استعراض مسلّح في بيروت يثير مخاوف العودة لزمن الفوضى

«الجماعة الإسلامية» تبرر أسباب ظهور مقاتليها وتطمئن

من تشييع أحد عناصر "الجماعة الاسلامية" في بيروت (أ ب)
من تشييع أحد عناصر "الجماعة الاسلامية" في بيروت (أ ب)
TT

استعراض مسلّح في بيروت يثير مخاوف العودة لزمن الفوضى

من تشييع أحد عناصر "الجماعة الاسلامية" في بيروت (أ ب)
من تشييع أحد عناصر "الجماعة الاسلامية" في بيروت (أ ب)

أثار الظهور المسلّح في العاصمة بيروت، وتحديداً في منطقة الطريق الجديدة، خلال تشييع «الجماعة الإسلامية» أحد مقاتليها الذين سقطوا في الجنوب، مخاوف أبناء العاصمة من إعادة مدينتهم إلى زمن الفوضى، خصوصاً في ظلّ عجز الدولة عن التصدّي لهذه الظاهرة؛ سواء في بيروت أو غيرها من المدن والمناطق اللبنانية.

وشيّعت «الجماعة الإسلامية» - «قوات الفجر»، ثلاثة من مقاتليها الذين سقطوا يوم الأحد في الجنوب، هم: محمد رياض محيي الدين من بيروت، وحسين هلال درويش من بلدة شحيم (جبل لبنان)، ومحمد جمال إبراهيم من بلدة الهبارية (الجنوب)، وتخلل التشييع انتشار عشرات المسلحين المقنعين فيما وضعه البعض في سياق استعراض القوّة.

وبرَّر رئيس المكتب السياسي في «الجماعة الإسلامية»، علي أبو ياسين، ما حصل، بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أمام خطر محدق، وبمواجهة عدو صهيوني يرتكب المجازر يومياً في لبنان وفلسطين»، مشيراً إلى أن «(الجماعة الإسلامية) أخذت مسار الدفاع عن لبنان بمواجهة هذا العدوان، لأننا في حالة حرب مع عدّو تجاوز كل الخطوط».

وطمأن أبو ياسين إلى أن «(الجماعة الإسلامية) لا تستعرض عسكرياً في بيروت، وأن الظهور المسلّح ليس إلّا حالة تفاعل من قبل رفاق الشهداء مع الحدث، والرسالة موجهة إلى العدو الإسرائيلي، وليس إلى اللبنانيين». وأضاف: «مشروعنا كان ولا يزال بناء الدولة والشراكة الحقيقية مع كل المكونات اللبنانية، ونطالب في هذه اللحظة الحرجة بوحدة اللبنانيين في مواجهة العدو الإسرائيلي ومشاريعه».

ولم تشهد العاصمة بيروت ظهوراً مسلّحاً منذ انتهاء الحرب الأهلية، باستثناء السابع من مايو (أيار) 2008، عندما نفَّذ «حزب الله» وحلفاؤه اجتياحاً عسكرياً للعاصمة.

وعدّ نائب بيروت، ملحم خلف، أن «الظهور المسلّح يعبّر عن وضع غير سليم يعيشه البلد». وقال: «في حال كانت هناك أعمال عسكرية على الحدود مع العدو الإسرائيلي، فإن الاستعراض المسلّح في العاصمة غير مبرَّر». وأكد النائب خلف لـ«الشرق الأوسط»، على «ضرورة استعادة الدولة القوية والقادرة والعادلة التي تحمي جميع أبنائها»، مشيراً إلى أن «كل تغييب للدولة هو انتقاص من أمن اللبنانيين وطمأنينتهم في العاصمة وكلّ المناطق».

ويتخوَّف اللبنانيون من العودة إلى الفوضى الأمنية، في ظلّ انشغال الدولة بالتطورات العسكرية في الجنوب، وترقّب ما سيؤول إليه التصعيد الإسرائيلي، ووضع الوزير السابق رشيد درباس، الاستعراض العسكري في بيروت خلال التشييع في سياق «استعراض القوّة لفريق معيّن». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الظهور المسلّح «لا يعني أن بيروت ستعود إلى الوراء ولا لزمن الفوضى المسلحة». وقال: «الفوضى لا تكون بقرار مجموعة معينة، بل تتخذه دول كبرى إذا أرادت تعميم الفوضى في كلّ لبنان». وشدد درباس على أن «الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الشرعية يمتلكون القدرة والشجاعة على لجم أي محاولة للعبث بالأمن وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء».

وقدّم الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد خالد حمادة، قراءة مختلفة عن قدرة الدولة على ضبط الأمن، ورأى أن «(الجماعة الإسلامية) اختارت العمل المسلّح تحت مظلّة (حزب الله)، والهدف من دورها في الجنوب يقوم على تبني مشروع المقاومة، وإيصال رسالة مفادها أن الحزب ليس وحده بمواجهة إسرائيل، بل السنَّة منخرطون معه».

وعبّر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن أسفه لأن «قدرة الدولة على السيطرة الأمنية محدودة جداً جداً». ولفت إلى أن «الأمن الرسمي في لبنان شبه مغيّب، وإذا كان ثمة مناطق آمنة، فالسبب يعود إلى أن الناس ملتزمة بالأمن والقانون، وأنهم ليسوا من أتباع الميليشيات».


مقالات ذات صلة

تل أبيب تُصعّد وتيرة المجازر في شمال غزة

المشرق العربي 
فلسطينية تودع أمس قتلى غارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى وسط غزة (أ.ف.ب)

تل أبيب تُصعّد وتيرة المجازر في شمال غزة

صعّدت إسرائيل من وتيرة المجازر الناجمة عن قصفها المتكرر لشمال غزة، وقتلت، أمس، عشرات الفلسطينيين. وتضغط تل أبيب، من دون إعلان رسمي، بقوة لإفراغ شمال القطاع من

كفاح زبون (رام الله) نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي دخان يتصاعد من قرية بجنوب لبنان بعد غارة إسرائيلية (ا.ف.ب)

 11 قتيلاً و48 جريحاً في غارات إسرائيلية على منطقة صور جنوب لبنان

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم (الأحد)، مقتل 11 شخصاً وإصابة 48 آخرين في غارات إسرائيلية استهدفت بلدات في منطقة صور بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية فلسطينية تنتحب أمام جثث ضحايا غارة إسرائيلية يوم الأحد في دير البلح وسط غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:33

عشرات القتلى في تصعيد إسرائيلي شمال غزة

كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية في شمال قطاع غزة في مسعى لإفراغه من سكانه، ورفعت من وتيرة القصف، الأحد؛ ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى.

كفاح زبون (رام الله)
أوروبا أفراد من الشرطة الهولندية في أمستردام (أ.ف.ب)

هولندا: التحقيق مع 45 مشتبهاً بهم في أعمال عنف شهدتها أمستردام

أعلنت الشرطة الهولندية الأحد أنها تحقّق مع 45 شخصاً تشتبه في ارتكابهم جرائم عنف لها صلة باضطرابات شهدتها أمستردام على خلفية مباراة كرة قدم الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية عند الحدود مع قطاع غزة (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وجندي في اشتباكات بشمال قطاع غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، مقتل ضابط وجندي، وإصابة ثالث بجروح خطيرة في اشتباكات بشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تفجير يودي بضباط وجنود من الجيش العراقي و«قوات البيشمركة» الكردية

قوة عسكرية مشتركة بين «البيشمركة» والجيش العراقي (موقع باس الكردي)
قوة عسكرية مشتركة بين «البيشمركة» والجيش العراقي (موقع باس الكردي)
TT

تفجير يودي بضباط وجنود من الجيش العراقي و«قوات البيشمركة» الكردية

قوة عسكرية مشتركة بين «البيشمركة» والجيش العراقي (موقع باس الكردي)
قوة عسكرية مشتركة بين «البيشمركة» والجيش العراقي (موقع باس الكردي)

أعلنت وزارة «البيشمركة» في حكومة إقليم كردستان، الأحد، مصرع عدد من الضباط وجرح جنود، جراء انفجار قنبلة مزروعة على الطريق في حدود منطقة طوزخرماتو التابعة لمحافظة صلاح الدين.

وقال بيان «للبيشمركة»، إنه «اليوم، عند الساعة 09:00، انفجرت قنبلة مزروعة على الطريق في حدود منطقة طوزخرماتو ضمن المنطقة الأمنية المشتركة، مستهدفة قافلة سيارات قيادة الفوج الثالث في اللواء الأول المشترك بين (البيشمركة) والجيش العراقي».

وأضاف البيان أن «الحادث أسفر عن استشهاد العقيد الركن سامان صابر، والعقيد محمد رضا كريم، ضابط الهندسة في الفرقة التاسعة من الجيش العراقي، ون.ض/ شريف أحمد محمد أمين، فضلاً عن جرح ثلاثة جنود».

وترجح بعض المعلومات العسكرية الأولية انفجار أكثر من عبوة في المكان نفسه، وتقول إن «التحقيقات التي تجريها الجهات العسكرية ستكشف عن طبيعة الانفجار الذي سُمع صداه لمسافات بعيدة».

وأشارت المعلومات إلى أن «القيادات العليا في بغداد أوعزت بفتح تحقيق فوري للوقوف على حيثيات ما حصل، وهل العبوة المنفجرة تم وضعها حديثاً أم أنها من مخلفات تنظيم (داعش)».

وفي بيان لاحق، أفادت وزارة «البيشمركة» في إقليم كردستان، بأن «الانفجار الذي وقع في قضاء طوزخورماتو شرقي محافظة صلاح الدين استهدف رتلاً عسكرياً خلال عملية أمنية مشتركة لملاحقة خلايا تنظيم (داعش)».

وأعربت الوزارة عن أسفها جراء انفجار عبوة ناسفة صباح اليوم، ضمن حدود القضاء المذكور، مستهدفة رتل قائد الفوج الثالث اللواء الأول المشترك بين الجيش العراقي و«قوات البيشمركة».

وأكد البيان أن «الحادث وقع نتيجة عملية تطهير أمنية واسعة ومشتركة».

«قوات البيشمركة» الكردية في طريقها إلى مواقع قرب كركوك (أرشيفية - رويترز)

بارزاني والدفاع ينعيان

نعى رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، سقوط ثلاث ضحايا من الضباط.

وأكد بارزاني على «أهمية تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بين (قوات البيشمركة) والجيش العراقي، لمواجهة التهديدات والمشكلات الأمنية، والعمل على ترسيخ السلام والاستقرار في المناطق الكوردستانية خارج إدارة حكومة إقليم كردستان». ونعت وزارة الدفاع الاتحادية كذلك الضباط الذين قتلوا.

وتشير بعض إحصاءات التحالف الدولي العسكرية إلى وجود ما لا يقل عن 5 آلاف من عناصر «داعش» ينشطون حتى الآن في الأراضي العراقية والسورية.

قتل خلية إرهابية

كانت قيادة العمليات المشتركة، أعلنت السبت، مقتل مفرزة إرهابية بضربة جوية في وادي زغيتون بكركوك.

وقالت في بيان إن «القوات الأمنية كثفت من عملياتها الاستباقية لملاحقة مَن تبقى مِن عناصر عصابات (داعش) الإرهابية المنهزمة».

وأضافت أنه «بعملية نوعية اختصاصية جاءت بناءً على معلومات دقيقة من مديرية الاستخبارات العسكرية، وبالتنسيق والمتابعة المكثفة مع خلية الاستهداف في قيادة العمليات المشتركة، وعلى مدار يومين متواصلين، تمكّن صقور الجو بواسطة طائرات (F-16) من قتل مفرزة إرهابية مكونة من 4 عناصر بضربة جوية في وادي زغيتون ضمن قاطع قيادة عمليات كركوك».

وأكد البيان أن «القطعات الأمنية والمنظومات الاستخبارية مستمرة في جهودها لملاحقة فلول الإرهاب حتى القضاء عليه».

وادي حوران

بدورها، أعلنت قيادة عمليات الأنبار، الأحد، عن إنشاء خط صد (أبطال حوران) للحد من حركة الجماعات الإرهابية التي غالباً ما تتحرك في ذلك الوادي، وتقوم بالتنقل بين سوريا والعراق.

جندي عراقي يراقب الأوضاع بالقرب من الحدود العراقية - السورية عند معبر «البوكمال - القائم» الحدودي (أرشيفية - رويترز)

وقال قائد فرقة المشاة الخامسة في قيادة عمليات الأنبار، العميد أحمد قاسم حسين، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إنه «تم إنشاء خط صد في حوض وادي حوران (أبطال حوران)، إذ يعد من المشاريع الاستراتيجية للحد من نشاط وحركة الجماعات الإرهابية وبؤر الإرهاب تجاه المناطق الأمنية»، لافتاً إلى أن «خط الصد المشترك وصّل بين الفرقتين السابعة والخامسة».

وأضاف أن «العمل في خط الصد وصل إلى مراحل متقدمة، وسيتم زف بشرى إنجازه كاملاً خلال الأشهر المقبلة، على غرار خط صد وادي الثرثار الذي أنجز قبل أيام».

وأشار حسين إلى «تنفيذ العديد من العمليات في وادي حوران التي تستهدف الجماعات الإرهابية، وأن عملياتنا مستمرة تجاه وادي حوران للقضاء على البؤر الإرهابية».

وأوضح أن «العمليات التي نفذت في وادي حوران تمت من خلال استطلاع طيران الجيش والطائرات المسيّرة، إضافة إلى العمليات الأمنية المشتركة الأخرى بين قطعات الجيش العراقي والحشد الشعبي، وأحياناً القطعات الضيفة، ومنها فرقة القوات الخاصة أو التدخل السريع».

وبيَّن حسين أن «خط الصد الاستراتيجي هدفه الحد من حركة هذه العصابات، وشل حركاتهم الفعلية، وقطع الدعم اللوجيستي الذي يمدهم بالقوة والعزيمة لغرض الاستمرار في شن عملياتهم»، لافتاً إلى أن «العمليات التي استهدفت عصابات التنظيم مؤخراً في وادي الخزيمي، وأدت إلى مقتل 14 قائداً داعشياً، كانت عمليات نوعية لم تحدث مثلها بعد عام 2014 بوصفها عملية دقيقة، وتم التخطيط لها مسبقاً وفق معلومات مؤكدة».

الحشد الشعبي

إلى ذلك، أعلنت هيئة الحشد الشعبي، الأحد، عن إطلاق عملية أمنية واسعة لتفتيش وتطهير غربي محافظة الأنبار.

وذكر بيان لهيئة الحشد الشعبي، أن «القوات الأمنية وبإشراك من قيادة عمليات الحشد الشعبي في محافظة الأنبار المتمثلة باللواء (57)، وعمليات غرب الأنبار المتمثلة بالألوية (13- 17- 18 19)، وعدد من المعاونيات والمديريات الساندة في الهيئة، أطلقت عملية أمنية واسعة لتفتيش وتطهير غربي الأنبار».

قوة مشتركة من الجيش العراقي والحشد الشعبي بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

وأضاف أن «العملية ستشمل مسح وتفتيش قاطع المسؤولية المتمثل بمناطق قضاء القائم ومنها مناطق (الكعرة ووادي الملصي)»، وأشار إلى أن «العملية تأتي ضمن استراتيجية تعقب الخلايا الإرهابية النائمة ومنع أي موطئ قدم لها من خلال سد جميع الثغرات الأمنية أمامها في هذه المناطق».