في أحد شوارع دمشق (أرشيفية - أ.ف.ب)
بائع كمأ في أحد شوارع دمشق (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الكمأة السورية تحصد الأرواح

بائع كمأ في أحد شوارع دمشق (أرشيفية - أ.ف.ب)
بائع كمأ في أحد شوارع دمشق (أرشيفية - أ.ف.ب)

مع كل موسم لجمع فطر الكمأة في البادية السورية تتجدد رحلة الدم، وحصاد الأرواح، وتتعدد الروايات حول أسباب الموت؛ بين انفجار ألغام أرضية من مخلفات المعارك التي تشهدها البادية السورية، وبين أنباء عن احتكار عناصر في الميليشيات والقوى المسيطرة على الأرض جمع الكمأة كمصدر دخل مغرٍ.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، السبت، بمقتل نحو 16 مدنياً من جامعي الكمأة جراء انفجار لغم بشاحنة صغيرة أقلّتهم في شمال سوريا، بينهم تسع نساء على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة جراء انفجار لغم في منطقة صحراوية ينتشر فيها تنظيم «داعش» في ريف الرقة الشمالي. وكان في الشاحنة، حسب «المرصد»، أكثر من 20 مدنياً من جامعي الكمأة، التي يمتد موسم جمعها بين فبراير (شباط) وأبريل (نيسان).

وارتفع عدد ضحايا جمع الكمأة منذ بداية الموسم إلى أكثر من 48 قتيلاً، حيث قتل 18 شخصاً، غالبيتهم مدنيون، جراء هجوم لتنظيم «داعش» في ريف دير الزور الشرقي في السادس من مارس (آذار) الحالي، كما قتل 14 مدنياً من جامعي الكمأة في 25 فبراير جراء انفجار لغم من مخلفات التنظيم في بادية الرقة، وفق «المرصد».

صورة نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مع خبر مقتل جامعي الكمأ

ونقلت مصادر إعلامية محلية عن محافظ الرقة عبد الرزاق خليفة، قوله إن «12 مواطناً استشهدوا وأصيب 8 آخرون بانفجار لغم من مخلفات التنظيمات المسلحة في منطقة (رجم العجوز) بالبادية الجنوبية لمحافظة الرقة خلال بحثهم عن فطر الكمأة»، وأن الضحايا من سكان قرية الشريدة الغربية. كما حذر المحافظ السكان من التوجه لمناطق البادية الجنوبية.

وتكرر خلال الأسابيع القليلة الماضية سقوط قتلى من جامعي الكمأة في مناطق البادية، بألغام خلفتها العمليات الحربية، حسب التقارير الإعلامية، فيما قال أهالٍ من جامعي الكمأة في ريف حماة الشرقي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك جماعات مسلحة تتبع الميليشيات الرديفة أو تنظيم «داعش» تقتل جامعي الكمأة لمنعهم من جمع الكمأة التي يتجاوز سعر الكيلو الواحد منها بداية الموسم نصف مليون سورية، حوالي (30 دولاراً)، وهو رقم مغرٍ للعائلات الفقيرة من أهالي البادية التي تنتظر الموسم للحصول على دخل يومي يصل إلى مليوني ليرة للعائلة، حسب نوع وكم الحبات التي يجمعونها.

وحسب المصادر، لو تحسب التكلفة الحقيقة لكيلو الكمأة بشكل صحيح لكان «سعر الكيلو سيارات محروقة وعدداً من الجثث وكماً كبيراً من الدماء. لكن الإنسان في زمن الحرب هو الأرخص ولا يحسب ضمن التكلفة»، ولفتت المصادر إلى أن جماعات مسلحة من مختلف الأطراف وجدت في المواسم الزراعية ومواسم الكمأة مصدر رزق، وباتت تقاسم أصحاب الأرزاق عائداتهم، فمن رضي تمكن من جني محصوله أو جمع الكمأة، ومن يرفض يطرد أو يقتل، و«أسباب الموت في سوريا كثيرة».

عناصر من «داعش» الإرهابي في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

يشار إلى أن خمسةً من جامعي الكمأة في منطقة جب الجراح بريف حمص الشرقي لقوا مصرعهم في 23 فبراير (شباط) برصاص أطلقه مسلحون يستقلون دراجة نارية، حسب ما أعلنته قيادة شرطة حمص، موجهةً الاتهام إلى مجموعات «إرهابية»، بعضها ينتمي لتنظيم «داعش» في المناطق الوعرة في عمق البادية السورية تقوم باعتداءات متكررة على المواطنين والتجمعات السكنية على أطراف البادية، لا سيما خلال موسم جمع الكمأة.

وأكدت مصادر أخرى متقاطعة أن الألغام التي زرعها «داعش» في مناطق البادية التي توجد فيها، ولا تزال خلاياه منتشرة في بعضها، السبب الرئيسي في مقتل جامعي الكمأة، حيث تعدّ الأجسام المتفجرة، وضمنها الألغام، من الملفات الشائكة التي يبدو التصدي لها صعباً في بلد يشهد نزاعاً منذ 13 عاماً، اتبعت خلاله أطراف عدة استراتيجية زرع الألغام في مختلف المناطق.

ورغم المخاطر وتحذير السلطات المحلية، يواصل السكان جمع الكمأة لارتفاع سعرها، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بسوريا بعد 13 عاماً من الحرب.


مقالات ذات صلة

تركيا وإدارة دمشق تتفقان على عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا

المشرق العربي وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)

تركيا وإدارة دمشق تتفقان على عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا

أكدت تركيا والإدارة السورية عدم السماح بتقسيم سوريا أو أن تصبح أراضيها منطلقاً لتهديد جيرانها والبدء بعملية سياسية بلا تفرقة بين أبنائها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق 22 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

إردوغان يُحذر إسرائيل من تأثيرات الاعتداء على سوريا

استبق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مباحثات وفد الإدارة السورية في أنقرة بالإعلان عن أن المباحثات ستركز على سبل دعم سوريا وإعادة الإعمار.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة من موقع الحادث نشرتها وسائل إعلام سورية (إكس)

مقتل شخصين وإصابة ثالث في قصف للتحالف الدولي قرب الحدود السورية - التركية

قتل شخصان وأصيب ثالث في قصف للتحالف الدولي قرب الحدود السورية - التركية، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أفريقيا جنود من الجيش النيجيري خلال عملية عسكرية ضد «داعش» (صحافة محلية)

قائد جيش نيجيريا: استسلام 120 ألف مسلّح من «بوكو حرام» نصفهم أطفال

شنت جماعة «بوكو حرام» الموالية لتنظيم «داعش» هجوماً إرهابياً على مجموعة من المزارعين في ولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا، وقتلت أكثر من 40 مزارعاً.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا مسلحون من جماعة «بوكو حرام» المتطرفة بالقرب من كومشي في نيجيريا يوم 6 مايو 2017 (رويترز)

مقتل 40 مزارعاً بهجوم ﻟ«داعش» في نيجيريا

قُتل ما لا يقل عن 40 مزارعاً بولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا في هجوم نفّذه، مساء الأحد، مسلحون من فرع تنظيم «داعش» هناك، وفق ما أفاد به مسؤول حكومي، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)

ترحيب عربي ودولي باتفاق وقف النار في غزة

فرحة الفلسطينيين باتفاق وقف إطلاق النار في غزة (رويترز)
فرحة الفلسطينيين باتفاق وقف إطلاق النار في غزة (رويترز)
TT

ترحيب عربي ودولي باتفاق وقف النار في غزة

فرحة الفلسطينيين باتفاق وقف إطلاق النار في غزة (رويترز)
فرحة الفلسطينيين باتفاق وقف إطلاق النار في غزة (رويترز)

توالت ردود الفعل العربية والدولية المرحبة باتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة.

السعودية

ورحبت السعودية في بيان لوزارة خارجيتها، بهذا الاتفاق، وثمّنت الجهود التي بذلتها دولة قطر، ومصر، والولايات المتحدة بهذا الشأن. وشدَّدت، على ضرورة الالتزام بالاتفاق، ووقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وانسحاب قوات الاحتلال بشكل كامل من القطاع وسائر الأراضي الفلسطينية والعربية، وعودة النازحين إلى مناطقهم.

وأكدت أهمية البناء على هذا الاتفاق لمعالجة أساس الصراع من خلال تمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من حقوقه، وفي مقدمتها قيام دولته الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

كما أعربت عن أملها في أن يكون منهياً بشكل دائم للحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، التي راح ضحيتها أكثر من 45 ألف شهيد و100 ألف جريح.

مصر

كما رحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الأربعاء)، بالاتفاق. وأكد السيسي في منشور على موقع «إكس» على ضرورة سرعة تسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة.

قطر

قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم، إنه يأمل في أن «يسهم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، في إنهاء العدوان والتدمير والقتل في القطاع والأراضي الفلسطينية المحتلة، وبدء مرحلة جديدة لا يتم فيها تهميش هذه القضية العادلة، والعمل الجاد على حلها حلاً عادلاً وفق قرارات الشرعية الدولية».

وأضاف في منشور على «إكس» أن «الدور الدبلوماسي لدولة قطر في الوصول لهذا الاتفاق هو واجبنا الإنساني قبل السياسي»، وتوجه بالشكر إلى مصر والولايات المتحدة على «جهودهما».

الأردن

ورحب الأردن، اليوم، باتفاق وقف إطلاق النار، مشدداً على «ضرورة إطلاق تحرك دولي فوري لإدخال المساعدات الإنسانية».

وشددت وزارة الخارجية الأردنية في بيان على «ضرورة الالتزام الكامل» بالاتفاق.

ونقل البيان عن الوزير أيمن الصفدي قوله: «نؤكد على ضرورة إطلاق تحرك دولي فوري لإدخال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة لمواجهة الكارثة الإنسانية التي سببها العدوان الإسرائيلي على غزة، وعلى ضرورة إطلاق جهد حقيقي لإعادة إعمار غزة وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق».

بريطانيا

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم، إنه يجب توجيه الاهتمام الآن إلى تأمين مستقبل أفضل بشكل دائم للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني على أساس حل الدولتين.

وأضاف: «حل الدولتين من شأنه أن يضمن الأمن والاستقرار لإسرائيل إلى جانب دولة فلسطينية ذات سيادة».

لبنان

ورحب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي بالإعلان عن التوصل إلى الاتفاق، آملاً «أن يكون مستداماً وأن تلتزم به إسرائيل، ليصار تالياً إلى إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة».

وقال ميقاتي «إن هذا الإعلان ينهي صفحة دموية من تاريخ الشعب الفلسطيني الذي عانى الكثير من جراء العدوان الإسرائيلي».

المفوضية الأوروبية

كما رحّبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، اليوم، بالإعلان عن الاتفاق. وحضّت الطرفين على «التنفيذ الكامل» للصفقة.

وجاء في منشور لها على منصة «إكس» أن «كلا الطرفين يحب أن ينفّذ بالكامل هذا الاتفاق، بصفته منطلقاً نحو الاستقرار الدائم في المنطقة والحل الدبلوماسي للنزاع».

فرنسا

شدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم، على وجوب «احترام» الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل و«حماس» لوقف إطلاق النار في غزة وضرورة «التوصل إلى حل سياسي».

وجاء في منشور لماكرون على منصة «إكس»: «بعد خمسة عشر شهراً من المعاناة غير المبررة، ارتياح هائل لسكان غزة، وأمل للرهائن وعائلاتهم»، معرباً عن تضامنه مع الفرنسيين - الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة «حماس».

وشدّد ماكرون على أن «الاتفاق يجب أن يحترم. ويجب الإفراج عن الرهائن وإغاثة سكان غزة. يجب التوصل إلى حل سياسي».

ألمانيا

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، اليوم، إن هناك أملاً في إطلاق سراح الرهائن أخيراً وأن ينتهي سقوط القتلى في قطاع غزة.

وذكرت بيربوك في بيانها عبر منصة «إكس» أن على جميع من يتحملون المسؤولية ضمان اغتنام هذه الفرصة الآن.

تركيا

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده تأمل بإرساء «سلام دائم» في غزة بعد الإعلان عن التوصل للاتفاق. وجاء في منشور للرئيس التركي على منصة «إكس»: «نأمل بأن يكون هذا الاتفاق مفيداً لمنطقتنا وللبشرية جمعاء، خصوصا لإخوتنا الفلسطينيين، وبأن يفتح الطريق أمام سلام واستقرار دائمين».

الأمم المتحدة

ورحّبت الأمم المتحدة باتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية، على جهودهم المتفانية للتوصل إلى هذا الاتفاق، عادّاً أن التزامهم الثابت تجاه إيجاد حل دبلوماسي كان مهما في تحقيق هذا الإنجاز.

وذكّر غوتيريش بأنه دعا، منذ اندلاع الحرب، إلى وقف فوري لإطلاق النار والإفراج فوراً ودون شروط عن جميع الرهائن.

وأكّد أنه «من الحتمي أن يزيل وقف إطلاق النار هذا، العقبات الأمنية والسياسية الكبيرة أمام توصيل المساعدات بأنحاء غزة كي نتمكن من دعم الزيادة الكبيرة للدعم الإنساني العاجل المنقذ للحياة»، مشدداً على أن «أولويتنا يجب أن تكون تخفيف المعاناة الهائلة الناجمة عن هذا الصراع».

وذكّر بأن «الوضع الإنساني وصل إلى مستويات كارثية»، داعياً جميع الأطراف إلى تيسير الإغاثة الإنسانية العاجلة والآمنة دون عوائق للمدنيين المحتاجين للمساعدة.

وعدّ الأمين العام للأمم المتحدة «هذا الاتفاق خطوة أولى مهمة»، مشدداً على «ضرورة حشد كل الجهود لتعزيز تحقيق الأهداف الأوسع بما في ذلك الحفاظ على وحدة واتصال وسلامة الأرض الفلسطينية المحتلة». وصرح بأن «الوحدة الفلسطينية أساسية لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين»، مشدداً على أهمية «الحكم الفلسطيني الموحد».

وحثّ غوتيريش «الأطراف والشركاء المعنيين على استغلال هذه الفرصة لإقامة مسار سياسي ذي مصداقية نحو مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة بأكملها».

وعدّ أن «إنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين المتفاوض عليه ليعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنباً إلى جنب في سلام وأمن ... يظلان أولوية ملحة».